الرسائل المجهولة... وخطر الاستدراج

النقابة تندد وتطالب صحفيوها بالحيطة والحذر

عدسة وتحقيق: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: في خضم الظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق، خصوصا الأجواء السياسية والاجتماعية التي أعقبت عملية التغيير القسري للنظام السياسي، تلوح في الأفق الكثير من محاولات التأثير والإرباك لجهات وأطراف خارجية، تسعى وحسب رأي المتابعين إلى النيل من جهود أبناء المجتمع العراقي في الارتقاء بديمقراطيتهم الفتية.

الاستدراج عبر الرسائل الالكترونية

وأبدى العديد من الصحفيين وكتاب الرأي العراقيين، ارتيابهم من نوع وكثرة الرسائل التي تتوافد بغزارة غير مسبوقة على بريدهم الالكتروني من قبل شخصيات وأسماء مجهولة، موجهة بشكل منظم ومستمر، وتحت عناوين إنسانية وحقوقية مريبة، فيقول الكاتب الصحفي سلام البناي، "هناك عدد من الرسائل التي تردني عبر البريد الالكتروني، غير معلومة المصدر، أو أنها تصل من عناوين وأسماء لا اعرفها".

وعن فحوى الرسائل التي تصله يقول البناي لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "غالبا ما تكون تلك الرسائل مبطنة بجمل ملتوية هدفها تشويه العملية السياسية في العراق، والنيل من بعض الشخصيات الوطنية".

ويشير البناي، "عندما احلل فحوى مطالبهم أجدها مجرد تحريض غير مباشر ضد السلطة والحكومة، ناسبين لها جرائم وانتهاكات مفبركة تقوم بها ضد المدنيين العزل".

ويضيف، "اشعر أن الغرض من إرسال تلك الرسائل وبتلك الطريقة الملحة، هو استدراج بعض الكتاب والمثقفين وقادة الرأي".

أجندات مكشوفة

من جهته يلفت الصحفي صباح جاسم خلال حديثه إلى الغموض الذي يكتنف من يقف وراءها، مشككا في حقيقة ما يدعيه مرسليها فيقول، "تتربص العديد من الجهات والمنظمات الإرهابية والبعثية بأسس الديمقراطية الجارية في العراق من خلال خلط الأوراق والالتفاف بعناوين إنسانية، حيث أصبحت قضية حقوق الإنسان وحرية الرأي اليوم من أكثر القضايا حساسية لارتباطها بجوانب سياسية واجتماعية بل وأمنية في مناطق النزاعات التي قد يستغل فيها الظالم كما المظلوم شمّاعة حقوق الإنسان ليتعلق بأطرافها من أجل الوصول لمبتغاة".

ويضيف صباح لـ شبكة النبأ،" كواحد من العديد من الذين تسلموا مثل تلك الرسائل، لا أستطيع الجزم بأن ما تحت هذه العناوين يحمل مصداقية أو يرقى لأن يكون قضية تستوجب التعاطف معها، بسبب أن الجهات التي ترسل هذه الرسائل مشبوهة وغير معروفة على وجه التحديد، ولا يمكن الوثوق بالمؤشرات التي تنطلق منها".

فترة ما قبل الانتخابات

إلى ذلك يؤكد الكاتب والقاص علي حسين عبيد إن تلك الرسائل كانت تتوافد على بريده الالكتروني بشكل يومي في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية فيقول، "كنت أجد يوميا في بريدي عشرات الرسائل، بعناوين ومقدمات شخصية، إلا إنها انقطعت خلال هذه الفترة؟".

ويشير، "اعتقد إن توقيت إرسالها لم يكن عفويا، بل يثير الكثير من علامات الاستفهام سيما إنها كانت ترسل قبيل وأثناء الانتخابات البرلمانية العراقية". 

ويضيف عبيد لـ شبكة النبأ، "في كل الحالات كنت لا أكلف نفسي عناء قراءتها، فكان مصيرها الإهمال كونها لا تستحق التعامل معها تحت أي مبرر كان".

النقابة تحذر

من جهته حذر ممثل نقابة صحفيو كربلاء الأستاذ نعمة عبد الكريم من استدراج الصحفيين الشباب وكتاب الرأي من بعض الجهات الخارجية عبر أساليب خطرة فيقول، "ادعوا مختلف صحفيونا الحيطة والحذر، وعدم الانسياق أو الانخداع بمثل تلك الرسائل، سيما أن من يقف ورائها جهات غامضة ومشبوهة، تسعى إلى إلحاق الضرر وتشويه النظام الديمقراطي، عبر تمرير أجندة مشبوهة".

ويرى عبد الكريم، "الشعب العراقي بات مدركا لحقيقة تلك المساعي الخبيثة، ويدرك إن الغرض منها ترويج الإشاعات وإثارة البلبلة والانقسام بين أبناء المجتمع، وهو لون من ألوان الإرهاب الفكري تتعرض له النخب المثقفة".

في السياق ذاته يرى أستاذ القانون في جامعة كربلاء الدكتور ضياء عبد الله إن لا إشكالية قانونية في التواصل والتعامل مع الأفراد أو المنظمات الحقوقية والإنسانية محلية كانت أم خارجية، فيقول لـ شبكة النبأ، "نصت المادة (40) من الدستور العراقي لعام 2005 على حرية الاتصالات والمراسلات البريدية والبرقية والهاتفية والالكترونية وغيرها، ولا يجوز مراقبتها أو التنصت عليها أو الكشف عنها، إلا لضرورة قانونية وأمنية،وبقرار قضائي".

إلا إن ضياء يلفت إلى ضرورة الحذر من بعض المنظمات الإرهابية التي تتستر بعناوين إنسانية فيقول، "لكن يجب أن لا تفهم تلك الحريات بأنها مطلقة وغير مقيدة بقيود أو شروط، وهو ما يفهم من سياق النصوص الدستورية  سالفة الذكر التي قيدت تلك الحريات، بقيدين ضروريين هما، أولا النظام العام والآداب، وثانيا الضرورات القانونية والأمنية".

ويسترسل قائلا، " القانون العراقي يحضر الاتصال بالمنظمات الإرهابية والمعادية للنظام السياسي القائم في البلاد، سيما من تم تصنيفها بالإرهاب دوليا أم محليا، خصوصا من كانت لها علاقات وثيقة مع فلول حزب البعث أولا زالت تتعاون معه، مثل منظمة مجاهدي خلق، والتي يجرم الدستور التعامل معها أو الترويج لأفكارها".

ويختتم أستاذ القانون حديثه لـ شبكة النبأ قائلا، "خلاصة الأمر يجب أن يتنبه الإعلامي أو الكاتب أو حتى المواطن البسيط إلى مثل هكذا إشكاليات قد يساء فهمها، وقد تقوده إلى الوقوع تحت طائلة القانون كون التعامل مع مثل تلك المنظمات قد يوقع أصحابها في مطبات أو منزلقات قانونية لا تحمد عقباها".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/نيسان/2010 - 26/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م