
شبكة النبأ: أطلقت المناظرة
التلفزيونية التي جرت الخميس الماضي بين قادة أهم ثلاثة أحزاب بريطانية
الليبرالي-الديمقراطي نيك كليغ إلى الواجهة. فمنذ أسبوع، في صفوف
الناخبين وفي الإعلام، يهتف له البعض وينتقده أشد انتقاد البعض الآخر.
أهلاً وسهلا بكم في المملكة المتّحدة حيث ينتشر الولع بنيك كليغ كالنار
في الهشيم.
البعض قارنه بباراك أوباما لأفكاره حول التغيير، والبعض بتشرشل
لشعبيته الواسعة وآخرون بالمغنية سوزن بويل لقدرته على المفاجأة. ومع
ذلك، منذ بضعة أسابيع، لم تكن غالبية الناخبين البريطانيين تعرف من هو
نيك كليغ. حتّى أن البعض كان يخلط بينه وبين زعيم اليمين المتطرف نيك
غريفن من "الحزب القومي البريطاني".
لكن منذ أسبوع، يجري الحديث عن كليغ أكثر منه عن رئيس الوزراء غوردن
براون أو زعيم "حزب المحافظين" دافيد كامرون. ويبقى سؤال واحد على كل
شفة ولسان: هل سيجدّد نيك كليغ إنجاز الخميس الماضي خلال المناظرة
المتلفزة الثانية؟
وتبنّى محبو كليغ الجملة الشهيرة "أنا موافق مع نيك" كشعار غير رسمي
للحملة. وكان رئيس الوزراء غوردن براون قد تلفّظ بها عدّة مرات خلال
المناظرة المتلفزة الأولى..
الأحرار لن يدعموا العمال..
وقال الديمقراطيون الاحرار انهم لن يدعموا استمرار رئيس الوزراء
جوردون براون في السلطة ان جاء حزبه العمال في المركز الثالث في
الانتخابات العامة المقررة في السادس من مايو ايار حتى وان حصل حزبه
على معظم مقاعد البرلمان في ظل النظام الانتخابي بالبلاد.
وقال نيك كليج زعيم الديمقراطيين الاحرار لتلفزيون هيئة الاذاعة
البريطانية ( بي.بي.سي) "من غير المنطقي أن يجيء حزب ما في المركز
الثالث من حيث عدد الاصوات وأن يظل له الحق بطريقة ما في دخول عشرة (داوننج
ستريت") وهو مقر رئيس الوزراء.
وبدأ كليج الحملة الانتخابية قبل أسبوعين بأداء قوي في أول مناظرة
تلفزيونية على الغرار الامريكي بين زعماء الاحزاب في خطوة زادت كثيرا
من التأييد لحزبه وربما تجعل الديمقراطيين الاحرار العامل المرجح لكفة
حزب على الاخر.
وأظهرت استطلاعات الرأي أن حزب المحافظين المعارض سيحصل على أكبر
عدد من الاصوات لكنه سيفشل في الفوز بعدد المقاعد المطلوب لحصوله على
أغلبية مما يؤدي الى "برلمان معلق" لا فائز واضح فيه.
وتشير الاستطلاعات أيضا الى أن حزب العمال الحاكم الذي ينتمي ليسار
الوسط يأتي بعد حزب الديمقراطيين الاحرار الوسطي اذ جاء في الترتيب
الثالث من حيث التأييد الجماهيري.
وقد يظل حزب العمال بموجب النظام الانتخابي البريطاني أكبر حزب في
البرلمان المؤلف من 650 مقعدا رغم أنه قد يحل في المركز الثالث في
الانتخابات من حيث عدد الاصوات. وهذه المرة الاولى التي يعلن فيها كليج
انه لن يؤيد براون للبقاء في الحكومة اذا حدث هذا.
وقال "أعتقد أن مجيء حزب في المركز الثالث -أي أن الملايين من أبناء
الشعب قرروا التخلي عنه- يعني أنه خسر الانتخابات بقوة ومن ثم لا يمكنه
أن يطالب بمنصب رئيس الوزراء في هذا البلد."
لكنه تعهد بتأييد الحزب الذي يفوز بمعظم الاصوات ومعظم المقاعد
والذي ترجح استطلاعات الرأي الحالية -رغم تقلبها- أن يكون حزب
المحافظين.
حرب دعائية صاخبة للحزبين الكبيرين
ويخوض الحزبان البريطانيان الكبيران حرب اعلانات لا هوادة فيها
للانتخابات التشريعية، حققت بعض النجاح باستهدافها الخصم بالاسم.
فعلى لافتات للحزب المحافظ الذي يتزعمه ديفيد كاميرون، يظهر رئيس
الوزراء غوردن براون وعلى وجهه ابتسامة عريضة مع شعار "لقد اختلست
المليارات من صناديق التقاعد صوتوا لي" او "لقد ضاعفت الدين العام
صوتوا لي".
وخلال اول مناظرة تلفزيونية في 15 نيسان/ابريل بين زعماء اكبر ثلاثة
احزاب، مازح براون كاميرون وشكره على هذه الدعاية المجانية.
لكن الحزب العمالي اراد بدروه ان يسخر من كاميرون ونشر يافطات
عملاقة ظهر فيها زعيم المحافظين بمظهر جين هانت بطل برنامج تلفزيوني
معروف تبثه بي بي سي، لا يتمتع بنزاهة سياسية وهو فظ وفاسد احيانا يجلس
في سيارة قديمة من طراز اودي. وكتب على اليافطة "لا تتركوه يعيد
بريطانيا الى ثمانينات القرن الماضي". بحسب فرانس برس.
واختيار هذه الشخصية ينطوي على مخاطر لان هانت لا يجسد فقط عكس صورة
البطل بل يرى فيه البعض رمزا للجاذبية الذكورية. ورد المحافظون على هذا
الهجوم بحملة تستخدم الصورة نفسها مع شعار "فلنشغل السيارة حان الوقت
التغيير".
وقال ستيفن فيلدينغ الاستاذ في التاريخ السياسي في جامعة نوتينغهام
"لاحظت الاحزاب ان احد اهم الاسباب التي تدفع الناخبين للتصويت هو
التصويت ضد حزب (...) بالتالي الاعلام السلبي اسلوب للتواصل مع
الناخبين".
واضاف "لم نتحدث عن اللافتات الانتخابية منذ زمن بعيد". والانتخابات
التشريعية المقررة في السادس من ايار/مايو هي الاكثر جدلا منذ حوالى
عقدين مع استطلاعات للراي تشير الى تعادل بين العماليين والمحافظين
والليبراليين الديموقراطيين. وقال الخبير ان "هذه الحملات الدعائية
تنشر على الطرقات لكنها اليوم تنشر ايضا على شبكة الانترنت".
وكان المحافظون اطلقوا حملة انتخابية انقلبت عليهم لانهم استخدموا
صورة لكاميرون بملامح شابة مع شعار "لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو
ساخفض العجز في الموازنة لكن لن امس بالصحة العامة".
وقال اليستر كامبل المتحدث السابق باسم توني بلير في صحيفة ذي تايمز
"لشخص (ديفيد كاميرون) يتباهى بانه معاصر وخبير في الاعلام والتواصل
كانت الدعاية قديمة ولم تصمد على مواقع تويتر وفايسبوك والمدونات
الخاصة السياسية".
ورد المحافظون بالاستعانة في نهاية اذار/مارس بخدمات شركة "ساتشي"
للاعلانات، المتخصصة في الحملات السلبية التي اختارت مهاجمة براون بشكل
مباشر.
وكانت هذه الشركة ساعدت مارغريت تاتشر على الوصول الى سدة الحكم في
1979 بفضل حملة قوية اصبحت مشهورة مع شعار "الحزب العمالي غير فعال"
امام طابور طويل من الاشخاص ينتظرون امام مكتب للبطالة.
السعي لدور سياسي جديد في العالم
وفي استطلاع أجراه مركز أبحاث متخصص بالشؤون الدفاعية، قال 88 في
المئة من المختصين البريطانيين في الشؤون الامنية والدفاعية إن البلاد
بحاجة الى اعادة تقييم جذرية لدورها في السياسة العالمية.
وقد شارك في الاستطلاع الذي اجراء المعهد الملكي للخدمة العسكرية
اكثر من الفين من المنتسبين للسلكين العسكري والامني.
وقال 57 في المئة من الذين استطلعت آراؤهم إن العمليات الحربية التي
ينفذها الجيش البريطاني في افغانستان تعتبر اساسية من اجل ضمان امن
البلاد، بينما رفض ثلث المشاركين في الاستطلاع هذا الطرح.
وقد نشرت نتائج الاستطلاع عشية اجراء ثاني مناظرة انتخابية متلفزة
يشارك فيها زعماء الاحزاب السياسية الثلاثة الكبرى والتي سيكون محورها
السياسة الخارجية. بحسب رويترز.
وقال 58 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إن مصلحة بريطانيا تكمن
في استمرار العلاقة الخاصة التي تقيمها مع الولايات المتحدة على حساب
علاقاتها بشركائها الاستراتيجيين الآخرين.
وفيما يخص الاولويات الامنية للحكومة البريطانية المقبلة، قال اكثر
من 80 في المئة من الذين استطلعت آراؤهم إن مكافحة الارهاب ستظل المهمة
الاكثر الحاحا.
واتفق 53 في المئة من المشاركين في الاستطلاع مع الموقف المعلن
لحزبي العمال والمحافظين الداعي الى تجديد نظام ترايدنت النووي باعتبار
ان منافعه الامنية والسياسية تتخطى بوضوح كلفته المالية وثمنه
الدبلوماسي. الا ان ثلث المشاركين عارضوا هذا التوجه.
وتقول كارولين وايات مراسلة بي بي سي للشؤون الدفاعية إن الاحزاب
الثلاثة الرئيسية وعدت باجراء استعراض مفصل لاستراتيجية بريطانيا
الدفاعية بعد الانتخابات المقبلة المقرر اجراؤها في الشهر المقبل.
وسيكون من شأن هذا الاستعراض الوصول الى قرار حول الدور الذي ينبغي على
البلاد الاضطلاع به على المسرح الدولي.
ومن المقرر ان تستغرق مناظرة اليوم الخميس - والتي ستدور في مدينة
بريستول غربي انجلترا - 90 دقيقة.
وكان زعيم حزب الديمقراطيين الاحرار نك كليج قد فاز في المناظرة
الاولى التي جرت في الاسبوع الماضي والتي تمحورت حول القضايا الداخلية،
حسب شريحة واسعة من الأي العام.
ويأمل الديمقراطيون الاحرار في ان تساعد مواقفهم المناهضة لغزو
العراق والمنتقدة لسير العمليات العسكرية في افغانستان في تغليب كفة
زعيمهم في مناظرة اليوم.
ولكن حزبي العمال والمحافظين يعتقدان ان موقف الديمقراطيين الاحرار
سيكون ضعيفا بسبب معارضتهم لتجديد الرادع النووي وسياساتهم الاوروبية.
الأسلحة النووية برنامج انتخابي..
ومن جهة أخرى قال أربعة من كبار القادة العسكريين السابقين ان
بريطانيا ينبغي ان تعيد النظر في قرار انفاق مليارات الدولارات على
تحديث اسلحتها النووية مؤيدين بذلك حزب الديمقراطيين الاحرار الذي قد
يمسك بميزان القوى بعد الانتخابات.
وكان البرلمان اعتمد قرار حكومة حزب العمال شراء منظومة جديدة من
الاسلحة النووية التي تطلق من الغواصات في عام 2007 لكن القرارات
المهمة المتعلقة بانفاق الاموال اللازمة أجلت الى ما بعد مؤتمر حظر
الانتشار النووي الذي يعقد في نيويورك الشهر القادم الامر الذي يلقي
عبء اتخاذ تلك القرارات على عاتق الحكومة المقبلة. بحسب رويترز.
وأكد حزبا العمال والمحافظون تأييدهما لاستبدال اسطول جديد من
الغواصات المسلحة نوويا بالاسطول الحالي الذي يبدأ خروجه من الخدمة في
عشرينات القرن الحالي.
لكن حزب الديمقراطيين الاحرار وهو حزب المعارضة الاصغر يعارض هذه
الخطوة قائلا انها قد تكلف البلاد 100 مليار جنيه استرليني (154 مليار
دولار) وهي تكلفة لا يمكن لبريطانيا تحملها وهي تسعى جاهدة لسد العجز
الضخم في الموازنة العامة.
ومع تقدم الديمقراطيين الاحرار في استطلاعات الرأي وتوقع ان تسفر
انتخابات السادس من مايو ايار عن نتيجة متقاربة قد يعتمد العمال أو
المحافظون على تأييدهم لتشكيل حكومة قادرة على الاستمرار. وقد يصبح
نظام ترايدنت الصاروخي ورقة للمساومة في مفاوضات تشكيل حكومة ائتلافية.
ويأتي تدخل القادة السابقين في الجدال في رسالة الى صحيفة تايمز
عشية المناظرة الثانية بين زعماء الاحزاب ضمن انشطة الحملة الانتخابية
يوم الخميس وستركز على قضايا الشؤون الخارجية والامن ومن بينها على
الارجح موضوع ترايدنت.
وقال القادة السابقون انه لمما "يبعث على أشد القلق" ان القرار
الخاص بالصواريخ ترايدنت لن يعاد النظر فيه في اطار مراجعة شؤون الدفاع
التي سيقوم بها كل من الاحزاب الثلاثة بعد الانتخابات.
واضافوا "قد يكون المال الذي سينفق على الاسلحة النووية الجديدة
مالا غير متاح لدعم قواتنا في الخط الامامي أو لاعمال مكافحة الارهاب
ذات الاهمية الحاسمة.. مالا غير متاح لشراء طائرات هليكوبتر أو مركبات
مدرعة أو فرقاطات أو حتى لدفع تكاليف مزيد من المناورات."
بحسب استطلاعين.. حزب العمال ثالثاً
وكشف استطلاعان للرأي نشرت نتائجهما ان حزب العمال البريطاني الذي
يتزعمه رئيس الوزراء غوردن براون يأتي في المرتبة الثالثة قبل نحو
اسبوعين من موعد الانتخابات المقررة في السادس من ايار/مايو المقبل.
وكشف الاستطلاعان ان الدعم الذي حصل عليه الحزب الليبرالي
الديموقراطي الذي يحل عادة في المرتبة الثالثة في بريطانيا، ازداد بشكل
كبير بفضل اداء زعيمه نيك كليغ خلال اول مناظرة تلفزيونية جرت بين
زعماء الاحزاب الثلاثة الخميس.
واكد استطلاع اجراه معهد "اي سي ام" لحساب صحيفة "ذي غارديان"
الثلاثاء هذا الاتجاه واشار الى تقدم الحزب الليبرالي الديموقراطي ب10
نقاط الى 30% من نوايا الاصوات في حين حصل حزب المحافظين على 33% (-4
نقاط) متقدما على حزب العمال (28% -3 نقاط).
وكشف استطلاع اخر اجراه معهد "اوبينيوم" لحساب "دايلي اكسبرس"
الاتجاه نفسه اذ حصل الحزب الليبرالي الديموقراطي على 29% (+12 نقطة)
بعد حزب المحافظين (32% -7 نقاط) ومتقدما على حزب العمال (26% -5
نقاط). بحسب فرانس برس.
ومن السيناريوهات المطروحة ان يحل حزب العمال في المرتبة الثالثة،
الا انه قد يحصل على عدد من المقاعد في مجلس العموم يفوق بمرتين عدد
نواب الحزب الليبرالي الديموقراطي الذي قد يحتل المرتبة الثانية من حيث
عدد الاصوات.
والنتائج المتقاربة بين الاحزاب الثلاثة قد تؤدي الى تشكيل برلمان
لا يتمتع فيه اي حزب بالغالبية المطلقة وحيث سيحاول الحزب الذي يحصل
على اكبر عدد من الاصوات، تشكيل ائتلاف او تحالفات آنية.
وتقدم الحزب الليبرالي الديموقراطي الذي حصل على نسبة 20% من نوايا
الاصوات قبل المناظرة التلفزيونية، يثير قلق المحافظين الذين كانوا
واثقين من العودة الى السلطة بعد ان كانوا في صفوف المعارضة 13 سنة. |