مراسيم لدفن القط ريكي!

هادي جلومرعي

إتخذ زميل صحفي بالاضافة الى صفته الاكاديمية قرارا متسرعا ينم عن عدم مبالاتة بارواح المخلوقات التي كرمها الله سبحانه.

وبعد عامين قاحلين قضاهما والاسرة في بلد مجاور قرر العودة الى بغداد. وليس في القرار من جريمة. لان العود الى بغداد انتصار. لكن المثير للدهشة انه قرر اصطحاب القط الاثير(ريكي) الى العاصمة العراقية وهو المهدى اليه من احدى الجارات الطيبات في الاردن دون ان يتحسب للعواقب وللتغير الذي يمكن ان يطرأ على سلوك وصحة القط. وكان يظن انه سيعيش مع بقية البزازين العراقية التي تعودت القهر والضيم كحال البشر..

ومع تعلق ابنته الصغرى بالقط وتعود القط على الاسرة واعتناء الزميل به فانه تحمل الظروف الصعبة وتغيرات الاجواء والتراب وحرشة اناث البزازين اللاتي يتحرشن بريكي في الطالعة والنازلة عدا عن غيرة وحسد ذكور البزازين الذين يرونه المدلل بينما يتسكعون في درابين حي البلديات شرق بغداد.. وريكي جميل المنظر قد خلب لباب الاناث واستحوذ على قلوبهن..

ومضت الايام واذا بريكي يمرض فجاة ويرتمي على الطاولة ويفتح ذراعيه الرقيقين ويكشف عن بطنه ويقوم الزميل بفحصه دون ان يدرك علته فهو دكتور اعلام لا دكتور اجسام.. ويفزع جميع من في المنزل ويسارع الى الطبيب البيطري الذي رأى انتفاخ بطنه وتغير لون وجهه ونحوله وبؤس حاله وطلب ابقائه في العيادة البيطرية..

ومرت ثلاثة ايام وعاد الزميل الى عيادة الطبيب البيطري ليجد ان ريكي قد مات لتنزل الدموع وتنشغل العائلة التي صدمها موت القط الاثير والبزون الاصيل. وربما كان الاهمال سبب الوفاة مثلما يحدث للبشر في مستشفياتنا الحكومية والاهلية.. .. حينها تذكر الدكتور نصيحة شقيق زوجته المقيم في لندن الذي حذره من اصطحاب البزون الى بغداد. قائلا: أحذرك من أخذه الى العراق فهذا بلد لايتحمل العيش فيه البشر فكيف بالبزازين المسكينة!.

نعم ادهشني ان بيننا من يحترم المخلوقات الضعيفة ويحزن لمرضها وفقدها.. فكيف يستطيع البشر عندنا ان يتحملوا مآس ابناء شعبهم التي تحدث في كل مكان من ارض السواد التي يفترض انها رسخت الحرية ومفاهيم حقوق الانسان بعد التغيير..

الزميل والاسرة اقاموا مراسيم عزاء متكاملة احتراما لخلق الله وارادته في مخلوقاته.. الناس استهجنوا تلك المراسيم لانهم تعودوا احترام اشياء عديدة الا الحيوانات!

كل شئ يمكن ان اتوقعه من الصحفي المثير للمشاكل والطلايب إلا ان يتسبب في قتل قط.... 15 /3/2010 كان موعد انتقال روح القط الى عالم الموتى ليعيش بصحبة رفاقه وعسى ان لايجعله الملائكة بصحبة قطط عراقية..

وكنت كتبت مقالا في رثاء قطتي الحبيبة عندما كنت طفلا في ثمانينيات القرن الماضي حين كانت الحرب مستعرة ودفنتها في مراسيم مهيبة على تلة قريبة وكنت جائعا حينها.. أسميت المقالة( في رثاء قطة)..

hadeejalu@yahoo. com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/أيار/2010 - 2/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م