عبر الرعاية الصحية.. الديمقراطيون يرسّخون أقدامهم في البيت الأبيض

قانون الرعاية الصحية مُنجَز لأوباما وتثبيط لهِمم الجمهوريين 

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: حقق الرئيس الأميركي باراك أوباما حلماً راود أسلافه منذ قرن تقريباً مثل الرئيس تيودور روزفلت 1912، بعدما أجاز مجلس النواب الأميركي مشروع قانون تاريخياً يهدفُ إلى إصلاح نظام الرعاية الصحية بأكثرية 219 صوتاً. ويؤمّن القانون الرعاية الصحية لنحو 32 مليون أميركي محرومين منها.

وأشاد أوباما بالنواب معتبراً أن التصويت لم يكن سهلاً، ولكنه التصويت الصحيح. ووقع أوباما مشروع إصلاح الرعاية الطبية ليصبح قانوناً نافذاً، فيما نوّه إلى أن تلك اللحظة تعد مثالاً أخيراً على أن الولايات المتحدة ترقى للتحديات الرئيسية الكبرى من أجل مصلحة شعبها كله.

وقال أوباما وهو يوقع عليه "إنني أوقع مشروع القانون ليصبح قانوناً بالنيابة عن والدتي التي جادلت شركات التأمين حتى وهي تكافح مرض السرطان في أيامها الأخيرة."

وفيما كان أوباما يوقع مشروع القانون، تعهد الجمهوريون والمحافظون بإسقاط القانون أو اعتباره غير دستوري، حيث قام 13 مدعياً عامّاَ برفع دعوى قضائية ضد القانون.

وتعهد الجمهوريون بمواصلة المعركة بعدما أقر الكونجرس إصلاحا تاريخيا لنظام الرعاية الصحية قدمه اوباما في حين تعهدت أكثر من عشر ولايات امريكية بتقديم طعون قضائية جديدة وارتفعت اسهم الصحة.

وتوج التصويت بفارق ضئيل لإقرار المشروع بشكل نهائي في مجلس النواب الامريكي صراعا سياسيا استمر عاما استهلك الكونجرس وأضعف شعبية أوباما لكن اكبر تغييرات في سياسة الرعاية الصحية في اربعة عقود لا تزال تواجه تحديات.

وقال النواب العامون الجمهوريون في ما لا يقل عن 12 ولاية انهم سيرفعون دعاوى قضائية للطعن في دستورية الاصلاح مجادلين بأنه ينتهك سيادة الولايات.

وقال أوباما إن القانون الجديد يقضي بحصول نحو 4 ملايين مالك للأعمال الصغيرة على ائتمانات ضريبية للمساعدة على تغطية تكاليف توفير الرعاية الصحية لموظفيها.

وأضاف أنه لن يكون بإمكان شركات التأمين فصل الحاصلين على التأمين والتوقف عن منحهم التأمين الصحي عند مرضهم، أو وضع قيود ومحددات على المبالغ التي يتلقاها المؤمنون صحياً.

ويعد قانون الرعاية الصحية الجديد أكبر توسّع في ضمانات الرعاية الصحية الفيدرالية منذ ما يزيد على أربعة عقود، كما أن التوصل إليه يعد انتصاراً كبيراً لأوباما والديمقراطيين بعد "معركة نيابية وتشريعية طاحنة وقاسية" تعود إلى بداية فترة توليه منصبه الرئاسي. بحسب سي ان ان.

وجاء إقرار القانون رغم مقاطعة كافة الأعضاء الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ، في حين أن الأعضاء المحافظين من الديمقراطيين طالبوا بمشروع قانون منفصل يدعو إلى إجراء تغيير على القانون الجديد للحصول على الدعم الكافي في مجلس النواب من أجل الموافقة عليه.

ويعد القانون الجديد أكبر توسع في ضمانات الرعاية الصحية منذ إنشاء مؤسستي "ميدي كير" و"ميديك أيد" قبل أكثر من 4 عقود.

ومن المتوقع أن تبلغ كلفة القانون الجديد حوالي 940 مليار دولار، بحيث تشمل التأمين على التغطية الصحية لأكثر من 32 مليون أمريكي إضافي.

وجاء إقرار مشروع إصلاح نظام الرعاية الصحية في البلاد بتأييد 219 عضواً ومعارضة 212، منهم 178 عضواً جمهورياً، أي كل النواب الجمهوريين في المجلس، بالإضافة إلى 34 نائباً ديمقراطياً.

إصلاحات الرعاية الصحية تثير انقساماً بين الأمريكيين

وحظيت التغييرات الشاملة في نظام الرعاية الصحية الامريكي بإشادة في الدوائر السياسية بصفتها أكبر تغيير في السياسة الصحية منذ أربعة عقود لكن إصلاحات الرئيس باراك أوباما خلقت انقساما وحيرة عند بعض الأمريكيين.

وقالت كاثي ايفسيتش (53 عاما) التي تعمل في مجال السمسرة العقارية بينما كانت تعرض منزلا على زبون "لا أعلم شيئا عنها.. ولهذا يتعين علي أن أشاهد الاخبار الليلة لمعرفة ما يجري.. لانني لا أعرف ما اذا كانت ستؤثر علي أو كيف ستؤثر علي كمتعاقدة مستقلة."

وبينما تصدرت أنباء اقرار تشريع الرعاية الصحية في الكونجرس عناوين الاخبار لم يبد كثير من الناس في وسط مانهاتن رد فعل عندما طلب منهم التعليق على الامر قائلين انهم لا يعلمون ما يكفي بشأنه.

ولكن باتريك جيل (48 عاما) الذي يعيش في مانهاتن ويعمل في مجال المراهنات في مدينة نيويورك قال انه تابع المناقشات والتصويت الذي جرى يوم الاحد في مجلس النواب الامريكي وقال انه مسرور من النتيجة.

وأضاف "لا أعتقد أن الجميع قرأ (التشريع) بأكمله.. بالنسبة لي شخصيا فالشركة تغطيني (من حيث التأمين الصحي) لذا فأنا لست متأكدا مما اذا كان الامر سيكون له تأثير مباشر علي."لكن هناك كثيرا من الناس في كثير من الاوضاع المعيشية السيئة بسبب عدم نيلهم التغطية الصحية الكافية وأنا سعيد من أجلهم بهذه النتيجة."

وقال جون ميندل (62 عاما) وهو مراقب بنوك في نيبلس بفلوريدا انه على الرغم من أنه يعتقد أن هناك مشاكل في نظام الرعاية الصحية يتعين اصلاحها فان التغييرات الشاملة تقلقه. وأضاف "ان تخفيض خدمات (برنامج) ميديكير تقلقني وكذا الثمن النهائي الذي يتعين علينا دفعه وأعتقد أنه سيكون أكبر بكثير مما يشير اليه مكتب الموازنة التابع للكونجرس. "ولكن امل أن تؤول الرئاسة للجمهوريين بحلول 2012 وأن يعيدوا النظر في الاجزاء البغيضة في هذا القانون."

وقالت ميليزا تايبي التي تعيش في نيويورك ولها تجارة صغيرة في مجال المفروشات انها تؤيد القانون ولكنها غير متأكدة من الكيفية التي سيؤثر بها على عملها. وقالت "أعتقد أن (أوباما) اختار الاختيار الصائب.. ولكن أظنني بحاجة لمزيد من المعلومات."

ولم يكن دوج هيل (32 عاما) الذي يعمل في مجال المساعدة القانونية متيما بهذا التعديل فقال "انه لا يحل المشكلة المهمة وهي أن تكاليف التأمين كبيرة وهناك كثير من الناس لا يمكنهم تغطية تكاليفها."

وقال ستيف كريتيلا (25 عاما) الموظف في متجر تابع لشركة أبل في نيبلس بفلوريدا انه لا يفهم لماذا لا يؤيد الجميع في الولايات المتحدة التغيير الشامل لنظام الرعاية الصحية. وأضاف "أعتقد أنه بصفتنا قوة كبرى يتعين علينا تحمل مسؤولية رعاية أبنائنا."

نظام الرعاية الصحية وحرب المائة عام

ونظام الرعاية الصحية الذي اجتاز مرحلة تاريخية في الولايات المتحدة بعد إقرار مجلس النواب الأمريكي الأحد مشروع قانون إصلاحي شامل له أثار جدلا على مر قرن من الزمان حيث فشل عدد كبير من رؤساء هذا البلد في تسوية هذا الملف الذي حار بين الأطباء وشركات التأمين.

ففي عام 1912 الرئيس الأمريكي تيودور روزفلت جعل محور حملته الانتخابية مشروع رعاية صحية مستوحى من إصلاحات أطلقها بيسمارك في المانيا قبل اربعين عاما ولكنه هزم في الانتخابات أمام خصمه وودرو ولسون في سباق البيت الأبيض.

ثم جاء عام 1933 حيث فكر فرانكلين روزفلت ،ابن شقيق الرئيس روزفلت وصاحب "العقد الجديد" الهادف إلى إخراج البلاد من أزمة 1929، في نظام للرعاية الصحية لكن الهيئة الطبية أدانت الخطة التي لم تبلغ حتى مرحلة مشروع قانون.

1945 هاري ترومان الذي تولى الرئاسة خلفا له اقترح فرض نظام إجباري للتأمين والمشروع يفشل في الكونجرس.

وفي عام 1962 تكرر الأمر ذاته مع الرئيس جون كينيدي الذي اقترح مشروعا للرعاية الصحية للمسنين ولكن المشروع لم يحظ بقبول الكونجرس.

وكان الرئيس التالي ليندون جونسون أوفر حظا ممن سبقوه ففي عام 1965 نجح جونسون في إقرار برنامجين للمساعدة هما "ميديك-ايد" للفقراء وميديكير للمعوقين والذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر ويستفيد حوالى مئة مليون شخص من البرنامجين اليوم.

1976 الرئيس جيمي كارتر يقوم بحملة من أجل نظام رعاية صحية شامل أُرجىء المشروع في عهده بسبب عقوبات اقتصادية.

وفي عام 1989 ألغى الكونجرس قانونا أقر قبلها بـ18 شهرا بمبادرة من الرئيس رونالد ريجان يجنب المسنين كارثة مالية إذا أصيبوا بمرض خطير.

وفي عام 1994 قدم بيل كلينتون مشروعا للرعاية الصحية الشاملة دعمته ودافعت عنه زوجته هيلاري كلينتون التي كانت عضوا في مجلس الشيوخ ولكن الكونجرس رفض إقراره .

ثم جاء عام 2010 حيث أقر مجلس النواب الأمريكي مشروع إصلاحي تقدم به الرئيس باراك اوباما لنظام الرعاية الصحية يسمح بتغطية أكثر من ثلاثين مليون مواطن أمريكي حرموا من الاستفادة بمزاياه من قبل.

ولا ينص قانون الإصلاح على إنشاء صندوق عام للرعاية الصحية لكنه يجبر كل شخص على التأمين أو دفع غرامة تبلغ 5,2 بالمائة من دخله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/آذار/2010 - 11/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م