انكسار الخاطر!

هادي جلومرعي

برغم التداعيات الحاصلة في المشهد السياسي العراقي بعد انتخابات 7مارس الماضي ألا ان ذلك لايقدح في ان الممارسة الانتخابية كانت ناجحة وإن الديمقراطية لابد ان تنتصر في النهاية.. ومن هنا تبدأ حكاية البيض الفاسد..

تعود الناس عندنا ان يرجوه قبل ان يقلوه او يسلقوه. والسبب ان الرج يظهر ما إذا كانت البيضة فاسدة او صالحة. فإذا كانت المادة تحت القشر ترتج فمعنى ذلك انها فاسدة وإذا قاومت الرج فهي صالحة.. والحمدلله.. ولا أقصد الاشارة في مقالتي الى مافعله البلغار ببعض الشيوعيين العراقيين الذين لجأوا الى صوفيا في ثمانينيات القرن الماضي هاربين من بطش الحكم في بغداد.

ولاعلاقة لي بالموضوع باستثناء ان بغداد منعت استيراد البيض البلغاري مالم تسلم صوفيا الشيوعيين المارقين اليها ليتم الاقتصاص منهم جراء تطاولهم على النظام الاشتراكي العراقي.. واستجابت صوفيا. وتدفق البيض الى بغداد وتناوله العراقيون مسلوقا ومقليا قبل ان تصلهم ثقافة (بيض عيون)..

منذ ايام تكهنت بنجاح الانتخابات البرلمانية العراقية وقلت لمضيفي التلفزيوني : على المواطنين العراقيين تهيئة الممكن من البيض الفاسد لان الديمقراطية نجحت ولايمكن اثبات ذلك مالم يستطع الشعب ممارسة حقه برمي المفسدين بالبيض وخاصة الذين سيخلون بوعودهم الانتخابية..

ورد علي متسائلا: ولكن لماذا لايستخدمون الطماطة الفاسدة, وقلت: لايمكن ذلك لان البيض الفاسد يمكن التعرف اليه بمجرد ان ترجه ايدي المواطنين الغاضبين بينما يصعب ذلك مع الطماطة او الطماطم بحسب لفظ الكلمة واللسان الناطق بحبة البندورة ,ثم إن الطماطم لاتفسد بل تبيت ويسمونها: بايتة وتستخدم لصناعة المرق وإذا كانت ناضجة فتستخدم لصناعة السلاطة المخللة.. على الاقل في العراق..

وهو ما لايتبعه آخرون في بلدان الدنيا فنحن ينكسر خاطرنا على الطماطم بينما ننزعج من رائحة البيض الفاسد ونتخلص منه بسرعة لكن سوانا من الشعوب تستهين بالطماطم وترميه في وجوه السياسيين.

اخشى ان الشعب العراقي لايمكنه التعاطي مع هذه الثقافة ويظل يداوم على عادته منذ آلاف السنين والمتمثلة بإلقاء الشتائم على رؤسائه ومسوؤلي الخدمات فيه وربما بتكتم شديد خلف ابواب محكمة وجدران صماء.

وعلى هذا فان من واجب الحكومات العراقية المتعاقبة والبرلمان والمؤسسات المجتمعية ان تجهد نفسها في نشر ثقافة الاعتراض الحضاري بالبيض والكف عن الشتائم خاصة وان الحديث الشريف يقول: سباب المسلم فسوق.. والمعلوم ان جميع الفاسدين في بلادنا وذوي المناصب مسلمون ويشهدون الشهادتين.. لكنهم ينسونها عندما يتعاركون على المنصب أو حين يحين أوان الخمط.. عافاكم الله منه ومن الخامطين..

hadeejalu@yahoo. com

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/نيسان/2010 - 19/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م