إسرائيل وأمريكا.. غيمة عابرة أم انعطافة تاريخية

 أزمة تؤكد عنجهية تل أبيب واستهتارها

 

شبكة النبأ: قال وزير بارز في الحكومة الإسرائيلية أن الضغوط التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما على إسرائيل للحد من أنشطة الاستيطان ستعزز موقف المتشددين الفلسطينيين وتعرقل جهود السلام.

وتوترت العلاقات بين إسرائيل وواشنطن قبل ثلاثة أسابيع اثر إعلان إسرائيل خطة لبناء 1600 مسكن إضافي لليهود في مناطق في الضفة الغربية المحتلة ضمتها إسرائيل للقدس الشرقية.

وطالب الفلسطينيون بإلغاء المشروع الجديد قبل بدء أي محادثات سلام مع إسرائيل في ظل وساطة أمريكية. ويريد الفلسطينيون إقامة دولتهم في الضفة الغربية وغزة وان تكون القدس الشرقية عاصمة لها.

ووصف بيني بيجن عضو مجلس الوزراء المصغر رؤية واشنطن ازاء القدس بأنها مخالفة لما ارتأته الادارات الامريكية السابقة من ضرورة تسوية وضع المدينة من خلال التفاوض.

وقال بيجن لراديو اسرائيل "انه امر مزعج ومقلق بكل تأكيد. سيسفر هذا التغيير قطعا عما هو عكس الهدف المعلن. سيؤدي الى تشدد في سياسة العرب والسلطة الفلسطينية."

وتزامن الجمود الدبلوماسي مع تزايد في اعمال العنف الاسرائيلية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي لا تعترف بدولة اسرائيل وترفض استراتيجية السلام التي يتبناها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

واملا في انقاذ المفاوضات تسعى الولايات المتحدة الى أن تبادر اسرائيل بلفتات لم تحددها تنم عن حسن النية تجاه الفلسطينيين.

وصرح وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان لصحيفة معاريف بان ذلك يشمل "تجميد البناء في معظم المناطق اليهودية في القدس". وذكر اربع مستوطنات شرقية كمثال.

ورفض نتنياهو وقف أعمال البناء في القدس التي تعتبرها اسرائيل عاصمة ابدية وموحدة لها وهو زعم لا يحظى باعتراف دولي.

وقال ليبرمان في المقابلة "انا واثق من اننا سنقنع الولايات المتحدة بان هذا المطلب غير معقول."

واستقبل الرئيس الامريكي باراك اوباما رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو استقبالا لم تحطه الحفاوة المعتادة خلال محادثات جرت في البيت الابيض الاسبوع الماضي. وخلا الاجتماع من التقاط الصور ولم يعقبه اصدار بيان مشترك.

وعبر اخرون في مجلس الوزراء المصغر المؤلف من سبعة اعضاء عن مخاوفهم بشأن ادارة اوباما. ويوجه المجلس المصغر سياسة الحكومة ويهيمن عليه اليمينيون ومن بينهم رئيس الوزراء. وبيني بيجن هو ابن رئيس الوزراء اليميني الراحل مناحم بيجن وهو يعارض اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية.

وانسحبت اسرائيل من غزة في عام 2005 ولكنها تعهدت بالاحتفاظ بالكتل الاستيطانية في الضفة الغربية في ظل اي اتفاق. واتخذ وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك اليساري الوحيد في مجلس الوزراء المصغر مسارا مختلفا بشأن الخلاف مع الولايات المتحدة.

وقال "تبحث الادارة الامريكية عن اجابة لسؤال ما اذا كانت اسرائيل تسير معها بحيوية وجدية نحو تفاهمات عريضة في العملية الدبلوماسية."

وأضاف "بعبارة اخرى محادثات مباشرة بشأن قضايا محورية. يزعج هذا السؤال الادارة الامريكية أكثر من المطالب المحددة... التي لايزال يجري بحثها في الاتصالات بيننا."

وعرض نتنياهو مفاوضات مباشرة على الفلسطينيين دون شروط مسبقة. غير انه اوضح ان اسرائيل لن تقبل بدولة فلسطينية تتمتع بسلطات سيادية مطلقة وشدد على ضرورة اعترافها بدولة اسرئيل.

ويضع الخلاف مع واشنطن نتنياهو في مأزق سياسي اذ ان تلبية المطالب الامريكية بشأن المستوطنات بعد الاعلان عن تجميد جزئي لاعمال البناء لمدة عشرة أشهر في نوفمبر تشرين الثاني قد يعرض ائتلافه للخطر ويدعم المعارضة من تيار الوسط.

أمريكا وحق النقض الدائم لمصلحة إسرائيل

من جانب آخر قال مصدر دبلوماسي مقرب من الحكومة القطرية إن الولايات المتحدة قد تدرس إمكانية الامتناع عن استخدام حق النقض (الفيتو) في حال أجرى مجلس الأمن الدولي تصويتا على بناء وحدات استيطانية اسرائيلية في القدس الشرقية.

وقال هذا المصدر لبي بي سي إن مسؤولا أمريكيا رفيعا أبلغ وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني بأن الولايات المتحدة تفكر جديا في الامتناع عن التصويت.

وامتنعت واشنطن عن تأكيد هذه الأنباء، فيما قال مسؤول أمريكي إن التصريحات القطرية سابقة لأوانها.

ودأبت واشنطن على استخدام حق النقض لعرقلة صدور أي قرار يدين إسرائيل في مجلس الأمن الدولي.

ويقول مراسل بي بي سي في وزارة الخارجية الأمريكية إن هذه الخطوة قد تمثل خيارا محتملا بيد الإدارة الأمريكية للضغط على الحكومة الإسرائيلية في موضوع المستوطنات.

وقد سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو –في هذا السياق- إلى التقليل من شأن تصريحات نسبت إلى أحد مساعديه نعت فيها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بـ الكارثة على إسرائيل. بحسب رويترز.

ومن جانبه صرح ديفيد أكسلرود أحد كبار مستشاري الرئيس الأمريكي لقناة تلفزيونية أمريكية إن مصلحة الولايات المتحدة في أمن إسرائيل، وأن غياب أوباما عن مأدبة عشاء أقيمت بمناسبة الزيارة التي قام بها رئيس وزراء إسرائيل للولايات المتحدة لا يعد تجنبا مقصودا.

وفي سياق آخر، نفى اكسلرود أن يكون رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قد تعرض لإهانة عند زيارته البيت الابيض وهي الزيارة التي تمت بعيدا عن الكاميرات.

وصرح اكسلرود لشبكة سي ان ان لم تكن زيارة بروتوكولية، لم يكن لقاء شكليا. كان اجتماع عمل بين اصدقاء. وتابع لم تكن هناك نية لتوجيه اهانة. فاسرائيل صديقة مقربة، وهي حليفة ممتازة. وهذا رابط لا يمكن زعزعته.

إسرائيل: مطلب أمريكا غير معقول ونتائجه عكسية

وجدد وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، رفضه المطلق للمطلب الأمريكي بوقف البناء في القدس الشرقية، ودعا الحكومة الإسرائيلية إلى التمسك بموقفها الرافض للطلب الأمريكي الذي وصفه بأنه "غير معقول."

وأعرب  ليبرمان في حديث لصحيفة "معاريف"، نقلت الإذاعة الإسرائيلية مقتطفات منه، عن ثقته في نجاح المساعي لإقناع واشنطن بالعدول عن هذا المطلب، الذي تمخض عنه توتر حاد بين الحليفين إثر إعلان تل أبيب بناء 1600 وحدة سكنية جديدة بالقدس الشرقية الشهر الماضي. وحث الحكومة الإسرائيلية على رفضه ولو "بثمن باهظ"، كما نقلت الإذاعة الإسرائيلية.

وفي تفاعل للأزمة القائمة بين الحليفين الإستراتيجيين التي نفاها مسؤولون أمريكيون بالتشديد على متانة الروابط بين الجانبين، رأي الوزير الليكودي، بيني بيغين، أن الضغط الذي تمارسه إدارة الرئيس باراك أوباما، على إسرائيل سيأتي بنتائج عكسية. وقال إن موقف واشنطن سيؤدي إلى تصليب المواقف الفلسطينية والعربية.

ورفض المساعي الأمريكية لفرض تسوية على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، واصفاً إياها بـ"العبثية" مؤكداً أن القدس عاصمة لإسرائيل ولا تنازل عنها.

وعلى صعيد متصل، اتسمت لهجة وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، بالحيادية مشيراً إلى أن الإدارة الأمريكية الراهنة تولي ضمان أمن إسرائيل اهتماماً كبيراً كسابقاتها من الإدارات، داعياً للعمل بانسجام معها نحو تحقيق هدف حل القضايا الجوهرية الخاصة بالنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. بحسب سي ان ان.

هذا وقد اعتبر القادة العرب في قمة "سرت" التي اختتمت أعمالها الأحد أن القدس الشرقية "جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وان الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية فيها باطلة ومنعدمة قانونا وحكما،"ودعوا مصر إلى مواصلة الجهود الرامية لتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وتعهدوا بالعمل لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة بشكل فوري."

وأخفق القادة العرب في التوصل إلى اتفاق بشأن استئناف الفلسطينيين محادثات السلام مع إسرائيل. ويذكر أن لجنة المتابعة لوزراء الخارجية العرب صادقت في  اجتماعها الأخير بالقاهرة على اقتراح أمريكي لـ"تحريك" عملية السلام، من خلال مفاوضات فلسطينية "غير مباشرة" مع إسرائيل لمدة أربعة شهور.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 31/آذار/2010 - 14/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م