المالكي والهواجس الإقليمية

سيناريوهات تشكيل الحكومة المقبلة

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تظهر النتائج المعلنة للانتخابات العراقية ان تشكيل الحكومة القادمة سمر بمخاض عسير أشبه بالتجربة السابقة عام 2005 ، مع الأخذ بنظر الاعتبار الفارق بين طبيعة التكتلات السياسية السابقة وحجم التمثيل المختلف بين الأمس واليوم.

فيما يشير اغلب المتابعين للشأن العراقي ان المالكي بات فرص توليه رئاسة الوزراء لفترة جديدة ضعيفة جدا، مع وجود رئيس القائمة العراقية إياد علاوي التي فازت كتلته بالتساوي تقريبا مع قائمة ائتلاف دولة القانون.

من جانب آخر يتابع المجتمع الدولي الساحة العراقية بعيون مترقبة يملئها القلق عما ستفرزه الأيام المقبلة، سيما ان اغلبها تحبذ تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على تفعيل ملف العلاقات الخارجية بشكل ينأى بالجميع عن مخلفات السنوات الماضية التي أعقبت التغيير.

المالكي وغضب السنة

وتظهر النتائج الأولية للانتخابات العراقية أنه قد تتاح لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي الفرصة لتشكيل حكومة جديدة لكن السنة سيستشيطون غضبا إذا استبعد منافسه العلماني إياد علاوي الرجل الذي صوت معظمهم له.

وأعادت انتخابات السابع من مارس اذار للبرلمان البالغ عدد مقاعده 325 مقعدا تشكيل المشهد السياسي العراقي الذي تسوده الانقسامات والذي يرجح إن يشهد مزيدا من التغيرات في المساومات الصعبة التي ستظهر في المستقبل لتشكيل ائتلاف.

ويتقدم ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي في سبع محافظات من جملة 18 محافظة عراقية بينما تتقدم قائمة العراقية بقيادة علاوي في خمس محافظات.

ويتقدم كل من الائتلاف الوطني العراقي الذي تهيمن عليه فصائل إسلامية شيعية وتحالف كردي في ثلاث محافظات.

واحتل التحالف الكردي مركزا متأخرا بفارق طفيف عن قائمة العراقية في مدينة كركوك المتنازع عليها بينما ضعفت هيمنة حركة جوران وهي حركة إصلاحية كردية في إقليم كردستان شبه المستقل بشمال العراق.

والصورة الشاملة غير مكتملة لان النتائج التي أعلنت حتى الآن لا تمثل سوى ما يزيد بقليل عن ربع الأصوات التي أدلي بها والبالغ عددها 12 مليون صوت وربما تتغير خاصة في بغداد وكركوك.

لكن الساسة الذين يأملون في حكم العراق فيما تستعد القوات الأمريكية للرحيل يتصارعون بالفعل على شركاء الائتلاف المحتملين.

ومن بين حلفاء المالكي المحتملين الائتلاف الوطني العراقي بقيادة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي وكذلك الأحزاب الكردية فضلا عن قائمة العراقية. لكن هذه الجماعات قد توحد صفوفها حتى تحبط عودته للحكم. وربما تحل الكتل المتنافسة ويعاد تشكيلها.

وقال ديفيد نيوتن سفير الولايات المتحدة السابق لدى العراق "هذا على الأرجح يعني أن المالكي ستتاح له فرصة تشكيل حكومة. لم يتضح بعد في أي اتجاه سيسير. إذا اتجه نحو المجلس الأعلى الإسلامي العراقي فسيستقبل السنة هذا استقبالا سيئا للغاية."

وأرجع هذا إلى أن الكثير من السنة ينظرون للمجلس الأعلى الإسلامي على أنه وكيل لإيران ويفضلون علاوي وهو شيعي علماني قاد حكومة انتقالية عامي 2004 و2005 ويبدو في طريقه ليكون لاعبا مهما من جديد.

وقال يحيى الكبيسي الباحث بالمركز العراقي للدراسات الإستراتيجية ان الحكومة التي تستبعد قائمة العراقية تجازف بإذكاء الاستياء الذي تشعر به الأقلية السنية منذ أنهى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة سيطرتها الراسخة على السلطة.

وأضاف "إذا كنا إمام حكومة بهذا الشكل فانا اعتقد ان العراق مقبل على تحولات كبرى ربما يكون العامل الرئيسي فيها هو عودة العنف بشكل كبير الى العراق."

ولم يهدأ تمرد سني دموي ضد القوات الأمريكية والعراقية الا بعد أن انقلبت القبائل المحلية على متشددي القاعدة ووحدت صفوفها مع القوات الأمريكية.

وبنى المالكي حملة انتخابه لولاية ثانية جزئيا على تحسن الأوضاع الأمنية بعد أعمال العنف الطائفية التي عصفت بالبلاد عامي 2006 و2007 وعلى خطط لإعادة الأعمار تمول من صفقات نفطية وقعتها حكومته مع مؤسسات أجنبية للاستفادة من ثروة العراق النفطية الهائلة.

ومست رسالته وترا حساسا عند الكثير من الناخبين في بغداد على الرغم من سلسلة من التفجيرات المميتة التي نفذها متشددون لهم صلات بتنظيم القاعدة والتي ضربت أهدافا حكومية في العاصمة منذ أغسطس آب.

وقال ريدار فيسر خبير الشؤون العراقية "يبلي المالكي بلاء حسنا للغاية في بغداد ومعظم المناطق الواقعة الى الجنوب منها لكن أداءه سيئا (بالمناطق التي يغلب عليها السنة) الى الشمال من العاصمة العراقية."

وأردف قائلا انه قد ينتهي المطاف بالعراق بوضع لا يحصل فيه حزب رئيس الوزراء الا على ما بين واحد واثنين في المائة من الأصوات في الانبار معقل السنة ومحافظة الموصل المضطربة بشمال البلاد.

وقال فيسر "أداء علاوي في المناطق الشيعية أفضل من أداء المالكي بالمناطق السنية لكن المشكلة هي أنه ربما يحصل على إجمالي عدد أقل من النواب وبالتالي سيحتاج الى المزيد من الشركاء لتشكيل حكومة ائتلافية."

وأضاف أن دعم المالكي لخطوة اتخذت قبل الانتخابات لمنع مئات المرشحين من خوضها لصلاتهم المزعومة بحزب البعث المحظور والذي كان مهيمنا في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين نفرت الكثير من السنة.

وقال "من الواضح أن حملة اجتثاث البعث قللت من قدرته على السمو فوق الطائفية والتصرف كزعيم وطني."

وتكهن توبي دودج خبير الشؤون العراقية بجامعة كوين ماري في لندن بأن يعول المالكي على دعم الشيعة في مسعاه لتشكيل ائتلاف يتيح له البقاء في الحكم وليس على شكل من أشكال القومية التي تنضوي تحت لوائها طوائف مختلفة.

وقال "بالنظر إلى سلوكه أثناء الحملة أستطيع المراهنة على النزعة الطائفية وشكل من أشكال التحالف مع الائتلاف الوطني العراقي او عناصر منه" مشيرا الى حلفاء المالكي الشيعة السابقين.

وتفوق المالكي على الائتلاف الوطني العراقي بفارق كبير في مدينة البصرة المنتجة للنفط بجنوب البلاد والتي كان قد أرسل لها قوات لتقاتل ميليشيا شيعية عام 2008 .

وقال عقيل عبد الحسين الأستاذ بجامعة البصرة انه يمكن التكهن بالنتائج حتى الآن. وتابع قائلا "هي في الواقع تمثل نفس الشارع البصري والسبب لان هذا الشارع لمس في السنتين الأخيرتين تحسنا كبيرا فيما يخص الناحية الأمنية."

اما الانتخابات في كركوك حيث تقدمت قائمة علاوي فيمكن أن تضر بمزاعم الأكراد المستمرة منذ فترة طويلة بأن المدينة المنتجة للنفط تنتمي لكردستان وان كان من المؤكد أن يلجأ الأكراد الى مساومات تشكيل الائتلاف لانتزاع تنازلات بهذا الصدد.

وواجه الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني تحديا لم يسبق له مثيل لسيطرتهما على أصوات الأكراد من قبل جماعة جوران الداعية للإصلاح.

وقال خالد سليمان المحلل بشمال العراق ان الأكراد سيتحدثون بصوت واحد في بغداد على الرغم من صعود جماعة جوران وبخاصة فيما يتعلق بالقضايا المتصلة بمصير الأكراد مثل السيطرة على كركوك وقضية القوات الكردية المعروفة باسم البشمركة.

وتابع أن الأكراد سيلعبون دور صناع الملوك من جديد في السياسة العراقية مضيفا أنه لا يمكن تشكيل حكومة بدونهم.

قلق عربي

من جهتها تخشى دول عربية مجاورة للعراق من ان يؤدي ظهور نتائج متقاربة في الانتخابات العراقية الى مزيد من التهميش للأقلية السنية ويأملون في ان يقاوم أي ائتلاف حكومي يتم تشكيله من الشيعة الذين يتصدرون النتائج نفوذا ايرانيا.

وكان العديد من العرب السنة يريدون أداء أقوى للعلمانيين الذين يأملون الآن في ان يحققوا توازنا طائفيا لاي ائتلاف حكومي يمكن ان يشكله رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي.

وقال ماجد مظلوم من مركز دراسات الخليج في القاهرة ان "نتائج هذه الانتخابات تظهر ان ثمة موجة شيعية تهدد الامن العربي في المنطقة. ايران لها دور خفي في المنطقة العربية وهي تدعم العناصر الشيعية في المنطقة لاسيما في العراق."

وأضاف ان "السنة في العراق أقلية مشتتة بين الشيعة من ناحية والأكراد من ناحية اخرى. وهذا من شأنه ان يخلق عدم استقرار في البلاد."

وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات ان المالكي تقدم في انتخابات يأمل العراقيون ان تنهي سنوات من الصراع الطائفي لكن تفتيت الاصوات يشير الى محادثات مطولة ومضنية مستقبلا لتشكيل حكومة. بحسب رويترز.

لكن الصورة الاجمالية التي تعكس أمة متشرذمة نتيجة لعقود من الصراع الطائفي والعرقي لم تكتمل حتى الان بعد مضي اسبوع على الانتخابات. والنتائج التي اذيعت حتى الان تمثل ما يزيد قليلا على 25 في المئة من اصل 12 مليون ناخب ادلوا بأصواتهم. وربما تغيرت هذه الصورة مع ورود مزيد من النتائج.

ويشيع قلق بين دول عربية -بها قيادات سنية وخاصة الدول الخليجية حيث توجد أقليات شيعية كبيرة ومهمشة- بشأن تداعيات النفوذ الإيراني في العراق. وهم يشعرون بالقلق من ان الغالبية الشيعية تحاول حرمان السنة في العراق - الذين كانوا يهيمنون في وقت من الاوقات على الساحة السياسية - من نصيب عادل في السلطة.

وهم يخشون من تدخل ايران في العراق الذي توجد به أغلبية شيعية والتي قد تحرض السكان الشيعة بها ويخافون ايضا من ان عدم الاستقرار في العراق يمكن ان يمتد الى الدول الاخرى.

وقال المحلل الاماراتي عبد الخالق عبد الله ان مصدر القلق الرئيسي بالنسبة للمنطقة هو ان العراق المتشرذم طائفيا يسهل اختراقه من القوى الإقليمية وهنا بالطبع تأتي ايران باعتبارها أكبر دولة في المنطقة تدس انفها في شؤون الدول الاخرى.

وأضاف - وهو يشير الى دول مجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط - ان هذا الامر يؤرق دول المجلس بدرجة كبيرة.

وستشكل نتائج أول انتخابات برلمانية في العراق منذ عام 2005 مستقبل البلاد حيث ستختبر مدى استقراره في اعقاب الانسحاب المقبل للقوات الامريكية والصراعات السياسية التي تقوض جهود العراق لاعادة تأكيد ذاته على الساحة العالمية.

وقال ياسر احمد علي (28 عاما) وهو مهندس إنتاج إماراتي انه من وجهة نظره فانه يأمل "في اقتسام السلطة معا" مضيفا ان هذا هو أفضل خيار متاح لهم وان هذا هو السبب في ان الائتلاف سيكون شيئا جيدا. ولا يتوقع ان تعلن النتائج النهائية قبل أسابيع.

وقال عبد الله الاشعل المساعد السابق لوزير الخارجية المصري ان العراق الجديد سيكون عراقا يفتقر الى التوازن وان النتائج تظهر تقدم الشيعة.

وقال ان مثل هذه النتائج تتفق مع ما تريده ايران والائتلافات الشيعية ستكون مع ايران فيما يبدو.

ولا يعتقد سوى عدد صغير من العرب ان انتخابات العراق ستضع ضغوطا على الحكومات العربية الاخرى لكي تنصت لاصوات مواطنيها. لكن المعلق السعودي عبد الله بن بجاد العتيبي قال ان الانتخابات تظهر ديمقراطية هشة لكنها متنامية.

وكتب في عمود في صحيفة عكاظ "يعلم الجميع ان العراق لم يزل مسرحا للتأثيرات الدولية والإقليمية ولكن وعي المواطن بقيمة صوته قد ارتفعت كثيرا عما سبق."

ويقول دبلوماسيون غربيون ان الرياض اللاعب السياسي الرئيسي في الخليج تخشى من ان تلهم ديمقراطية العراق السعوديين لإثارة أسئلة بشأن نظام الحكم في النظام الملكي.

والكويت حيث العلاقات مع العراق متوترة في الغالب قالت انه لا يهم ان كانت الحكومة يتزعمها سنة أو شيعة.

وقال المحلل السياسي الكويتي علي البغلي وزير النفط السابق ان أي نتيجة لعملية ديمقراطية في العراق هي مكسب لهم وللمنطقة.

وأضاف ان الكويت تعرضت للتهديد عدة مرات من العراق عندما كان يخضع لحاكم سني هو صدام حسين وقال ان العراق السني هو الذي هدد الكويت وان العراق السني هو الذي غزا الكويت.

استباق النتائج النهائية

الى ذلك بدأت الكتل التي حققت تقدما في الانتخابات التشريعية العراقية تحركاتها لاستطلاع امكانية اقامة تحالفات قبل تشكيل الحكومة المقبلة مستبقة الاعلان عن النتائج النهائية، في حين تؤكد مصادر رئيس الوزراء وجود محاولات لتأليب الكتل ضده.

وقالت انتصار علاوي المرشحة عن قائمة "العراقية" بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي ان "الأكراد عنصر مهم بالنسبة للعراق" في إشارة إلى زيارة علاوي للزعيم الكردي مسعود بارزاني السبت الماضي.

واضافت نجري محادثات وحوارات مع الكل، لكن لم يتم التحالف رسميا مع اي كتلة حتى الان". بحسب فرانس برس.

وتضم "العراقية" ذات الاتجاه العلماني العديد من كبار السياسيين والشخصيات العربية السنية.

وأوضحت انتصار علاوي ردا على سؤال حول امكانية التحالف مع رئيس الوزراء نوري المالكي، ان "حكومته ذات طابع طائفي كما انها حكومة محاصصة، لم تحقق الكثير في العديد من المجالات خصوصا الامني منها فهناك فساد اداري ومالي مستشر، فكيف نشارك في حكومة برئاسة المالكي؟"

وختمت قائلة "لقد سبق وان شاركنا في حكومة المالكي على اساس انها حكومة وحدة وطنية لكن بمرور الوقت اكتشفنا انها ذات طابع طائفي ومحاصصة." يذكر ان قائمة علاوي كانت ممثلة بخمس وزراء في حكومة المالكي.

من جهته، قال سامي شورش المتحدث باسم التحالف الكردستاني في اربيل "ليس مهما تحديد من هو الاقرب الى الاكراد بل البرنامج الذي يقدمونه، وحتى هذه اللحظة لم تتضح ملامح البرامج السياسية لهؤلاء السياسيين".

واضاف وزير الثقافة السابق في حكومة اقليم كردستان "اذا اتضحت هذه البرامج من خلال الاجتماعات عقب الاعلان النهائي لنتائج الانتخابات، عندها سيقرر الاكراد موقفهم الرسمي".

وتابع ان ذلك سيكون "من خلال التزامهم ببعض الشروط الأساسية في الدستور وموقفهم من تطبيق المادة 140 في (استفتاء في المناطق المتنازع عليها) والديمقراطية". واكد انه "لا يمكن طرح الاسماء قبل رؤية البرامج السياسية لهذه الشخصيات".

من جهته، قال النائب عن المجلس الإسلامي الأعلى حميد المعلا الساعدي "ننتظر اعلان النتائج النهائية حتى نعرف الشخص الاوفر حظا لمنصب رئاسة الوزراء، لكننا بالطبع نفضل الرجل الذي نريد وهو عادل عبد المهدي".

الا انه سرعان ما استدرك قائلا "لكن كل المرشحين أصحاب كفاءات واذا لم يشعروا بأنهم كذلك لما رشحوا انفسهم لهذا المنصب".

والمجلس الإسلامي الاعلى منضو ضمن "الائتلاف الوطني العراقي" الذي يضم الأحزاب الشيعية باستثناء حزب الدعوة.

وتابع الساعدي "لا توجد خطوط حمراء على اي شخص، وهذا يشمل الجميع دون استثناء، نحن منفتحون على الجميع وبشكل عام لا يوجد خط احمر على من اختاره الشعب العراقي سواء كان المالكي او غيره".

وختم مؤكدا "لدينا محادثات مع الجميع وهي معلنة مثل التحالف الكردستاني والعراقية والحزب الإسلامي وغيرهم، لا اتفاقات رسمية حتى الان. ان الامر كناية عن مجرد طرح أفكار والجميع بانتظار النتائج".

بدوره، قال علي الموسوي مستشار المالكي "هناك محاولات مبرمجة لتأليب الكتل ضد ائتلاف دولة القانون والمالكي".

لكنه استدرك موضحا "ستتم مخاطبة كل القوائم دون استثناء لتشكيل الحكومة. لكن قد يكون التحالف الكردستاني والتوافق وبعض أطراف القائمة العراقية والائتلاف الوطني والكتل الصغيرة اقرب الى ائتلاف دولة القانون".

وعبر عن قناعته بان "المفاوضات ستكون أسهل نظرا لما اكتسبته الكتل السياسية من خبرة وممارسة طيلة الفترة الماضية للتوصل الى نقاط مشتركة واتفاقات مرضية للأطراف المتحاورة".

واعتبر الموسوي ان "الحكومة ستكون لغالبية سياسية. فقد ندد المالكي مرارا بفشل حكومة التوافق واعتبرها شكلا اخر من المحاصصة.

انه عازم على تشكيلها بعيدا عن التجاذبات الطائفية والحزبية ويكون الوزراء فيها مسئولين أمامه وليس امام كتلهم".

وراى ان "الجهد والوقت اللازمين لتحقيق غالبية نيابية تدعم الحكومة سيكون دون شك اقل من الجهود التي نحتاجها لتحقيق اجماع برلماني على تشكيلتها خصوصا ان رئيس الوزراء يمتلك ما يشبه التفويض الشعبي كما ان الكتلة البرلمانية الكبيرة ستمنحه المزيد من القوة في مهمته سواء إثناء تشكيل الحكومة او بعدها".

وختم قائلا "من حسن الحظ ان الائتلافات لا تستطيع ادعاء احتكار طائفة بعينها (...) ربما تتغلب قائمة على اخرى بهذا اللون او ذاك، لكن من المؤكد انها لا ترقى الى مستوى التمثيل (الطائفي) كما في الانتخابات البرلمانية السابقة".

عمليات تلاعب

من جانبه قال رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي ان الانتخابات البرلمانية التي أجريت شهدت عمليات تلاعب لكنه قال انها لن تؤثر على نتائجها النهائية.

وقال المالكي في اجتماع لمجلس الامن الوطني حضره وزيرا الدفاع والامن الوطني وقادة الاجهزة الامنية "صارت تلاعبات ولكنها لا ترقى الى عملية قلب النتائج الانتخابية." واضاف "صحيح انها مرفوضة.. لكن لا توجد انتخابات المخالفات فيها صفر."

وقالت القائمة العراقية ان مفوضية الانتخابات أعدت قرابة 26 مليون ورقة اقتراع لم يستخدم منها في الانتخابات الا 12 مليون ورقة.

وكانت المفوضية قد اعلنت قبل يومين ان ما يقرب من 62 بالمئة ممن يحق لهم المشاركة في الانتخابات ادلوا بأصواتهم فيها. بحسب رويترز.

وقال المالكي "ينبغي ان نسلم جميعا ان ما تقوله هذه الانتخابات محترم وملتزم به الا اذا ثبت بالدليل ان هناك تلاعبا وتزويرا.. وهذا ياخذ طريقه في المعالجة."

واضاف "كان الرهان ان هذه الملحمة لا تتحقق وتنتكس ولو انتكست لا سمح الله لكانت كارثة في العملية السياسية .. كان يمكن ان ندخل في فراغ (سلطة)."

ومضى يقول "لكن نجاحها انا اعتقد رسالة ستنعكس على الكثير الكثير مما كان يرسم لاجهاض العملية السياسية."

واقر المالكي في كلمة أمام مجلس الامن الوطني بثها التلفزيون بان انتخابات السابع من مارس اذار شابتها بعض المشاكل لكنه قال "لا توجد انتخابات المخالفات فيها صفر." وأضاف "صارت تلاعبات ولكنها لا ترقى الى عملية قلب النتائج الانتخابية."

وقدمت القائمة العراقية بزعامة علاوي قائمة طويلة من الشكاوى بشأن تزوير الانتخابات بما في ذلك بطاقات اقتراع وجدت في القمامة وأكثر من 200 ألف جندي لم يتمكنوا من التصويت بسبب عدم ورود أسمائهم في القوائم الرسمية.

ويقول مسؤولو المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان حوالي 2000 شكوى قدمت وهو عدد يقل كثيرا عن عدد الشكاوى التي قدمت في انتخابات المحافظات العام الماضي. وهونت الامم المتحدة من شأن الشكاوى.

وحتى قبل ظهور الصورة كاملة على المستوى الوطني بدأت بالفعل المناورات السياسية. وحتى مع الاداء الجيد للمالكي فمن غير المتوقع أن يحقق أي تكتل فوزا صريحا وسيضطر المالكي على الارجح للتحالف مع جماعات أخرى.

وعقد كل من علاوي والائتلاف الوطني العراقي اجتماعات مع الاقلية الكردية التي قد تكون القوة الحاسمة في الظروف الراهنة. ويجري الساسة العرب اتصالات مع مختلف الاحزاب لاستكشاف تحالفات محتملة.

ومن السابق لاوانه توقع المشاركين في الائتلاف الحاكم لكن الاداء القوي للمالكي يمكن أن يضعف مطالبة خصومه المستائين بمنع وصوله الى ولاية ثانية.

وقال عبد الهادي الحسني وهو سياسي كبير من ائتلاف دولة القانون ان ائتلافه يدرس التحالف مع الاكراد ومع الائتلاف الوطني العراقي. وأضاف أنه لم يستبعد كذلك التحالف مع علاوي.

وكان علاوي من أشد المنتقدين للمالكي وخصوصا عندما أيد رئيس الوزراء حظر مئات المرشحين للاشتباه في علاقتهم بحزب البعث بما في ذلك صالح المطلك المرشح السني الكبير على قائمة علاوي.

ولكن حتى مثل هذا العداء قد لا يكون عائقا أمام التحالف في السياسة الخالية من العواطف بالعراق فيما بعد 2003.

وحذر المحلل السياسي يحيى الكبيسي وهو باحث في معهد الدراسات الاستراتيجية في العراق من أن تشكيل حكومة يستبعد منها ائتلاف القائمة العراقية يحتمل ان يؤدي الى زيادة استعداء السنة. وقال "اذا حدث هذا فيتعين أن نتوقع عودة العنف الى العراق."

ومن المؤكد أن تسعى القائمة التي تضم الحزبين الكرديين الرئيسيين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال الطالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البرزاني لانتزاع تنازلات بشان مدينة كركوك الغنية بالنفط المتنازع عليها والتي يطالب الاكراد بضمها الى منطقتهم.

ويهيمن الحزبان على المحافظات الكردية لكنهما يواجهان تحديا لم يسبق له مثيل من جماعة جوران ذات التوجهات الاصلاحية.

وقال خالد سليمان وهو محلل في شمال العراق انه بالرغم من الانسلاخ الجديد في الساحة السياسة الكردية فستتحدث الاحزاب الكردية بصوت واحد في بغداد "خصوصا في القضايا الكردية المصيرية". وقد تكون

وقال بيان صادر عن رئاسة اقليم كردستان "نعتقد أن شعب كردستان باعتباره عنصرا رئيسيا في نسيج العراق يتعين أن يكون ممثلا." الرئاسة ورقة مساومة أخرى.

ورد الاكراد بغضب على اصرار بعض الساسة العرب ومن بينهم طارق الهاشمي النائب السني للرئيس بأن يكون الرئيس القادم للعراق عربيا. وطرح الاكراد الطالباني مجددا للمنصب.

نوري المالكي

فيما يلي خمس حقائق عن المالكي:

ولد المالكي في قضاء الهندية جنوبي بغداد عام 1950 . يحمل درجة الماجستير في اللغة العربية وعمل بوزارة التعليم قبل أن يفر الى سوريا المجاورة عام 1980 ثم الى ايران اثر حكم باعدامه لنشاطه السياسي.

عاد بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 لكنه لم يظهر في بؤرة الضوء مثل الساسة الاخرين الذين يصفهم بعض العراقيين بأنهم جاءوا على الدبابات الامريكية.

برز المالكي على الساحة السياسية العراقية في ابريل نيسان 2006 بصورة الشيعي الاسلامي الذي قد يكون قادرا على الجمع بين الفصائل المتناحرة في حكومة وحدة وطنية. أدى اليمين الدستورية رئيسا للوزراء في مايو ايار 2006 .

 سعى المالكي جاهدا للسيطرة على حكومة تسودها الانقسامات تألفت من تحالفات هشة ورغبة في جمع الجماعات العرقية والطائفية بالعراق مع بعضها البعض.

لكن في العامين الاخيرين اكتسب قوة بعد أن قرر ارسال الجيش لقتال ميليشيا شيعية ونجح في تحقيق انخفاض حاد في أعمال العنف بوجه عام.

على مدار الوقت أصبح الكثير من حلفاء المالكي السابقين خصوما. وكان رد فعله على انتقادات من مشرعين أمريكيين عام 2007 غاضبا.

يضمر كراهية واضحة لنظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي قمع الاغلبية الشيعية واغتال الكثير من زملاء المالكي السياسيين. ويخشى الكثير من السنة من أنه ليست له مصلحة تذكر في منحهم نصيبا عادلا من السلطة.

نجح المالكي في اقامة علاقات دبلوماسية جيدة مع ايران التي خاضت حربا منذ عام 1980 وحتى عام 1988 ضد العراق في عهد صدام.

ويقول البعض انه رضخ لمطالب ايرانية وأشاروا الى مرة اجتمع فيها مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد دون أن يرتدي ربطة عنق في مراعاة لنمط الملابس المتصل بالثورة الايرانية.

ويرى اخرون أن طهران تريد أن يأتي من يحل محل المالكي لانها لا تعتبره مفيدا بالدرجة الكافية لمصالحها.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/آذار/2010 - 3/ربيع الثاني/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م