الصحة العالمية والاهداف الانمائية للالفية

إرادة سياسية دولية واعدة وعقبات ما تزال كبيرة

 

شبكة النبأ: كثيرا ما يُنظر إلى أهداف الصحة التي تنادي بها كيانات دولية على أنها محض وعود جوفاء لكن بيانات صدرت عن منظمة الصحة العالمية تظهر أن هذه الأهداف يمكنها بالفعل تركيز الأفكار وتحقيق نتائج.

وأفاد تقرير صدر مؤخراً عن المنظمة بأن جهود تحسين صحة الأطفال وتقليل الوفيات بين الأمهات ومحاربة الملاريا والسيطرة على وباء نقص المناعة المكتسب (الايدز) في بعض الدول الأفقر في العالم أدت إلى "تحسنات مذهلة" ويقول خبراء أن الأهداف الإنمائية للألفية التي خلقت إرادة سياسية هي المسئولة عن ذلك الى حد كبير.

لكن الآن فان تفشيا جديدا لأمراض مزمنة أو غير معدية مثل أمراض القلب والسكتات والسرطان وأمراض الرئة ومرض السكري من النوع الثاني من المُنتظر أن تهيمن على أنظمة الصحة في الدول النامية وهناك دعوات لوضع أهداف جديدة لإجبار الحكومات على الاستعداد لها.

ومن جانب مأساوي آخر قال تقرير دولي، إن نحو 40 في المائة من وفيات الأطفال دون سن الخامسة تحدث في الشهر الأوّل من حياة هؤلاء الأطفال، معظمها يقع في الأسبوع الأوّل من حياتهم. في حين قالت منظمة الصحة العالمية، أن هناك نقصا حادا في عدد الممرضين والممرضات حول العالم، يتجلى بوضوح في الدول النامية، حيث ينقص الهند 2.5 مليون ممرضة.

إرادة سياسية دولية واعدة

وقال عبد الله دار رئيس الاتحاد العالمي للأمراض المزمنة لرويترز "نحتاج بالفعل لوقف هذا التفشي السريع للغاية للأمراض المزمنة. إنها كلها تنتشر ونحن لا نفعل أساسا أي شيء في العالم النامي."

وذكر التقرير السنوي لإحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2010 فان الإرادة السياسية وراء الأهداف الإنمائية للألفية ساعدت على خفض النسبة المئوية للأطفال الذين يعانون من نقص الوزن من 25 في المئة عام 1990 الى 16 في المئة في 2010 كما تراجعت نسبة الاصابة بالايدز بنسبة 16 في المئة بين عامي 2001 و2008 وارتفعت النسبة المئوية لمن يحصلون على مياه آمنة في العالم الى نحو 87 في المئة.

لكن التقرير أفاد أيضا بأن الاصابات والامراض غير المعدية تسببت في وفاة زهاء 33 مليون شخص في الدول النامية عام 2004 وأنها ستتسبب في نسبة متزايدة من الوفيات في المستقبل.

وقال التقرير الذي يستخدم بيانات من الدول الاعضاء في منظمة الصحة العالمية وعددها 193 دولة "ستقوض صحة الافراد على المدى البعيد أيضا بسبب الامراض المزمنة والاضطرابات العصبية والعقلية والعنف."

وترى كارلا أبو زهر منسقة المنظمة للمراقبة والتحليل أن هذا يعد جزئيا ثمن مكافحة أو التغلب على أمراض فتاكة مثل الملاريا وسوء التغذية والايدز والاهتمام بصحة الطفل والام وكلها من الاهداف الانمائية للالفية التي وضعت عام 2000 ومن المقرر أن تتحقق بحلول 2015 .

وقالت لرويترز في مقابلة "تعمل كل الدول بجد حقيقي مع وضع هدف عام 2015 في الاعتبار. "وما نراه ونسمعه دائما من شركائنا هو أن الالتزام السياسي مهم للغاية اذا كان التقدم سيتحقق وأحيانا يكون أكثر أهمية من الموارد."

لكنها ذكرت أن الدلائل أصبحت أكثر وضوحا على أن معدلات الوفيات بين الاطفال والوفيات بسبب الامراض المعدية تتراجع ومع تنامي تعداد السكان وتغير سلوكيات الناس فان هناك "غلبة متزايدة" للوفيات والامراض بسبب الاعراض المزمنة.

ويقدر الخبراء أنه ما لم يتم تعزيز العمل فان 388 مليون شخص في العالم سيموتون قبل الاوان خلال العقد المقبل بسبب الامراض المزمنة غير المعدية. وقالت كارلا "تنتشر الامراض المزمنة تدريجيا الى الدول النامية. لم تعد مشاكل الدول الغنية فحسب."

الأهداف الإنمائية والتحديات العالمية..

ووضع رؤساء 189 دولة الأهداف الإنمائية للألفية عام 2000 لدفع سياسة عالمية لمواجهة الفقر والجوع وسوء الصحة وعدم الحصول على مياه نظيفة وغيرها. وفيما يلي أبرز النتائج التي توصل اليها تقرير منظمة الصحة العالمية، بحسب رويترز..

- يموت عدد أقل من الاطفال حيث تراجعت الوفيات السنوية في العالم بين الاطفال الاقل من خمس سنوات ووصلت الى 8.8 مليون حالة في 2008 أي أقل بنسبة 30 في المئة منذ عام 1990.

- تراجعت النسبة المئوية التقديرية للاطفال أقل من خمس سنوات الذين يعانون من نقص الوزن من 25 في المئة عام 1990 الى 16 في المئة عام 2010.

- زادت نسبة الولادات التي تتم في وجود عاملين طبيين مهرة في العالم غير أنه في افريقيا وجنوب شرق اسيا فان أقل من 50 في المئة من كل المواليد تمت في حضور العاملين الطبيين.

- انخفض عدد الاصابات الجديدة بالايدز بنسبة 16 في المئة على مستوى العالم من 2001 الى 2008. وفي 2008 أصيب 2.7 مليون شخص بالفيروس المسبب للايدز وتوفي مليونا شخص بسبب المرض.

- تتراجع أعداد حالات الاصابة الحالية بالسل وكذلك الوفيات بين حالات الاصابة بالسل غير المرتبطة بالايدز.

- يتجه العالم نحو تحقيق هدف انمائي هو توفير مياه شرب امنة لكن هناك حاجة لفعل المزيد لتحقيق هدف الصرف الصحي.

وتدعو أهداف المياه والصرف الصحي الى تقليل نسبة الاشخاص الذين لا يحصلون بصفة مستدامة على مياه شرب امنة وصرف صحي أساسي الى النصف بحلول عام 2015 بالمقارنة مع معدلاتهم عام 2000.

وتوصل تقرير منظمة الصحة العالمية الى أن النسبة المئوية للاشخاص الذين يحصلون على مياه شرب امنة زادت من 77 في المئة الى 87 في المئة وهو معدل تحسن قالت انه سيحقق هدفا انمائيا للالفية اذا استمر على هذه الوتيرة.

وقال التقرير "لكن المعدل السنوي للزيادة في الدول منخفضة الدخل يجب أن يتضاعف لتحقيق الهدف ولا تزال هناك فجوة بين المناطق الحضرية والريفية في العديد من الدول."

وبالنسبة للصرف الصحي ذكر التقرير أن التقدم كان أقل ففي 2008 وصل عدد الاشخاص الذين لا يتوفر لهم مرحاض صحي 2.6 مليار شخص وأن 1.1 مليار شخص لازالوا يقضون حاجتهم في العراء.

ومن الممكن أن يؤدي سوء حالة الصرف الصحي الى نشر أمراض معدية خطيرة مثل التهاب الكبد والكوليرا.

وشهدت افريقيا معدل التحسن الابطأ حيث زادت نسبة الاشخاص الذين يستخدمون المراحيض من 30 في المئة عام 1990 الى 34 في المئة عام 2008.

8.8 مليون طفل توفوا في 2008!!

ومن جانب مأساوي آخر قال تقرير دولي، إن نحو 40 في المائة من وفيات الأطفال دون سن الخامسة تحدث في الشهر الأوّل من حياة هؤلاء الأطفال، معظمها يقع في الأسبوع الأوّل من حياتهم.

ويشير تقرير عالمي في "الإحصاءات الصحية العالمية 2010" لتبيان مستجدات المرامي الإنمائية للألفية إلى أنّ تحسين رعاية الولدان في الشهر الأوّل من حياتهم من الأمور الأساسية للحدّ من وفيات الأطفال في البلدان النامية.

ويورد التقرير، الذي نشرته منظمة الصحة العالمية، وللمرة الأولى الأسباب الرئيسية الكامنة وراء وفيات الولدان، كما يبيّن أنّ وفيات الأطفال دون سن الخامسة انخفضت بنسبة 30 في المائة في عام 2008، أي من 12.5 مليون حالة وفاة إلى 8.8 مليون حالة وفاة. بحسب سي ان ان.

وتشير التقديرات إلى انخفاض نسبة الأطفال المنقوصي الوزن من 25 في المائة في عام 1990 إلى 16 في المائة في عام 2010، وانخفاض معدلات الإصابة بفيروس الأيدز بنسبة 16 في المائة في الفترة بين عامي 2001 و2008، وزيادة نسبة استفادة سكان العالم من المياه النقية من 77 في المائة إلى 87 في المائة، وهي نسبة تكفي لبلوغ الهدف ذي الصلة المندرج ضمن المرمى الإنمائي للألفية.

ونسب التقرير إلى تييس بويرما، مدير إدارة الإحصاءات والمعلومات الصحية بمنظمة الصحة العالمية قوله "تمكّنت عدة بلدان منخفضة الدخل، مع ذلك، من إحراز تقدم كبير في الحدّ من معدلات وفيات الأطفال، بما في ذلك ليبيريا وسيراليون وموزامبيق ورواندا."

وأضاف الدكتور بويرما قائلاً "هناك القليل من البلدان التي هي على الطريق لبلوغ الهدف المندرج ضمن المرامي الإنمائي للألفية والمتعلّق بخفض وفيات الأمومة. بيد أنّ ثمة بيّنات على إحراز بعض التقدم في بلدان مثل الصين ومصر."

الهند بحاجة لـ2.5 مليون ممرضة

وفيما يخص شبه القارة الهندية قالت منظمة الصحة العالمية، أن هناك نقصا حادا في عدد الممرضين والممرضات حول العالم، يتجلى بوضوح في الدول النامية، حيث ينقص الهند 2.5 مليون ممرضة.

وقال بيان للمنظمة لمناسبة اليوم الدولي للتمريض، الذي يوافق 12 مايو/أيار، إنه لا يوجد عدد كاف من الممرضات، ذلك أن "العالم المتقدم يقوم بملء الشواغر من خلال إغراء الممرضات من بلدان أخرى، بينما لا تستطيع البلدان النامية المنافسة في دفع مبالغ أكثر أو في التنمية المهنية الأفضل."

ويصف تقرير البنك الدولي الصادر في مارس/آذار شدة النقص في عدد الممرضات في منطقة البحر الكاريبي وأمريكا اللاتينية وحدها، فالأمم الكاريبية الناطقة باللغة الإنكليزية لديها الآن 1.25 ممرضة لكل 1000 شخص، وهي نسبة أقل بنحو 10 مرات منها في بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

ووفقا لدينا ناردي، مديرة برنامج إيفاد الممرضات في المجلس الدولي للممرضات، فإن منطقة البحر الكاريبي خصوصاً معرضة لفقدان ممرضاتها، و تقول: "أصبحت الهجرة العالمية للممرضات وخيمة لا سيما في دول الجزر الصغيرة، مثل جامايكا."بحسب سي ان ان.

أما ديليب كومار، مسؤول التمريض في وزارة الصحة ومدير مجلس التمريض الهندي، فيقول إنه ستكون هناك حاجة إلى 2.4 ممرضة بحلول عام 2012، إذ أن المعدل المنشود هو ممرضة واحدة لكل 500 مريض.

وتقول نيدهي تشودري من مكتب منظمة الصحة العالمية في نيودلهي، الهند، "تُظهر المعطيات أن الدول التي لديها أسوأ نقص في الموارد البشرية للرعاية الصحية تملك أيضاً أسوأ المؤشرات الصحية وأعلى وفيات بين الرضع والأطفال."

مؤسسة جيتس تدعم 78 مشروعا في مجال الصحة

وحصل 78 مشروعا علميا -من بينها جهود لتطوير لقاحات جديدة والسيطرة على البعوض باستخدام نباتات تتغذى على الحشرات- على دعم من مؤسسة بيل وميليندا جيتس.

وقالت المؤسسة -وهي صندوق مالي قيمته 34 مليار دولار يديره الملياردير الرائد في الاعمال الخيرية بيل جيتس ويستثمر في مشاريع علمية تهدف الي تحسين الصحة في العالم- ان كل مشروع سيحصل على منحة قيمتها 100 ألف دولار لاجراء المزيد من الدراسات. بحسب سي ان ان.

وتشمل المشاريع الفائزة الاخرى تطوير هاتف محمول منخفض التكلفة مزود بمجهر لتشخيص الملاريا واستخدام الموجات فوق الصوتية لخفض الخصوبة لدى الرجال عند الحاجة كوسيلة لمنع الحمل وأوشحة معالجة بمبيدات مضادة للحشرات واستخدام نظم للتصوير لملاحقة وتدمير الطفيليات بلقاح يوجه باليزر.

وقال تاشي يامادا من برنامج الصحة العالمية بمؤسسة جيتس في بيان "نحن مقتنعون بأن بعض هذه الافكار ستؤدي الى ابتكارات وحلول في نهاية المطاف من شأنها أن تنقذ الارواح."

وقالت المؤسسة ان الفائزين من جامعات ومعاهد للأبحاث ومنظمات غير هادفة للربح في 18 دولة حول العالم.

وتقدم المنح من مشروع استكشافات التحديات الكبرى التابع لمؤسسة جيتس وهو مبادرة قيمتها 100 مليون دولار لمدة خمس سنوات تسعى الى تشجيع الابتكار في مجال الصحة في العالم.

وجيتس -أغنى رجل في العالم- هو المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت ولا يزال رئيس مجلس ادارة الشركة على الرغم من انه يركز معظم اهتمامه على المؤسسة. ومنذ افتتاحها في 1994 قدمت المؤسسة منحا تزيد قيمتها عن 21 مليار دولار.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 16/أيار/2010 - 1/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م