تأخّر تشكيل الحكومة العراقية واحتمالات الصراع الشامل

رسائل دموية تقوّض الإنجازات وتعيد شبح الفتنة الطائفية

 

شبكة النبأ: يبدو أن سلسلة التفجيرات التي ألقيت مسؤوليتها بشكل كبير على القاعدة استهدفت إعادة العراق إلى حالة الصراع الشامل في لحظة حرجة يتصارع فيها الساسة العراقيون على السلطة بعد انتخابات برلمانية غير حاسمة.

فالصراع السياسي الذي امتد لخمسة أشهر قبل تشكيل الحكومة بعد الانتخابات السابقة في أواخر عام 2005 مهد المسرح للمذبحة السنية الشيعية التي زلزلت العراق في عامي 2006 و2007.

ولم تسفر الانتخابات التي أجريت في السابع من مارس اذار هذا العام عن فائز واضح مما يثير مخاوف من أن فترة طويلة من الفراغ السياسي قد تشجع اراقة الدماء. وحتى هذه اللحظة فان الفصائل الرئيسية تتحاور ولم تتبادل بعد اطلاق الرصاص.

وقال توبي دودج خبير الشؤون العراقية بجامعة كوين ماري في لندن "هذا ليس انزلاق الى الحرب الاهلية كما كان الوضع في عامي 2005 - 2006 بعد" مضيفا أن قوات الامن العراقية الان أكثر قوة. وأضاف "في اللحظة الراهنة يبدو كما لو أن الجيش العراقي لديه القدرة على ابقاء سيطرته على الميليشيات."

وهذا الوضع قد يتغير اذا انتشر العنف وخرجت الخلافات السياسية عن السيطرة وبدأت قوات الامن في التشرذم في غياب مؤسسات قوية للدولة.

وقال يوست هيلترمان نائب مدير قسم الشرق الاوسط في المجموعة الدولية لمعالجة الازمات "هكذا سنكون في وضع خطر شبيه بالوضع قبل الحرب الاهلية." وأضاف "لن تكون الحرب الطائفية نفسها التي شهدناها في السابق وانما ستكون بين جماعات مختلفة. قد تتطور الى قوة طائفية محركة ولكنها ليست بالوضوح الذي كانت عليه انذاك."بحسب رويترز.

ولا يوجد دليل على أن القاعدة هي التي نفذت الهجمات التي أدت الى سقوط أكثر من 100 قتيل منذ يوم الجمعة الماضي ويتبنى بعض العراقيين نظريات أكثر سوداوية تشير الى سياسيين كبار.

وأنحى المتحدث باسم الخطة الامنية في بغداد باللائمة على فلول القاعدة ومؤيدي صدام حسين الرئيس العراقي الذي أطيح به.

ويناسب الاختيار المتباين للاهداف أهداف الجماعة السنية المتشددة لاشعال حرب أهلية واثبات عجز الدولة العراقية فيما تستعد القوات الامريكية للانسحاب من العراق.

وقال عالم الاجتماع العراقي فالح عبد الجبار ان مرتكبي الهجمات الاخيرة المحتملين كانوا يوجهون ثلاث رسائل مرتبطة باستراتيجية تستهدف اشعال القتال الطائفي من جديد.

وقال الاكاديمي المقيم في بيروت "بالنسبة للصحوة كانت رسالة انتقام.. تبلغهم بالعودة الى العمليات المسلحة لان الحكومة لا تستطيع حمايتهم أو أن تدفع مرتباتهم.

"والرسالة الاقليمية والدولية كانت موجهة الى ايران والعالم العربي وأوروبا وهي أنه لا يتعين عليكم تأييد هذه الحكومة أو التعامل معها لاننا هنا لتقويض استقرار أي شيء.

"والرسالة الموجهة للحكومة هي أنه ليس في وسعكم حماية الشعب وانجازاتكم الامنية أضغاث أحلام."

وقارن عبد الجبار بين الوضع القائم وانزلاق العراق السابق الى الحرب الاهلية ولكن في ظل تعقيدات تحدت أي تعريف بسيط فيما يتعلق بالاستقطاب السني الشيعي.

وقال "هناك أربعة فصائل شيعية لكل منها برنامجه وجذوره الطبقية وقيمه الثقافية وطموحاته السياسية." وأضاف "التكتل السني غير موجود."

ولكنه استطرد قائلا ان كثيرا من السنة صوتوا لحلفاء أياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق وهو شيعي علماني ومن الخطأ اعتباره صوت للسنة الذين كانوا مهيمنين في العراق في عهد الدكتاتور صدام حسين.

ولكن دودج قال ان التوترات الطائفية قد تحتدم اذا استبعدت الفصائل الشيعية علاوي من حكومة ائتلافية مما يعني تهميش الناخبين السنة الذين يتطلعون الى حصة أكثر انصافا في السلطة.

وقال دودج انه اذا حدث ذلك فان العراق "سيمضي بعيدا عن المصالحة ويعود الى حالة أشد من عدم الاستقرار الاقليمي."

ويجب على هؤلاء الفرقاء التوصل الى اتفاقات لتشكيل حكومة اتئلافية تتوافر لها مقومات البقاء اذا كان للعراق أن يعمل على تقوية مكاسبه الامنية المهتزة ويستفيد من موارده النفطية الهائلة ويعيد بناء اقتصاده. والى أن يفعلوا ذلك فان الغموض السياسي سيكون فرصة يتعين على القاعدة وحلفائها استغلاله.

موجة عنف بالتزامن مع ولادة عسيرة للحكومة

يشهد العراق موجة جديدة من أعمال العنف ارتفعت حصيلتها خلال خمسة أيام فقط إلى نحو مائة قتيل، وتؤشر إلى تراجع ملحوظ في الوضع الأمني. ويتساءل المراقبون عن مدى علاقة أعمال العنف بالمشاورات الصعبة لتشكيل حكومة جديدة.

 يرصد المتتبعون لأوضاع العراق تزامن تصاعد أعمال العنف مع المفاوضات الصعبة التي تخوضها الكتل السياسية من أجل تعيين رئيس وزراء وتشكيل ائتلاف جديد بعد مرور حوالي شهر على الانتخابات التشريعية التي أفرزت تقاربا في نتائج بعض القوائم الأمر الذي يجعل ولادة الحكومة الجديدة أمرا عسيرا.

وتعتبر موجة أعمال العنف الحالية الأسوأ من نوعها بعد عامين من تحسن الوضع الأمني في العراق، وبرأي الدكتور بيتر هارلينغ الخبير في الشؤون العراقية بـ "مجموعة الأزمات الدولية" (مقرها بروكسيل) فإن "أعمال العنف مرتبطة إلى حد كبير بصراع القوة بين أطراف العملية السياسية داخل العراق أكثر من ارتباطها بأطراف أجنبية".

من يقف وراء موجة العنف الجديدة؟

تكشف أعمال العنف التي يشهدها العراق في الآونة الأخيرة تعددا في المواقع التي تستهدفها، فقد شملت العاصمة بغداد ومناطق سنية شمال البلاد بالإضافة إلى مواقع شيعية في الجنوب، وهو ما يجعل عملية تحديد الجهات المستهدفة أو الأطراف المستفيدة من هذه العمليات الإرهابية "أمرا صعبا" كما يقول الخبير الفرنسي في الشؤون العراقية بيتر هارلينغ في حوار مع دويتشه فيله (الاذاعة الالمانية). لكن هارلينغ يلاحظ وجود "تزامن بين موجة أعمال العنف ومرحلة معينة من مشاورات تعيين رئيس وزراء وتشكيل حكومة جديدة"، مشيرا أن فترة الانتخابات لم تشهد أعمال عنف بنفس درجة القوة التي تتسم بها العمليات التي يشهدها العراق حاليا.

ويرجح الخبير هارلينغ فرضية أن "الهجمات الحالية تقف وراءها أو تستفيد منها على الأقل أطراف من داخل العملية السياسية" معتبرا أن عمليات العنف تتم "في سياق علاقات القوة بين أطراف مختلفة وفاعلة في العملية السياسية". وفي رده على سؤال حول الكيفية التي يجري من خلالها توظيف أعمال العنف من قبل الأطراف السياسية أشار هارلينغ إلى أن الأشهر السابقة للانتخابات شهدت عمليات اغتيال لشخصيات سياسية عديدة "وهو ما يدفع للاعتقاد بأن عمليات من تلك النوع كانت تستهدف ضرب شرعية وشعبية رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي" وأضاف "والآن نحن مجددا أمام تفجيرات عمياء تقتل المدنيين ولكنها تحمل في نفس الوقت رسائل سياسية في إطار علاقات القوة بين أطراف العملية السياسية".

أدوار خارجية أم معادلة داخلية

ولكن إلى أي مدى يمكن ترجيح فرضية استخدام العنف كوسيلة ضمن صراع القوة بين الأطراف الداخلية للعملية السياسية، في ظل التداخلات الكثيرة التي يتعرض لها العراق من أطراف أجنبية ودول جوار؟ بالنسبة لوزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري فإن الهجمات الإرهابية التي يشهدها العراق تحمل بصمات تنظيم القاعدة "على الأرجح رغم أنه يفضل انتظار التحقيقات". وحول خلفيات هذه الهجمات قال زيباري "إن الهجوم سياسي هدفه إخراج العملية عن سكتها وإرسال رسالة مفادها أن الإرهابيين لا يزالون يعملون في ظل الفراغ السياسي" الذي نتج عن تأخر تشكيل الحكومة.

أما الخبير بيتر هارلينغ فيلاحظ أن عددا من المسؤولين العراقيين وكذلك الأميركيين "لديهم لحد الآن توجه لتحميل مسؤولية أعمال العنف لأطراف خارجية تتدخل في العراق وتسعى لإرباك العملية السياسية"ويعتقد هرلينغ أن "هنالك بالفعل تدخلات خارجية لكنها تعتمد على ديناميات داخلية" موضحا أن "هذه الديناميات معقدة جدا بشكل يجعل من الصعب على دول مجاورة الاعتماد على دعامات داخل النظام السياسي العراقي". ولذلك يستنتج الخبير الأوروبي قائلا "من المهم جدا أن نركز أولا على الديناميات الداخلية أكثر من فاعلين خارجيين يمكنهم توظيف الحالة الداخلية".

"العراق بلد فيه يحسم صراع القوة بواسطة العنف"

وحول تحليله لاحتمالات تطور الأوضاع السياسية في العراق يرى الخبير هارلينغ بأن "الوضع في العراق حاليا يكتنفه الغموض"موضحا بأن المرشحين الحاليين لمنصب رئيس الوزراء، حصلا على نتائج متقاربة جدا، فإياد علاوي حصل على 91 مقعدا متقدما بمقعدين على منافسه الرئيسي نوري المالكي الذي حصل من جهته على عدد أصوات ناخبين أكبر، وتواجه كليهما "صعوبات كبيرة" تكمن برأي الخبير الأوروبي في أن"لا أحد منهما يتوفر على المصداقية الحقيقية لتولي رئاسة الوزراء ، فالمالكي المنتهية ولايته لديه عداوات كثيرة داخل العراق وفي دول الجوار، فهنالك فيتو عليه من التيار الصدري داخل العراق وكذلك من السعودية وسوريا". وأضاف بأن علاوي "ينظر له على أنه يفتقد الشرعية لدى الشيعة وأن انتخابه معتمد بالأساس على أصوات السنة، وهو مدعوم من دول عربية مثل السعودية وسوريا، وسبق له أن اتخذ مواقف صارمة جدا ضد إيران، واعتقد أنها ستضع عقبات كبيرة في سبيل محاولته بناء ثقة مع إيران".وحول توقعاته لمآل الصراع بين المالكي وعلاوي قال هارلينغ "رغم كونهما مرشحين قويين جدا فهما يواجهان في نفس الوقت استحالة تولي أي منهما منصب رئيس الوزراء، وهما يخوضان صراع قوة من الصعب جدا تسويته في بلد تحسم فيه صراعات القوة بواسطة العنف".

رجل أمن مسلح لكل سبعة مواطنين

وأثارت موجة أعمال العنف التي تجتاح العراق حاليا تساؤلات حول مدى مسؤولية الأجهزة الأمنية العراقية، وهل هي ضعيفة في ظل تراجع الدعم الميداني والاستخباراتي الذي تقدمه لها القوات الأميركية التي تستعد بدورها لخفض عددها إلى 50 ألف جندي بحلول نهاية يوليو/ تموز المقبل وبانسحابها الشامل نهاية العام المقبل.

وبرأي هارلينغ فإن الأجهزة الأمنية العراقية "ليست ضعيفة" موضحا أنها "تتوفر على إمكانيات ضخمة من العتاد والعدد" وأضاف "إذا أخذنها بعين الاعتبار المكونات المختلفة للأجهزة الأمنية من جيش وشرطة وأجهزة أمنية مختلفة وعناصر ميلشيات تم إدماجها، فيمكن أن يناهز عدد العاملين بها حوالي مليون شخص مسلح، أي بمعدل رجل أمن مسلح على كل سبعة مواطنين (في سن الرشد) أي أن معدل الذين يعملون في سلك أمن الدولة مرتفع جدا  كما أن الأجهزة الأمنية لها صلاحيات واسعة وخصوصا فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب". لكن الأجهزة الأمنية العراقية ، كما يقول الخبير الأوروبي "تخترقها عقليات طائفية وانقسامات في ولاءات أفرادها وينخرها الفساد بشكل كبير".

ويخشى المراقبون تطور أعمال العنف إلى دوامة جديدة من العنف الطائفي الذي شهده العراق خلال الأعوام التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، ويذكر أن عدد التفجيرات التي شهدها العراق منذ عام 2003 إلى نهاية العام الماضي ناهزت ألفين تفجير نفذ حوالي 37 في المائة منها عبر عمليات انتحارية، حسب إحصاءات لمعهد بروكنز للدراسات الأميركي في واشنطن.

واشنطن بوست: القاعدة تسعى لإشعال حرب طائفية

من جانبها رأت صحيفة واشنطن بوست ان “القاعدة” تسعى لاستغلال حالة الالتباس الراهنة في العراق لتبدأ حربا طائفية، فيما يحث مسؤولون امريكيون السياسيين العراقيين على عدم استغلال الوضع واطلاق تصريحات سياسية نارية.

وذكرت الصحيفة ان “مسؤولين امنيين قالوا ان سلسلة مما لا يقل عن سبعة تفجيرات اجتاحت احياء شيعية فقيرة في العاصمة العراقية امس الثلاثاء، قتلت على الاقل 35 شخصا وجرحت على الاقل 140 اخرين”.

رئيس القسم السياسي في السفارة الأميركية، غاري غرابو، قال للصحيفة ان المسؤولين الامريكيين يحثون “كل الاطراف الى تجنب التصريحات او الافعال التحريضية” وعدم استعمال “هذه الهجمات في الإدلاء بتصريحات سياسية.”

وبالفعل، كما تقول الصحيفة، أطلقت كتلة اياد علاوي، التي فازت بالأغلبية في البرلمان العراقي، تصريحات نارية ملقية باللائمة على رئيس الوزراء نوري المالكي، لفشله في وقف العنف. وكلاهما، علاوي والمالكي، يسعيان للفوز بما يكفي من الحلفاء لتأمين هذا المنصب في الحكومة.

اما المالكي، كما تتابع الصحيفة، فقد أصدر بيانا امس الثلاثاء قال فيه ان خطة وضعت “لمضاعفة” الأمن في منطقة بغداد، مضيفا “كما أدعو جميع الأطراف والقوى السياسية لتوحيد الصفوف والوقوف إلى جانب الأجهزة الأمنية وعدم صب الزيت على النار.”

ورات الصحيفة ان “الهجمات زادت من مخاوف من محاولات الجماعة السنية المتطرفة، القاعدة، استغلال حالة الالتباس في أعقاب انتخابات 7 من اذار مارس البرلمانية، وبدء حرب طائفية. واضافت ان العراق قد استهلك بسبب العنف الطائفي خلال فراغ السلطة الذي حدث بعد انتخابات كانون الاول ديسمبر من العام 2005.”

وكان مسؤولون في المخابرات الامريكية، كما تذكر الصحيفة، اعلنوا قبل عامين عن هزيمة هذه المجموعة المسلحة. وقال بروس ريدل، وهو ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية CIA والمساعد الخاص السابق في البيت الابيض في شؤون الشرق الاوسط، ان الهجمات الأخيرة قد تعكس “انتعاشا تدريجيا” لمجموعة القاعدة، و “لا تعني العودة إلى وضعها الذي كانت عليه في العام 2006، لكنها عودة من دركها الاسفل الذي هبطت اليه في العام 2008.”

مسؤولون استخباريون اخرون، سابقون وحاليون، وخبراء في مكافحة الارهاب، راوا ان العنف قد يعكس ببساطة محاولة جديدة من جانب قادة مجموعة القاعدة لاستغلال الانقسامات بعد الانتخابات. ويقول بروس هوفمان، وهو خبير في مكافحة الارهاب بجامعة جورجتاون، “انك لا تحتاج الا لحفنة من العناصر والمواد المتفجرة، كي تتمكن بسهولة كبيرة من ان تسبب ألما.”

ويخشى محللون، كما تتابع الصحيفة، من تحول عراقيين الى متمردين وميليشيات اذا شعروا بعدم وجود حكومة تحميهم. ويقول البعض ان الجيش الامريكي قد يحتاج إلى إعادة النظر في خطته بخفض قواته إلى 50.000 جندي في العراق بحلول آب أغسطس.

بريت ماكغرك، مسؤول مجلس الأمن القومي في ادارة الرئيس جورج و. بوش ويعمل حاليا مع مجلس العلاقات الخارجية، قال للصحيفة “اعتقد انه امر مثير للقلق،” موضحا ان “نوعية الاهداف مختلفة، ووتيرة الهجمات تسارعت. وايضا نظرا الى احتمال عدم تشكل حكومة على مدى الشهور الأربعة المقبلة في العراق، فقد يعاد النظر في حدة خفض القوات حسب الجدول الزمني في اب أغسطس.”

ولفتت الصحيفة الى ان خمسة من هجمات صباح الثلاثاء، حدثت من خلال تاجير اشخاص غرف أو مخازن حول مبان سكنية، ووضعوا عبوات ناسفة داخلها وفجروها في غضون أقل من ساعة.

ففي منطقة جكوك، كما تتابع الصحيفة، التي تسكنها مجموعة كبيرة من الشيعة “نزحت من أعمال العنف السنية”، استاجر شخصان مطعما ومتجرا صغيرا قبل اسبوعين.

وفي وسط بغداد، استعمل التكتيك نفسه لتدمير مبنى سكني بالكامل، ومحل ألعاب فيديو حيث يتجمع أطفال، ومقهى تقليدي في حي الشواكة في المدينة القديمة، ما أسفر عن مقتل 11 شخصا على الاقل واصابة العشرات بجراح.

ونقلت الصحيفة ان بعض الناجين حذروا من ان ترك المدنيين بلا حماية، فان الامر لن يكون سوى مجرد وقت حتى يتولوا حماية انفسهم بانفسهم. ونقلت عنهم قولهم ان على السياسيين “ان يشكلوا الحكومة بسرعة، فإذا لم يفعلوا، فالله وحده يعرف ماذا سيحدث بعدها.”

السياسيون وتصاعد موجة الإرهاب

من جانب آخر اعتبرَ سياسيون أن التفجيرات التي ضربت العاصمة بغداد مؤخراً رسائل ضغط باتجاه الإسراع في تشكيل الحكومة، فيما رأى احدهم أن عملية الاستهداف إنما تريد التعطيل لا الإسراع في ذلك.

وفيما عدّ قيادي بإلائتلاف الوطني تلك المحاولات بأنها طريقة تشويش على الحوارات الجارية، رأى عضو بائتلاف دولة القانون أنها رسائل دموية للعائلة العراقية، كما قال عضو بالتحالف الكردستاني انها جاءت نتيجة لتفرد العراق بنظام ديمقراطي لا مثيل له بالمنطقة.

القيادي في الائتلاف الوطني همام حمودي اعتبر تلك العمليات “طريقة تشويش على الحوارات التي تجري بأجواء جيدة نسبيا بين كل الاطراف”ن وهو يرى فيها “محاولة من الارهابيين والقاعدة لتشويش الجو وتعكيره”. بحسب وكالة اصوات العراق.

ويضيف “نحن نفهم منها بأنها رسائل ضغط على القوى السياسية الفائزة للاسراع في تشكيل الحكومة، حيث ان هذه القوى مطالبة بأن تكثف جهودها للاسراع بتشكيل الحكومة او وضع الرؤى والتطورات العامة المشتركة لتشكيل حكومة شراكة وطنية”.

ويصف حمودي تلك العمليات بـ”اليائسة”، وذلك ان “الارهابيين رأوا بأن كل الاطراف متفاهمة، فحتى المختلفون يديرون الحوارات والمحادثات في اجواء هادئة نسبيا، ويوجد تفاهم ولا توجد هناك اية خطوط حمراء”، مبينا ان هذه الاجواء “توخت تكوين شكوك بين الاطراف حول المسؤولين عن تلك الحوادث”.

ويعتقد القيادي بالائتلاف الوطني ان تلك التفجيرات “تمثل دعوة لكل الكتل السياسية للاسراع لوضع الاسس والبرامج المشتركة لتشكيل حكومة شراكة وطنية”.

وكانت سلسلة تفجيرات ضربت مبان في العاصمة بغداد، يوم الثلاثاء (6/4/2010) راح ضحيتها نحو 35 قتيلا، و140 جريحا، واسفرت عن تهديم سبع مبان، فيما ضربت سلسلة انفجارات يوم الاحد (4/4/2010) مقرات لبعثات دولية منها السفارة الالمانية ومقر القنصلية المصرية والسفارة الايرانية في الصالحية، واسفرت عن مقتل 30 شخصا واصابة 168 شخصا في اخر حصيلة صدرت عن مصادر امنية في الشرطة العراقية.

الى ذلك حمل عضو ائتلاف دولة القانون عدنان السراج “تنظيم حزب البعث” مسؤولية التفجرات الاخيرة، معتقدا ان “بصمات البعث اكثر من بصمات القاعدة في هذه التفجرات لعدة اسباب منها ان البعث يعتقد ان العملية السياسية ان ترسخت في العراق فان مخططات البعث سوف تمنى بفشل ذريع، خصوصا وان القاعدة حتى هذه الدقيقة لم تعلن مسوؤليتها عن العمليات”.

وهو يشير إلى أن الولايات الامريكية “وجهت أصابع الاتهام إلى البعثيين في سوريا وان هناك قسم يعتقد ان القوات الامريكية تغاضت هي الاخرى كثيرا عن تزويد القوات العراقية بالمعلومات الاستخبارية”.

ويستبعد السراج أن تكون التفجيرات “رسائل ضعظ على الكتل للاسراع بتشكيل الحكومة”، مبينا انها “على العكس تأتي لتوجيه رسالة دموية للعائلة العراقية والامن العائلي العراقي وبالتالي توجيه ضغط بأن الحكومة والعملية السياسية والسياسيين لا تفيد العراق بشيء”.

وفي ذات السياق، وصف عضو التحالف الكردستاني محسن السعدون التفجيرات التي ضربت العاصمة بغداد بأنها رسائل “خطيرة جدا” وعمل فائق في التطور ينتهجه الارهاب، داعيا القوى السياسية للاسراع بتشكيل الحكومة “كون الشعب هو من يدفع ثمن هذه الخروقات”.

ويرى السعدون ان “وصول الامر بالعمليات الارهابية الى هدم العمارات السكنية يعد عمل فائق في التطور الذي ينتهجه الارهاب”، معتقدا بأنها “رسائل ربما تأتي من خارج العراق وتهدف الى تهديم العملية السياسية والنظام الاتحادي والتداول السلمي للسلطة وهي خطيرة في هذا الوقت كون هذا النظام غير موجود في المنطقة”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 11/نيسان/2010 - 25/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م