أزمة ما بعد الانتخابات... توتر يقود البلاد الى المجهول

 الولايات المتحدة تدعو الى إنهاء التخبط السياسي وفوضى القرارات

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يكتنف الأوضاع السياسية التي أعقبت الانتخابات البرلمانية التي جرت مؤخرا الكثير من الغموض والقلق عما سيؤول إليه المشهد العام للدولة بعد تنامي ظاهرة التناحر السياسي بين الفرقاء بشكل يكاد أن يصنف بالخطير.

فإصرار البعض على ممارسة التسقيط والتهميش بدت تشكل تهديدا كبيرا على العملية الديمقراطية الناشئة، فضلا عن محاولات الهيمنة من قبل مجموعات محدودة على مقدرات البلاد ومصادرة أراء الأخير واستبعادهم.

الأمر الذي دفع بالولايات المتحدة التي تحضر لانسحاب قواتها العسكرية مطلع شهر اب القادم دعوة الساسة العراقيين الى التحلي بنظرة شمولية الى مصالح البلاد بدلا من التركيز على المصالح الفئوية والحزبية.

فوضى

فقد قال مسئولون عراقيون أن لجنة مراجعة عراقية ألقت بشكوك حول نتيجة انتخابات مارس آذار حينما استبعدت أصوات في مصلحة 52 مرشحا.

وقال سياسيون ومسئولو انتخابات انه بينما لن يغير قرار يوم الاثنين من النتيجة النهائية للانتخابات فان حكما أكثر أهمية يتوقع ان يصدر عندما تبحث اللجنة مصير ستة الى تسعة مرشحين فائزين.

ويمكن أن تؤدي هذه التطورات الى إثارة التوتر في وقت حساس حيث يخوض العراق حالة من الفراغ السياسي بعد ما يقرب من شهرين على الانتخابات التي جرت في السابع من مارس اذار واستعداد القوات الامريكية لانهاء العمليات العسكرية في أغسطس اب قبل الانسحاب التام بحلول 2011.

وقال رئيس الوزراء العراقي الاسبق أياد علاوي ان القائمة العراقية التي يتزعمها والتي فازت بفارق طفيف في الانتخابات ستطعن على الحكم فيما قال بعض حلفائه انهم سيسعون لاعادة الانتخابات.

وقال في مؤتمر صحفي في انقرة انه نبه على محامين ان يتقدموا بطلب للطعن على قرار اللجنة معربا عن قلقه من قيام جماعات "بعينها" بالهيمنة على العملية السياسية في العراق.

وطالب علاوي وقياديون اخرون في القائمة العراقية بتدخل الامم المتحدة.

وقال أسامة النجيفي العضو الرفيع في القائمة العراقية انه لن يقبل بهذه الانتخابات وبنتيجتها اذا استمر الامر على هذا النحو. وأضاف أنه سيدعو لانتخابات جديدة تحت رقابة دولية مباشرة وستنفذها الامم المتحدة.

ومن الاسماء التي حظرت لعلاقتها المزعومة بحزب البعث المحظور الذي كان يتزعمه صدام حسين فائز في انتخابات السابع من مارس من كتلة العراقية التي حصلت على تأييد قوي من السنة لتحقق التقدم في الانتخابات.

وقال حلفاء علاوي انهم لا يعتقدون أن النتيجة النهائية للانتخابات ستتغير. وفي ظل النظام الانتخابي العراقي يمكن الاستعاضة عن العضو المستبعد في الائتلاف بعضو آخر من الحزب ذاته.

ولكن أي تقليل في تمثيل القائمة العراقية سيشعل من جديد الغضب السني تماما كما حدث بعد أعمال العنف الطائفية التي وقعت بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003.

وقال السفير الامريكي كريس هيل انه قلق بشأن المدة التي يستغرقها الساسة العراقيون للمصادقة على نتائج الانتخابات وللبدء بتشكيل حكومة ائتلاف.

وأضاف "هذا بلد فيه اقتصاد بالكاد يستطيع النهوض.. وبالتالي فهو بلد يحتاج بوضوح للمضي قدما." بحسب رويترز.

وتابع "نحن قلقون من كون العملية متأخرة ولم نصل لمرحلة تشكيل الحكومة بعد. يبدو لي أن الوقت قد حان كي نبدأ السير في هذا الطريق."

وأعرب هيل عن اعتقاده بأن القرار الذي صدر مؤخرا سيؤثر على واحد أو اثنين من مرشحي القائمة العراقية.

وقال سعد الراوي وهو أحد تسعة مفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي تعد لجنة المراجعة جزءا منها ان الحكم سيؤثر على مرشح واحد فائز.

وقال انه لا يعتقد ان هذا سيؤثر على عدد المقاعد الذي حصلت عليها الكتلة. وأضاف ان العراقية حصلت على ملايين الاصوات ولذلك فان خمسة الاف الى عشرة الاف صوت لن تؤثر عليها.

وتأتي هذه القرارات قبل بدء اعادة فرز الاصوات في بغداد الاسبوع المقبل.. وهو ما قد يؤدي أيضا الى تغيير النتيجة ويغضب السنة الذين رأوا في نجاح قائمة العراقية سندا لهم في القول ان لهم حجما سياسيا أكبر.

وأدى سخط السنة نتيجة لابعادهم عن الحكم عقب الاطاحة بصدام الى اطلاق شرارة أعمال عنف طائفية وأعمال مسلحة شرسة عقب الغزو.

وكان العراقيون يأملون في أن تساعد الانتخابات البلاد على الحفاظ على الحالة القائمة بعد تحسن الوضع الامني والاستقرار.

وبدلا من ذلك فان عدم ظهور نتيجة واضحة أدى الى حالة من عدم اليقين السياسي فيما تحاول الفصائل المدعومة من السنة والاكراد اعادة التفاوض من أجل ابرام تحالفات تجعلهم يمثلون أغلبية فاعلة تؤهلهم لتبوء مقعد الحكم.

وقال خميس البدري أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد "هذا القرار (الخاص بلجنة المراجعة) يبني جدارا بين الاحزاب السياسية في الوقت الذي ينبغي فيه أن تقترب من تشكيل حكومة عما قريب." وأضاف "هذا القرار في هذا التوقيت لن يكون جيدا بالنسبة للعملية السياسية."

وظهرت هذه الازمة بينما تبدأ شركات النفط الدولية الاستثمار في حقول النفط العراقية الشاسعة بشكل ربما يضع البلاد في موقف يتيح لها زيادة قدرتها الانتاجية للنفط أكثر من أربعة أمثال لتصل الى مستويات السعودية التي تبلغ 12 مليون برميل يوميا.

وقالت حمدية الحسيني عضو المفوضية المستقلة للانتخابات ان قرار اللجنة القضائية ليس نهائيا حيث ان المرشحين المعنيين أمامهم شهر للطعن على القرار.

الغاء نتائج مرشحين

يذكر ان هيئة قضائية عراقية قررت الغاء نتائج 52 مرشحا بينهم فائزان في الانتخابات التشريعية التي جرت في اذار/مارس الماضي بعد اتهامهم بالارتباط بالنظام البعثي السابق.

وقال على اللامي المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة المكلفة التحقق من اي ارتباط للمرشحين بحزب البعث المنحل لوكالة فرانس برس "ان الهيئة القضائية التمييزية في المفوضية العليا للانتخابات ابطلت 52 ترشيحا، بينها اثنان تخص فائزين، لارتباطهم بحزب البعث وهي ستنظر في وضع تسعة مرشحين آخرين فائزين".

واضاف اللامي الذي لم يفز في الانتخابات الاخيرة "احد الفائزين اللذين ابطل انتخابهما هو ابراهيم محمد عمر المطلك الذي ينتمي الى قائمة العراقية (بزعامة رئيس الحكومة السابق اياد علاوي) وبإمكان الجميع تقديم طعون بالقرار الا انه من المستبعد ان تقبل".

وابراهيم المطلك هو شقيق السني صالح المطلك الذي سبق وان حرم من المشاركة في الانتخابات التشريعية لاتهامه بعلاقته بحزب البعث المنحل.

ولم يكشف اللامي عن اسم النائب الثاني الفائز الذي أبطل انتخابه الا انه اوضح ان 22 من ال52 الذين ابطلت نتائجهم ينتمون الى كتلة العراقية بزعامة علاوي.

بدورها، اعلنت حمدية الحسينية عضو مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ان "المستبعدين يحق لهم تقديم طعون للهيئة التمييزية السباعية المشكلة من قبل البرلمان خلال شهر". بحسب وكالة فرانس برس.

من جهته قال حيدر الملا احد المتحدثين باسم القائمة العراقية "انه اغتيال للعملية الديموقراطية، وجريمة بحق ارادة الناخبين". واضاف في حديث تلفزيوني "لقد اعددنا رسالة الى الموفد الخاص للامم المتحدة في العراق اد ملكرت لوضع حد لهذه المهزلة. نحن مستهدفون وهناك محاولة لالغاء مقاعدنا".

وهدد بانسحاب الكتلة العراقية من كامل العملية السياسية مع العلم ان هذا القرار يهدد باختلال التوازن في تركيبة الحكم لان غالبية النواب السنة في العراق ينتمون الى كتلة العراقية.

ويمكن ان يؤدي الغاء اصوات المرشحين المتهمين بالارتباط بحزب البعث الى تغيير نتائج الانتخابات. وقال اللامي ان لائحة علاوي قد تفقد مقعدا على الاقل.

تلويح بالانسحاب

من جهته قال القيادي في القائمة العراقية اسامة النجيفي إن “22 مرشحا من ضمن 53 مرشحا شملوا بالاجتثاث ينتمون الى القائمة العراقية”، منوها الى ان “بعض المعلومات التي وصلت للقائمة تؤكد وجود تسعة مرشحين اخرين مشمولين بالاجتثاث سيعلن عنهم، منهم ثمانية مرشحين من القائمة العراقية”.

واضاف النجيفي ان”القائمة العراقية تطالب الكتل السياسية باتخاذ مواقف صريحة وواضحة لحماية العملية السياسية والديمقراطية من خلال العمل على اعادة النظر بهذا القرار الجائر”.

وبين النجيفي ان “القائمة العراقية تطالب الامم المتحدة، باعتبارها الراعية للعملية الانتخابية الى تحمل مسؤولياتها وفق القرارات الدولية، وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد الاوربي وسفراء الدول في العراق الى تحمل المسؤولية تجاه التجربة الديمقراطية في العراق”.

واكد النجيفي ان”القائمة العراقية ستنسحب من تشكيل الحكومة اذا لم يعاد النظر بهذا القرار او على الاقل تنفيذ طلب القائمة العراقية باعادة الانتخابات في العراق تحت حكومة تصريف اعمال”.

ولفت النجيفي الى ان “الهيئة القضائية اتخذت قرارا مؤخرا برد طعن هيئة المسائلة والعدالة المتعلق بتسعة من المرشحين الفائزين لصالحهم واليوم نفاجئ بان الهيئة القضائية نفسها تعيد النظر في نفس القضية رغم انها من المسائل القانونية التي سبق الفصل فيها”، مشيرا الى ان “هذا يبين ان القضاء لم يعد مستقلا”.

دعوة أمريكية

الى ذلك دعت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الزعماء العراقيين الى ايجاد تسوية لخلافاتهم التي نشأت عقب الانتخابات العامة التي مؤخرا، والعمل على تشكيل حكومة بسرعة، خصوصا بعد قرار قضائي باستبعاد عشرات المرشحين بدعوى صلتهم بحزب البعث المحظور.

ومع اقتراب موعد سحب اعداد كبيرة من القوات الامريكية من العراق بحلول اغسطس/ آب المقبل، اعربت كلينتون عن وجود قلق بين المسؤولين الامريكيين حول موضوع الانسحاب والخروج بنتائج حاسمة من تلك الانتخابات وسط خلافات وجدل حول نتائجها.

ونوهت كلينتون الى قلق امريكي من عملية تأكيد نتائج الانتخابات والتصديق عليها بقولها، في بيان، ان الولايات المتحدة تحترم الطرق والاساليب القانونية التي ينتهجها العراق لمواجهة التحديات التي تقف امام المرشحين وامام نتائج الانتخابات .

واضافت: لكن على الرغم من هذا، ومن اجل شرعية تلك التحديات وقانونيتها، لا بد ان تكون تلك الطرق شفافة ومتوافقة مع القوانين والآليات التي وضعت لتنظيم الانتخابات .

واكدت كلينتون ان واشنطن لا تدعم اي حزب او مرشح بعينه بل ترغب بعلاقة طويلة الامد مع عراق مستقر معتمد على نفسه، مع اقتراب موعد سحب القوات الامريكية منه.

وقالت ان الولايات المتحدة تدعو الزعماء العراقين الى وضع خلافاتهم جانبا، واحترام التصويت الشجاع للشعب العراقي، والعمل بسرعة على تشكيل حكومة شاملة تمثل ارادة جميع العراقيين .

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/أيار/2010 - 16/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م