قراءة في كتاب: روسيا ومناورات الحديقة الخلفية

 

 

 

 

 

الكتاب: استعادة روسيا مكانة القطب الدولي..

المؤلف: عاطف معتمد عبد الحميد

الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت ومركز الجزيرة للدراسات في الدوحة

عدد الصفحات: 143 متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

 

 

شبكة النبأ: يقول الباحث المصري عاطف معتمد عبد الحميد في كتاب له بعنوان "استعادة روسيا مكانة القطب الدولي.. أزمة الفترة الانتقالية" ان روسيا تمتلك قوى عديدة اقتصاديا وبشريا لكن عليها من اجل استعادة دورها القيام بأمور عديدة بينها التخلي عن بعض المفاهيم الموروثة.

وقال ان بعض هذه المفاهيم تتمثل في الشعار الروسي الرسمي وان من الضرورة اضافة رأس ثالث الى الرأسين في هذا الشعار.

واختصر الباحث الاكاديمي امورا عديدة تناول فيها ايجابيات روسيا الحالية وسلبياتها بالقول في ختام كتابه "اما كلمة الختام فيمكن ان نضعها باستحضار الشعار الرسمي لروسيا.. ذلك الشعار الذي يجسده طائر له رأسان احدهما ينظر الى الشرق والثاني يتطلع الى الغرب."

وأضاف ان هذا يأتي "اتفاقا كما يبدو مع ما ذهب اليه الاديب الروسي الشهير فيدور دوستيفسكي من ان روسيا "دوما ما تبدو اسيوية للاوروبيين وأوروبية للاسيويين."

الدكتور عاطف معتمد عبد الحميد الذي درس في مصر وفي روسيا علق على هذا بقوله "ان واقع روسيا اليوم يثبت انها لم تتجاوز بعد هذه المفاهيم الموروثة منذ القرنين الماضيين. روسيا اليوم بحاجة الى رأس ثالث علها تنظر الى الجنوب. وفرصة روسيا في العلاقات التي يمكن ان تبنيها مع دول الجنوب كبيرة للغاية اذ ليس في العالم العربي وعالم جنوب اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية اية علاقات عدائية وامبريالية سابقة وهي فرصة كفيلة ان تضمن لهذا التحالف الروسي - الجنوبي نقلة نوعية تخلق عالما متعدد الاقطاب."

ورأى ان هذه "هي فرصة روسيا الوحيدة لشق طريق جديد لكنها اقرب الى فرص الخيال السياسي فهذا الطريق بالغ الكلفة ويحتاج الى دولة شابة ما زالت تجر طريقها في عالم جديد..."

كتاب عاطف معتمد عبد الحميد جاء في 143 صفحة متوسطة القطع وتضمن عددا من الخرائط وتوزعت مواده على ثلاثة فصول مع تمهيد وخاتمة وملحق للخرائط. وصدر الكتاب عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" في بيروت و"مركز الجزيرة للدراسات" في الدوحة.

عناوين الفصول الثلاثة الكبيرة جاءت علي الشكل التالي.. "زمن تجميع الحجارة" و"العودة الى ساحة المعارك" و"مناورات الحديقة الخلفية". بحسب رويترز.

قال الكاتب في تمهيده للكتاب "ربما لم يعرف التاريخ دولة كروسيا فتنت بالتوسع الجغرافي والتمدد الجيوسياسي. فهذه الدولة غيرت ثوبها الجغرافي وبدلت حدودها عدة مرات خلال الالف سنة الماضية."

وأشار مثلا الى اننا اذا قطعنا المسافة بالقطار من مدينة خباروفسك على المحيط الهادي الى مدينة سان بطرسبرج على المحيط الاطلسي فان الرحلة تستغرق اسبوعين وسنرى ألوانا مختلفة من سحنات البشر الذين يدينون بديانات متباينة بين بوذية واسلام ومسيحية ومعتقدات وثنية.

ورأى انه ليس بوسع الباحث في الجغرافيا السياسية "ان يتجاهل تأثير هذا التنوع البيئي والبشري على مستقبل روسيا على الجهتين الداخلية والخارجية."

وقال انه "رغم النظريات الجيوسياسية المتعددة التي ظهرت في اعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي وتوقعت ظهور عالم متعدد الاقطاب تتكاتف فيه اليابان وألمانيا والصين والهند وفرنسا امام الولايات المتحدة تمضي السنوات ولا نجد امامنا قوة جديدة تناور على المستوى الجيوسياسي غير روسيا..."

ورأى في مكان اخر ان روسيا تواجه الكثير سواء من الخارج أو الداخل ومن "الحديقة الخلفية" التي تحيط بها ومن الاخبار وأعمال "التشويش" التي برزت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي سنة 1991 وسط حرب اعلامية هدفها "اقناع دول العالم والداخل الروسي لاسباب اقتصادية وعسكرية بأن روسيا انتهت بالضربة القاضية ولا امل في رجوعها وأنها لم تعد تتجاوز مكانة دولة عادية من دول العالم الثالث او في احسن الاحوال "دولة ذات نفوذ اقليمي" تعاكس القطب الامريكي الاوحد..."

اضاف انه رغم ذلك "مازالت روسيا تملك معالم الدولة الكبرى على المستوى الجغرافي السياسي. فهي كبرى دول العالم مساحة وتحتل المرتبة الثامنة في قائمة اكبر دول العام سكانا. ولديها موارد طبيعية وبيئية شاسعة الانتشار ويندر ان يغيب اسم روسيا عن قائمة الدول الخمس الكبرى في انتاج الخامات المعدنية."

ومضى قائلا ان روسيا "تتصدر دول العالم في انتاج موارد الطاقة وبصفة خاصة الغاز الطبيعي. كما ان لديها رصيدا متينا من البنية الاساسية للقوة البشرية التي تلقت درجات عالية من التعليم والتقدم الحضاري. وكل هذه المقومات كفيلة بأن تمثل المواد الخام التي يمكنها تحويل روسيا الى واحدة من دول العالم الكبرى."

ورأى انه بالاضافة الى كل ذلك والى عوامل عديدة اخرى تناولها الكتاب فان روسيا تملك "المقوم الروحي" لاية دولة تتطلع الى السيادة العالمية وذلك المقوم هو الذي اطلق عليه عالم الانثربولوجيا الروسي جومليف اسم "الباسيونارنست" او الولع بالسيطرة على العالم.

وقال "اذ يبدو الشعب الروسي على دراية بذاته ويمتلك وعيا تاريخيا بالدور الذي يمكن ان يلعبه في العالم. في بعض الفترات نشعر ان "الباسيونارنست" يستمد قوته من الدور الوظيفي التاريخي الذي لعبه الروس في حماية المناطق المجاورة على غرار ما تحتفل به روسيا في مايو ايار من كل عام في ذكرى الانتصار على النازية والتأكيد انه لولا هذا النصر لسيطر هتلر على العالم.

"وقد يستمد هذا الولع طاقته من الدور الديني لروسيا في العالم المسيحي اذ تمثل الكنيسة الروسية احد اهم المراكز الدينية في العالم حتى ان موسكو تعتبر نفسها "روما الثالثة" (بعد روما والقسطنطينية) ومعقلا للمذهب الارثوذكسي في كافة ارجاء اوراسيا. كما يمكن ان يستمد هذا الولع مصادره من التباهي بالدور "التنويري" الذي لعبه الروس في اسيا الوسطى حيث نقلت دول الاقليم من المرحلة البدوية ودولة القبيلة الى المرحلة المعاصرة في زمن الشيوعية..."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/آذار/2010 - 30/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م