هولندا.. انعزالية ترسخ التطرف

 انهيار الحكومة يصعد بحظوظ اليمين المتطرف المعادي للإسلام

 

شبكة النبأ: حلَّ حزب اليمين المتطرف بزعامة النائب الهولندي غيرت فيلدرز في الطليعة في الانتخابات البلدية في مدينة الميري (190 ألف نسمة) وثانياً في لاهاي في اقتراع يشكل اختبارا قبل ثلاثة اشهر من انتخابات تشريعية مبكرة.

ويؤدي انهيار الحكومة الهولندية بسبب مسألة نشر قوات في أفغانستان إلى إبعاد البلاد عن جيرانها من دول الاتحاد الأوربي والحد من مشاركتها على الساحة الدولية وربما يدفع إلى تحول لتيار اليمين المتطرف في الداخل.

وعلى الرغم من تقليد طويل قائم على الاختلاط الدولي يعود إلى قرون من التجارة البحرية فان هولندا التي يسكنها 16 مليون نسمة انغلقت على نفسها في السنوات الأخيرة مع ركود الاقتصاد وتصاعد التوترات السياسية والاجتماعية.

وسجّلَ الحزبان الرئيسيان في التحالف الحكومي السابق بزعامة رئيس الوزراء يان بيتر بالكنيندي تراجعا عن الانتخابات البلدية للعام 2006، كما افادت نتائج جزئية صدرت هذا الاسبوع.

وحصل "حزب الحرية" اليميني المتطرف الذي يؤكد انه يناضل "لمنع اسلمة هولندا"، على 21,6% من الاصوات في الميري، المدينة الوحيدة مع لاهاي حيث قدم مرشحين في مشاركته الاولى الاربعاء في انتخابات محلية.

وكان الحزب حصل في هذه المدينة على 27,14% من الأصوات في الانتخابات الاوربية التي اُجريت في حزيران/يونيو 2009، متقدما بفارق كبير على الحزب العمالي الذي حل في المرتبة الثانية بحصوله على 12,74% من الاصوات.

وعلى الصعيد الوطني، خسر الحزب العمالي بزعامة وزير المال السابق فوتر بوس الذي تصدر بفارق كبير في 2006، اكثر من ست نقاط وحصل على 16% من الاصوات، في مقابل 23,45%، كما يفيد فرز 93% من الاصوات. بحسب رويترز.

وخسر الحزب المسيحي الديموقراطي بزعامة بالكنيندي، الحزب الرئيسي في الائتلاف الحكومي السابق، حوالى نقطتين بعدما حصل على 16,83% من الاصوات في الانتخابات البلدية في 2006.

وقال بالكنيندي "كنا نفضل لو حصلنا على نتائج افضل"، معترفا بأن استقالة حكومته في 20 شباط/فبراير اضطلع "بدور كبير".

وقبل ثلاثة اشهر من الانتخابات النيابية المبكرة، يتقدم حزب الحرية او ينافس في استطلاعات الرأي الحزب المسيحي الديموقراطي الذي كان يترأس ائتلاف وسط اليسار المستقيل نتيجة خلافات حول احتمال تمديد مهمة هولندا في افغانستان نزولا عند طلب حلف شمال الاطلسي.

من جانبه، اكد فيلدرز الذي فاز حزبه بتسعة مقاعد من اجمالي 39 في الميري، ان "ما هو ممكن في لاهاي والميري ممكن في كل انحاء البلاد. انها انطلاقة لانتصارنا".

وفي لاهاي مقر الحكومة، حل حزب الحرية الذي انشىء في 2006، في المرتبة الثانية بعد الحزب العمالي الذي بقي الحزب الاول، وبات يشغل ثمانية مقاعد في المجلس البلدي مقابل عشرة مقاعد للحزب العمالي.

وكان حزب فيلدرز (46 عاما) حصل على 16,7% من الاصوات في الانتخابات الاوروبية في حزيران/يونيو 2009، فحل في المرتبة الثانية بعد الحزب المسييحي الديموقراطي بزعامة بالكنيندي، ودخل البرلمان الاوروبي. وهو يشغل تسعة مقاعد نواب من اصل 150 في مجلس النواب الهولندي.

وبحسب استطلاع للرأي لدى الخروج من مراكز التصويت اجراه معهد "سينوفات" لحساب التلفزيون العام ووكالة الانباء الهولندية لدى الخروج من مراكز التصويت، فلو كانت هذه انتخابات نيابية، لكان حزب الحرية حل في المرتبة الثالثة بحصوله على 24 مقعدا في مقابل تسعة مقاعد في الوقت الراهن.

اما الحزب المسيحي الديموقراطي فسوف يبقى الحزب الاول بحصوله على 29 مقعدا، بتراجع 12 مقعدا، وسيبقى متقدما على الحزب العمالي الذي سيفوز ب 27 مقعدا في مقابل 33 مقعدا حاليا.

وبلغت نسبة المشاركة 53,3% وهي نسبة متدنية بالمقارنة مع العام 2006 (58,56%) لحوالى 12 مليون ناخب مسجل، كما تفيد النتائج الجزئية.

فيلدرز: يجب أن نوقف أسلمة مجتمعاتنا

وقال السياسي الهولندي اليميني المعادي للإسلام خيرت فيلدرز الذي يتزعم حزبا في بلاده اسمه حزب الحرية إنه يتوقع ان يصبح رئيس الحكومة الهولندية المقبلة التي ستتشكل عقب الانتخابات العامة التي ستجرى في البلاد في شهر يونيو/حزيران المقبل.

وكان حزب الحرية قد حقق نجاحا فاق التوقعات في الانتخابات المحلية التي جرت في هولندا الاسبوع الماضي، إذ أصبح اكبر الاحزاب في بلدة المير المتوسطة الحجم، كما حل ثانيا في مدينة لاهاي العاصمة السياسية لهولندا.

وقال في مؤتمر صحفي عقده في مجلس اللوردات في لندن عقب عرضه فيلم فتنة الذي يتهجم فيه على الإسلام، إن نجاحنا المبهر في الانتخابات، ونتائج استطلاعات الرأي على الصعيد الوطني، تشير الى اننا نتمتع بحظ كبير بأن نصبح اكبر الاحزاب في البرلمان وأصبح انا رئيس الوزراء المقبل.

وكان استطلاع للرأي اجري في هولندا مؤخرا قد بين بأن حزب فيلدرز سيفوز بـ 27 مقعدا في البرلمان الهولندي ذي المقاعد الـ 150 في الانتخابات العامة المقبلة مما سيجعله اكبر الاحزاب في البرلمان.

وأكد فيلدرز استعداده للتنازل في بعض سياساته اذا كان ذلك ضروريا لتشكيل ائتلاف يحكم البلاد مع بعض الاحزب الصغيرة الاخرى. الا انه اضاف بإن خطته القاضية بمنع هجرة المسلمين الى هولندا غير خاضعة للتفاوض. وقال،" لا مجال للمناورة فيما يخص الاسلمة. يجب علينا وقف اسلمة مجتمعنا".

وكان فيلدرز قد وصل إلى بريطانيا لعرض فيلمه المعادي للإسلام بعد رفع الحظر عن دخوله بريطانيا.وعرض فيلدرز فيلمه على عدد من النواب البريطانيين خلال زيارته التي يحل فيها ضيفا على البارونة كوكس وزعيم حزب الاستقلال البريطانى اللورد بيرسون عضوا مجلس اللوردات.

وكان فيلدرز قد حاول دخول بريطانيا في فبراير شباط من العام الماضي ، لكنه أمر بالعودة إلى هولندا بعد ساعات من وصوله وتم رفع الحظر عن دخوله في أكتوبر تشرين الأول الماضي.

ويشبه فيلدرز القرآن بكتاب كفاحي لأدولف هتلر وأثار فيلمه فتنة حالة من الغضب في العالم الإسلامي بعد عرضه على شبكة الانترنت عام 2008.

وتظهر في المشاهد الافتتاحية للفيلم نسخة من القرآن تتبعها لقطات من هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول وتفجيرات قطارات مدريد في عام 2004 ولندن في عام 2005. ويخضع خيرت لحراسة مشددة لمدة 24 ساعة منذ خمس سنوات بعد تلقيه تهديدات بالقتل بسبب آرائه.

ولم تكن هناك أية تظاهرات في استقبال خيرت في مطار هيثرو ولكن كانت في استقباله لدى وصوله الى مقر مجلس اللوردات في وستمنستر بلندن تظاهرتان، واحدة مؤيدة له نظمتها عصبة الدفاع الانجليزية اليمينية وثانية للاحتجاج على وجوده نظمتها مجموعة من الحركات والمنظمات المناهضة للعنصرية.

وكان من المقرر أن يعرض السياسي الهولندي فيلمه في مجلس اللوردات العام الماضي ولكن وزيرة الداخلية البريطانية آنذاك جاكي سميث قالت إن وجوده كان من المحتمل أن يهدد وئام المجتمع ، ويضر بالسلامة العامة وقامت بفرض حظر على دخوله البلاد.

وأوضح فيلدرز وجهة نظره المثيرة للجدل في أكتوبر تشرين الأول الماضي وقال : لدي مشكلة مع الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية ، لأنني أشعر أنه كلما انتشر الإسلام أكثر في مجتمعاتنا ، يقل معدل حرية التي يمكن أن نحصل عليها .

هولندا تنغلق على نفسها بعيدا عن أوربا والعالم

ويؤدي انهيار الحكومة الهولندية بسبب مسألة نشر قوات في أفغانستان إلى إبعاد البلاد عن جيرانها من دول الاتحاد الاوربي والحد من مشاركتها على الساحة الدولية وربما يدفع إلى تحول لتيار اليمين في الداخل.

وعلى الرغم من تقليد طويل قائم على الاختلاط الدولي يعود الى قرون من التجارة البحرية فان هولندا التي يسكنها 16 مليون نسمة انغلقت على نفسها في السنوات الاخيرة مع ركود الاقتصاد وتصاعد التوترات السياسية والاجتماعية.

ومع تراجع الوجود الهولندي في الشؤون الاوروبية وفي أفغانستان ربما يكون من الصعب على القارة الاوروبية أن تتحد حول خطة انقاذ لليونان وربما يؤثر ذلك أيضا على نشر قوات دول غربية أخرى توشك فترة التفويض الممنوحة لها في أفغانستان على الانتهاء.

وقال فيليب فان براج أستاذ العلوم السياسية في جامعة أمستردام "ستكون هولندا أكثر تشككا تجاه التكامل الاوروبي."بحسب رويترز.

وبعد شهور من الخلاف المستعر حول كيفية التعامل مع الازمة المالية أدى طلب من حلف شمال الاطلسي بتمديد نشر نحو ألفي جندي الى انقسام الائتلاف الهش بين اليسار واليمين يوم السبت.

وقال اندريه كروفل أستاذ العلوم السياسية في جامعة فري بأمستردام "نحن في خضم أزمة مالية وسيؤدي اجراء انتخابات الان الى افتقاد الامن بدرجة كبيرة لدى المواطنين والمستثمرين."

ومن شبه المؤكد أن يتقرر هذا العام اعادة القوات الهولندية الموجودة في اقليم أرزكان بأفغانستان منذ عام 2006 في وقت تكثف فيه الولايات المتحدة هجومها على طالبان وتحث دولا غربية أخرى على أن تحذو حذوها.

وهولندا بين أكبر عشر دول مساهمة في مهمة حلف شمال الاطلسي بأفغانستان. ولقي 21 جنديا هولنديا حتفهم هناك.

ويعود شعور هولندا بعدم الارتياح ازاء ارسال قوات الى أفغانستان الى مذبحة سربرنيتشا عام 1995 عندما اضطر جنود هولنديون تابعون للامم المتحدة ومسلحون تسليحا خفيفا دون دعم جوي دولي للتخلي عن هذه المنطقة لقوات صرب البوسنة الذين قتلوا ما يصل الى ثمانية الاف مسلم كانوا قد طلبوا الحماية من الجنود الهولنديين.

وأدى تقرير صدر في 2002 حول سربرنيتشا الى انهيار الحكومة وتولي أول إدارة لبالكننده الحكم. ومنذ ذلك الحين أصبح من الصعب التكهن بالأحوال السياسية في هولندا التي كانت تشتهر يوما باستقرارها وتوافقها.

وتزامنَ هذا مع انزلاق تدريجي في حالة من العزلة. وقبل أربع سنوات رفض الناخبون الهولنديون مسودة دستور لأوروبا. كما يشعر كثيرون بالقلق إزاء هجرة المسلمين وتزايد تأثير بروكسل على القوانين الهولندية ومساهمات دافعي الضرائب الهولنديين في ميزانية الاتحاد الأوروبي.

وأظهر استطلاع صدر مؤخرا أن 55 في المئة من الهولنديين يريدون طرد الدول المدينة بمبالغ طائلة من الاتحاد الأوروبي. وفي الأسبوع الماضي أظهر استطلاع آخر دعما شديدا لانسحاب اليونان من منطقة اليورو. وكانت هولندا واحدة من بين ست دول مؤسسة للاتحاد الأوروبي وقعت معاهدة ماستريخت في 1992 والتي أدت إلى طرح عملة اليورو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/آذار/2010 - 22/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م