مساحيق التجميل ودورها في إخفاء الحقائق

تحقيق: عصام حاكم

شبكة النبأ: من مصر القديمة إلى حضارات الشرق الأقدم وصولاً للوقت الحاضر، وعلى الاختلاف والتباين بين الثقافات والاديان ومعايير القوة والتطور اهتمت كل الحضارات باللمسة الجمالية للجسم عامة وتفاصيل الوجه خاصة، وبالكلام عن تفاصيل الوجه فكل الحضارات كانت تستعمل قضايا جمالية كالتلوين والوشم ورسم اشكال وخطوط ذات مدلولات دينية او اجتماعية، أضف الى ذلك لبس الاقراط في الاذنين ووضع السلاسل المصنوعة من المعادن الثمينة والحجارة الكريمة.

 وقد استعملت المرأة العربية الكحل والحناء والوشم والتطيب بالعطر والمسك منذ القدم ولحد الساعة وما زالت النساء العربيات يستعملن الكحل كزينة للعين ويتفنن في زخرفة الحناء على الايادي والارجل.

وتطورت مساحيق التجميل واستقت تطورها من كل تلك العصور حتى تولد عندنا آلاف الانواع من المساحيق والكريمات والوصفات الطبيعية والصناعية التي صارت في كل بيت، وشغلا شاغلا لكل النساء وكثير من الرجال وارتبطت ارتباطا وثيقا بالمودة، وصار لكل موقف الوانه الخاصة ولكل فصل مساحيقه الخاصة فبين الربيع الفاتح والصيفي الصارخ والشتوي الباهت، وبين مساحيق الاعراس ومساحيق الجنائز ومساحيق الجلسات الرسمية ومساحيق التجميل اليومي وغيرها من المناسبات...

أبعاد إنسانية

علي محمد، فنان تشكيلي، يصور حالة مساحيق التجميل والمبيضات على أنها وسيلة لإخفاء الحقائق ويقول،" عند الوصول لمرحلة الخطوبة والزواج فما تراه امامك ليس بالصورة الحقيقة لزوجة المستقبل، ما تراه هو صورة أو لوحة فنية قد تختلف كل الاختلاف عن الواقع، فاليوم بواسطة كريمات الاساس يتم ملء كل التشوهات من فراغات وجراح وحب وغيرها فيصير مصقولا تماما وابيض تماما كانه ورقة بيضاء فان وضعتها امام يد فنان خبير فانه يرسم لك احلى اللوحات، غير انك بعد ايام قلائل حين تتوقف المرأة عن وضع الزينة بالبيت تصطدم بشىء اخر لم تكن تتوقعه وتصاب بإحباط".

ويضيف علي لـ (شبكة النبأ المعلوماتية)،" قرأت كثيرا في الجرائد عن زيجات أُلغيت بعد ان اكتشف الزوج أن الزوجة ليست بذلك الجمال الذي راه يوم الخطبة او العرس، بل ربما وجدها تفتقر لاي جمال طبيعي وان مساحيق التجميل كانت كقناع تلبسه والان قد خلعته لشدة الفرق بين الصورتين الملونة والطبيعي.

سناء تباني، إعلامية، تصوِّر حالة التنقل بين مساحيق التجميل" شيىء طبيعي ومألوف لدى النساء بفعل التطور الحاصل في مستحضرات الزينة، ولكن يبقى الامر في حدود المعقول والطبيعي والمبالغة في المستحضرات يعطي أنعكاس مغايير لاصل فكرة التجمل ويعتبر تزييف للحقائق فلا ينبغي التمادي في وضع مساحيق التجميل كالمبيضات.

فيما يشكو غيلان كاظم، صاحب محل كماليات من" قلة الاقبال على شراء مواد التجميل هذه الايام بسبب توفر أسواق الجملة في كل مكان، وان الاسعار عندهم تكون متهاودة نسبيا مما يمهل النساء فرصة التبضع من تلك الأسواق".

ويضيف غيلان لـ (شبكة النبأ المعلوماتية)،" بخصوص الإقبال على مستحضرات التجميل فهناك اقبال واسع وغير طبيعي وخصوصا على كريمات الميزولين وكريم ديال والمايسه والعطور وأقلام الشفاه بأنواعها وقلم الظلال للحاجب حيث يعطي للحاجب لون زاهي وقد لا يقتصر استخدام المساحيق على فئات محددة من النساء بل جميعهن  يستخدمن مساحيق التجميل والمبيضات وحتى بعض العجائز".

إسراء جميل، طالبة، تصور العملية بأنها" ذات أبعاد أنثوية خالصة لاسيما وان مساحة التاثير اليوم تتسع بفضل الفضائيات وما تروج له من مشاهد خلابة في أطار التنافس النسائي وهذا مما خلق فسحة كبيرة من اجل ان تتصاعد وتيرة الايقاع التجميلية بالنسبة لشريحة النساء على حساب كمية المواد التجميلية المصروفة والمعطرات والشامبو".

ويصِف تاجر الجملة ابو مصطفى حالة الطلب على انها" تتراوح ما بين الشباب المراهقين وحاجتهم الى انواع معينة من المستحضرات كالجِل والمبيضات وتفتيح البشرة لجعلها اكثر صفاءا ونقاءا".

ويضيف ابو مصطفى لـ (شبكة النبأ المعلوماتية)،" اما بالنسبة للعنصر النسائي فتتدخل في عملية اختيار المساحيق الأعمار وتفاوتها والاذواق المختلفة، فالنساء الكبار مثلا يرغبن في استعمال المبيضات ومعالجة التجاعيد اما الشابات فهمهن الاول ينحصر في كيفية جعل البشرة بيضاء حيث تتصدر قائمة الطلبات المبيضات والمرطبات والعدسات اللاصقة وكل انواع التجميل الاخرى واقلام الشفاه والحواجب وهناك انواع معينة من المبيضات تشمل الجسم ايضا".

وجهة نظر طبية

من الناحية الصحية يبين الدكتور احمد العلي اخصائي الامراض الجلدية،" ان من ضمن الكريمات المبيضة وبحسب الكشف العلمي لعدد من السيدات يؤثر على الجلد سلبيا".

ويبين،" مبدأ الخطورة في هذه الكريمات هو ان تركيزاتها العالية تسمح بنفاذها للجلد بشكل أقوى، بهدف الوصول لنتيجة سريعة. محذرا من خطورة استخدامها.

ويتابع،" الامر مرتبط بحسب طبيعة لون البشرة المائل الى السُمرة وهو ما تتميز به الكثير من الفتيات والنساء العراقيات لطبيعة مناطقنا الحارة، فذلك جعلهنّ عرضة لاستخدام هذه المساحيق بصورة متواصلة".

مضيفا لـ (شبكة النبأ المعلوماتية)" إن مسامات الجلد ومع مرور الوقت تصبح أكثر امتصاصا لهذه المستحضرات مما يشكل خطورة بالغة عند اختراقها للجلد ودخولها لجسم الانسان.

وطالب الدكتور العلي جهات الرقابة" بتكثيف الحملات التوعوية التي تحذر من خطورة العديد من المستحضرات التجميل المخالفة للمواصفات والمقاييس". مؤكدا بأن الاستخدام المفرط وعدم الانصياع للتوجيهات الصحية له اثار كبيرة حيث يودي امتصاص المستحضرات التجميل الى داخل الجسم عن طريق الجلد الى تاثير مباشر على القلب والكبد والكلى  ولو دققنا اكثر فان بعض الهرومونات الدوائية يمكن تعاطيها بصورة كريمات تدهن بها مناطق معينة في جلد الانسان لتؤدي تاثيرتها على الهرومونات داخل جسم الانسان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 27/نيسان/2010 - 12/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م