نتائج الانتخابات العراقية: الواقع يفرض الشراكة والمساومات

علاوي يبدأ مشاوراته والمالكي يرفض النتائج

 

شبكة النبأ: يبدأ اياد علاوي رئيس قائمة العراقية التي فازت في الانتخابات البرلمانية مشاوراته لتشكيل الحكومة، ويحتاج علاوي لإقناع باقي الكتل السياسية للانضمام إلى تحالفه إن أراد تشكيل الحكومة، في ضوء احتمالات كبيرة تفيد بأنه غير قادر على تحقيق أغلبية بسيطة تتيح له تسنّم الرئاسة المقبلة، خاصة وأن في قائمته العديد من السنّة المتشددين تجاه قضايا الأكراد الذين لا يمكن تجاوزهم في أي تحالفات حالية على ضوء النتائج التي حققوها، فضلا عن إمكانية عودة التحالف بين الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون مع الأكراد لتشكيل أغلبية برلمانية تتيح لهم تنصيب رئيس حكومة.

وقال علاوي إنه مستعد للعمل مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة وطنية. وأضاف في تصريحات للصحفيين ان نتائج الانتخابات تعني تكليف العراقية بتشكيل الحكومة المقبلة والعمل مع كل الاطراف التي فازت او التي لم تفز لتشكيل الحكومة.

وقال إن العراق يعبر عن استعداده لمد يد الأخوة لكل دول الجوار, سورية والسعودية وتركيا وايران والاردن والكويت, على أساس التواصل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وفور إعلان النتائج, سارع المالكي محاطاً بأعضاء قائمته إلى رفض النتائج معتبرا أنها غير نهائية ومؤكدا انه سيطعن بها أمام المحكمة الدستورية.

وقال المالكي للصحفيين إن ائتلاف دولة القانون سيمضي نحو تشكيل حكومة وطنية. مضيفا "نجري حوارا باتجاه تشكيل الكتلة النيابية الأكبر التي ستتولى تشكيل الحكومة المقبلة والأمور تحت السيطرة وتسير بشكل طبيعي.

يشار الى ان الدستور ينص على قيام رئيس الجمهورية بتكليف الكتلة الأكبر عددا بتشكيل الحكومة من دون أن يوضح ما إذا كانت الكتلة المشار إليها هي نفسها التي خاضت الانتخابات أم انه يمكن أن تكون الكتلة قد تشكلت بعد الانتخابات.

وأكد المالكي أن نتيجة الانتخابات غير متوقعة وأضاف،" لقد أعلنت النتائج في أجواء المطالب بضرورة العد والفرز اليدوي من اجل إعطاء صورة واضحة وشفافة, وما دام هناك شكاوى فسيبقى التلاعب والشك موضع اهتمامنا ولا بد للمفوضية ان تنظر بكل الطعون والشبهات .

وأضاف لا بد من اجراءات شفافية وإعادة فرز النتائج في بعض المحافظات التي ظهرت فيها شكاوى وهذه النتائج ليست نهائية.

من جهتها رحبت الولايات المتحدة بانتهاء العملية الانتخابية في العراق, معتبرة أنها محطة مهمة في التطور الديمقراطي للبلاد وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي نهنئ الشعب والحكومة العراقيين.

بدورها أكدت السفارة الأمريكية في بغداد وقائد القوات الأمريكية في العراق عدم وجود أدلة على حصول عمليات تزوير بشكل واسع.

كما أعلن ممثل الأمم المتحدة لدى العراق آد ميلكرت ان الانتخابات كانت ناجحة وتتمتع بالمصداقية مناشدا جميع الاطراف قبول النتائج مهما كانت.

وكانت النتائج النهائية التي أعلنتها المفوضية قد أظهرت فوز قائمة علاوي بحصولها على 91 مقعدا، في حين حصل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي على 89 مقعدا، بينما حصل الائتلاف الوطني العراقي على 70 مقعدا، وحصلت القائمة الكردستانية على 43 مقعدا.

وأكد رئيس المفوضية فرج الحيدري الذي أكد ان نتائج الانتخابات أيا كانت، تعد فخرا للشعب العراقي، وهنأ كل الأطراف الفائزة، وقال إن فوزها يعد نصرا للشعب العراقي.

ثم ألقى أد ميلكرت كبير مراقبي الأمم المتحدة كلمة اعترف فيها بوقوع بعض الثغرات، مؤكدا ادانته لها، إلا أنه اكد ان الثقة في قدرة نظام الاقتراع على أن يعكس النتائج الحقيقية.

قال إن لجنة مراقبي الأمم المتحدة لم تجد دليلا على أي فشل منهجي واسع، واعتبر المشاركة في الانتخابات نجاحا جماهيريا.

وقال ميلكرت إن الانتخابات العراقية كانت ناجحة وتتمتع بالمصداقية مناشدا جميع الاطراف قبول النتائج مهما كانت.

وادى بطء عملية الفرز في محطات الاقتراع الناجم بحسب المفوضية على مراحل عدة للتدقيق في النتائج، الى اتهامات بالاحتيال والتلاعب من مختلف الاطراف السياسيين.

ومن شأن نتائج كهذه تأخير تشكيل حكومة عراقية لصعوبة المفاوضات بين القوائم التي تسعى الى تشكيل تحالفات مع قوائم اخرى كقائمة التحالف الكردي.

ويترقب العراقيون أن تكون اختياراتهم البرلمانية عاملا أساسيا لتكريس المكتسبات الأمنية التي تحققت حتى الآن دعما لاستقرار بلدهم، بعد سنوات من الصراع الطائفي الدامي، مع قرب انسحاب القوات الأمريكية منه.

وبحسب النتائج، فقد فازت قائمة "الائتلاف الوطني" التي يقودها تحالف من التيار الصدري والقيادي الشيعي أحمد الجلبي في ثلاث محافظات هي ميسان وذي قار والقادسية، وحصلت بالإجمال على 70 مقعداً.

أما قائمة "العراقية" ففازت في أربع محافظات هي صلاح الدين والأنبار وديالى ونينوى، وحققت المرتبة الثانية في بغداد مع 24 مقعداً، وتعادلت في كركوك مع التحالف الكردستاني بست مقاعد، ليكون مجموع مقاعدها 91 مقعداً.

وبالنسبة لقائمة المالكي "دولة القانون،" فقد فازت في ست محافظات هي البصرة والمثنى والنجف وواسط وبابل وبغداد، وبلغ مجموع مقاعدها 89 مقعداً، في حين فاز التحالف الكردستاني في السليمانية وأربيل ودهوك الواقعة بإقليم كردستان العراق. بحسب سي ان ان.

وكان المئات من أنصار المالكي قد خرجوا إلى الشوارع الجمعة للتظاهر من أجل مطالبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بإعادة فرز أصوات الناخبين يدوياً.

وتجمع المتظاهرون خارج المقر الحكومي في وسط بغداد، فيما كانت الطائرات المروحية تحلق فوقهم، وكانوا يهتفون بشعارات مناهضة لحزب البعث شبيهة بتلك التي رفعها المالكي خلال حملته الانتخابية.

ومن بين الشعارات التي رفعوها "لا لعودة البعثيين" ورفع آخر لافتة كتب عليها "بالأمس أعدموا أبناءنا.. واليوم يعدمون أصواتنا."

ورغم مطالب المالكي وأعضاء ائتلافه، وكذلك رئيس الجمهورية العراقية جلال طالباني، بإعادة فرز الأصوات يدوياً بزعم التزوير، إلا أن هيئة الانتخابات رفضت تلك المطالب.

وقال المتحدث باسم الهيئة، القاضي قاسم العبيدي، إنه ما لم يكن هناك "أسباب مقنعة" وأدلة قوية على انتشار التزوير، فإنه لن تتم إعادة فرز الأصوات.

وزعمت كل الأحزاب الرئيسية وقوع مخالفات في الانتخابات إلا أن المالكي وأنصاره كانوا الأعلى صوتا بعدما وضعت النتائج الأولية قائمة علاوي في المرتبة الفائزة الاولى.

وعبر دبلوماسيون أجانب ومحللون عن مخاوفهم بشأن احتمال تجدد العنف اذا رفضت الاحزاب الخاسرة قبول النتائج. وتراجع العنف بشكل كبير في العامين الاخيرين لكن هجمات يلقى باللوم فيها على متشددين من السنة تحدث بشكل يومي.

وقال العميد قاسم الموسوي المتحدث باسم خطة فرض الامن في بغداد ان قوات الامن لم تفرض حظرا للتجول لكنها ستكون مستعدة لمواجهة أي بوادر اضطرابات مع اعلان النتائج. وأضاف أن قوات الامن ونقاط التفتيش منتشرة بكثافة في كل مكان لطمأنة الناس ومواجهة مخاوفهم.

العودة إلى مربع النفوذ الأمريكي

وعلمت صحيفة الوطن الكويتية إن ابرز مظاهر العودة إلى مربع النفوذ الأمريكي تمثلَ في عدة لقاءات وصفتها مصادر دبلوماسية بأنها " استطلاعية " قام بها السفير الأمريكي كريستوفر هيل لعدد من القيادات العراقية وترك لهم الإعلان عنها، ولم يتم الإعلان عن هذه المقابلات سوى مقابلة هيل مع عادل عبد المهدي، نائب الرئيس العراقي واحد ابرز المرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة.

وترجح المصادر ان تعتمد السفارة الأمريكية فكرة تشكيل حكومة أغلبية برلمانية، اذا حصل التوافق السياسي من قبل الكتل الفائزة، مع ضمان التداول السلمي للسلطة، مشيرة الى ان هذه المقابلات نقلت رسالة امريكية مفادها ان واشنطن ترى نجاح الانتخابات في التداول السلمي للسلطة، وفشلها في رفض الخاسرين للمعركة الانتخابية التسليم بنتائجها.

وعن تشكيل الحكومة المقبلة وشخص رئيس الوزراء العراقي، قالت المصادر" الواضح في التصور الامريكي ان المرحلة المقبلة في العراق تتطلب الحد من النفوذ الايراني، بعد تصاعد دخان العقوبات ضد ايران ومفاعلاتها النووية، وهذا يترجم على الارض العراقية بترجيح شخصية بعيدة عن ايران، وهناك عدة افكار امريكية وبريطانية تطرح عبر القنوات الدبلوماسية، باهمية ان يكون رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي مرشحا لرئاسة الحكومة المقبلة، او أي شخصية اخرى تعرف بعدم ولائها المطلق لايران، وفقا لمنظور استراتيجي امريكي يفرض على المشهد العراقي فرضيات التنازع في المصالح ما بين طهران وواشنطن.

وردا على سؤال "الوطن" عن المرحلة المقبلة في تطبيق الاتفاقية الامنية واحتمالات الانسحاب الامريكي العسكري في توقيتاته المعلنة التي لا تتجاوز نهاية عام 2011، قالت المصادر الدبلوماسية، أن صناع الأفكار في مراكز الدراسات الأمريكية ومنهم الباحث انتوني كوردزمان، قدموا تصوراتهم إلى البيت الأبيض لاسيما مكتب العراق في مجلس الأمن القومي، للنظر في كيفية تفعيل هذه الاتفاقية في شقيها الامني والاقتصادي.

وأشارت الدراسة الأخيرة التي قدمها كوردزمان وهو خبير في الشؤون العراقية لدى البنتاغون بان أي تفعيل للاتفاقية الإطارية بين العراق والولايات المتحدة تندرج تحت أربع فئات رئيسية، تتمثل في اعتماد العراق على القطاع النفطي في المدى القصير والمتوسط لتمويل الجهد الأمني وأهمية استمرار ضمان الإدارة الأمريكية لهذه الأموال في صندوق التنمية العراقي الذي تديره الأمم المتحدة يما يضمن دعم الجهد الدولي لاستقرار العراق، فضلا عن وجود مشاكل مهمة في القطاعات الاقتصادية الأخرى بما فيها الزراعة والصناعة والكثير من القطاعات الخدمية مثل الصحة والتعليم، التي تتطلب جهدا عراقيا اكبر من الحكومة المقبلة لتوفيرها خلال السنوات الأربع المقبلة.

أما الفئة الثالثة فهي إمكانية تفعيل الاتفاقية الإطارية وتعتمد على إعادة تدوير أموال الجهات المانحة للاستثمار في العراق خلال السنوات القليلة المقبلة، بالشكل الذي يخرجها من لبس الفساد الإداري والمالي، والتي لم ترق إلى تحقيق ما كان يفترض بها تحقيقه في الأعوام الماضية، وكانت الخلافات حول أماكن تنفيذ هذه الاستثمارات محل خلافات بين شركاء العملية السياسية.

وتتبلور الفئة الرابعة في هذا المجال، بقدرات العراق على تطوير مستويات أفضل للأمن التي من شانها أن تسمح بتطوير اقتصاده بشكل طبيعي وتجذب الاستثمارات بعد طمأنة الشركات الدولية بان سوق العراق " آمن" في بيئته القانونية والأمنية لإعادة إعمار البنى التحتية للبلد.

وزير الداخلية يعبّر عن صدمة ائتلافه الانتخابي

من جانب آخر أشاد وزير الداخلية العراقي جواد البولاني بالنتائج التي حققها ائتلاف وحدة العراق بزعامته في الانتخابات التشريعية، لكنه وصف هذه النتائج بأنها "صدمة مدهشة".

وقال البولاني خلال مؤتمر صحافي ان "النتائج كانت صدمة مدهشة بالنسبة لنا". ومن المتوقع ان يحصل "ائتلاف وحدة العراق" الذي يضم كيانات سياسية عدة ابرزها قادة الصحوات على اربعة مقاعد من اصل 325 في البرلمان المقبل، بحسب النتائج الاولية لاكثر من تسعين بالمئة من محطات الاقتراع .

واضاف "يتحدثون عن صعوبة العد والفرز اليدوي لكافة المحطات في البلاد، نحن نطلب فرز نماذج عشرة بالمائة من كل محطة في كل المناطق التي حصلت فيها إشكالات".

وتابع ان "ائتلافنا كان يصارع ارادات سياسية، تحاول منع التوجهات الوطنية (...) فقد حاول خلق نموذج نوعي يحمل الاعتدال والوسطية، لكننا واجهنا قوى لا ترغب ان يكون هناك شركاء في العملية".

وأكد وزير الداخلية أن "الهدف هو إقصاء ائتلافنا من الحضور النيابي" لكنه شدد على أن "مشروعنا سياسي وليس انتخابيا". وقدم اقتراحا يتضمن "تاجيل اعلان النتائج الاولية بضعة ايام وان يستضيف رئيس الجمهورية مجلس المفوضين مع ممثلين عن الكيانات التسعة التي حققت نتائج ايجابية للاتفاق على سبل موضوعية للتحقيق في الخروقات التي رصدت اثناء عملية الانتخاب".

وحول المخاوف من تدهور الأوضاع الأمنية، قال البولاني "لن نسمح لأي جهة بخلق إرباكات داخل البلاد". لكنه أكد أن ما حصل "جريمة كبيرة تتحملها كل الجهات بما فيها مفوضية الانتخابات".

حقائق عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي

وحلَّ ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في المركز الثاني في انتخابات برلمانية اعتبرت اختبارا للديمقراطية الهشة في العراق. وقال المالكي انه في طريقه لتشكيل أكبر كتلة في البرلمان وانه لا يقبل نتائج الانتخابات. وفيما يلي خمس حقائق عن المالكي، بحسب رويترز:

- ولد المالكي في قضاء الهندية جنوبي بغداد عام 1950، يحمل درجة الماجستير في اللغة العربية وعمل بوزارة التعليم قبل أن يفر الى سوريا المجاورة عام 1980 ثم إلى إيران اثر حكم بإعدامه لنشاطه السياسي، عاد بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاح بالدكتاتور الراحل صدام حسين.

- برز المالكي على الساحة السياسية العراقية في ابريل نيسان 2006 بصورة الشيعي الإسلامي الصارم القادر على الجمع بين الفصائل المتناحرة في حكومة وحدة وطنية. أدى اليمين الدستورية رئيسا للوزراء في مايو أيار 2006.

- سعى المالكي جاهدا للسيطرة على حكومة تسودها الانقسامات تألفت من تحالفات هشة. لكن في العامين الأخيرين اكتسب قوة بعد أن حقق نجاحات كبيرة في مجال استتباب الأمن ومكافحة الإرهاب الذي تقوده فصائل سنّية من القاعدة والبعث، وبعدما قرر إرسال الجيش لقتال ميليشيات شيعية في العاصمة بغداد والبصرة جنوباً ونجح في تحقيق انخفاض حاد في أعمال العنف بوجه عام.

- على مدار الوقت أصبح الكثير من حلفاء المالكي السابقين خصوما. وكان رد فعله على انتقادات من مشرعين أمريكيين عام 2007 غاضبا كما أن علاقاته ببعض مسؤولي الجيش الامريكي في العراق سيئة. يضمر كراهية واضحة لنظام الدكتاتور الراحل صدام حسين الذي قمع الاغلبية الشيعية واغتال الكثير من زملاء المالكي السياسيين. ويخشى الكثير من السنة من أنه ليست له مصلحة تذكر في منحهم نصيبا عادلا من السلطة.

- نجح المالكي في إقامة علاقات دبلوماسية جيدة مع إيران التي خاضت حربا منذ عام 1980 وحتى عام 1988 مع العراق في عهد صدام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 28/آذار/2010 - 11/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م