تنظيم الشباب رافد من روافد قوة المسلمين

رؤى من أفكار الامام الشيرازي

 

شبكة النبأ: انشغل المفكرون والمصلحون كثيرا بالجانب التنويري الذي يؤدي الى تطوير أممهم ومجتمعاتهم، وكان لهم قصب السبق دائما في رصد الاخطاء وكشفها وتحليل اسبابها ثم وضع الحلول اللازمة لمعالجتها وتجاوزها، بل أن كثيرا من العلماء تمكنوا من تحويل هذه الاخطاء المجتمعية الى نجاحات راسخة بجهدهم وفكرهم الخلاق الذي استطاع أن يسلط الضوء الكافي على تلك الاخطاء ثم يضع لها المعالجات الصحيحة التي تقضي عليها او تحد منها في أضعف الايمان.

ومن بين هؤلاء المصلحين والمفكرين، المرجع الديني الراحل آية الله العظمى الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله)، فقد انشغل كثيرا في رصد الاخطاء المجتمعية وغاص عميقا في تحليلها ثم وضع لها الحلول التي يمكن أن تشكل علاجا ناجعا لها، وقد ركّز (رحمه الله) في كثير من مؤلفاته على الاسباب التي كمنت وراء تراكم القوة لدى الغرب مقابل ضعفها لدى الامة الاسلامية، وكان تركيزه على فئة الشباب واضحا.

فقد نبّه سماحته بصورة متواصلة على أهمية الشباب وأهمية تنظيمهم وإعطائهم فسحة الحرية اللازمة للابداع ومواكبة أفكارهم وتطلعاتهم ومسيرتهم وتنويرهم على المغريات الكثيرة التي تنطوي عليها زوايا الحياة وضرورة تنبّه الشباب لها ودفع افكارهم وطاقاتهم نحو الجانب الأهم الذي يعمق تجاربهم ويحيلها الى ركائز قوة للامة والمجتمع، وقد قال الامام الشيرازي (رحمه الله) بهذا الصدد في كتابه الثمين الموسوم بـ (موجز عن النهضة الحسينية):

(يلزم علينا حد الإمكان تنظيم الشباب المسلم، هذه القوة العظيمة في كافة البلاد الإسلامية، عن طريق ملايين المنابر ومجالس الوعظ والخطابة، وتوزيع الكتاب وأشرطة الكاسيت، وإرشادهم نحو التطور والاكتفاء الذاتي في كافة المجالات).

وركز الامام (رحمه الله) على أهمية عدم إتخاذ الغرب كنموذج يُحتذى به، واللجوء الى نبعنا الاسلامي الثر ومنهلنا الذي لاينضب، وأكد الامام على أهمية قوة الاقتصاد والاكتفاء الذاتي إذ قال سماحته في كتابه نفسه:

يجب (أن لا نستورد شيئاً من الشرق ولا الغرب، و-ينبغي- تشكيل السوق الإسلامية المشتركة، وبذلك يمكن القيام بتأمين وإنتاج كافة احتياجاتنا من البلاد الإسلامية.

يقول أمير المؤمنين علي –عليه السلام- : إحتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأفضل على من شئت تكن أميره).

وهنا لابد من الاشارة الى الربط بين أهمية تنظيم الطاقات الشبابية وسلامة الاقتصاد وقوته وضرورة تعبئة هذه الطاقات على نحو سليم لكي تسهم في تدعيم الاقتصاد الذي يشكل عصب الحياة والرافد الأقوى لعناصر تقدم وتطور المجتمع الاسلامي وغيره.

إن البطالة الكارثية التي تستشري في صفوف الشباب المسلم تشكل إحدى العلل والامراض التي تنخر في جسد هذا المجتمع وإن الفوضى التي يتم التعامل بها مع هذا الواقع تزيد من الامر سوءً وهذا ما أكد عليه الامام الشيرازي وما قصده بضرورة تنظيم طاقات الشباب وحراكهم وحماستهم لكي تتضافر جميعا وتصب في تقوية المسلمين، كما سبقتهم الى ذلك أمم وشعوب أخرى.

وهنا يعرّج الامام الشيرازي في كتابه هذا على أسباب قوة الغرب وكيف تحقق وهو بذلك يضع إصبعه على مكمن الجرح ويدعوا المسلمين الى التنبّه لهذه الاخطاء الفادحة، وقد أوجز الامام (رحمه الله) أسباب قوة الغرب بالنقاط التالي:

(أولاً: تجمع الثروة من عدة قرون ماضية، فثروة السيطرة على العبيد ثم ثروة الأراضي والإقطاع، ثم إلى الرأسمالية، وأخيراً احتكار الاقتصاد والأموال.

ثانياً: إضاعة وسرقة الحقوق والمصادر الطبيعية للعالم الثالث.

ثالثاً: تشكيل أكبر قوة عسكرية على مستوى العالم، فمثلاً تملك أمريكا فقط ما بين ألفين وخمسمائة إلى ألفين وثمانمائة قاعدة عسكرية في العالم .

رابعاً: التطور السريع للتكنولوجيا والصناعة.

خامساً: إغفال الشباب –للشعوب الاخرى- من الجنسين بواسطة استعمال المواد المخدرة وإشاعة الفحشاء والمنكرات وبيوت الدعارة فيما بينهم.

هذه العوامل اجتمعت في الغرب وسببت سيطرتهم على الشعوب).

إذن فقد استخدم الغرب ورقة الشباب المسلم من اجل مراكمة عناصر القوة لديه مقابل إضعافها لدى المسلمين، لذا يطالب الامام الشيرازي (رحمه الله) بتنوير شريحة الشباب وإعطاء الاهمية القصوى لها من لدن الجهات المعنية رسمية أو غيرها ويدعو الامام الى وجوب انتهاج السبل كافة من اجل توعية الشباب والاستفادة من طاقاتهم المتنوعة الى اقصى حد، ويحذر من البقاء تحت سطوة الأمم المتقدمة الأخرى قائلا في كتابه المذكور نفسه:

(على مسلمي العالم أن يدركوا هذا الأمر فإنهم ما داموا بحاجة إلى الشرق أو الغرب فهم أسراؤهم).

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 20/نيسان/2010 - 5/جمادى الأولى/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م