العراق... أزمة معيشية لا يراد لها الحل

مدنيون ضائعون بين العنف والتدهور الصحي والامن الغذائي

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تعد الفترة التي أعقبت التغيير في العراق منذ سبع اعوام من اقسى الفترات التي مر بها المجتمع، سيما على صعيد المرافق الصحية والشؤون الانسانية التي انحدرت بشكل خطير.

حيث تظهر عمق الازمة حجم المعاناة التي تكبدها المواطنون العزل بسبب المعارك والصراعات الدموية التي اجتاحت بلادهم خلال هذه الحقبة، عزز ذلك تعثر الأداء الحكومي خصوصا في مجال الخدمات الحيوية. فيما كان لتردي الوضع الاقتصادي العام في العراق مع غياب سياسة ممنهجة او خطط استراتيجية في هذا المنحى اثره البالغ في الاوضاع المعيشية ايضا.

انتهاء مرحلة الطوارئ

قالت منظمة اليونيسف في تقريرها عن العمل الإنساني لعام 2010، ان مرحلة الطوارئ الحادة للأزمة الإنسانية في العراق قد انتهت، مع بعض الاستثناءات، مشيرة الى ان العراق بحاجة حاليا إلى إيجاد المزيد من الحلول المستديمة للشرائح المعرضة للخطر، فيما كشفت عن خطط لهذا العام تعزز الشراكة مع الحكومة العراقية في مجال العمل الانساني.

واوضحت المنظمة في تقريرها الذي نشر على موقعها الالكتروني انه ” مع بعض الاستثناءات، يمكن اعتبار أن مرحلة الطوارئ الحادة للأزمة الإنسانية العراقية قد انتهت - لكن لا تزال هناك جيوب من الضعف الشديد”.  مشددة على انه  “يجب أن تتحول الاستثمارات داخل العراق من مجرد توزيع مواد الإغاثة وإعادة التأهيل على نطاق صغير، إلى إيجاد حلول مستديمة أكثر للمجتمعات المعرضة للخطر.” بحسب اصوات العراق.

وبالنسبة لوضع الأسر العراقية التي لجأت إلى الدول المجاورة قالت المنظمة ان وضعها “محفوفاً بالمخاطر.. ولا يزال عدد العراقيين الإجمالي الذين يقيمون حالياً في الدول مجاورة غير مؤكد، وتتباين التقديرات بين 500.000 شخص ومليون شخص”. مشيرة الى ان “جميع بلدان اللجوء اعربت عن وجود صعوبات في معالجة تدفق اللاجئين.

ومع تزايد المصاعب الاقتصادية، فإن الوضع القانوني لعدد كبير من الأسر غير واضح، وتُظهر الجاليات العراقية خارج العراق دلائل متزايدة على وجود صعوبات في الحصول على فرص لكسب الرزق المنتجة و/أو الخدمات الاجتماعية الأساسية”.

واشارت المنظمة الى ان خطط العمل الإنساني لعام 2010  تشمل قيام المنظمة “بتسريع جهودها الرامية إلى إقامة شراكات مع نظرائها الحكوميين، ومع منظمات المجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، والمجتمعات المحلية نفسها، لتلبية احتياجات 4.5 ملايين عراقي يعانون من مصاعب حادة، بمن فيهم أكثر من مليوني طفل،  فضلا عن تلبية احتياجات زهاء 500،000- 1.5 مليون عراقي يعيشون في ملاجئ مؤقتة، وفي مجتمعات مضيفة في أربعة بلدان مجاورة”.

وستقود اليونيسف، بحسب التقرير، “جهود التنسيق بين الشركاء في مجالات المياه ومرافق الصرف الصحي والنظافة العامة والتعليم فضلاً عن الدعم المشترك بين وكالات الصحة والتغذية وحماية التدخلات، والمساعدة على تلبية الاحتياجات العاجلة للأطفال الناجمة عن الأزمات المفاجئة مثل انتشار الأمراض والأوبئة والكوارث الطبيعية أو التشرد. وفي ما يلي النتائج المتوقعة من التدخلات في حالات الطوارئ لليونيسف”.

واورد التقرير موجزا للخطط التي ستقوم بها المنظمة في العراق في عام 2010، وتشمل  “زيادة إمكانية حصول الأطفال العراقيين والنساء الحوامل والمرضعات على جميع الخدمات الأساسية في 18 منطقة تم تحديدها بأنها أكثر المناطق ضعفاً، أو تعرضاً للجفاف”.

وفي مجال الصحة والتغذية “ستوفر اليونيسف كميات كافية من لقاحات الحصبة وفيتامين (أ) لتحصين وتوفير المغذيات الدقيقة المدعمة إلى مليوني طفل دون سن الخامسة، فضلاً عن لقاحات الكزاز لحماية النساء الحوامل والأمهات من الإصابة بكزاز المواليد. وسيتمكن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية من الحصول على تغذية علاجية وتكميلية أفضل من خلال الدعم الفني واللوجيستي، ومراقبة التغذية وتوفير إمدادات غذائية مدعمة”.

وفي مجال المياه والصرف الصحي والنظافة العامة قال التقرير “ستلبي اليونيسف الاحتياجات العاجلة لأكثر من مليوني طفل وأسرهم لتوفير المياه المأمونة ومرافق الصرف الصحي من خلال دعم الشركاء الوطنيين، بما في ذلك وزارة البلديات والأشغال العامة، والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية”.

اما خطط المنظمة في مجال التعليم، فاورد التقرير ان  “الهدف الإجمالي في عام 2010  يتمثل في تلبية احتياجات التعليم الأساسية لأكثر من 900 الف طفل في المجتمعات الأكثر ضعفا في جميع المحافظات في البلد. وسيعاد ترسيخ الحصول على التعليم من خلال إقامة أماكن للتعليم وتأهيل المرافق القائمة، بالإضافة إلى توفير المواد الأساسية والأثاث، وإدخال تحسينات على مرافق المياه والصرف الصحي والنظافة العامة وحملات العودة إلى المدرسة”.

يذكر ان منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) تنشر  تقريرا سنويا بأسم تقرير العمل الإنساني لليونيسيف يبحث في الأزمات التي تتطلب دعما استثنائيا، وتستوجب اتخاذ إجراءات عاجلة في المجالين الانساني والانمائي، فضلا عن حماية الأطفال من أشكال العنف وسوء المعاملة والمساعدة على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وتوسيع الفرص المتاحة لهم لاستغلال إمكانياتهم الكاملة.

وتضمن تقرير العمل الإنساني لليونيسيف لعام 2010، أسماء 28 دولة شاركت في عملية توجيه نداءات موحدة، اضافة الى بلدان تتعرض لأزمات طويلة الأمد. 

وتتعاون اليونيسيف مع عدد من المنظمات في الدول المختلفة لتتمكن من الوصول إلى الأطفال والمحتاجين وخاصة في أماكن الطوارئ والأزمات.

ويعد تقرير العمل الإنساني، بحسب موقع الامم المتحدة،  هو المطبوعة الوحيدة التي تصدرها اليونيسيف للتركيز بشكل محدد على حالات الطوارئ ودعت في تقريرها لهذا العام  إلى توفير مليار ومئتي مليون دولار للاستجابة للاحتياجات العاجلة للأطفال في ثمان وعشرين دولة في ست مناطق حول العالم.

سنوات من العمل

من جهته أفاد وزير الصحة العراقي صالح الحسناوي أن تحسين النظام الصحي والمؤسسات الصحية بالعراق يحتاج للكثير من الوقت والجهود بسبب الأضرار التي لحقت به على مدى عقود من النزاع وانخفاض الاستثمارات والإهمال.

وقال الحسناوي، "لم تشهد مرافقنا الصحية أي تطوير منذ 35 عاماً. وتعود آخر المرافق الصحية التي تم بناؤها في البلاد إلى السبعينيات وفي بغداد إلى الفترة بين 1984 و1985"، مضيفاً أن هذه المرافق لم تشهد أي تطوير منذ ذلك الحين.

وأشار الوزير في ورشة عمل صحية تم تنظيمها من قبل الهيئة الطبية الدولية، وهي منظمة غير حكومية مقرها في الولايات المتحدة إلى أن "تطوير هذه المرافق لتصل إلى المقاييس المتعارف عليها دولياً عملية معقدة وطويلة".

وورشة العمل هذه هي جزء من مبادرة الهيئة الطبية الدولية لمساعدة الحكومة العراقية على توفير الرعاية الصحية على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية. بحسب شبكة ايرين الانسانية.

وفي هذا السياق، قال جيرالد إيفانز، مدير البرنامج الصحي للهيئة في العراق، "أعتقد أنه سيكون من الصعب تطوير المرافق الصحية ولهذا السبب نحن هنا لمساعدة وزارة الصحة والعراقيين. ولكن الأمر سيستغرق أشهراً أو أعواماً. إنها عملية مستمرة ولا نهاية لها...ولكن العملية قد بدأت وهذا في حد ذاته نجاح بالنسبة لنا".

ووفقاً لمؤشرات التنمية لعام 2009 الصادرة عن البنك الدولي، وصل متوسط العمر بالعراق عام 1990 إلى 65 عاماً وارتفع إلى 71عام 1996 ولكنه عاد وانخفض إلى 67 عام 2007.

وفي هذا السياق، كتب ستيفن لفينستون، من صحيفة واشنطن بوست، في إحدى المدونات في 30 مارس مقتبساً من كتاب "الحرب وصحة الأمم" لزرياب إقبال، وهو أستاذ مساعد في كلية العلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا: "يمكن رؤية تأثير الحرب على البنية الصحية للأمة في نسبة التطعيم ضد الأمراض الأساسية، والتي تشكل مؤشراً لمدى توفر الرعاية الطبية".

وأشار إلى أن مستوى التطعيم ضد شلل الأطفال والدفتريا والسعال الديكي والكزاز والحصبة انخفض بنسبة تتراوح بين 10 و20 بالمائة خلال الفترة بين 1999 و2005.

وعلق على ذلك قائلاً: "إن انخفاض نسبة التطعيمات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة بالنسبة لصحة الأمة وانتشار الأمراض في المستقبل".

من جهته، أفاد الحسناوي أن الحكومة تعمل على تطوير المرافق الصحية وأعدت لائحة بالأدوية التي يجب توفيرها في البلاد بالإضافة إلى التركيز على تحسين إمكانية حصول العاملين في القطاع الصحي على فرص التدريب بالخارج.

وأضاف قائلاً: "لم يعد نظامنا الصحي الآن بعيداً جداً عن بعض دول المنطقة، خصوصاً بعد توقيع عقود في العام الماضي لتطوير المرافق الصحية وتوفير المعدات الجديدة بما فيها المعدات اللازمة لعلاج السرطان وتوفير كل الأدوية التي نحتاج إليها".

حالات الطواريء والكوارث

في سياق متصل ذكر مختصون في وزارة الصحة، ان العراق قادر على الاستجابة السريعة والتعامل مع كل انواع الحوادث الطارئة، بعد ان تعرض خلال الفترة الماضية الى العديد من الازمات الامنية مثل التفجيرات او الاجتماعية كالزيارات المليونية.

جاء ذلك خلال ندوة عقدتها وزارة الصحة تناولت دراسة الاساليب الصحيحة في التعامل مع الحالات الطارئة، وخطط التعامل مع الكوارث والانفجارات.

وقال الوكيل الاقدم لوزارة الصحة الدكتور عامر الخزاعي، ان الندوة “جاءت لتعزيز خدمات الطواريء في العراق، وتدريب بعض الكوادر الطبية والصحية على الأسس الصحيحة في التعامل مع حالات الطواريء والكوارث والاستجابة السريعة للتعامل مع كل انواع الحوادث الطارئة” مشيرا الى ان “استجابة الفرد العراقي خلال الازمات سريعة وطوعية ومباشرة في حالات التفجيرات او الكوارث، خصوصا واننا نتعامل في بعض الحالات مع الف حالة اصابة مثلما حصل في يوم الاربعاء الدامي”. بحسب اصوات العراق.

وأضاف الخزاعي بأن “القدرات العراقية في مجال الحوادث تعتبر سباقة لما تعرض له البلد حروب وضربات ارهابية، والتي جعلت من المهم وجود كوادر متدربة ومستعدة لمثل هكذا حالات” ” مبينا ان الاستعدادات لاتكون من قبل الصحة فقط “بل هي ممارسة من قبل كل القوى سواء كانت صحية أو اجتماعية او أمنية، والتي تكون فيها الاستعدادات كبيرة جدا، كما هي الحال في الزيارات المليونية، وبدأ العالم يتعلم منا امكانات الاستجابة للطواريء بالرغم من حاجتنا الى التقنيات وتطوير القدرات”.

واشار الخزاعي ان “اغلب الكوارث تكون سريعة، وتحتاج الى توفير سعة سريرية وهو امر متوفر حاليا، والمستشفيات أصبحت كافية لاستقبال أكبر الحالات عددا” مشيرا الى ان “حالات جرحى المرحلة الماضية القريبة كانت أعدادهم تصل الى الف اصابة ، وبعد ساعات قليلة يبقى منهم 100 أو أقل، وهذا متأتي من كون غالبية الجرحى يتعرضون للجروح العصفية وليست الاصابات المباشرة”.

اما مدير قسم طب الطواريء في دائرة العمليات الدكتور شاكر كاظم فقال ان وزارة الصحة “جزء من صانعي القرار في منظومة ادارة عمليات مواجهة الكوارث والطواريء بشكل عام، أما المؤسسات الاخرى مثل وزارات الدفاع والداخلية والبيئة وغيرها، فهي مكملة لهذه المنظومة التي لا يتم انجاح العمل من دون تعاونها مع الصحة”.

واعرب كاظم عن اسفه لكون تلك المؤسسات “تعمل منعزلة عن الأخرى، وهدفنا هو توحيد الجهود لجعلها مؤسسة واحدة تضم الكل، من خلال لجان تم تفعيلها من كل الوزارات التي ذكرت آنفا، ونتمنى ان تتجه الدولة الى تبني مثل هذه الخطط التي تخدم البلد”.

وبسبب التفجيرات الارهابية التي تعرض لها العراق فقد الكثير من المواطنين اطرافهم، الامر الذي ادى بحسب مدير شعبة التأهيل الطبي الدكتور رمزي هادي موسى الى “تبني الوزارة مهمة إفتتاح معامل عديدة لصناعة أطراف للمعاقين بالاتفاق مع دائرة عملياتها، وبمشاركة البنك الدولي والصليب الاحمر، واستمرت خطة الوزارة بافتتاح مصانع في كل المحافظات تقريبا لانتاج ورشة مساند أطراف”.

وأضاف موسى ان الوزارة قامت ايضا بـ”تخصيص دورات تأهيلية خارج وداخل العراق تصل الى ست دورات سنويا للتقنيين والمعالجين في هذا المجال، ولدينا أرقام كبيرة بحجم المصانع” كما ان “التدرج التصاعدي وفقا للاعوام الماضية سجل تطورا فائقا في صناعة الاطراف والمساند محليا، وضمن مواصفات عالية” مشيرا الى ان “زيادة الانتاج جاءت مع ازدياد نسبة المصانع وزيادة التدريب، ووجود العقود مع الشركات المختصة، وهذا ما جعل عجلة صناعة الأطراف والمساند تتقدم بشكل ملحوظ”.

وأستثنى موسى بعض المحافظات من التطور بمجال صناعة الاطراف وهي “ميسان وديالى والموصل التي لم يتم انشاء تلك المصانع الطبية فيها، الا ان العمل مستمر على إيصالها الى كل مكان” ذاكرا ان “أعداد المبتورين وفاقدي الاطراف وصل الى 150 الف شخص، نتيجة الاعمال الارهابية والانفجارات”.

تقليص سلة المساعدات الغذائية

من جانب آخر قررت الحكومة العراقية تخفيض عدد المواد التي تتضمنها سلة المساعدات الغذائية وهو ما قد يؤثر على حوالي نصف سكان البلاد، وفقاً لوزارة التجارة. وستتضمن السلة في المستقبل الدقيق والأرز والسكر وزيت الطبخ والحليب فقط.

وفي هذا السياق، أفاد وكيل وزارة التجارة، وليد الحلو، أن "نظام المساعدات الغذائية بدأ يثقل كاهل ميزانية الدولة". بحسب فرانس برس.

وأوضح أنه قد تم تخصيص حوالي 3 ملايين دولار لوزارة التجارة من أجل تمويل نظام المساعدات الغذائية، وهو نصف المبلغ المطلوب فقط.

وأضاف أن هذه "المخصصات لا تكفي للمحافظة على سير نظام التوزيع حتى نهاية العام بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية...لذلك قررنا التركيز على أكثر المواد أهمية". وأضاف أن الوزارة ستواصل توزيع بعض المواد المقرر حذفها لأشهر عدة إلى أن ينتهي مخزونها. وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع قلية من قرار استثناء الأشخاص الميسورين من لوائح التوزيع.

وكان نظام توزيع المساعدات الغذائية قد أنشئ عام 1995 ضمن برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء إثر اجتياح العراق للكويت عام 1990. ولكنه ظل يواجه صعوبات منذ عام 2003 بسبب سوء الإدارة وانعدام الأمن وانتشار الفساد، حسب تصريح مسؤول رسمي.

وكان من المفترض أن تشمل الحصة الغذائية الشهرية للشخص الواحد: الأرز (3 كلغ) والسكر (2 كلغ) وزيت الطبخ (1.25 كلغ أو ليتر واحد) والدقيق (9 كلغ) والحليب المخصص لاستهلاك الكبار (250 غرام) والشاي (200 غرام) والبقوليات (250 غرام) ومسحوق حليب الأطفال (1.8 كلغ) والصابون (250 غرام) ومواد التنظيف (500 غرام) ومعجون الطماطم (500 غرام).

وقد شكل القرار الأخير صدمة للعديد من الناس، حيث قال خلف حامد داوود، البالغ من العمر 52 عاماً من مدينة الصدر شرق بغداد: "كعامل بناء، لا أملك دخلاً يومياً أو شهرياً. أنا أعتمد بشكل كبير على المساعدات الحكومية للحصول على المواد الغذائية وغير الغذائية".

وقال داوود أنه يكسب القليل من المال الإضافي من خلال بيع بعض المواد الغذائية التي لا يحتاج إليها. وأضاف قائلاً: "يجب على الحكومة تعويض الفقراء ببعض المال حتى يتمكنوا من شراء المواد الني يحتاجون إليها. فتقليص السلة الغذائية سيزيد من العبء الذي نعاني منه".

توازن التركيبة بين الذكور والإناث

يعيد جيل العشرينات من الذكور في العراق التوازن إلى التركيبة الديموغرافية بعد اختلالها لصالح الإناث طيلة عقدين أو أكثر، نظرا للحروب المتعددة التي أدت إلى انتشار ظاهرة الأرامل والعنوسة في هذا البلد.

وتؤكد أرقام أعدتها وكالات متخصصة تابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء وحكومة إقليم كردستان أن عدد الذكور بدءا من الـ 24 عاما فما دون أصبح متفوقا على أعداد الإناث من الشريحة العمرية ذاتها. وتوضح الإحصائية الصادرة عام 2008 أن الذكور والإناث باتوا متساوين في الشريحة العمرية بين 24 و29 عاما.

لكنها تشير إلى أن «أعداد النساء اللواتي تراوح أعمارهن بين الـ 30 و49 عاما تتجاوز أعداد أقرانهن من الرجال».

من جهتها، تؤكد إحصائية للأمم المتحدة أن بين 90 و100 امرأة فقدن أزواجهن يوميا إبان موجة العنف الطائفي التي عاشها العراق، وامتدت بالخصوص لعدة أشهر خلال عام 2006. أما أرقام منظمة «أوكسفام» البريطانية لأعمال الإغاثة، فهي تؤكد وجود نحو 640 ألف أرملة. بحسب رويترز.

وتشير إحصائية للأمم المتحدة والحكومة العراقية إلى أن 3,8 في المائة من الأيتام ممن هم أقل من 18 عاما، بينهم 81 في المائة فقدوا الوالد و15 في المائة فقدوا الأم فيما فقد 4 في المائة منهم الأبوين. ويبلغ عدد سكان العراق نحو 32 مليون نسمة.

بدورها، قالت سوسن البراك مديرة قسم المرأة في وزارة حقوق الإنسان أن «أعداد شريحة عمرية معينة من الإناث تفوق نسبة الذكور من الشريحة ذاتها، ما أدى إلى ظاهرة العنوسة، وهي من أكبر المشكلات التي تعانيها المرأة في العراق الآن».

وأضافت البراك (50 عاما)، وهي غير متزوجة حتى الآن أن «هذه المشكلة بدأت مع الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) التي حصدت أرواح نحو مليون عراقي معظمهم من الشباب، قابله ارتفاع عدد الإناث وزيادة أعداد الأرامل».

وتابعت: «بعدها دخلنا في حرب الخليج ثم الحصار الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة، وازدادت قسوة الحياة، ما سبب العزوف عن الزواج، وبالتالي انخفاض شديد في معدلاته ما أسفر عن ازدياد نسبة العنوسة بشكل واضح».

وقد فرضت الأمم المتحدة عقوبات على العراق بعد غزو النظام السابق الكويت في آب (أغسطس) 1990، الأمر الذي انعكس على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما عانى العراقيون ظروفا قاسية في السنوات اللاحقة لسقوط النظام. وأكدت البراك أن «الأمر ازداد سوءا بعد سقوط النظام السابق، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وتصاعد العنف الطائفي وعمليات التهجير داخل البلاد وهجرة آخرين». وأشارت إلى أن الصراع الطائفي تسبب في «حالات طلاق بين الأزواج من المذهبين».

وفي هذا السياق، قالت الباحثة الاجتماعية سهى الشماع إن «الشباب كانوا لا يسألون عن مذهب المرأة عموما قبل الاحتلال لكن هذه الحالة الآن موجودة بكثرة فلا بد من معرفة مذهب المرأة».

بدورها، قالت خلود لطفي، (40 عاما) إن «تأخر زواجي مرده أن غالبية أقراني من الشباب إما قتلوا أو أسروا أو أصبحوا معوقين بسبب الحروب، إضافة إلى الظروف الاقتصادية في الأعوام الماضية».

أما عذراء كامل، أواخر الثلاثينيات موظفة في وزارة الصحة، فقالت إن «الحروب التي مرت بالعراق وما أعقبها من ظروف قاسية أولا، ثم التقاليد والأعراف الاجتماعية هي السبب في ارتفاع عدد العوانس».

وأضافت بصوت حزين «أنا إحدى الضحايا فقد فاتني قطار العمر كنت مهتمة بالدراسة، أما الآن فأكثر ما يهمني هو اللقاء بالرجل المناسب».

معاقون بسبب الحرب والعقوبات

من جهة أخرى يعد حمزة حميد تذكرة حية لعملية القصف التي أطلق عليها "الصدمة والرعب" خلال الغزو الامريكي للعراق عام 2003 وهو واحد مما يصل الى ثلاثة ملايين عراقي أصيبوا باعاقات بعد سنوات من الحرب والعقوبات والحرمان الاقتصادي.

وفقد حميد ساقه اليمنى التي بترت من أسفل مفصل الفخذ مباشرة واصبع السبابة بيده اليسرى حين أصيب في سوق خلال ما قال انه كان قصفا أمريكيا على مقربة.

وبعد أن ترك حميد ليتعامل بمفرده مع الاصابة التي غيرت حياته وحرمته من هوايته الوحيدة وهي كرة القدم غرق في اكتئاب ألزمه غرفة نومه طوال عام الى أن قفز ذات يوم في نهر لانقاذ شقيقه.

وهو الان سباح في الفريق الوطني العراقي للمعاقين لكنه لا يزال يعيش مع زوجته وابنائه الاربعة في حجرة واحدة بمنزل والديه ولا يستطيع الحصول على طرف صناعي قابل للاستخدام.

وقال حميد (40 عاما) الذي بدا شابا فيما كان يجلس على أريكة حاملا عكازيه في تجمع الرافدين لمعوقي العراق "أصدقائي يدعونني حمزة الفكاهي الذي لا يؤثر عليه أي شيء حتى عوقه." بحسب رويترز.

وانحسر العنف في العراق. لكن المصابين تذكرة مستمرة بالقتال الذي يقول مشروع (ايراك بودي كاونت) الذي يحصي القتلى في العراق انه أودى بحياة 100 الف عراقي منذ الغزو. وخلال الحرب بين العراق وايران في الثمانينيات قتل مليون من الجانبين.

وقالت وزارة الصحة العراقية انها لا تملك أرقاما محددة لكنها تقدر أن عدد المصابين باعاقات جسدية وذهنية يتراوح بين مليونين وثلاثة ملايين.

وتعتبر جماعة (ميرسي كور) وتتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها أن تقدير عدد المعاقين بمليونين فقط متحفظ. وقالت ان تعدادا للسكان عام 1977 سجل أن نسبة المعاقين حينذاك بلغت تسعة في المئة من سكان العراق الذين كانوا 12 مليون نسمة انذاك او نحو مليون. وتقدر الحكومة عدد السكان الان بنحو 30 مليون نسمة.

وقالت تيانا توزر المتحدثة باسم جماعة ميرسي كور "اذا وضعنا في الاعتبار أن العراق في حرب منذ عام رر1977. حرب ايران والعراق والقصف الامريكي والعقوبات كلها ساهمت في اعاقة المزيد من الناس. 2.7 مليون أو عشرة في المئة من السكان تقدير متحفظ."

وتقول الحكومة انها لا تستطيع مجاراة هذا العدد من المعاقين. ولا تملك وزارة الصحة سوى 21 مركزا لاعادة التأهيل و12 ورشة للاطراف الصناعية ولا تستطيع افتتاح المزيد لانها تفتقر الى الاطباء والفنيين.

وأشارت الى أن ربع الاشخاص الذين يحتاجون الى أطراف صناعية فقط هم الذين يحصلون عليها لان المواد الخام غير متوفرة.

وتعطي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية للمعاقين نحو 50 الف دينار عراقي (40 دولارا) شهريا.

وقال خميس السعد وكيل وزارة الصحة "حتى أكون واضحا لحد الان نحن غير مؤدين المطلوب منا لكن هناك أولويات كوزارة الصحة عملنا عليها لكن في النهاية ان شاء الله سنصل الى نسبة عالية من المطلوب منا كوزارة صحة.

"أرقى الدول يوجد لديها معوقون لكن نحن الظروف التي مررنا بها استثنائية... هي موارد بشرية أكيد نحن نخسرها."

ويعتمد حميد على العكازين في الاساس لان الطرف الصناعي الذي حصل عليه من ورشة حكومية غير مريح. وحين طلب من ورشة خاصة تصنيع ساق صناعية أفضل له قالت له ان التكلفة خمسة الاف دولار وبالتالي ألغى الفكرة.

وكان حميد قد فقد الامل في الحياة تقريبا حين رأى شقيقه الذي كان يسبح في نهر ببلدة اليوسفية الى الجنوب من بغداد وهي مسقط رأسه وهو يصارع في المياه. ولم يدر حميد الذي كان جالسا على ضفة النهر ماذا يفعل لانه لا يستطيع السباحة. وقال "قررت أن أقفز وأحاول انقاذه حتى لو غرقت انا. كنت أقول انا أساسا ميت."

وقادته هذه الحادثة وكانت المرة الاولى التي يسبح فيها الى فريق المعاقين العراقي وقد فاز بميداليات في بطولات دولية.

ويأمل حميد أن تعطيه الحكومة منزلا. وهو يحصل على راتب قدره 325 الف دينار (275 دولارا) شهريا من اللجنة العراقية الاولمبية لذوي الاحتياحات الخاصة. وقال "أنا أعيش في بيت أهلي أشغل غرفة واحدة مع زوجتي وأطفالي الاربعة."

ويريد فرج حسب من تجمع الرافدين لمعوقي العراق من البرلمان الذي ينتخب في مارس اذار القادم تمرير قانون لتفعيل المادة 32 من الدستور التي تضمن حقوق المعاقين.

وقال حسب (43 عاما) عضو الفريق الوطني للسلاح والذي فقد ساقه اليسرى خلال حرب العراق وايران التي استمرت ثمانية أعوام "أحد أهم الاهداف لهذا التجمع هو اقرار المادة 32 من الدستور. يجب أن تفعل هذه المادة فهي تخص حقوق المعاقين."

65% يعانون زيادة بالوزن و30% من البدانة

الى ذلك كشفت ورشة صحية متخصصة، الأحد، أن أكثر من 30% من العراقيين يعانون من بالبدانة ونحو 65% منهم من زيادة الوزن ما يؤثر على صحتهم ويصيبهم بالعديد من الأمراض ما يتطلب المزيد من التوعية بدءا من المدارس.

وقال مدير تعزيز الصحة في صحة البصرة الدكتور قصي عبد اللطيف العيداني إن العاصمة بغداد “شهدت ورشة عمل بشأن إستراتيجية الاتصال لتغيير السلوك بالتعاون بين وزارة الصحة والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID برنامج تعزيز الصحة في العراق”، مشيرا إلى أن الورشة “ستستمر لمدة خمسة أيام للمدة من 24 ولغاية 28 كانون ثاني يناير الجاري”.

وأضاف أن الورشة “عقدت بمشاركة نحو 40 طبيبا منهم مدراء تعزيز الصحة في العراق فضلا عن ملاكات طبية من وزارة الصحة، مراكز بحوث التغذية، مدراء وحدات الأمراض غير الانتقالية والصحة المدرسية”، مبينا أن الورشة “تتضمن محاضرات لمتخصصين من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الصحة بشأن المشكلات الصحية، معوقات التغيير، تحليل السلوكيات، تحليل الجمهور وغيرها”. بحسب اصوات العراق.

وأوضح أن آخر الإحصاءات “بينت أن أكثر من 30% من العراقيين مصابين بالبدانة ونحو 65% منهم مصابين بزيادة الوزن”، منوها إلى أن هذا الأمر “يحتاج لتوعية لما يسببه ذلك من أمراض كارتفاع الضغط والسكري وأمراض القلب والشرايين والسرطانات وغيرها فضلا عن الأمراض غير الانتقالية كالنفسية  وتتطلب أساليب خاصة للتعامل معها فضلا عن زيادة النشاط التوعوي للصحة المدرسية”.

 وأفاد أن الهدف من الورشة يتمثل بـ”وضع خطة مشتركة لتغيير سلوكيات الأفراد خاصة فيما يتعلق بالأمراض غير الانتقالية التي تتضمن الأمراض النفسية، البدانة، السمنة، ارتفاع الضغط، السكري، هشاشة العظام، السوفان، التدخين والمخدرات وغيرها”.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 10/نيسان/2010 - 24/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م