الحكومة العراقية المقبلة ومهمة الحفاظ على حقوق الشعب

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: قبل أيام خاض العراقيون تجربتهم الجديدة مع الانتخابات التشريعية لاختيار ممثليهم الجدد في مجلس النواب، وقد تم ذلك بعون من الله تعالى بصورة جيدة على الرغم من بعض الامور الصعبة التي رافقت هذه التجربة التي قيل عنها بأنها تمثل خطوة الى امام في ترسيخ اجواء الحرية بين افراد الشعب.

ومع ذلك فلابد أن تكون هناك مجسات دقيقة تتعامل وفقها الحكومة المقبلة مع التطورات العراقية على الساحة لاسيما ما يتعلق بالحقوق والواجبات، فلا يجوز أن تتكرر الاخطاء الماضية التي حصلت من بعض الجهات التنفيذية او التشريعية او غيرها، لأننا يجب أن نستفيد من تجاربنا السابقة خاصة واننا نعيش سباقا مع الزمن لكي نحقق أقصى ما نستطيع من الامور التي تصب في صالحنا كي نضمن عدم العودة الى المربع الاول كما يُقال، ونحقق المنهج التحرري الذي يضمن للجميع حقوقهم في العيش الحر الكريم.

وفي هذه المرحلة التداولية الصعبة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة ينبغي أن تكون هناك معايير واضحة تتحدد في ضوئها طبيعة هذه الحكومة ومن اهم هذه المعايير لتحديد مدى صلاحيتها هي حفظ حقوق الناس، حيث يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي في كتابه النفيس الموسوم بـ (إضاءات مرجعية): إن (مستقبل العراق سيكون بخير شرط إعطاء الأكثرية حقوقها كاملة وكذلك الأقليات).

وهكذا سيكون الامر مرهونا بمدى قدرة الحكومة على إعطاء حقوق الاغلبية والاقلية على نحو يؤكد حياديتها وفاعليتها في آن واحد، وطالما أن الانتخابات جرت وفقا للضوابط المتفق عليها مسبقا وكما اشار الى ذلك سماحة المرجع الشيرازي حين قال: (يجب ان تكون الإنتخابات حرة ونزيهة بحيث يكون للشخص الواحد صوت واحد، ويكون عدد نواب كل منطقة حسب كثافتها السكانية، فمثلا يكون لكل مائة الف شخص نائب واحد)، فإننا الخطوات المكملة لذلك مهمة جدا ومنها حفظ الحقوق، ولعل هذا سيكون من اكبر وأدق مهام الحكومة المقبلة التي يُفتَرض أن تكون ممثَّلة من لدن جميع طبقات وشرائح المجتمع.

لذا من المتوقع أن تقوم الحكومة بمهامها على الوجه الافضل، ولكن لابد أن يرتبط النشاط الحكومي الناجح بعوامل عدة ينبغي أن تعتمدها الجهات التنفيذية في ادارتها لشؤون البلاد، ومن أهمها كما يؤكد ذلك سماحة المرجع الشيرازي في كتابه نفسه إذ يقول سماحته في هذا الصدد: (إن مستقبل العراق ـ بإذن الله تعإلى ـ سيكون بخير، شرط تحقق أمور، ومنها: عدم هضم حقوق أية مجموعة من الشعب، وإعطاء الأكثرية حقوقها كاملة غير منقوصة، وكذلك إعطاء الأقليات حقوقها).

ويضيف سماحة المرجع الشيرازي مؤكدا على ضرورة: (إلغاء قوانين النظام البائد والأنظمة التي سبقته، وتشريع قوانين جديدة في مختلف مناحي الحياة، لأن تلك القوانين لا يتطابق كثير منها مع الإسلام، كما أن كثيرا منها مزاجية أملتها رغبة الدكتاتوريات البائدة، ويكون التشريع عبر مجلس منتخب بإنتخابات واقعية وبإستشارة الثقاة من أهل الإختصاص، شرط أن لا يتعارض أي قانون مع الإسلام).

وهذه من النقاط المهمة التي ينبغي للمشرعين الجدد من ممثلي الشعب الانتباه لها، كي لا يبق الشعب أسيرا لتك القوانين المجحفة، ويضيف سماحته بندا ثالثا يتعلق بهذا المجال: (تأمين الحرية الكاملة للحوزات الدينية والمعاهد العلمية لتقوم بدورها المنشود في خدمة الدين وتقدم البلاد وإزدهارها وبث الثقافة في أوساط الشعب).

وهذا أمر يتفق على أهميته الجميع وهو واجب حكومي ينبغي أن تنهض به الجهات المعنية لجزء مهم من مسار العملية الديمقراطية في البلاد، وتأكيدا للدور الهام التي تنهض به هذه المؤسسات الدينية في جوانب التوعية وحفظ المجتمع من الانزلاق في مهاوي الحياة الكثيرة.

ومن واجبات الحكومة الهامة هو حفظ الامن وترصينه حيث أكد سماحة المرجع الشيرازي في كتابه نفسه قائلا: (نحن من دعاة السلم، وبه يمكن الوصول إلى الحقوق المشروعة، والعنف على الأغلب لا يؤدي إلى نتيجة).

لذا على الجهاز الحكومي أن يعي ذلك ويعمل بهذا الاتجاه لتحقيق مصلحة الجميع، وهذا يعتمد على المقومات الصحيحة التي تستند إليها الحكومة في تشكيلها وفي تنفيذها لمهامها، ومن هذه المهام كما يؤكد على ذلك سماحة المرجع الشيرازي في كتابه (إضاءات مرجعية): (إن الحكومة يجب أن تتوفر فيها عدة مقومات حتى تكون مرضية منها: أن يختارها الشعب عبر إنتخابات حرة ونزيهة وبعيدة عن الضغوط الأجنبية ـ سواء من قوات الإحتلال أم الدول الإقليمية أم غيرها).

وإذا كان الشعب قد قام بدوره في انتخاب ممثليه متحديا كل الصعوبات والمخاطر المعروفة التي وصلت حد الموت احيانا، فالباقي هو واجب الحكومة التي ينبغي أن تقوم بدورها على الوجه الامثل في الحفاظ على حقوق الجميع.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/آذار/2010 - 26/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م