القاص إبراهيم سبتي في حوار مع النبأ:

الصراع بين السياسي والمثقف يبدو طبيعيا

خاص/ شبكة النبأ

 

- الانتخابات بفعلها العملي امتياز آخر يضاف الى منجز مشهد التغيير العراقي

- انبثاق مشروع اصلاحي يتعلق بالثقافة ليس ترفا انما هو مسؤولية تضامنية

- السياسي يحتاج الى المثقف لان الدائرة لا تكتمل الا بمشاركة المثقف في صنع القرار

 

شبكة النبأ: تتطلب ثقافتنا نهضة حقيقية تتضافر فيها جهود السياسي والمثقف على نحو واسع، نتيجة للمتراكم من الاخطاء والعثرات في المجال الحيوي الذي يتصدر مصادر زيادة الوعي الشعبي، وطالما أن العراق مقبل على الانتخابات النيابية القادمة فنحن نتوقع أن يكون للثقافة حصة جيدة من الاهتمام، خاصة ان المثقفين جميعا يتفقون على اننا بحاجة الى مشروع اصلاحي واسع يأخذ على عاتقه ترميم الثقافة والنهوض بها الى مصاف الثقافات التي غالبا ما يكون لها دور الريادة والقيادة في المجتمع، وقد انتهزت (شبكة النبأ المعلوماتية) وجود القاص والروائي العراقي ابراهيم سبتي في كربلاء، فتم تداول الحديث معه بخصوص الواقع الثقافي وما يتعلق بالإنتخابات القادمة والقدرات التي يمكن أن تقدمها لإعادة هيكلة الثقافة العراقية وتنشيطها في آن، وقد سألنا القاص سبتي:

* هل ترى ثمة بارقة في العملية الانتخابية التي جرت مؤخرا لاصلاح الاوضاع العراقية لاسيما الثقافية منها كونها العصب الرئيس لمضاعفة الوعي الشعبي؟

- كل ممارسة انتخابية جديدة هي بالضرورة ممارسة ديمقراطية نحن نحتاجها لترميم وضعنا الثقافي والسياسي وغيرهما. ومعروف  ان كل جديد له ميزاته الجديدة. اما الانتخابات بفعلها العملي فهي امتياز آخر يضاف الى منجز مشهد التغيير العراقي الذي خرج من بالون الاختبار التجريبي الى حيز التطبيق. فهي اذن في كل الاحوال ستكون مختلفة عن سابقتها في كل المعايير وخاصة ان السياسيين اكتسبوا خبرة ادارة السلطتين التشريعية والتنفيذية مما يؤهلهم هذه المرة الى انتاج سياسة ثقافية وعامة تختلف تماما وبالتالي فانها ستنعكس على الواقع العراقي بتفاصيله.. ارى ان الانتخابات القادمة ستضيف شيئا للمواطن العراقي المبتلى، هو ايجابي بالتاكيد.

* هل الثقافة أخذت دورها الصحيح كما يجب ولماذا؟ وما هو دورها الصحيح إذن؟

- الثقافة العراقية تحتاج الى حاضنة تفعّل دورها في مستوياتها اكافة. فالمنجز الشخصي للمثقف والاديب والفنان بحاجة الى دافع يعمل على اظهاره للناس وهذا الدافع هي الدولة التي يجب ان تعطي المثقف دوره الحقيقي الذي افتقده منذ عقود خلت. اجد ان الثقافة العراقية لم تصل الى عافيتها بعد العلل التي اصابتها. انها ظلت تعاني من الكثير من اللامبالاة. كان من المفترض ان تنتعش الثقافة بعد زوال الكابوس الذي كان يجثم على انفاسها وبالتالي ظلت تترنح تحت اجتهادات بعض السياسيين فجعلها تئن ثانية من الانكفاء. اعتقد ان انبثاق مشروع اصلاحي يتعلق بالثقافة ليس ترفا كما يظن البعض، انما هو مسؤولية تضامنية لرفع الشأن العراقي في المحافل. وان تشجيع ومساندة المثقف سيؤدي الى وضع عجلة الابداع على سكتها الصحيحة.

* هل نحن بحاجة الى اصلاح ثقافي وكيف يكون ذلك من وجهة نظركم؟

- الاصلاح الثقافي يرتبط مصيريا بالاصلاحات الاخرى، فلا تطور ثقافي في ظل تعثر في العملية السياسية، ولا تطور اجتماعي واقتصادي دون التعالي على بعض المصالح وهكذا تتفاعل المفاصل جميعها. والثقافة حتما ستجد ارضية مناسبة للانطلاق نحو مستويات من التألق ان وجدت من يعيرها اهمية قصوى.

* هل ثمة صراع بين المثقف والسياسي وهل يمكن تلافيه؟

- الصراع بحد ذاته موجود منذ القدم بين كل المكونات. اما الصراع بين السياسي والمثقف فهو صراع من نوع آخر تماما. فالسياسي لا يعترف بسطوة المثقف والمفكر مهما بلغ من تفوقه وموقفه. بينما نجد ان المثقف من حقه ان يتعاطف مع بعض السياسيين الذين يجد فيهم ربما فعلا ايجابيا معينا. الصراع يبدو طبيعيا في تصوري لانه ينتج تنافسا نحو الوصول الى المبتغى المطلوب. في عراق العقود الاربعة الماضية، عقود التخندق السلطوي والاجواء العسكرتارية المقيتة، وجد المثقف نفسه امام مفترق طريق مصيري جدا، فاما الوقوع في الشرك المنصوب له او مغادرة الحالة تماما وهذا ما حصل للكثير من المثقفين الذين رأوا ان الوقوع في براثن الغربة والمنافي أهون عليهم من الوقوع في فخ التعبويات والمديح الفارغ. ومن ثم وجد المثقف نفسه في حالة اختيار صعب وهو ان يتخذ قراره المصيري بالابتعاد عن مواجهة السياسي المتشنج الذي تفوح منه رائحة البغض والكراهية والضغط نحو ضرورة الانتظام في صف النظام والا فهو معرض لكثير من الأساليب القمعية. اما الحالة العراقية بعد 2003، فان السياسي يحاول ان يجد جسورا بينه وبين المثقف الذي تجذرت فيه روح الحذر وخشية السياسي. السياسي يحتاج الى المثقف ولا يمكن ان اقول غير ذلك لان الدائرة لا تكتمل الا بمشاركة المثقف في صنع القرار على الاقل القرار الثقافي الذي يخص المثقفين وحدهم.

* وهذا يقودنا الى السؤال التالي: هل يمكن ان يكون التقارب بين الاثنين (المثقف والسياسي) لصالح البلاد ثقافة وسياسة وتعليما وما شابه؟

- تقاربهما لابد له ان يؤدي الى تقارب في الرؤى. وهنا لا بد من زرع الثقة بينهما لان كل منهما ينظر الى الآخر بنظرة حذر ربما . واعتقد ان تقاربهما سيؤدي الى الصالح العام بالتاكيد لانهما يعملان معا على دفع حالة البلاد من مرحلة الى اخرى افضل. 

* هل تعتقد أن المثقف مهمش حاليا أم العكس وكيف ينبغي أن يكون؟

- المثقف تتقاذفه امواج الاوضاع السياسية في العراق، وعندما يكون المثقف في دائرة الاهتمام سنقول انه غير مهمش. فالسنوات التي مرت كانت كفيلة بأن نقول عنها انها بعيدة عن العناية بالمثقف واعتقد ان البلد ظل في حالة من الفوضى الامنية وعدم الاستقرار استنفرت فيها كل الجهود من اجل الوقوف به ثانية بعد ان كاد ان يقضى على اسمه وكيانه ووجوده فكان الاهتمام بالجانب الامني يتطلب ارجاء الاهتمام بالجوانب الاخرى مؤقتا على الاقل. نامل ان يكون البرلمان القادم اكثر اقترابا من الهم الثقافي.

* هل تعتقد أن الابداع وحده كافيا لترسيم دور الاديب في العلو بشأن المجتمع  وما هي نظرتك في هذا المجال؟

- الاديب والمثقف لهما دور في تألق المجتمعات. واعتقد ان أية امة تريد ان تخطو نحو الرفعة والتقدم عليها ان تهتم بالشأن الثقافي. وفي التاريخ القريب امثلة كثيرة على ذلك، فليس غريبا ان يستقبل رئيس الجمهورية أديبا في المطار او ان يزور احد السياسيين احد المثقفين الراقد في المستشفى مثلا او ان يكرم احدهم عائلة أديب راحل. انها صورة لمديات تجعل من الثقافة اشعاعا يزيح ظلمة بعض النوايا . الابداع ليس كافيا لان يأخذ الاديب او المثقف دوره في بناء المجتمع، فهناك الكثير غير الابداع منها الارتقاء والترفع على المساجلات التي لا طائل من ورائها ونبذ البغض ومغادرة الأنا عند البعض. ارى ان القادم سيكون ايجابيا اكثر.. آمل ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 24/آذار/2010 - 7/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م