حكومة؟ ام دولة قوية؟

نزار حيدر

على اعتاب ولادة الحكومة العراقية الجديدة، اثر الانتخابات البرلمانية الاخيرة، يكثر الجدل بين العراقيين عن امانيهم في رؤية حكومة قوية في بغداد، قادرة على قيادة البلاد الى بر الامان من خلال النجاح في مواجهة التحديات الصعبة التي تنتظرها.

فهل ان العراق بحاجة الى حكومة قوية لتجاوز المرحلة الصعبة، ام انه بحاجة الى دولة قوية؟ وما هو الفرق بين الاثنين؟.

برايي فان العراق بحاجة الى دولة قوية، وان الحكومة هي جزء من هذه الدولة، فلو تمكنا، نحن العراقيين، من بناء دولة قوية، فسنتمكن بشكل طبيعي من بناء حكومة قوية، ولكن العكس ليس صحيحا ابدا، فالحكومة القوية لوحدها لا تنتج دولة قوية، بل ربما تنتج دولة ضعيفة، لان طغيان قوة الحكومة يحولها الى غول يبتلع الدولة ومؤسساتها كما هو الحال بالنسبة الى جل الدول العربية التي تحكمها (حكومات) قوية، او اسر قوية، هضمت الدولة واستوعبت مكوناتها بشكل سئ، او كما كان الحال بالنسبة للعراق ابان العهد البائد وربما ما قبله، عندما طغت الحكومة على الدولة فانهارت الدولة وبقيت الحكومة حتى حين.

وهذا ما يفسر سبب انهيار الدولة العراقية بكل مؤسساتها لحظة سقوط الصنم في بغداد في التاسع من نيسان عام 2003 لان الدولة كانت قد تلخصت بالطاغية المتجبر، بعد ان اختزل الاخير الحكومة بشخصه وبعض من اسرته.

ان السبب في ذلك يعود الى ان الحكومة اذا ارادت ان تكون قوية تجدها تتوسل بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة من اجل تحقيق قوتها، وهذا الامر ياتي عادة على حساب الدولة ولذلك تتضخم الحكومة وتضمحل الدولة لتنهار شيئا فشيئا، كلما قويت الحكومة.

فلماذا، اذن، نفكر ببناء الحكومة القوية ولا نهتم ببناء الدولة القوية؟.

اعتقد ان اهم اسباب ذلك هو طريقة تفكيرنا، التي تقودنا دائما الى اعتبار ان الحكومة هي كل شئ، او لاننا ورثنا في عقولنا وثقافتنا نظاما سياسيا قائما على احادية التفكير يعتمد السلطة وان كانت ادواتها البطش والقسوة، ولذلك ترانا الى الان نردد منطق ان الحال لا يتحسن الا بحاكم قوي، او ترانا نستذكر تاريخ القسوة والبطش، في مسعى لتمثيلهما على ارض الواقع من خلال السعي لتقمص شخصية الحاكم الجبار والوالي الذي يبطش برعيته.

تاسيسا على هذا كله، اعتقد بان علينا اولا ان نغير من طريقة تفكيرنا وفهمنا للدولة فنؤمن بانها ليست الحكومة فحسب، وان الحكومة القوية لا تاتي ابتداءا وانما هي نتيجة للدولة القوية، كيف؟.

يقول العلماء ان اركان الدولة، اية دولة، ثلاثة، هي البشر والارض والسلطة، ولذلك فان الدولة القوية هي تلك التي تكون فيها اركانها الثلاثة قوية، كيف؟.

بالنسبة الى الركن الاول، فان شعب اية دولة يكون قويا بتماسكه ووحدته، من جانب، وبالعلم والمعرفة والصحة والوعي والجد والمثابرة والانتاج، من جانب آخر.

فالشعب الممزق على اساس اثني مثلا او ديني او مذهبي او حتى سياسي او فكري وثقافي، لا يمكن ان يساهم وضعه في بناء دولة قوية، لانه فاقد الشئ الذي لا يمكنه ان يعطيه.

كما ان الشعب الجاهل والمريض والكسول والمستهلك لا يمكن ان يكون قويا ابدا، فلو قرانا واقع الدول القوية في عالم اليوم، وكذلك عبر التاريخ القديم والحديث، لوجدنا انها تتميز بشعوب قوية بالعلم والمعرفة والصحة، وهي شعوب متماسكة ومتحدة، كما انها شعوب منتجة.

كذلك، فان الشعب الذي لا يجد فرصته في العمل والتعليم والصحة والسكن والحياة الرغيدة، الحرة والكريمة، لا ننتظر منه ان يبني دولة قوية ابدا، ولذلك يجب ان توفر الدولة الفرص لكل المواطنين بلا تمييز، كما هو الحال مثلا في الولايات المتحدة الاميركية التي يطلق عليها مصطلح (بلد الفرص) لان الدستور ضمن مبدا تكافؤ الفرص لكل المواطنين بلا تمييز لا على اساس عرقي ولا على اساس ديني او اثني او حتى حزبي او سياسي او فكري.

اسالكم بربكم، هل رايتم او سمعتم او قراتم في التاريخ عن دولة قوية بشعب ممزق؟ او دولة قوية بشعب جاهل يستهلك ما ينتجه الاخرون؟ ولذلك فان الرسول الكريم (ص) عندما فكر في بناء دولته القوية في المدينة المنورة بادر اولا الى حل كل الخصومات التي كانت بين القبائل التي ستتشكل منها هذه الدولة، كما انه (ص) آخى بين المهاجرين والانصار ليقطع الطريق على اية خصومة محتملة تهدد قوة الدولة الجديدة.

ثم شرع (ص) التعليم وطلب العلم فقال {طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة} و {اطلبوا العلم ولو بالصين} و {اطلبوا العلم من المهد الى اللحد} لان الزعيم الذي يفكر في بناء دولة قوية يباهي بها الامم، لا يمكنه تحقيق ذلك بشعب جاهل احمق لا يعرف القراءة والكتابة، تنخر به النزاعات وتمزقه الحروب الداخلية.

ثم شرع (ص) نظام الصحة العامة فقال {العقل السليم في الجسم السليم} و {تنظفوا فان الاسلام نظيف} و {ان الله جميل ويحب الجمال} مستوحيا ذلك من قول الله تعالى في محكم كتابه الكريم {كلوا واشربوا ولا تسرفوا}.

فالرسول الكريم لم يشرع في بناء الدولة القوية قبل ان يشرع في بناء الشعب القوي، لانه اذا تمكن من بناء مثل هذا الشعب فانه سينجح بشكل طبيعي في بناء دولته القوية لانها ستكون تحصيل حاصل لمثل هذا الشعب.

بشان الركن الثاني، فالحمد لله تعالى فلقد انعم رب العزة على العراقيين بارض وفيرة بكل الخيرات التي يحتاجها شعب لبناء دولة قوية، كما انها ارض بحدود برية وبحرية قل نظيرها بالاضافة الى النهرين العظيمين اللذين حبا الله تعالى بهما العراق، ولا اريد هنا ان استرسل في الحديث عن هذا الركن لاننا جميعا نعرف ما عندنا وما الذي انعمه الله تعالى علينا، وبكلمة مختصرة اقول بان الركن الثاني متوفر بلا منازع، بالرغم من ان العراقيين خسروا اكثر من (10%) من ارضهم لصالح كل دول الجوار تقريبا بسبب الحروب العبثية التي كان يخوض غمارها النظام البائد بلا نتيجة ايجابية تذكر.

هذا بشان الشعب والارض، اما بشان الدولة كمؤسسة، فهي حاصل جمع اربع سلطات لا تنفك عن بعضها، وهي:

اولا: السلطة التشريعية، مجلس النواب في الحالة العراقية.

ثانيا: السلطة التنفيذية، مجلس الوزراء في هذه الحالة.

ثالثا: السلطة القضائية، مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية العليا وعدد آخر من المؤسسات التي نص عليها الدستور العراقي.

رابعا: منظمات المجتمع المدني والتي تقف على راسها الاعلام كسلطة رابعة كما يطلق عليها في العالم الحر.

فمن اجل ان تكون عندنا حكومة قوية ينبغي ان تكون كل السلطات الاربع قوية، فاذا كان البرلمان مثلا عاجزا عن اداء دوره التشريعي فمن الذي سيسن القوانين لتنفذها الحكومة؟ واذا كان البرلمان مشلولا لا يقدر على اداء دوره الرقابي فمن الذي سيصحح مسارات السلطة التنفيذية؟ واذا كان القضاء مسيسا فمن الذي سينصف المواطن وياخذ حقه من الحكومة تحديدا؟ كما ان القضاء الضعيف العاجز عن اداء دوره بحيادية ومهنية عالية لا يقدر على حماية الدستور كما انه لا يقدر على فض النزاعات بين مؤسسات الدولة الاخرى، خاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسيفشل في تفسير نصوص الدستور المختلف عليها بشكل حيادي ومهني.

الى جانب كل هذه المؤسسات، يشخص دور منظمات المجتمع المدني القادرة على ممارسة دور الرقابة والمساءلة والمحاسبة بشكل اوسع، ليس للحكومة فقط وانما لكل مؤسسات الدولة سواء المركزية، الحكومة في بغداد، او المحلية، مجالس المحافظات والمحافظين وغيرهم.

كما ان منظمات المجتمع المدني، اذا كانت حقيقية وقوية وتتمتع بنفوذ شعبي كبير، قادرة على ان تؤدي الكثير من المهام الاساسية التي تعجز الحكومة عن تحمل مسؤولياتها، ان على صعيد الفكر والثقافة او على صعيد الرياضة والاقتصاد والبيئة وغير ذلك من القضايا المهمة جدا والتي تلعب دورا في اعادة بناء البلد على اسس سليمة.

ويشخص الاعلام من بين كل منظمات المجتمع المدني كسلطة كبيرة وواسعة في العالم الحر لما له من دور مفصلي في تشكل الدولة القوية، ولذلك بات من المسلمات الاكيدة القول باستحالة بناء دولة قوية بلا اعلام حر او بلا حرية تعبير عن الراي، ففي البلد الذي تكمم فيه الحكومة افواه المثقفين والمبدعين والشعراء والادباء والمؤلفين، وتلاحق الصحفي وتقمع الكاتب وتغلق وسائل الاعلام لابسط الذرائع والحجج، ان في مثل هذا البلد لا يمكن ان نتصور قيام دولة قوية، بل ان فيها حكومة متسلطة وليست قوية ابدا، انها تشبه الى حد بعيد حكومة (صدام حسين) القوية، والتي لم تكن في حقيقتها قوية وانما كانت (حكومة) بطش وقمع ومصادرة للحريات وتحديدا لحرية الراي، ولقد اكتشف العالم مدى هشاشة تكوينها الداخلي عندما انهارت امام (الغزو) الاميركي لدرجة ان العراقيين اطلقوا عليها صفة (نمر من ورق) تندرا.

هنا اود القول وبالفم المليان، ان الديمقراطية بلا حرية تعبير اكذوبة كبرى، لان حرية التعبير والديمقراطية امران متلازمان لا يمكن الفصل بينهما ابدا، وان كل الحجج والاعذار التي تسوقها عادة الانظمة الشمولية لمصادرة حرية التعبير في البلد، اي بلد، انما هي محاولات مستميتة من قبل الحاكم الجائر لتبرير ظلمه وعدم شرعية سلطته التي قامت، والحال هذه، اما بالوراثة او بالسرقة المسلحة (الانقلاب العسكري) او بالقمع والقتل والاغتيال.

لقد تسمى الكثير من حكام البلاد العربية، واستصحابا للتاريخ الاسود لمن سبقوهم في السلطة، باسماء وعناوين والقاب مرتبطة بالخالق المتعال ومقدساته، في محاولة منهم لاضفاء هالة القداسة والقدسية على سلطانهم المغتصب من شعوبهم، ما يبررون به قمع حرية التعبير، على اعتبار ان ظل الله في الارض لا يحاسب او يراقب او ينتقد، بضم الياء، فهذا خادم الحرمين الشريفين وولي الامر، وذاك امير المؤمنين والاخر المجاهد الاكبر والرابع العبد المؤمن وهكذا، ما يذكرنا بالقاب الطغاة الامويين والعباسيين، كالمستنصر بالله والمعتمد على الله والواثق بالله والقائم بامر الله ومن لف لفهم.

انها محاولات لتقديس الذات من اجل تركيع الشعوب على اقدام الحاكم، وهم في حقيقة امرهم حكام ظالمون منحرفون غاصبون للسلطة رغما عن انف الشعوب وارادة الامة، يجب اسقاطهم عن عروشهم لانهم لم يصلوا اليها لا بارادة شعبية ولا بتفويض من الناس عبر آليات الديمقراطية والشورى والتي تقف على راسها صندوق الاقتراع ولا هم يحزنون.

في العراق اذن، يجب ان نحافظ على حرية الاعلام وتحديدا حرية التعبير، لتساهم منظمات المجتمع المدني في بناء الدولة العراقية القوية، الى جانب بقية مؤسساتها الاخرى.

اتمنى على مجلس النواب الجديد ان يبادر فور التئام جمعه الى سن قانون حماية الصحفيين كبادرة حسن نية من قبل الكتل السياسية لدعم وتاييد حرية الاعلام، حتى لا يعتدي احد على الصحفيين ولا يهان كاتب ولا تغلق وسيلة اعلامية، ولا يخشى صحفي على مستقبل عائلته وهو يقاتل على خط النار الامامي.

لشد ما استغرب اهتمام السياسيين في العراق بتكشيل حكومة يقولون انها ستكون قوية، فيما لم يبذلوا اي جهد يذكر لتاسيس برلمان قوي، او منظمات مجتمع مدني قوية؟ فهل يعتقدون ان الحكومة القوية تكفي لبناء الدولة القوية؟.

اكثر من هذا، فهم بدلا من ان يبذلوا جهودا متساوية في بناء كل مؤسسات الدولة مجتمعة، اذا بهم يسعون الى تسخير بقية مؤسسات الدولة لصالح اجنداتهم الحزبية والانتخابية واحيانا الشخصية الضيقة، ما يدلل على عدم جديتهم في بناء الدولة العراقية القوية.

بعضهم يسعى لان يكون البرلمان آلة طيعة في خدمة الحكومة، وآخر يسعى من اجل تسخير منظمات المجتمع المدني، الاعلام تحديدا، لخدمته بغض النظر عما يقوله ويفعله وينجزه، وثالث يحاول التاثير على القضاء العراقي ليفسر مواد الدستور كما يحلو له خدمة لما يصبو اليه.

وبعودة سريعة الى تصريحات الكتل السياسية قبل وبعد الانتخابات، فسنلحظ ان هناك تناقضا واضحا ينم عن انعدام الرؤية لدى هذه الكتل، لانها لا تنظر الا الى السلطة وكيف يمكنها ان تقبض عليها؟ اما مشروع الدولة فلازال بعيد كل البعد عن مشروعهم الانتخابي والسياسي.

فمثلا، تحدثت كل الكتل قبل الانتخابات في برنامجها الانتخابي عن سعيها لتشكيل حكومة قوية بلا محاصصة وبلا شراكة على الطريقة القديمة، فسمتها كل الكتل بحكومة الاغلبية، وما ان ظهرت نتائج الانتخابات التي اكدت عدم فوز احد فوزا ساحقا يضمن له الحصول على الاغلبية البرلمانية التي تؤهله لتشكيل الحكومة المقبلة، اذا بهم جميعا يتحدثون عن حكومة شراكة وتوافق وما الى ذلك.

ان لمثل هذه الخطابات معنى واحدا لا غير الا وهو انعدام الرؤية عند هؤلاء ما يدفعهم الى التخبط في الاراء والمواقف والمشاريع والافكار.

طبعا هم لا يقدرون على الحديث عن المحاصصة بشكل واضح وعلني ولذلك تراهم يتلاعبون بالالفاظ فيقدمون ويؤخرون بالمصطلحات وكان الناخب (اهبل) لا يفهم ما يقولون، وان طريقتهم هذه تذكرني بطريقة فتاوى (فقهاء الوهابية التكفيريين) الذين يلفون ويدورون في فتاواهم بشان (الزواج المؤقت) فتراهم يطلقون عليه تسميات عدة، ويبقى الجوهر واحد هو ما يسميه الفقه الشيعي بـزواج المتعة، لانهم لا يريدون ان يستعيروا التسمية خوفا من اتهامهم بالانتماء الى الرافضة.

تصور ان احدهم ادعى قبل الانتخابات بانه سوف يعتذر للشعب العراقي اذا لم تحصل كتلته في البرلمان القادم على عدد المقاعد الذي يؤهله لتشكيل حكومة الاغلبية، اذا به نراه اليوم متهالكا للوصول الى سدة الحكومة من خلال السعي لتجميع الاصوات المطلوبة واحدا فواحد.

تاسيسا على كل ذلك، اعتقد ان العراق الذي يحتاج الى حكومة قوية تعتمد الاستحقاق الانتخابي الاخير، يحتاج في نفس الوقت الى برلمان قوي قادر على ممارسة دوره في الرقابة، وهو امر لا يمكن ان نتصوره اذا اشتركت كل الكتل البرلمانية الجديدة في تشكيل الحكومة القادمة، لاننا سنشهد برلمانا خال من المعارضة او على الاقل بلا رقابة على اداء الحكومة، ولذلك اعتقد ان من اللازم بمكان ان تبقى احدى الكتل البرلمانية الثلاثة الاولى خارج الحكومة لتمارس دور الرقابة، ما يقوي البرلمان والحكومة معا.

هذه المرة لا نريد من البرلمان ان يكون كسابقه يدير اعماله على طريقة (شيخ العشيرة) انما نريده قاس على الحكومة فيقف لها بالمرصاد ليسقطها اذا اخطات او سرقت او تباطأت او فشلت، ويسندها اذا حاولت، ليكون اقرب في ادائه الى الناخب من الحكومة، من اجل ان يكون البرلمان اسما على مسمى، اعضاؤه نوابا عن الشعب وليس عن الحكومة.

بهذا الصدد اريد الحديث ببعض الصراحة، تعليقا على تصريح رئيس كتلة (العراقية) الذي قال فيه ان عدم مشاركة كتلته في تشكيلة الحكومة الجديدة سيعيد البلاد الى الصراعات الطائفية من جديد، معللا ذلك بغياب النواب السنة في كتلتي (الوطني) و (دولة القانون) وهو بلا شك كلام طائفي بامتياز، وذلك بالادلة التالية:

اولا: ان الدستور العراقي لم يتحدث عن او يحدد هوية النواب في الكتلة النيابية الاكثر عددا والتي يحق لها دستوريا تشكيل الحكومة.

هذا يعني، بحسب التصريح المذكور، لو ان كتلة برلمانية (سنية) كانت في يوم من الايام هي الكتلة الاكثر عددا تحت قبة البرلمان فسوف لن يحق لها تشكيل الحكومة لانها تفتقر الى نواب شيعة، وهكذا.

ترى، هل يعقل مثل هذا الكلام؟ وهل انه يستند الى الدستور او القانون او حتى الى العقل؟.

ثانيا: الا ينبغي على الجميع احترام خيارات الناخب العراقي؟ اوليس هو الذي رسم معالم الكتل الفائزة في الانتخابات الاخيرة؟ وهو الذي حدد هوياتها؟ فلماذا نطعن بهذه الخيارات؟ ولماذا نميز بين الكتل على اساس مذهبي او اثني؟ فاذا كان خيار الناخب مذهبيا او اثنيا او دينيا فلماذا ننكر عليه ذلك من خلال الطعن بهذه الخيارات؟.

لقد اختار الناخب العراقي بهذه الطريقة التي افرزت كتلا بهذه الالوان التي يعرفها الجميع، من دون ان يعني ذلك ان علينا ان نسترسل مع العناوين المذهبية وغيرها الى ما لا نهاية، فالدستور، كما اسلفت، لم يتحدث عن لون الكتلة او هويتها، عندما تحدث عن الحق الدستوري في تشكيل الحكومة، وانما نطق فقط بالاغلبية العددية، وهذا ما يجب ان نلتزم به عند السعي لتشكيل الحكومة الجديدة.

اتمنى على الجميع ان لا يتورطوا فيورطوا العراق والناخب بالحديث الطائفي والعنصري وما اشبه، وان على كل الفرقاء ان يتحدثوا بصفتهم كتلا برلمانية فقط بغض النظر عن مكوناتها وهوية نوابها.

على كل الفرقاء ان يتعاملوا في اطار العملية السياسية ككتل برلمانية وليسوا ككتل مذهبية او اثنية او دينية، من اجل ان ينتقلوا بطريقة تفكيرهم من الاطر الضيقة، الدينية والمذهبية والاثنية والحزبية، الى الاطر السياسية تحت قبة البرلمان، لنتجاوز المحاصصات سيئة الصيت، التي جرت على العراق الكثير من الويلات منذ سقوط الصنم ولحد الان، ولقد وعدتنا الكتل قبل الانتخابات بانها ستتجاوز اطر المحاصصة في تشكيل الحكومة وفي كل شئ، فهل سيفي عرقوب بوعده؟.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 5/نيسان/2010 - 19/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م