الثورة تندلع في امريكا

هادي جلو مرعي

مضى عام ونيف على السيد اوباما رئيسا للولايات المتحدة الامريكية، وعلى الديمقراطيين وهم يحكمون القرار في الكونغرس بعد سباق تنافسي مع الجمهوريين الذين تقبلوا الخسارة المرة وانتهزوا العديد من الفرص فيما بعد ليشنوا حملة من الانتقادات قد تجعل من الرئيس وحزبه منهكين للغاية مع نهاية المدة الرئاسية الحالية، وحينها ستكون الامور مختلفة.

كان فبراير من عام 2010 الحالي الوقت الذي اختارته السيدة سارة بالين النائبة المفترضة للمرشح الجمهوري السابق جون ماكين فيما لو تغلب على الرئيس الحالي باراك اوباما، لتشن اول الهجمات القاسية ضد اوباما والديمقراطيين ولتبعث في جمهورها الحماسة الكافية ليأملوا فيها منافسة قادمة على منصب الرئيس في الانتخابات المقبلة ! بدأت سارة بانتقاد السياسة المتبعة في مجال الامن والاقتصاد وعبرت عن روح التشدد والذي عهدناه في ابان الحكم الجمهوري ونظرته الى الداخل والى الاخر.

 وكذلك الحنين الى عهد الرئيس جورج بوش الابن الذي تبنى سياسة الصدام مع العالم الاسلامي، وقالت بصراحة في تعليقها اثناء حفل نظمته حركة (حفل الشاي الوطنية) على سياسات الديمقراطيين في ملاحقة المتطرفين الاسلاميين: (التعامل مع هذا الامر كما لو كانت مجرد قضية خاصة بتطبيق القانون يضع بلادنا امام خطر عظيم، فليست هذه الطريقة التي ينظر بها الاسلاميون المتطرفون الى هذا الامر).. انها تبحث عن شخص جمهوري في البيت الابيض عن قائد ومحارب!... هناك في الولايات المتحدة حركة اشبه بتلك التي اندلعت في اوكرانيا عام 2005 ضد الموالين لروسيا الاتحادية وسميت (البرتقالية).

وربما قريبة من الثورة (الخضراء) في ايران ضد نتائج انتخابات 2009 التي فاز بها المحافظ احمدي نجاد.. اسم الحركة الشائع (الحركة الشعبية للمحافظين الساخطين).. سارة بالين اعلنت صراحة انها جزء من هذه الحركة ثم قالت في كلمتها النارية: (ان امريكا مستعدة لثورة اخرى).

واضح تماما ان الولايات المتحدة الامريكية مثل أي بلد في العالم تتنازعها الايديولوجيات والعقائد السياسية... الفرق ان واشنطن تملك التقنيات الكافية والحلفاء المستعدين لاظهار حجم مايجري في شوارع كييف وطهران. مثلما انها تستطيع اخفاء مايجري في قاعات الاجتماعات المنتشرة في المدن الكبرى والولايات القصية خاصة التي يديرها الجمهوريون والذين قدموا سارة بالين للتحدث نيابة عنهم ولتصف اوباما انه: (الشاب الكاريزمي، صاحب الملقن الالكتروني)...

الصراع سيشتد في واشنطن وبقية الولايات، ومايكن التنبؤ به: ان الجمهوريين سينجحون في ارباك خصومهم واظهار اوباما بصورة الرئيس العاجز والممكن ان يهزم في السباق بمجرد ان يتم كشف المستور وتوجيه النقد لسياسات بعينها كالتي تم من خلالها معالجة الازمة المالية والتعامل مع الملف الافغاني وحركة طالبان ومحاكمة المتطرفين المرتبطين بتنظيم القاعدة الارهابي على الاراضي الامريكية..

وحتى في القضايا المتصلة بحياة الامريكيين العاديين كالضرائب والضمان الصحي والعقارات فهناك تجاذب واختلاف في طريقة المعالجة والرؤية...

الجمهوريون هتفوا (لأستعادة امريكا) هم يستعدون للثورة...

وفي هذا الاطار ينبغي عدم تجاهل ان السيدة سارة بالين مازالت تحتفظ بالبريق الذي منحه لها 60 مليون امريكي صوتوا لها كنائبة للرئيس مطلع العام الماضي، وهي مستعدة لفعل الكثير لاستقطاب المزيد من الامريكيين خلال السنوات الثلاث القادمة لتعود الى الواجهة وتكون اول سيدة للبيت الابيض بالاعتماد على الهفوات المتكررة واختفاءعلامات الابهار التي ظهرت مع الرئيس الحالي باراك اوباما، وزوال سحر السياسات الباردة للديمقراطيين..

ومع كل ذلك فأن الاستراتيجية الامريكية لن تتأثر كثيرا بالمتغيرات الداخلية وقد تصمد تجاه العراق وافغانستان وايران وكوريا الشمالية وعملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين باستثناء طريقة المعالجة التي يتبعها الحزب الجمهوري ونظيره الديمقراطي وبحسب الظروف.

لكن، ما هو اللون الذي يمكن ان يصبغ الثورة الامريكية القادمة؟ هل هو الوردي لأن سارة الجميلة بدأت تتحرك ؟ ام هو الاحمر على لون قميصها الذي اشتهرت به اثناء الحملة الانتخابية الماضية؟

في كل الاحوال فأن امريكا لها ما يصلها بالعالم، وهي ليست من كوكب اخر..

hadeejalu@yahoo. com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/نيسان/2010 - 22/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م