حرب النِقاب والارتداد على مفاهيم الحرية في الغرب

عدوى حظر النقاب.. من بلجيكا إلى فرنسا ثم سويسرا

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: تبنت الجمعية الوطنية الفرنسية الأسبوع الماضي بالإجماع قرارا غير ملزم ضد ارتداء النقاب، وهي خطوة أولى تسبق دراسة مشروع قانون أكثر إثارة للجدل في تموز/يوليو المقبل يحظر ارتداء النقاب والبرقع في الشارع.

والقرار الذي يتسم بالرمزية ولا يحمل صفة القانون، تبناه كل النواب الحاضرين (434 من اصل 577 نائبا تتألف منهم الجمعية الوطنية).

وصوتت غالبية النواب من اليمين والمعارضة الاشتراكية على هذا النص الذي يقول إن" الممارسات الراديكالية المسيئة للكرامة وللمساواة بين الرجال والنساء، وبينها ارتداء النقاب، مخالفة لقيم الجمهورية".

إلا أن بعض النواب، وبينهم نواب الحزب الشيوعي، غادروا القاعة لحظة التصويت منددين بـ"التصويت المسرحي" يرمي الى الحصول مسبقا على "اجماع" لمشروع قانون حكومي حول حظر البرقع. في حين أعلن مجلس الشورى الفرنسي وهو أعلى هيئة قضائية في البلاد إن حظر البرقع بشكل كامل لا يستند إلى "أي أساس قانوني صريح".

وفي سويسرا، وبعد قرار حظر بناء المآذن، وافق البرلمان السويسري على تشكيل هيئة لأعداد نص لمبادرة يتم طرحها للتصويت الشعبي العام تهدف إلى حظر ارتداء النقاب أو البرقع في الأماكن العامة في عموم المدن السويسرية وعلى غرار التصويت الذي جرى لحظر بناء المآذن.

بعد حظر المآذن.. سويسرا تتجه نحو حظر النقاب

ووافق برلمان كانتون "أرغاو" السويسري الناطق بالألمانية الأسبوع الماضي على تشكيل هيئة لأعداد نص لمبادرة يتم طرحها للتصويت الشعبي العام تهدف إلى حظر ارتداء النقاب أو البرقع في الأماكن العامة في عموم المدن السويسرية وعلى غرار التصويت الذي جرى لحظر بناء المآذن.

وتقدم حزب اتحاد الوسط الديموقراطي صاحب مبادرة حظر بناء المآذن في سويسرا بهذه الخطوة الجديدة حيث لقي الحزب دعما من الحزب الراديكالي والحزب الديموقراطي المسيحي وعدد من الأحزاب الصغيرة في حين لقي معارضة من طرف الإشتراكيين والخضر ..مؤكدين على أن هذا الموقف لا يهدف إلا الى إثارة المخاوف الغير مبررة.

ويشير مؤيدو الحظر الى أن النقاب أو البرقع ليست له أية دلالة دينية بل هوعبارة عن مظهر خارجي للإهانة والتمييز وفقدان الهوية للأشخاص المعنيين.. واعتبر النص أيضا أن المرأة المتنقبة ليست لها ملامح وتعيش في سجن وأن ذلك يمثل شعارا لسيطرة الرجل ويعيق عملية الاندماج في المجتمع.

وعلى الرغم من أن الحكومة الفدرالية السويسرية قد عارضت فى شهر فبراير الماضي فكرة حظر النقاب فى سويسرا نظرا لقلة عدد النساء المنقبات الذى لا يتعدى المئة فان محاولات الأحزاب اليمينية المتطرفة ما تزال مستمرة من اجل أقرار الحظر.

وجدير الذكر ان موقف الحكومة السويسرية كان معارضا لمبادرة حظر بناء المآذن ومع ذلك تم التصويت عليها وأقرارها من قبل الشعب السويسري.

وأشارت السيدة ايفلين شلومبف وزيرة العدل السويسرية ان الحكومة السويسرية تبدي شكوكها وترددها حول حظر النقاب لأن سويسرا ليس لديها مشكلة حقيقية تتعلق بلبس النقاب.. ولكنها قالت انه من الضروري الأخذ على محمل الجد مسألة ما إذا كانت مسألة تغطية الوجه متوافقة مع القيم السويسرية ام لا حيث ان على سويسرا ان تفرض قيمها الخالصة.

وأوضحت الوزيرة السويسرية ان القانون السويسري يعطي الحق للآشخاص برؤية بعضهم البعض وجها لوجه في الأماكن العامة ويحق للناس الذين يعيشون في سويسرا ممارسة شعائرهم الدينية بحرية ولكن في اطار النظام القانوني السويسري.

ومع رفض الحكومة السويسرية لموضوع حظر النقاب الا ان ايفلين شلومبف أكدت على ان موضوع النقاب يجب ان يناقش على نطاق واسع ومع جميع الكانتونات السويسرية حيث ان مثل هذه المبادرة موجودة في برلماني كانتوني برن وسولوتورن إلا انه تم تجميد اتخاذ قرار بشأنها.

وكرد فعل اولي من جانب الجالية المسلمة في سويسرا..قال فرهاد أفشار رئيس الهيئة التنسيقية للمنظمات الإسلامية في سويسرا " إن ارتداء البرقع يمس أقلية صغيرة جدا من النساء المسلمات وإذا ما تم اللجوء الى الحظر عن طريق القانون فإن ذلك سيعمل على زيادة التوتر بين الجاليات المسلمة وباقي مكونات المجتمع السويسري".

حادث سطو بالنِقاب يثير الجدل حول حظره

من جانب آخر أثار حادث سطو مسلح يقال أن رجلا يرتدي النقاب قام به، أثار نقاشا في استراليا حول حظر غطاء وجه المرأة الاسلامي.

وقال المعارض الليبرالي سن كوري برناردي ان حادث السطو يوضح ان النقاب اصبح زي التخفي المفضل للمجرمين واصحاب السوابق .

الا ان رئيس الوزراء الاسترالي كيفن رود والزعيم الليبرالي توني ابوت انتقدا تلك التصريحات واكدا انهما لا يؤيدان حظر النقاب. وياتي ذلك الجدل في استراليا بعد جدل حول غطاء وجه المرأة الاسلامي في الدول الاوروبية. وكان السياسيون في بلجيكا صوتوا الاسبوع الماضي لصالح حظر ارتداء النقاب في الاماكن العامة.

وجاءت تصريحات برناردي، عضو مجلس الشيوخ عن جنوب استراليا، بعدما تعرض رجل لسرقة حقيبة مليئة بالنقود منه تحتد تهديد السلاح في مرآب سيارات في سيدني. وقال الضحية ان السارق كان يرتدي نقابا ونظارة شمسية بحيث لم يكن ممكنا التعرف عليه.

وكتب رناردي في مدونته ان النقاب ليس من قيم استراليا وانه يجب حظره لاعتبارات السلامة ولفائدة المجتمع.

وقال توني ابوت ان برناردي العضو في حزبه له الحق في التعبير عن وجهة نظره الشخصية، إلا انه شخصيا لا يؤيد فكرة حظر النقاب. واتهم كيفن رود المعارضة بعرض وجهات نظر متناقضة حول الموضوع.

هبوط اضطراري بسبب امرأة ترتدي البرقع

وفي ذات السياق حطت طائرة تابعة لشركة هندية بشكل اضطراري في كالكوتا شرق الهند بسبب "الاشتباه" في سلوك زوجين روسيين وخصوصا الزوجة التي رفضت نزع برقعها، وفق ما علم من مصدر ملاحي.

وطلب قائد الطائرة منحه اولوية الهبوط بعد ان اخطره الطاقم بان الزوجة ترفض نزع برقعها للتعرف على هويتها، بحسب ما ذكر ار. سرينيفاسان مدير مطار كالكوتا لوكالة فرانس برس.

وكانت رحلة شركة الرحلات المنخفضة التكلفة "سبايسجت" تقل 123 راكبا من بوني (جنوب) باتجاه كالكوتا عبر العاصمة نيودلهي. وأوضح مدير المطار "صعد الراكبان وبينهما المرأة المنقبة الى الطائرة في نيودلهي". وأضاف "لقد وجد بعض الركاب سلوكهما مشبوها ولفتوا انتباه الطاقم" لذلك. واتجهت الطائرة بعد هبوطها، إلى منطقة وقوف معزولة. وأوقفت السلطات الراكبين لاستجوابهما.

إيطاليات يطالبن بحقهن في النقاب‏

‏‏وفي إيطاليا أطلقت مجموعة من النساء المسلمات الإيطاليات حملة لجمع تواقيع لتوجيه نداء إلى رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلسي النواب والشيوخ الإيطاليين، للمطالبة بـ«حقهن في ارتداء الحجاب الكامل» أي النقاب.

وقالت مجاهدة كريستينا لاكوانيتي (إيطالية مسلمة) وأول من أطلق المبادرة لوكالة «آكي» الإيطالية للأنباء «قمنا بهذه الخطوة بعد أن علمنا باحتمال إصدار قانون في البلاد يحظّر ارتداء النقاب، فهناك تحركات بالبرلمان الإيطالي لتعديل القانون رقم 50 الذي يقضي بعدم تغطية الوجه في الأماكن العامة» ليشمل النساء المسلمات. بحسب يو.بي.آي.

وأضافت لاكوانيتي، التي ترتدي النقاب، أن الحملة تؤكد أن «النقاب هو اختيار شخصي لم يجبرنا عليه أحد، ونطالب باحترام حريتنا في تغطية الوجه»، لافتة إلى أن الهدف من المبادرة هو إسماع صوتنا بشكل سلمي». ورداً على سؤال عن وجود دعم لمبادرتها، قالت «نعم، هناك برلمانيون وشخصيات عامة تدعم مبادرتنا وإن لم يكن بشكل كامل»، لكنها رفضت الإفصاح عن أسمائهم.

ويقول الخطاب المفتوح الذي توجهه المجموعة إلى القيادات السياسية بإيطاليا «إننا نساء مسلمات يرتدين النقاب، ولدن من عائلات مسيحية أو علمانية أو ملحدة أيضاً، واعتنقنا الإسلام بإرادتنا الحرة، وإن قرار النقاب كان قراراً شخصياً ولم يفرضه علينا أحد» مثل الزوج المسلم أو غيره. وكانت السلطات الإيطالية غرّمت سيدة مسلمة ترتدي النقاب في مطلع هذا الشهر في مدينة نوفارا شمال غرب إيطاليا تنفيذاً لأمر صادر عن عمدة المدينة بحظر ارتدائه، كأول حالة بالبلاد.

مجلس الشورى الفرنسي: لا أساس قانوني لمنع البرقع

وعود على بدء، أعلن مجلس الشورى الفرنسي وهو أعلى هيئة قضائية في البلاد ان حظر البرقع بشكل كامل لا يستند إلى "أي أساس قانوني صريح".

ونقلت صحيفة "لو فيغارو" ان اعضاء المجلس الذين عقدوا جمعية عامة الاربعاء بحضور الامين العام للحكومة ذكروا ب"ان حظرا تاما وكاملا للنقاب الكامل كما هو لن يكون له اي اساس قانوني صريح".

واضافت الصحيفة ان المجلس يعتبر ان مثل هذا الحظر سيكون بالتالي "معرضا للعديد من التشكيك الدستوري والعرفي". كما حصلت الصحيفة على دوافع مشروع القانون الذي سيحال الاربعاء على مجلس الوزراء.

ويشير النص الى ان النقاب "مخالف للقيم الاساسية +للتعايش+ في المجتمع الفرنسي وبالتالي للامن العام". واضاف مشروع القانون ان "هذا النوع من العزل الاجتماعي ولو كان اختياريا او مقبولا يشكل انتهاكا لكرامة الانسان". كما ذكر بان "اي فرد لا يمكنه ان يرتدي في مكان عام لباسا يخفي وجهه".

الجدل الفرنسي يؤجج المشاعر الأفريقية..

وبموازاة ذلك أذكى الاقتراح الفرنسي بحظر النقاب الجدل في أوروبا كما أثار ردود فعل قوية في شمال أفريقيا حيث جذور كثير من المسلمين في فرنسا.

ولا تزال الجزائر والمغرب وتونس بصفتها مستعمرات فرنسية سابقة مرتبطة بفرنسا بالتاريخ واللغة والهجرة ومن ثم قد يكون لآراء الدول الثلاث في قضية النقاب تأثير مباشر على الطريقة التي سيتجاوب بها المسلمون في فرنسا مع الحظر. بحسب رويترز.

والناس في شمال أفريقيا منقسمون بين من يرون في الحظر المقترح في فرنسا والذي وافق مجلس النواب في بلجيكا على صيغة منه بالفعل هجوما على الاسلام وبين من أشادوا بأوروبا لدفاعها عن القيم العلمانية.

ومع هذا يظل هناك شيء مشترك على الاقل بين بعض الناس على جانبي الجدل حول النقاب وهو القلق من أن الحديث عن حظر النقاب قد يستغل من قبل سياسيين عديمي الضمير ويزيد من حدة التوتر بين السلطات في أوروبا والطوائف الاسلامية هناك.

وقالت خديجة رياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الانسان وهي جماعة مستقلة بارزة في الدفاع عن حقوق الانسان لرويترز "أعارض هذا الزي... ولكن ينبغي ألا نصدر قوانين ضده."

الجناح اليميني في فرنسا سيستفيد من هذا القانون أثناء الانتخابات عندما يتعين عليهم التعامل مع قضية وضع المسلمين في فرنسا ومحاولة الاستفادة منها لتجنب البطالة والفقر والعنصرية."

الإسلام في فرنسا في أرقام

5 ملايين: هو الرقم التقديري لعدد المسلمين بفرنسا وذلك حسب تقديرات وزارة الداخلية. ويتركز معظم المسلمين في الضواحي الباريسية وضواحي مدينة ليون ثاني أكبر المدن الفرنسية.

1900: هو عدد الأماكن التي يرتادها المسلمون لأداء الصلاة، يدخل في هذا العدد 90 مسجدا منهم على الأقل 20 بمآذن.

1900 امرأة: ترتدي النقاب أو البرقع وذلك حسب تقديرات وزير الداخلية بريس أورتفو.

70%: هو نسبة المسلمين الذين أكملوا صيام شهر رمضان عام 2007 حسبما قالوا هم بأنفسهم وذلك في مقابل 60% عام 1989.

40%: هو نسبة المسلمين الذين يصلون يوميا، بينما 23% يؤكدون أنهم يذهبون إلى المسجد كل يوم جمعة لأداء الصلاة. بحسب استطلاع أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/أيار/2010 - 3/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م