بريطانيا وعصر التجربة الائتلافية الأوربية

 

شبكة النبأ: يزخر التاريخ الأوروبي الحديث بأمثلة للحكومات الائتلافية الصامدة التي تعالج الازمات مباشرة مما يعطي لرئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون مبررا كي يأمل في أن يثبت أن المتشككين في نجاح الائتلاف على خطأ.

وعادة ما يضرب بايطاليا -التي اشتهرت بقصر عمر حكوماتها- المثل في عدم الاستقرار الذي يمكن أن يصاحب الائتلافات التي تعمل على تضييق الفجوات السياسية لكن فنلندا وألمانيا وأيرلندا وهولندا تظهر أن من الممكن تحقيق هذا.

واستقال جوردون براون من منصب رئيس الوزراء مفسحا المجال لكاميرون -الذي فاز بأغلب المقاعد في الانتخابات البرلمانية في الاسبوع الماضي لكنه لم يحصل على الاغلبية الكافية- لتشكيل ائتلاف حكومي مع حزب الديمقراطيين الاحرار الذي جاء في المركز الثالث.

وأثرت احتمالات تشكيل ائتلاف على الاسواق في بلد اعتاد على حكم الحزب الواحد وكان قد خرج لتوه من أسوأ فترة ركود منذ الحرب العالمية الثانية لكن محللين يقولون ان مثل تلك الحكومات نجحت في التعامل مع الازمات الاقتصادية في بلدان أخرى بأوروبا.

وقال اوين أومالي المحاضر السياسي في جامعة دبلن سيتي "ايطاليا حالة خاصة... تنتمي ايطاليا بصورة كبيرة الى دول جنوب أوروبا وأعتقد أن من المرجح بدرجة أكبر أن تتصرف بريطانيا بطريقة قريبة لدول شمال أوروبا وأن تنجح العملية."

وتشكلت الحكومة الايرلندية الحالية -التي لا تحظى بشعبية في الداخل لكن كثيرا ما يضرب بها المثل في الخارج على كيف يمكن للحكومات أن تتصرف بشكل حاسم للتعامل مع مشكلة الديون- في صورة ائتلاف بين حزب برايان كوين المنتمي الى حزب فيانا فول وحزب الخضر وحزب الديمقراطيين التقدميين الذي لم يعد له وجود حاليا والمناصر لرجال الاعمال والمستقلين. بحسب رويترز.

كما أشار أومالي الى الحكومة الايرلندية التي شكلها جون بروتون عام 1994 كمثال على الحكومة الائتلافية الناجحة وكانت معقدة أكثر من أي شكل مقترح بالنسبة لبريطانيا بما في ذلك أنها ضمت ساسة من ثلاثة أحزاب تمثل كافة الاطياف السياسية من اليسار الى اليمين.

وقال أومالي عن ادارة يرجع اليها الفضل على نطاق واسع في المساعدة على ارساء أسس الانتعاش الاقتصادي لايرلندا "كانت لديهم خطة اصلاح جذرية تم اصلاح الاقتصاد بموجبها وتم اصلاح الرعاية الاجتماعية بموجبها."

ويقول محللون إن بلجيكا المنقسمة لغويا مثال على البلد الذي تتسم فيه الائتلافات بقصر العمر لكنهم يشيرون الى هولندا المجاورة لاظهار أن بامكان الحكومات الائتلافية أن تنجح.

ومنذ عام 1946 والحكومات الهولندية المتعاقبة تتخذ شكل ائتلافات من حزبين الى خمسة أحزاب وكان الكثير منها يستمر ثلاث أو أربع سنوات وكثيرا ما كان رؤساء الوزراء يحصلون على فترة ولاية ثانية.

كاميرون نحو حقبة ائتلاف جديد

وتوصل رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين الى اتفاق مع حزب الديمقراطيين الاحرار الاصغر على تشكيل أول حكومة ائتلافية في بريطانيا منذ عام 1945.

وقال ممثلو حزب الديمقراطيين الاحرار في البرلمان البريطاني في وقت مبكر من صباح يوم الاربعاء انهم أيدوا اتفاقا لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب المحافظين بزعامة كاميرون.

وتمكن حزبا المحافظون والديمقراطيون الاحرار من التوصل الى اتفاق بعد خمسة أيام من انتخابات غير حاسمة وأنهيا بذلك 13 عاما من حكم حزب العمال وهو حزب يسار وسط برئاسة توني بلير ثم جوردون براون الذي خلفه.

وسيكون على هذه الشراكة الجديدة التي لم تختبر من قبل التعامل مع عجز قياسي في الميزانية زاد على 11 في المئة من الناتج القومي.

ورحبت الاسواق بالاتفاق على امل ان تتخذ حكومة بقيادة حزب المحافظين وهو حزب يمين وسط اجراء سريعا. بحسب رويترز.

وقال كاميرون في أول خطاب له كرئيس للوزراء "سيكون هذا عملا شاقا وصعبا. سيواجه الائتلاف كل أشكال التحديات. لكنني أعتقد اننا معا يمكننا تشكيل تلك الحكومة القوية والمستقرة التي يحتاجها بلدنا."

وقال كاميرون انه وكليج زعيم الديمقراطيين الاحرار مستعدان لتنحية خلافاتهما الحزبية جانبا للعمل من أجل مصلحة الوطن.

واحتفل الديمقراطيون الاحرار بدورهم بعد عقود ظلوا خلالها في الظل خلف العمال والمحافظين.

وقال نيك كليج زعيم الديمقراطيين الاحرار ثالث أكبر حزب في بريطانيا الذي سيشغل منصب نائب رئيس الوزراء للصحفيين "سيكون هناك بالتأكيد مصاعب ستحدث مشاكل. لكني سأبذل دوما كل ما بوسعي لاثبت ان السياسات الجديدة ليست ممكنة فقط بل انها أفضل."

ووضع حزبه ختم الموافقة النهائية على اتفاق الائتلاف في اجتماع انتهى بعد منتصف الليل.

وأعلن مكتب رئيس الوزراء البريطاني الجديد ان كليج زعيم الديمقراطيين الاحرار سيصبح نائبا لرئيس الوزراء في الحكومة الائتلافية الجديدة في المملكة المتحدة.

وقال متحدث باسم كاميرون في بيان "جلالة الملكة وافقت بسرور على تعيين نيك كليج نائبا لرئيس الوزراء. "تم الاتفاق على ان يشغل الديمقراطيون الاحرار خمسة مناصب وزارية بما في ذلك تعيين نيك كليج."

وفاز حزب المحافظين بزعامة كاميرون (43 عاما) وهو مدير تنفيذي سابق للعلاقات العامة بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الخميس الماضي لكنه فشل في الفوز بأغلبية مطلقة مما دفعه للسعي لاتفاق لتقاسم السلطة مع حزب الديمقراطيين الاحرار بزعامة كليج. وتشكيل ائتلاف مع الديمقراطيين الاحرار سيحقق للمحافظين أغلبية برلمانية.

وتولى كاميرون رئاسة الوزارة بعد ساعات من اقرار براون رئيس الوزراء السابق وزعيم حزب العمال بالهزيمة وباخفاقه في التوصل الى اتفاق لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب الديمقراطيين الاحرار.

الاقتصاد في رأس الأولويات

وأعلن رئيس الوزراء البريطاني الجديد المحافظ ديفيد كاميرون ونائبه نك كليغ زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار إنهما يضعان الاقتصاد في راس أولوياتهما ودافعا عن "متانة" ائتلافهما الذي وصفاه بأنه "تاريخي".

وقال كاميرون خلال مؤتمره الصحافي الاول مع كليغ منذ الاتفاق على تشكيل الائتلاف الحكومي مساء الثلاثاء، "انها مغامرة مشتركة وليس بين فريقين متنافسين". وتحدث الثنائي للصحافيين في حديقة مقر الحكومة المشمسة. بحسب رويترز.

وقال كاميرون "ستكون ادارة موحدة تسعى لتحقيق هدف رئيسي: ان نقدم لبلدنا الحكومة القوية والمستقرة والعازمة التي نحتاجها"، مشيرا من بين التحديات التي عددها التخلص من "ارث اقتصادي رهيب"، في اشارة الى سنوات حكم حزب العمل الثلاث عشرة، ومنها ثلاث في عهد غوردن براون.

وفي حين شككت وسائل الاعلام باستمرار الائتلاف العقلاني بين المحافظين اليمينيين واليسار الوسط، تعهد كليغ من جانبه بضمان "حكومة مستقرة" ستستمر وتكون قادرة على اجراء "اصلاحات جذرية". واقر بان الطريق سيكون حافلا "بالهزات ولكننا متحدون حول هدف مشترك".

واعلن الرجلان ان تحالفهما سيستمر لخمس سنوات، وتعهد الاحرار بالعمل "يدا بيد" مع المحافظين.

وقال كاميرون ان الاحرار سيكونون ممثلين "على كافة مستويات" الحكومة التي وصفها مرارا بانها "تاريخية" وتقدم "شكلا جديدا من العمل السياسي".

ومن الاولويات التي حددها الائتلاف خفض العجز في الميزانية من دون التاثير على النمو. ولم يكن للاتفاق اثر حقيقي على بورصة لندن التي أغلقت على ارتفاع من حوالي 1%.

وقالت الحكومة انها تريد وقف زيادة المخصصات الاجتماعية واجراء خفض بسيط في النفقات يوفر ستة مليارات جنيه استرليني في 2010. وسيتم عرض ميزانية "طارئة" خلال خمسين يوما.

وتعهد الائتلاف بالابقاء على الجنيه الاسترليني في ما يعتبر تنازلا كبيرا من جانب الاحرار المؤيدين للمؤسسات الاوروبية، للمحافظين المشككين بها. ووعد الاحرار في حملتهم الانتخابية بتبني اليورو على المدى البعيد.

وسيشغل الأحرار خمس حقائب في الحكومة المصغرة. وعدا عن كليغ الذي سيتولى الاصلاح السياسي والدستوري، هناك فنس كيبل وزير التجارة وكريس هان وزير الطاقة وداني الكزندر وزير اسكتلندا، وديفيد لوز وزير الخزانة.

وفي جانب المحافظين تولى جورج اوزبورن المالية ووليم هيغ الخارجية ووليام فوكس الدفاع وتيريزا ماي الداخلية وكينيث كلارك العدل. وباشرت الحكومة العمل مع عقد اول اجتماع لمجلس الامن القومي الجديد في المساء.

وأعلن وليم هيغ انه سيزور واشنطن للقاء هيلاري كلينتون. في هذه الاثناء انطلق السباق لخلافة غوردن براون على راس حزب العمال واعلن وزير الخارجية السابق ديفيد مليباند ترشيحه.

الاتحاد الأوروبي يطمح إلى تعاون أكبر

من جانبها أبرزت المفوضية الاوروبية الحاجة الى ردود أفعال مشتركة في مواجهة التحديات الاقتصادية في رسالة تهنئة بعثتها الى رئيس الوزراء البريطاني الجديد ديفيد كاميرون.

ويشعر عدد كبير من زعماء أوروبا بالقلق من وصول حزب المحافظين وهو حزب يمين وسط بزعامة كاميرون الى السلطة لان الحزب ينتهج سياسة أقل ودا تجاه الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة من حكومة العمال السابقة.

وتوصل حزب المحافظين الى اتفاق مع حزب الديمقراطيين الاحرار الاصغر على تشكيل أول حكومة ائتلافية في بريطانيا منذ عام 1945 وأنهيا بذلك 13 عاما من حكم حزب العمال وهو حزب يسار وسط برئاسة توني بلير ثم جوردون براون الذي خلفه.

وصرح جوزيه مانويل باروزو رئيس الجهاز التنفيذي للاتحاد الاوروبي بأن حكومة كاميرون تواجه خيارات صعبة في أوقات صعبة لكنه أعرب عن ثقته بأنها ستختار المسار الصحيح لاخراج بريطانيا من الازمة ووضعها على طريق نمو دائم.

وكتب في رسالته "باسم المفوضية الاوروربية أود ان أقدم لكم أحر تهانئي لانتخابكم رئيسا لوزراء المملكة المتحدة. بحسب رويترز.

"الكثير من التحديات المنتظرة بما في ذلك تحقيق انتعاش اقتصادي ومحاربة الفقر على مستوى العالم والتعامل مع التغير المناخي وضمان تأمين الطاقة هي (تحديات) مشتركة في شتى انحاء الاتحاد الاوروبي وتتطلب رد فعل مشتركا."

وصرح بأنه يتطلع الى العمل مع كاميرون في تلك القضايا وغيرها مثل دعم السوق الداخلية وتعزيز "قواعد أذكى" ومزيد من الشفافية ومزيد من المساءلة في الاتحاد الاوروبي.

ومن المتوقع على نطاق واسع ان يحرص كاميرون على ان يثبت لاعضاء حزبه المتشككين في التوجه الاوروبي انه سيدافع بشدة عن المصالح البريطانية داخل الاتحاد الاوروبي. لكن مسؤولين اوروبيين يرون انه رجل عملي سيكسبه التعاون مع باقي دول الاتحاد أكثر من الدخول في عراك مع شركائه الجدد.

وتمكن حزبا المحافظون والديمقراطيون الاحرار من التوصل الى اتفاق بعد خمسة أيام من انتخابات غير حاسمة وسيكون على هذه الشراكة الجديدة التي لم تختبر من قبل التعامل مع عجز قياسي في الميزانية زاد على 11 في المئة من الناتج القومي.

وفاز حزب المحافظين بزعامة كاميرون (43 عاما) وهو مدير تنفيذي سابق للعلاقات العامة بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الخميس الماضي لكنه فشل في الفوز بأغلبية مطلقة مما دفعه للسعي لاتفاق لتقاسم السلطة مع حزب الديمقراطيين الاحرار بزعامة كليج. وتشكيل ائتلاف مع الديمقراطيين الاحرار سيحقق للمحافظين أغلبية برلمانية.

ورحبت الاسواق بالاتفاق على امل ان تتخذ حكومة بقيادة حزب المحافظين وهو حزب يمين وسط إجراء سريعا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/أيار/2010 - 2/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م