خارطة الشراكة السياسية وعقدة رئيس الوزراء

قُبّان العراق ببيضتين بدلاً من الواحدة

 

شبكة النبأ: تراوح محادثات الكتل السياسية العراقية الفائزة في الانتخابات التشريعية مكانها بغياب الاتفاق على شخصية رئيس الوزراء المقبل وتشكيلة الحكومة، في ضوء الخلاف على تفسير المحكمة الاتحادية للكتلة التي من حقها أن تشكل الحكومة وكذلك في محاولة كتل ثانوية التحكم في تأسيس الائتلاف الحكومي القادم من منطلق تسميتها بـ بيضة القبّان أو صانعة ملوك..

وتتكثف اللقاءات بين ممثلي هذه الكتل، داخل العراق وخارجه، منذ إعلان النتائج النهائية لكنها لم تتمخض عن اتفاق ملموس حتى الآن..

وفي هذه الأثناء قال مصدر إعلامي في كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري ضمن قائمة الائتلاف الوطني العراقي، ان التيار بدأ بعد صلاة الجمعة بإجراء استبيان بشأن الشخصية التي يرغب العراقيون ترشيحها لتولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة.

في حين قال المتحدث باسم التيار الصدري صلاح العبيدي لوكالة فرانس برس ان "المشكلة القائمة مردها انعدام الثقة بالشخصيات المطروحة لرئاسة الوزراء، فضلا عن انعدامها بين الكتل السياسية". واوضح ان "مشكلتنا مع المالكي انه رجل لا يفي بوعوده". بحسب فرانس برس.

وما يزال مصير الاندماج بين "ائتلاف دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي و"الائتلاف الوطني العراقي" الذي يضم الاحزاب الشيعية، باستثناء الدعوة، غير واضح المعالم بحيث يتحفظ التيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي على اعادة تسمية المالكي المنتهية ولايته رئيسا للحكومة.

وتابع العبيدي "معروف لدى الجميع ان المالكي لا يلتزم بوعوده التي قطعها هو وفريق عمله، ولدينا تجارب كثيرة بهذا الاتجاه بينها وعده باطلاق سراح ثلاثة الاف شخص اعتقلوا دون مذكرات اعتقال". واضاف ان "المالكي تعهد اطلاق سراحهم قبل ثلاثة اشهر من انتخابات مجالس المحافظات الا انه بعدها تنصل عن الايفاء بوعده وما تزال الامور على حالها". وشدد على رفض التيار ترشيح المالكي بسبب "عدم التزامه بالوعود".

من جهته، قال المالكي "لا نريد ان نفرض انفسنا على احد، لدينا حوارات مع الائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني ايجابية (...) المناصب السيادية لا يمكن ان تكون حكرا لمذهب وظاهرة وضع الخطوط الحمراء تعيدنا الى ظاهرة التخندق الطائفي".

وتابع امام ائتلافه "اؤكد لكل من يهمه الامر ان عملية تشكيل الحكومة تجري هنا على الارض العراقية، من يريد ان يتعاون معنا مشكور". واضاف "يجب ان لا يفكر احد بتشكيل حكومة تستبعد مكونا من المكونات. نعم، حكومة شراكة الكل متواجد فيها ويشعر بانه ممثل وشريك بالصيغة التي يتم الاتفاق عليها بعيدا عن عملية التهميش والالغاء".

من جهته، يرى المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم ان يتم اختيار رئيس الوزراء بحسب آليات محددة، لكن دون فرض او رفض لمرشح معين. وقالت مصادر في الائتلاف الشيعي ان الخلاف ما يزال يتمحور حول شخصية رئيس الحكومة المقبلة مشيرة الى ان المحادثات التي جرت في ايران لم تسفر عن نتيجة وما تزال الامور عالقة لا جديد فيها.

وما يزال موقف التحالف الكردستاني غير واضح المعالم. ويشدد القادة الاكراد على "البرنامج" لدى المرشح لمنصب رئيس الوزراء، اي مدى قبوله شروطهم للائتلاف مع كتلته، وتتلخص بشكل اساسي باعادة الاراضي "المستقطعة" الى اقليم كردستان عبر تطبيق المادة 140 من الدستور. لكن بعض الاصوات تخرج بين حين واخر منددة بتحالف علاوي مع "شخصيات متشددة" في اشارة خصوصا الى رئيس قائمة "الحدباء" في نينوى اسامة النجيفي.

وفي هذا السياق، قال النائب فرياد راوندوزي ان "التحالف مع القائمة العراقية سيضر بالاكراد". واضاف ان "الاكراد اقرب الى قائمتي دولة القانون والائتلاف الوطني للدخول معهما في تحالف" مشيرا الى ان القائمة "العراقية توشك ان تتفكك لان فيها شخصيات كثيرة متشددة لا تنسجم مع علاوي الرجل المعتدل".

التيار الصدري واختيار رئيس الوزراء

وقال مصدر إعلامي في كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري ضمن قائمة الائتلاف الوطني العراقي، الجمعة، ان التيار بدأ بعد صلاة الجمعة بإجراء استبيان بشأن الشخصية التي يرغب العراقيون ترشيحها لتولي منصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة.

وأوضح المصدر لوكالة أصوات العراق أن “الصدريين سيجرون الاستفتاء حول الشخصية التي يرغب الناخبون العراقيون توليها لرئاسة الوزراء. مشيرا الى ان “الخيارات الموجودة ضمن ورقة الاستبيان هي خمسة شخصيات محددة، فيما سيترك الخيار السادس للمواطن”.

ولفت الى ان “الذين لهم حق المشاركة في الاستفتاء هم انفسهم الذين شاركوا في الانتخابات النيابية الماضية”، مبينا أن “الاستفتاء سيبدأ من بعد صلاة الجمعة والى وقت صلاة المغرب وعلى مدى يومي الجمعة والسبت”.

وتابع المصدر ان “الاستفتاء سيكون عبر فرق جوالة تنطلق بعد الصلاة، وكذلك عبر نقاط ثابتة يدلي الذين يريدون المشاركة بأصواتهم فيها”.

علاوي: العراق في خطر..

من جهته قال اياد علاوي ان تحالف الأحزاب الشيعية الكبرى الذي يهمش كتلته التي تضم قوائم أغلبها سنية قد يعيد العراق الى أعمال العنف الطائفية.

وقال علاوي وهو شيعي علماني ان الاندماج المقترح لتشكيل حكومة بين ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي والائتلاف الوطني العراقي الذي لقادته علاقات وثيقة مع ايران سيكون في واقع الامر عودة الى الحكم الطائفي.

وقال علاوي لرويترز في مقابلة "هذا سيسبب انتكاسة خطيرة وشديدة للبلد. وسيعيدنا الى نقطة البداية.. سيكون هذا مدمرا تماما."وأضاف "للاسف.. ولا قدر الله.. يمكنني أن أرى العنف.. وربما العنف الشديد."

وحصل علاوي على تأييد قوي من جانب الأقاليم السنية في شمال وغرب العراق مما جعله يفوز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس آذار في ضوء انشطار الائتلاف الشيعي الى قسمين..

وقال علاوي انه لا يرى لنفسه دورا في حكومة "طائفية" يسيطر عليها التحالفان الشيعيان وان تلك الحكومة لن تكون قادرة على ضم السنة الذين أيدوه. وأضاف "الطائفية شيء أقف ضده.. وأعتقد أن الحل الوحيد هو أن يكون العراق علمانيا. لا توجد وسيلة أخرى."

ومن جانب آخر قال علاوي في مقابلة مع "بي بي سي" انه "من الواضح تماما ان طهران تتدخل بشدة وهذا امر يدعو للقلق". واتهم علاوي الحكومة الايرانية بالتدخل بالشؤون العراقية عبر دعوتها كل الاحزاب الرئيسية ما عدا كتلته "العراقية" الى طهران للتشاور. وقال "وجهوا الدعوة للجميع للذهاب الى طهران لكنهم لم يدعونا". كما اعتبر انه "من الواضح تماما" ان ايران تسعى للحيلولة دون توليه رئاسة الوزراء.

فيما انتقد نائب رئيس الجمهورية العراقي المنتهية ولايته طارق الهاشمي الاجتماعات التي تعقدها احزاب عراقية في طهران معتبرا اياها "تدخلا مرفوضا".

وقال الهاشمي ان "التدخل في الشان الداخلي من قبل دول الجوار ظاهرة لا تخطئها عين الراصد". واوضح ان "ما يحصل اليوم في طهران حصل في دولة مجاورة لكن من سياسيين مختلفين قبل اشهر، لكن الملفت للنظر الصخب الاعلامي المعترض في حينه والسكوت المشوب بالرضا هذه المرة".

واضاف ان "التدخل بالتاكيد مرفوض خصوصا عندما يتجاوز المشورة وتبادل وجهات النظر ليصل الى عملية صنع القرار". واشار الى ان "التدخلات "ظاهرة مؤسفة سوف تعمل كتلة العراقية على وضع نهاية لها من خلال ترميم واصلاح الوضع الداخلي واطلاق مصالحة وطنية تجمع العراقيين على المشتركات والثوابت الوطنية". يشار الى ان وفدا من ائتلاف دولة القانون واخر من الائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني وصلوا قبل ايام الى طهران.

ايران تنفي التدخل في تشكيل الحكومة العراقية

ومن جانبها نفت ايران اي تدخل في شؤون العراق وذلك اثر اتهامات وجهها اليها اياد علاوي الذي فازت قائمته في الانتخابات التشريعية العراقية.

وقال رامين مهمانباراست المتحدث باسم الخارجية الايرانية للاذاعة والتلفزيون الايراني ان جهود الاطراف العراقية "لتشكيل الحكومة المقبلة هي شأن داخلي (عراقي) وهم سيقومون بذلك بداهة (..) دون اعتبار تحفظات الاجانب". واضاف "ان ايران لا تتدخل في هذا الامر". واشار ايضا الى ان ايران مستعدة "لاستقبال الحركات السياسية العراقية للمساعدة في تشكيل حكومة جديدة باسرع ما يمكن".

المالكي يوجه انتقادات حادة الى دور الامم المتحدة

وتناولت صحيفة الاندبندنت هجوم رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي على بعثة الامم المتحدة في العراق بسبب موقفها من دعوته الى اعادة عد الاصوات.

ويقول كبير مراسلي الصحيفة باتريك كوكبيرن ان عددا من الفائزين في الانتخابات الاخيرة قد القي القبض عليه بينما لجأ عدد اخر الى التواري عن الانظار خوفا من الاعتقال وهناك احتمال ان يتم الغاء عضوية عدد اخر في مجلس النواب المقبل بتهمة الارتباط بحزب البعث المنحل.

ويشير الكاتب الى أن المالكي قادر على التضييق على منافسيه مستفيدا من سيطرته على الاجهزة الامنية والمحاكم في العراق والمنافس الرئيس للمالكي اياد علاوي رغم فوز قائمته بمقاعد اكثر من كتلة المالكي في مجلس النواب في وضع ضعيف بسبب الخلافات بين القوى المتحالفة معه، فضلا عن ان قاعدته العربية سنية لا تمثل اكثر من 20 بالمائة من سكان العراق.

ولا يعرف رد فعل السنة اذا شعروا انه تم حرمانهم من الفوز الذي حققوه في الانتخابات لكن من المؤكد انهم سيساندون العمل العسكري في حال جرى تهميشهم ليؤكدوا لبقية العراقيين ان العراق لن يشهد الاستقرار دون مشاركتهم في الحكم.

اما المالكي فمشكلته ان له اعداء كثيرين في الداخل والخارج، ففي الداخل هناك معارضة قوية من الصدريين لبقائه في منصبه رغم ما يشيعه المقربون من المالكي من انه تم التوصل الى تفاهم بين الطرفين في مدينة قم الايرانية حيث يقيم مقتدى الصدر.

وحتى لو ضمن المالكي تأييد الائتلاف الوطني العراقي الشيعي سيظل بحاجة الى دعم الاكراد الذين لهم خلافات كبيرة معه ولن يثق لا الصدريون ولا الاكراد بأي وعود جديدة يقطعها لهم المالكي ولديهم شكوك قوية حيال نزعته التسلطية.

ويلفت الكاتب الى ان المالكي رغم سيطرته على بعض القوات الخاصة التي تتلقى الاوامر منه مباشرة لكنه لا يسيطر على الجيش وليس له نفوذ في وزارة الداخلية وبالتالي ليس من الوارد ان يقوم بانقلاب عسكري لكنه قد يجعل تشكيل الحكومة المقبلة اكثر صعوبة.

اما اعداء المالكي خارج العراق فهم كثر فايران غاضبة عليه لانه لم يشكل مع بقية القوى الشيعية تكتلا سياسيا موحدا لخوض الانتخابات المحلية العام الماضي وسورية والسعودية لهما موقف عدائي منه وحتى الولايات المتحدة لن تأسف على رحيله لضمان استقرار العراق تمهيدا لانسحاب القوات الامريكية كما هم مقرر.

ويختتم كوكبيرن مقالته بالقول ان العرب السنة في العراق سيشنون حملة جديدة من اعمال العنف لو حاول المالكي الاستمرار في الحكم عن طريق سرقة نتائج الانتخابات التي يرون انهم فازوا بها.

اما توبي دوج فتناول في الاندبندنت ايضا مواقف الساسة العراقيين خلال المرحلة التي سبقت الحملة الانتخابية وخلالها وبعد الاعلان عن نتائج الانتخابات ويقول ان هناك شواهد كثيرة على عدم احترام هذه النخب لقواعد اللعبة الديمقراطية والقانون.

ويشير دوج الى مواقف كل من المالكي وعلاوي خلال مرحلة فرز الاصوات والاعلان عن النتائج الجزئية للانتخابات، فحين كانت النتائج تميل لصالح المالكي كان صراخ علاوي يعلوا معلنا وقوع عمليات تزوير على نطاق واسع فيما كان المالكي يفند ادعاءات قائمة علاوي ويقول ان المخالفات البسيطة في عملية الانتخاب لن تغير النتائج لانه لا توجد انتخابات بلا مخالفات.

أما حين مالت النتائج لصالح القائمة العراقية سارع علاوي الى تغيير موقفه معلنا ان الشعب العراقي منح القائمة العراقية الثقة لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

إلغاء فوز النواب المرتبطين بالبعث

وفي هذه الأثناء قالت هيئة المساءلة والعدالة أن ستة من المرشحين الذين فازوا في الانتخابات العراقية الأخيرة يجب إلغاء فوزهم لعلاقتهم بحزب البعث، كما تقول. وإذا حدث ذلك فمن شأنه تغيير نتائج الانتخابات، التي يشكك فيها قانونيا بالفعل زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.

وكانت القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي فازت في الانتخابات بفارق مقعدين فقط، وهو فوز لا يمكنها من تشكيل حكومة.

ونقلت وكالة اسوشيتدبرس عن مسئول لم تسمه في هيئة المساءلة والعدالة أن أربعة من النواب الستة المطلوب تنحيتهم أعضاء في القائمة العراقية. وكانت الهيئة تشكلت للحيلولة دون تولي اي شخص ارتبط بالحزب الحاكم في عهد صدام حسين مناصب سياسية.

وقال المسؤولون انهم قدموا اسماء 52 شخصا قبل الانتخابات مطالبين بمنعهم من الترشيح، لكن المفوضية العليا للانتخابات لم تأخذ بتوصيات الهيئة تماما وفاز ستة من تلك الأسماء في الانتخابات.

وذكرت الوكالة ان النائبين الاخرين احدهما كردي والثاني عضو في ائتلاف دولة القانون. وقال عضو القائمة العراقية حامد المطلق" قرارات هيئة المساءلة والعدالة غير قانونية فهؤلاء النواب الستة الفائزون حصلوا على موافقة مفوضية الانتخابات.

الهاشمي يجدد موقفه..

وجدد نائب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته والقيادي في ائتلاف العراقية طارق الهاشمي، رغبته في ان يكون رئيس جمهورية العراق المقبل عربيا من اجل “ترميم العلاقة” بين العراق ودول  المنطقة، مؤكدا انه لن يرشح نفسه لهذا المنصب وان موقفه هذا ليس ضد الرئيس الطالباني ولكنه من أجل تحقيق مصلحة البلاد.

وقال الهاشمي لوكالة أصوات العراق على هامش توزيعه منحة مالية لموظفين في وزارات العدل والخارجية والبلديات متضررين من تفجيرات الاحد والاربعاء الداميين في بغداد العام الماضي إنه لم يرشح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية، لكنه يفضل ان “يكون رئيس الجمهورية الجديد في العراق عربيا من اجل ترميم العلاقة بين العراق ودول الاقليم”. واضاف ان موقفه هذا “ليس عدائيا لرئيس الجمهورية جلال طالباني وانما من اجل تحقيق مصلحة البلاد”.

كان الهاشمي قال  في حوار اجرته معه صحيفة الشرق الاوسط السعودية ان منصب رئيس الجمهورية “من حق أي عراقي، عربيا كان أو كرديا أو تركمانيا أو من أي قومية أخرى تتوافر فيه الشروط الدستورية، والترشيح لمنصب الرئاسة والتنافس وارد،”. منوها الى ان “المجال مفتوح ايضا  للتعبير عن وجهات النظر في هذا المنصب أو ذاك، أو في هذا المرشح أو ذاك”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/نيسان/2010 - 18/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م