تفجيرات بغداد والعودة الى منطق الحرب الاهلية

هل يشهد العراق تنصيب صدام جديد؟

 

شبكة النبأ: في تطور ينطوي على عواقب خطيرة بالتأكيد، تمكن الانتحاريون من تفجير ثلاث سيارات قرب مباني البعثات الدبلوماسية في بغداد يوم الأحد، فيما فجرت عدة أبنية في وسط العاصمة بغداد صبيحة يوم الثلاثاء أيضا، مسقطة التفجيرات عدد كبير من الضحايا، وهي الأكثر دموية في العاصمة منذ انتخابات السابع من مارس البرلمانية في وقت تنشغل فيه الفصائل السياسية المختلفة في نزاع مرير حول نتائج التصويت، الامر الذي يدفع المحللين للقول ان العنف يمكن ان يثير جولة جديدة من الصراع بين المتنافسين.

ويمكن القول ان الضربات التي استهدفت البعثات الدبلوماسية الإيرانية والألمانية والمصرية أخيرا هي استمرار على ما يبدو للهجمات التي كانت بدأت في أغسطس، وكان هدفها المباني الحكومية مما ادى لمقتل المئات. غير ان الاتهامات بدأت هذه المرة سريعا بدعوة رئيس كتلة العراقية اياد علاوي منافسة رئيس الحكومة نوري المالكي لاستعادة الامن ثم انتقاده قوى الامن لفشلها في منع وقوع الهجمات.

جولة جديدة من الصراع

حيث يقول المحلل السياسي ابراهيم الصميدعي: هذه جريمة خطيرة يدفع ثمنها الشعب العراقي في نطاق نزاع حول من يتعين ان تكون له اليد العليا في العراق.

الواقع ان هذا النزاع يشمل كل الاطراف المعنية بالعملية السياسية في العراق، فبينما يكافح المالكي لكي يحتفظ بالسلطة، يسعى الكثيرون من منافسيه لإزاحته عنها.

اذ على الرغم من ان كتلته التي يهيمن عليها الشيعة جاءت في المرتبة الثانية في نتائج الانتخابات بعد قائمة علاوي العلماني، الا انه يحاول بناء تآلف واسع بما يكفي لتشكيل الحكومة المقبلة. بحسب الواشنطن بوست.

فيما يقول جوست هيلترمان، خبير شؤون العراق في «مجموعة الازمات الدولية»: يكمن الخطر الحقيقي في وقوع المزيد من مثل هذه الهجمات ولا يرد القادة السياسيون بشكل صحيح عليها، فهم يريدون استغلال الفراغ الامني الراهن لاثارة العنف بين الاحزاب السياسية، وهذا لا يعني سوى عودة الى المربع الاول الى الحرب الاهلية.

وما يزيد الطين بلة هو ان قوات الامن العراقية المكلفة الآن بتأمين امن الامة مع استعداد القوات الامريكية للرحيل من العراق، منقسمة هي الاخرى على نفسها وفقا للانتماءات السياسية القائمة وهذا ما يثير قلق المحللين والمسؤولين العسكريين الامريكيين الذين يخشون من تفاقم حدة هذه الانقسامات وعواقبها.

يقول مسؤول عسكري امريكي طلب عدم الافصاح عن اسمه كي يتحدث بصراحة: هناك احتمال كبير لان يؤدي الصراع السياسي واحداث العنف الاخيرة الى قتال عسكري - عسكري داخلي.

الامر الاخر الذي انطوى على مغزى خطير ايضا هو ان هجمات الاحد الماضي جاءت عقب عملية اعدام وحشية لـ24 شخصا على الاقل في قرية جنوب بغداد يوم الجمعة الماضي، فقد بدأت تلك الهجمات في وقت متأخر من صباح الاحد عندما انفجرت سيارة قرب بوابة السفارة الايرانية وقتلت مالا يقل عن 20 شخصا تبعها بعد دقائق معدودة انفجار سيارة اخرى قرب السفارة الالمانية في حي المنصور، ومن غير الواضح معرفة هل كانت السفارة السورية المجاورة هي الهدف المقصود؟

وعلى بعد شوارع قليلة اقتحم سائق انتحاري نقطة تفتيش القنصلية المصرية وقتل خمسة اشخاص على الاقل.

ثم ذكر مسؤولو الامن انهم منعوا حدوث هجومين اخرين، وقتلوا مشتبها واحدا واعتقلوا اخر.

وفي تعليقه على هذه الهجمات التي يرى محللون كثيرون ان «القاعدة» هي التي تقف وراءها، يقول هادي العامري الذي كان رئيس اللجنة الامنية في البرلمان ويرأس الآن منظمة بدر: الرسالة الاولى التي يريد ارهابيو القاعدة تأكيدها من خلال هذه الهجمات هي «اننا لانزال في العراق والدليل اننا لانزال نستطيع تنظيم عمليات خطيرة في كل مكان من العاصمة والعراق»، ويضيف العميري قائلا: من الواضح انه في كل مرة يحدث بها خلاف سياسي يحاول هؤلاء القيام بعمليات ارهابية كي يبدأ الساسة العراقيون تبادل الاتهامات فيما بينهم.

هل وضع العراق على طريق الديمقراطية؟

من جهته يسأل الكاتب الصحفي في صحيفة الاندبندنت كوبرن، جملة من الاسئلة حول ما اذا كانت الانتخابات العراقية التي جرت مؤخرا عادلة، واذا نفعت العراق ام ضرته.

كما سأل كوبرن كيف سيؤثر ذلك على الانسحاب المقرر للقوات الامريكية من العراق نهاية عام 2011، وهل فاز فعلا رئيس الحكومة السابق اياد علاوي بالانتخابات واستطرادا هل يعني ذلك ان المالكي قد يبقى رئيسا للحكومة العراقية بالرغم من تقدم علاوي عليه؟ متسائلا اذا سيؤدي ذلك الى تأجيج المشاعر الطائفية في البلاد.

ومن جملة الاسئلة التي يتطرق لها كوبرن في تقريره واحد يتعلق بعلاقة العرب والاكراد في العراق محاولا استكشاف ما اذا ستكون العلاقة متوترة ام جيدة.

بالاضافة الى كل ذلك، ينظر كوبرن الى الدور الذي تلعبه بعض الدول على الساحة العراقية وتحديدا ايران والسعودية، والموقف الامريكي من كل من هاتين الدولتين وتأثيرهما على العراق.

وفي سؤاله الاخير حول معرفة ما اذا ستؤدي هذه الانتخابات الى احلال الامن في العراق او اعادته الى دوامات العنف، يقول كوبرن ان هناك امكانية بأن تتدهور الحالة الامنية بسبب عمق الخلافات بين السنة والشيعة وتوتر العلاقات العربية الكردية اضافة الى استمرار تنظيم القاعدة بتنفيذ تفجيرات.

ولكن الصحفي يختار ان يختم بنبرة تفاؤلية اذ يقول ان هناك كذلك امكانية بألا يرتفع منسوب العنف لان جميع الاطراف العراقية شاركت في الانتخابات ولان العرب والاكراد لديهم الكثير ليخسروه في حال قرروا استخدام العنف للمحافظة على مصالحهم، كما ان تنظيم القاعدة وعلى الرغم من استمراره بتنفذ الهجمات الا انه من الواضح انه اصبح اضعف مما كان عليه .

وحضر الموضوع العراقي وبخاصة الهواجس الطائفية في صحيفة الفاينانشيال تايمز وفي تقرير لمراسل الصحيفة في ابو ظبي اندرو انجلند.

وفي تقريره الذي يصف فيه الرؤية من بغداد بأنها مشوشة بسبب الطائفية ، يقول انجلند ان الانتخابات اعادت الطائفية الى الواجهة على الرغم من كل الكلام الذي سمع على السنة المسؤولين العراقيين قبل الانتخابات حول نبذ الطائفية والعنف الطائفي.

اما سبب ذلك فيعيده انجلند في تقريره الى كون السنة هم الذين امنوا فوز علاوي في الانتخابات على الرغم من كونه شيعيا، الا ان هذا الموقف حسبما تقول الفاينانشيال تايمز جاء لمواجهة اللائحة التي يتزعمها رئيس الحكومة الاسلامي الشيعي نوري المالكي كما يصفه الصحفي. اما الاكراد، فصوتوا للاكراد .

والنتيجة، حسب المراسل، فهي امكانية ان تدفع ايران بشيعة العراق الى تشكيل جبهة سياسية ضد علاوي، وامكانية ان يتحول مقتدى الصدر الى ما يسمى بـ صانع الملوك اذ يحدد دعمه لاي من الطرفين الفريق الفائز عمليا في تشكيل الحكومة وادارة البلاد.

إياد علاوي مرآة لصدام

الى ذلك تحدث رئيس الحكومة الاسبق اياد علاوي، الذي يمكن ان يُصبح رئيس الحكومة المقبل، حول حادث جرى معه في الماضي وعزز صورته كرجل صلب.

فقد تمكن في 1978 من مواجهة رجلين حاولا اغتياله بفأسين كان قد بعثهما صدام حسين لقتله اثر خلاف معه.

لكن بعد عودة علاوي من منفاه الى العراق ومن ثم تعيينه كرئيس لحكومة مؤقتة عام 2004، لم تمتدح الصحافة الامريكية والبريطانية ماضيه كثيرا، فقد كتب جون لي اندرسن من الـ«نيويوركر» مقالا حول علاوي عام 2005 قال فيه: في الماضي كان العراقيون يخفون مشاعرهم الحقيقية ازاء طغيان صدام بالاشارة اليه بـ«الصارم».

واليوم يصف العراقيون علاوي على نحو شائع بـ«الصلب»، وهذا تعبير مهذب يخفي وراءه شيئا من الخوف، النفور والاعجاب في وقت واحد، بل وصف صديق مقرب من البلاط الاردني علاوي قائلا: انه قاطع طريق لكن عندما يكون هناك حاجة للقيام بهذا الدور. اما الامريكيون فيقولون: انه رجل اشبه بصدام.

ففي مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في 2004 يقول جول برينكلي الذي عمل سابقا في وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية ان علاوي كان يقود في الماضي مجموعة من المنفيين العراقيين كانت تستهدف عزل صدام، لذا ارسلت عملاءها الى بغداد في اوائل عقد التسعينات لزرع قنابل وتخريب المنشآت الحكومية بتوجيه من المخابرات المركزية، وتمكنت مجموعة علاوي «الوفاق الوطني العراقي» من تهريب متفجرات وسيارات مفخخة الى بغداد من شمال العراق، وعلى الرغم من عدم توافر سجلات عن حملة التفجير هذه، تقول مصادر برينكلي انها حدثت بين عامي 1992 و1995 مع محاولات «الوفاق الوطني العراقي» اعداد المسرح لاطاحة صدام. بحسب صحيفة الوطن.

الحكومة العراقية في ذلك الوقت زعمت ان التفجيرات، ومنها قنبلة انفجرت داخل دار للسينما، ادت لاصابة مدنيين كثيرين، لكن لم تتمكن الاستخبارات المركزية من معرفة هل أي مدني قد قتل في تلك التفجيرات؟ وذلك لافتقار الولايات المتحدة عندئذ لمصادر استخباراتية موثوقة في العراق.

وفي مقال كتبه في صحيفة «سبكتيتر» يصف اندرو جيليكان مجموعة علاوي في تلك الفترة بانها كانت تتألف من مجموعة صغيرة مؤثرة من البعثيين السابقين الذين اختلفوا مع صدام. لكن هذه المجموعة لم تكن تنوي ان تتحول لحركة جماهيرية، ولم تكن تريد احلال الديموقراطية في العراق بل كانت تحاول تدبير انقلاب في القصر لاستبدال ما يتراوح بين 30 و40 قياديا كبيرا بأشخاص آخرين.

وقبل تولي علاوي منصبه كرئيس للحكومة في يونيو 2004، كتب سيمور هيرش من الـ«نيويوركر» يقول: في عام 1971 سافر علاوي الى لندن ظاهريا لمتابعة دراسة الطب، لكنه كان مسؤولا هناك عن عمليات حزب البعث في اوروبا وعن النشاطات المحلية للاستخبارات العراقية حتى عام 1975.

لكن لدى سؤاله حول اتصالاته بالمخابرات العراقية خلال السنوات الاولى من وجوده في لندن انكر علاوي ذلك جملة وتفصيلا بالقول لـ«نيويوركر»: لا، لم يحدث هذا ابدا. وقبل كل شيء لم اعمل ابدا موظفا حكوميا ولا مسؤولا في المخابرات.

ثانيا: لم يكن هناك شيء اسمه المخابرات عندما غادرت العراق لان هذا الجهاز لم يظهر الا عام 1973.

وفي مقال تحت عنوان: «شاب صلب يحاول ترويض العراق»، لاحظ الصحافي ديكستر فيلكينز ان ماضي علاوي بالاتصال مع الاستخبارات المركزية وحزب البعث يروق لبعض العراقيين.

يقول فيلكينز: يشتهر علاوي بمحاولاته اطاحة صدام حسين لفترة امتدت عشر سنوات تقريبا، لكنه هو نفسه بعثي،ويقول بعض نقاده المراقبين به انه انهمك مرة بأعمال خارجة عن القانون بالنيابة عن الحزب. لكن على الرغم من ذلك يجذب هذا الرجل الذي كان على اتصال مع الاستخبارات المركزية سابقا اولئك العراقيين الذين يفتقدون قبضة صدام الحديدية ووسائله في الامساك بقوة بدفة السلطة.

حول هذا، يقول صحافي عراقي: ربما يكون ماضي علاوي في العمل مع الاستخبارات المركزية مشكلة للامريكيين، لكنه ليس كذلك بالنسبة للعراقيين الذين يرون فيه رجلا صلبا ومحنكا يستطيع تأمين الاستقرار في البلاد.

إيران وواشنطن

في السياق ذاته اهتمت صحيفة النيويورك تايمز ببيان مدى تأثير إيران فى السياسات العراقية، وقالت إنه فى الوقت الذى لم يجف فيه بعد الحبر الذى سطرت به نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية، قامت ثلاث من أربع تحالفات سياسية رئيسية بإرسال وفود لها إلى طهران، فى الوقت الذى لم يرسل أى منهم أحداً إلى سفارة الولايات المتحدة فى بغداد، ناهيك عن الولايات المتحدة.

وتمضى الصحيفة فى القول إن واشنطن بدورها لم تحاول التدخل. حتى إياد علاوى، المرشح العلمانى الذى حقق ائتلافه "العراقية" فوزاً بأكبر عدد من المقاعد، ونبذ الدعم الإيرانى أثناء سعيه للحصول على الأغلبية البرلمانية، لم يتلق أى اتصال من الأمريكيين.

ونقلت نيويورك تايمز تعليق علاوى على ذلك بقوله ساخراً: "ربما لا يعجبهم وجهى، لا أعرف" وأضاف بشكل جدى أنه يعتقد أن الأمريكيين لا يريدون أن يرتبطوا بأى زيارة حتى لا يبدو أنهم فى صف أحد ضد آخر.

الإيرانيون من جانبهم لم يظهروا أية مخاوف تجاه هذا الأمر، وقاموا علناً بحث الأحزاب الشيعية الدينية على درء خلافاتهم حتى يتمكنوا من استخدام وحدتهم فى تحقيق التفوق، ومن ثم اختيار رئيس الوزراء المقبل.

ورأت الصحيفة أن انفتاح الإيرانيين وتحفظ واشنطن يمثل إجراءً للدينامكيات السياسية المتغيرة فى العراق. فرغم أن ما يزيد على 90 ألف جندى أمريكى لا يزالون موجودين فى العراق، إلا أن أحداً لا يشك بجدية فى أنهم سيغادرون وسيأخذون معهم شريحة من النفوذ السياسى لأمريكا معهم.

الطائفية الفائز الأكبر

واليوم وبعد اكثر من سبع سنوات من غزو الولايات المتحدة للعراق وتعهدها باحلال «الديموقراطية» فيه، على المحافظين الجدد في امريكا الذين وقفوا وراء مشروع الغزو الشعور بعقدة الذنب على الاقل لأن «الطائفية»، وليس «الديموقراطية» التي وعدوا بها، كانت هي المنتصرة في انتخابات الشهر الماضي التي لم يتمكن فيها رجل امريكا اياد علاوي رئيس الحكومة الاسبق، ولا نوري المالكي رئيس الحكومة الراهن من الفوز بشكل حاسم في هذه الانتخابات.

فقد نال تآلف علاوي 91 مقعدا في البرلمان المقبل مقابل 89 لتآلف دولة القانون الذي يقوده المالكي بينما حصل الصدريون على 38 مقعدا من بين الـ 70 مقعدا التي كسبها التحالف الوطني العراقي. كما حصل التحالف الكردي على 43 مقعدا فيما نالت الاحزاب الاصغر 33، وكان الخاسر الاكبر هو حزب المجلس الاسلامي الاعلى في العراق الذي هو جزء من التحالف الوطني العراقي، وهكذا سادت الطائفية، فمن الواضح ان الصراع على رئاسة الحكومة ينحصر الآن في كتلتي علاوي والمالكي، ولن يكون هذا الصراع سهلا للاسباب التالية: يتشكل تآلف علاوي من مجموعة متنافرة من البعثيين السابقين والسنة والشيعة العلمانيين وأي شخص مناوئ للتدخل الايراني بالاضافة لمجموعة من احزاب الاقاليم، وكان علاوي قد حظي بدعم قوي من كل دول الخليج العربية، وعلى الاخص منها المملكة العربية السعودية، كما تمكن من الحصول على عدد كبير من اصوات السُنة في شمال وغرب العراق، ولم يحصل في بغداد الا على ما تبقى من اصوات السُنة فيها بالاضافة لأصوات الشيعة العلمانيين. بحسب آسيا تايمز.

وبالمقابل، يضم تآلف المالكي - دولة القانون - حزب الدعوة الاسلامي الذي كان مهيمنا على السلطة سابقا، وكان هذا الحزب نفسه قد تشكل في طهران في صيف 2009 بينما كان قائده الراحل عبدالعزيز الحكيم مريضا يصارع الموت، ويقود ابنه عمار الحكيم اليوم الحزب.

جدير بالذكر ان الهدنة بين مقتدى الصدر والحكيم كان رتبها علي لاريجاني رئيس البرلمان الايراني المولود في النجف.

ومن الواضح ان طهران لا تضيع وقتها سدى، فقد شهدت طهران قبل حوالي اسبوع اجتماعا وحدّ جماعة المالكي والرئيس جلال طالباني ونائبه عادل عبدالمهدي (من المجلس الاسلامي الاعلى) وذلك من اجل هدف واحد: تشكيل تآلف لا يقوده علاوي.

غير ان كل هذا لن يجدي نفعا لأن المخرج الوحيد الممكن لاخراج العراق من ازمته الراهنة يكمن في تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها ثلاث مجموعات هي: كتلة المالكي، كتلة علاوي وجماعة الصدريين.

لكن من غير السهل في الواقع قيام مثل هذا التآلف لأن الصدريين لا يزالون ينفرون من المالكي الذي كان قد نفذ حملة عسكرية ضد جيش المهدي في البصرة وبغداد في صيف 2008.

لذا، على الرغم من الاحاديث التي تدور حول الديموقراطية، لا يزال العراق عمليا ملاذا آمنا للميليشيات، اذ لكل مجموعة سياسية ميلشياتها الخاصة بها بدءا من الاكراد الى جيش المهدي الصدري بالاضافة لألوية بدر التي تنتمي للمجلس الاسلامي الاعلى واذا كانت المقاومة العراقية السنية السابقة التي يشارك فيها «انصار الاسلام» و«كتائب ثورة 1920» تبدو الآن بلا سلاح، الا ان هذا يبقى مظهرا خادعا لأنها قادرة على العودة لنشاطها السابق في اية لحظة، واذا كان دور «حركة الصحوة» التي اشادت وسائل الاعلام الامريكية برجالها بوصفهم بـ «الابطال» في قتالهم ضد القاعدة، قد تراجع الآن الا ان هذا لا ينطبق على «القاعدة في بلاد الرافدين الهاجعة اليوم مع عدد من مجموعات الجهاد الاخرى التي يمكن ان تستيقظ ايضا وتعاود نشاطها.

على أي حال، يمكن القول ان الفرصة الوحيدة امام علاوي للوصول الى السلطة تكمن في ابرام اتفاق لن يكون سهلا على الارجح مع الاكراد، وذلك لأنهم على عداء شديد مع حلفاء علاوي القوميين العرب ولا سيما في الموصل ومنطقتها، كما يحتاج علاوي لدعم كل الاحزاب الاخرى الاصغر حجما لأنه لا يستطيع في الواقع جذب الصدريين الذين يناهضون بشدة البعثيين اولا ولانهم دخلوا في تحالف مع ايران على اساس الامر الواقع ثانيا منذ عام 2007، من الواضح اذا ان المسرح السياسي حافل الآن بالمناورات والمؤمرات، لكن بينما تتمثل لعبة واشنطن فيه بالقيام بكل شيء لدعم علاوي، تركز لعبة ايران على تأييد المالكي، الصدريين، المجلس الاسلامي الاعلى والاكراد ضده، ألم نقل ان «الطائفية» وليس «الديموقراطية» هي التي تحكم العراق؟

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/نيسان/2010 - 22/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م