الناخبون ووعود المرشحين... هواجس تطيح بالامال

دعوات شعبية للالتزام بالبرامج المعلنة... واخرى تعبر عن الاحباط

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يعول الكثير من العراقيين على نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة في تحسين ضروفهم الاجتماعية والاقتصادية سيما انهم عانوا على طوال العقود الثلاثة الماضية من ازمات متلاحقة اتت على الغث والسمين، فيما لم تدر عليهم رياح التغيير والعملية السياسية الجديدة بالكثير حسب قول البعض.

الامر الذي دفع بالكثير من الناخبين الافصاح عن رغبتهم في تحقيق المرشحين لوعودهم الانتخابية في حال فوزهم بمقاعد البرلمان، فيما اعربت بعض الجهات عن تشاؤمها من المستقبل نظرا لقتامة المشهد السياسي القادم.

 وعود المرشحين

أعرب عدد من العراقيين اللاجئين في بيروت، عن أملهم بأن تتحول وعود المرشحين للانتخابات البرلمانية في السابع من آذار مارس المقبل لأفعال حقيقة تلامس طموحات العراقيين، مبدين تخوفهم من أن تكون البرنامج الانتخابية التي تطرح حاليا مجرد كلام.

وقال أبو نور إن حال الشارع العراقي “لم يشهد تغيرا كبيرا ولا تزال مخلفات الأنظمة السابقة وسياساتها موجودة في الشارع ومفرادته اليومية”، متمنيا أن يكون المرشح “حريصا على البلاد بقدر حرصه على الظفر بأحد مقاعد مجلس النواب”. بحسب اصوات العراق.

وأضاف أن بعض المرشحين “يطرحون برامج انتخابية هائلة وكبيرة نعتقد أنها لو طبقت على أرض الواقع لأصبح العراق يشار له بالبنان”، مستدركا “لكن ما نخشاه هو أن يكون ذلك محاولة للسيطرة على إرادة الناخبين”.

وأوضح “كم سمعنا من برامج قدمها الذين ترشحوا للانتخابات سابقا لكننا لم نر وجوههم بعدها”، مبيننا أن ما تحقق من وعود المرشحين السابقين “لا يتجاوز النزر اليسر ذهب والباقي أدراج الرياح”.

وأبدى علي السعدي تخوفه من أن يكون حرص أغلب المرشحين على المشاركة السياسية الواسعة في الانتخابات “هو لخدمة مشاريعهم الخاصة وليس المواطن”، مبيننا” أن البلاد باتت بـ”أمس الحاجة لأبنائها الخيرين الذين يعملون على رفع المعاناة عن الجماهير”.

وأضاف “لا نريد أن يستغل بعض المرشحين الظروف الصعبة التي يمر بها الشارع العراقي ويبدون بطرح برامجهم الانتخابية التي تداعب مشاعر الجماهير لكنها تخلو من الواقعية والصدق”، متمنيا أن “تشكل دائرة معنية مهمتها محاسبة النائب الذي سيفوز بعضوية البرلمان على مدى تنفيذه ما دعا إليه ووعد في برنامجه الانتخابي”.

وأوضح أن ذلك من “أبسط حقوق المواطنين الذين أوصلوا النواب إلى سدة البرلمان”، مستطردا “بل ومن واجبات النواب تجاه الناخبين”.

ومضى قائلا إن العراق بـ”حاجة لحلول سريعة وجذرية لما يواجهه من مشاكل كعدم توفر السكن وفرص العمل وعليه فمن أراد استماله الجماهير فليعمل على معالجة هذه المشاكل ولا يركز على الوعود التي هو أصلا غير مقتنع بإمكانية تحقيقها”، بحسب تعبيره.

وأبدى السعدي خشيته من أن “تؤثر قضية الوعود غير الصادقة من قبل بعض المرشحين على نسبة المشاركة في الممارسات الديمقراطية المقبلة يوم السابع من آذار مارس المقبل ما قد يؤثر على مجمل العملية السياسية في العراق”.

وبدأت الحملة الدعائية لمرشحي الانتخابات الاسبوع المنصرم وستستمر حتى السادس من آذار مارس المقبل، أي قبل موعد الانتخابات بيوم واحد، ويتوقع أن تشهد منافسة قوية بين الائتلافات الكبيرة والمرشحين داخل الكيانات أنفسهم.

من جانبه قال الأديب العراقي سليم الجبوري إن شعارات المرشحين للانتخابات “تبدأ بسنبني ولا تنتهي بسنحقق”، مبيننا أن الكرة حاليا في “ملعب الشعب العراقي لأنه وحده من يقرر من ينزل إلى ساحة اللعب”.

وأفاد الجبوري وهو مغترب في لبنان أن الشعب “أدراك حقيقة أن الندم لا ينفع بعدما يقع المكروه”، مستدركا “ليس من حق الشعوب أن تندم على أداء شخصيات هي من أوصلها إلى دفة الحكم”.

وتابع أن الشارع العراقي “يشهد حملات دعائية مكثفة لشخصيات لم يعرفها مطلقا”، مستطردا أن بعضها “دخل المعترك السياسي قبل أيام قليلة بعد أن كان مستمتعا بحياة الرفاهية والدعة التي يعيشها في أوربا أملا بتحقيق مكاسب إضافية”.

وزاد “لا يجب أن نعطي أصواتنا لمن يريد أن يستفيد من جراحات العراقيين”، داعيا لأن يكون الشعب على “قدر من الوعي للحيلولة دون الوقوع في أخطاء الانتخابات السابقة”.

ورأت الطالبة الجامعية بتول طالب أهمية “نزول المرشح الانتخابي إلى الشارع لمعايشة جراحات المعدمين من الناس”، مطالبة بضرورة “الالتزام بمبادئ القانون الذي يحضر على المرشحين شراء أصوات الناخبين”.

وبينت أن من يريد الفوز بثقة الجماهير عليه أن “يثبت ولاءه للوطن أولا وتقديم مصلحة الجماهير على مصالحه الشخصية”، معتبره أن تلك المواصفات “يندر وجودها في المرشحين الحاليين”.

وصادق مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على أسماء المرشحين الذين سيشتركون بانتخابات مجلس النواب بعد تدقيقها وحذف أصحاب الشهادات المزورة ومنتسبي القوات المسلحة المستمرين بالخدمة، ومن لديهم ملفات جنائية مخلة بالشرف، فضلا عن المشمولين بقانون هيئة المساءلة والعدالة الخاص باجتثاث البعث.

عزوف عن التصويت

من جهة اخرى قررت فريال خليل عدم المشاركة في عملية الاقتراع، لاعتقادها بأن أغلب المرشحين هم نفس الشخصيات التي كانت تحكم البلاد إبان اغتيال والدها في قضاء الخالص قبل عامين.

تقول خليل “كان والدي البالغ من العمر 62 عاما ذاهبا إلى قضاء الخالص لتقديم طلب الاحالة على التقاعد من وظيفته الحكومية، فودعنا في الصباح وفي داخله غصة ألم وقال إن عدت بالسلامة ستكون هذه آخر مرة اذهب فيها خارج السليمانية، وكأنه شعر بأنه سيتعرض للقتل”.

وتقطن عائلة خليل في قضاء دربندخان التابع لمحافظة السليمانية حاليا، بعد أن هُجرت من محافظة ديالى وتحديدا قضاء الخالص بسبب أعمال العنف التي شهدتها المنطقة بعد عام 2006، إذ كانت معظم مناطق محافظة ديالى التي يقع مركزها وهو مدينة بعقوبة على بعد 57 شمال شرقي العاصمة بغداد خاضعة لسيطرة تنظيم القاعدة خلال تلك الفترة.

وكانت القوات الامنية تعثر باستمرار على جثث مجهولة الهوية لضحايا مغدورين، بسبب موجة العنف الطائفي التي حصلت في الاعوام التي تلت الغزو الامريكي للعراق بعد عام 2003. بحسب اصوات العراق.

تقول ابنة خليل “ذهب والدي لتقديم الطلب ولم يعد، ومضت اسابيع دون أن نعرف مصيره، ولشدة الاوضاع المأساوية خشينا على اخوتي من الذهاب للبحث عن والدي، لأن السفر عبر ديالى والوصول إلى الخالص كان محفوفا بمخاطر جمة”.

وتضيف “لكن بعد أن فقدنا الامل في العثور عليه، ذهبت والدتي ومعها زوج شقيقتي الكبرى إلى دائرة الطب العدلي في ديالى بحثا عن والدي الذي قد يكون من بين الجثث المجهولة التي يتم العثور عليها بشكل يومي، وفعلا تم التعرف إلى جثته من خلال اصبعه المبتور، لقد قتلوا والدي، قتل الارهابيون والدي لا لشئ سوى أنه من القومية الكردية”.

وأجهشت بالبكاء، ثم استرسلت بالقول “بعد هذه الحادثة فقدنا والدنا ومعيلنا وصديقنا، بل حتى فقدنا الثقة بكل من حولنا، وخاصة القادة الامنيين والساسة الذين كان همهم الوحيد تحصين أنفسهم في مبانٍ يحميها آلاف الحراس، دون أن يفكر أحدهم بأمن وسلامة أبناء الشعب العراقي”.

وتوضح خليل “لهذا كله قررت أن لا انتخب أي من هؤلاء، وحتى لو اختلفت الشخصيات المترشحة فهي تابعة لنفس الاحزاب التي قادت العملية السياسية منذ بدئها”.

إلا أن شقيقتها زينب خليل البالغة من العمر 39 عاما كان لها رأيا مغايرا تماما، إذ أنها ترى ضرورة في التصويت لاجراء تغيير في القيادات الحاكمة على حد تعبيرها.

تقول خليل “يجب أن نتوجه إلى صناديق الاقتراع لنعبر عن رأينا ورفضنا للقيادات التي لم تثبت جدارتها، لازالتها عن منصبها واختيار من هم اكفأ لقيادة البلد”.

وتوضح أن “في المشاركة بالعملية الانتخابية اهمية كبيرة، لأنها ستكون مثمرة بسبب اختيار شخصيات وطنية نزيهة باستطاعتها تحقيق ما يصبو إليه المواطن العراقي الذي عانى الويلات خلال الاعوام الماضية”.

وتضيف “كان والدي محبا للخير وقائما عليه، وكان يطمح لتحقيق الاحسن، لذلك لن اتوانى في الذهاب للتصويت للسير على نهج والدي”.

بينما يرى علي عزيز البالغ من العمر 40 عاما أن “العملية الانتخابية برمتها مسرحية، لأن المرشحين اشتروا اصوات مواليهم، والتزوير سيأخذ حيزه، والأحزاب تحوز على اغلبية الآراء في مناطق نفوذها، فما الفائدة إذن من التصويت؟”.

ويضيف عزيز “في كل مرة يخدعوننا بلعبة التصويت، ومع المخاطر التي تواجه المواطن العراقي من خلال تهديدات القاعدة والمتشددين، يذهب المواطن للانتخاب، لكن النتيجة محسومة منذ زمن بعيد، ولا فائدة من التصويت”.

وفرضت عناصر القاعدة والجماعات المسلحة سيطرتها على العديد من المناطق في محافظة ديالى خلال السنوات الست الاخيرة وقامت بقتل اعداد كبيرة من المواطنين مع تدمير اغلب المباني الحكومية والدور السكنية ليؤدي ذلك إلى تهجير الكثير من العائلات التي هاجرت في مدن اقليم كردستان او الدول المجاورة بحثا عن الامان.

فيما يقول المواطن جمال محمد البالغ من العمر 20 عاما وهو من سكنة نفس القضاء، “يجب على كل مواطني يحب بلده أن يتوجه إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات التشريعية المقررة في الثالث من آذار مارس المقبل”.

ويوضح محمد أن “الانتخابات هذه السنة لن تكون كسابقاتها، لأن العملية السياسية اتضحت معالمها لدى العراقيين، وهم يعرفون الآن الشخصيات الوطنية وغير الوطنية، لذا بإمكان الجميع إبعاد الدخلاء عن العملية السياسية عبر اختيار الافضل والأكفأ”.

ويضيف “لم اشارك في الانتخابات الماضية بسبب عدم قناعتي بالشخصيات المترشحة، لكن بعد اعلان النتائج ومعرفتي بالشخصيات الفائزة، ومن بينها جهات لا تستحق مناصبها، ندمت كثيرا لعدم التصويت، واتخذت عهدا بأن أصوت مع جميع افراد اسرتي لاختيار الجيدين وابعاد السيئين عن دفة الحكم”.

لكن فريال خليل “مصرة على عدم المشاركة في الانتخابات، رغم الوعود التي يقدمها المرشحون، لأنها كلها خدع وبدع يراد منها اقناع المساكين باختيار جلاديهم”.

عودة الحرب الطائفية

على صعيد متصل استبعد مراقبون سياسيون، أن يؤدي إقصاء بعض المرشحين للانتخابات إلى إرجاع العراق لمربع الحرب الطائفية، في حين توقع برلماني أن تستغل أزمة استبعاد المرشحين من قبل أطراف خارجية لزيادة العنف في العراق.

وقال النائب عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني سامي الأتروشي إن أزمة استبعاد عدد من المرشحين للانتخابات النيابية “ستستغل من قبل بعض الأطراف الخارجية لزيادة العنف في العراق قبل الانتخابات”، مشيرا إلى أن ذلك “يشكل فرصة سانحة لتلك الجهات لاسيما أن هنالك خلافات واسعة في وجهات النظر بين القوى المحلية وصلت إلى تصريحات لقيادات عراقية بشأن إمكانية حدوث الحرب الأهلية”. بحسب الاستوشد برس.

وكانت هيئة المساءلة والعدالة قد استبعدت النائبين ظافر العاني عن قائمة جبهة التوافق وصالح المطلك عن القائمة العراقية، فضلا عن عدد آخر من المرشحين، من المشاركة في الانتخابات النيابية التي من المقرر أجراءها في السابع من أذار مارس المقبل، وفقا للمادة السابعة من الدستور التي تتيح إمكانية استبعاد أي مرشح لخوض الانتخابات يتبنى أو يروج أو يمجد لأفكار حزب البعث المنحل في العراق.

وأضاف الأتروشي أن على الحكومة العراقية أن “تأخذ منتهى الحذر لمنع وقوع كوارث قد تكون أكبر من تلك التي حدثت أيام الأحد والأربعاء الداميين وغيرها من العمليات الإرهابية التي شهدها العراق”، مبينا أن التدخل في الشأن العراقي “أصبح ديدن العديد من الدول والجهات الخارجية التي تبحث عن أي فرصة لاستغلالها في التأثير على العملية السياسية”.

وتابع “فقد شهدنا خلال السنوات الماضية كل أنواع التدخل سواء المباشر عن طريق الضغط على الأطراف العراقية لتغيير قرار ما أم غير المباشر عن طريق تحريك ودعم الجماعات المسلحة المختلفة الموجودة على الساحة العراقية”، وأردف وأصبح العراق من جراء ذلك “ساحة للمعركة بين دول متصارعة كما أصبح العراقيون ضحايا تلك المعركة”.

يذكر أن العراق كان  شهد حربا طائفية امتدت بين عامي 2006-2007 على خلفية تفجير قبتي الإمامين العسكريين في سامراء.

وأعرب الأتروشي عن “أسفه لأن بعض السياسيين دخلوا في سيناريو الحرب الطائفية بقصد أو دون قصد من خلال استخدام الخلافات المذهبية والقومية للدعاية الانتخابية وإثارة العاطفة الجماهيرية من خلال التعرض إلى رموز الدين وتاريخه أو الأطياف والمكونات المتآخية فيما بينها لمئات السنين”.

إلى ذلك قال الباحث في المركز الوطني الفرنسي الدكتور هشام داوود إن من الواضح أن الأجواء الانتخابية العراقية “تتجاز هذه الأيام امتحانا قاسيا لا يتحكم أهل البلد بالضرورة بذاتهم بكل أبعاده وخيوطه”، مستدركا من فرنسا عبر الهاتف “لكن هذا لا يعني بأن التجربة وفعل الزمن قد ألغيا وأن العراق يترنح وآيل للسقوط من جديد في آتون حرب أهلية لا يتمناها الكثيرون”.

وأوضح أن العرب السنة قد “تعلموا من مرارة تجربتهم السابقة بمقاطعة انتخابات عام 2005 التي كلفتهم الكثير من التضحيات والتهميش”، مبينا أن الظرف السياسي اليوم “يختلف كليا عما كان عليه قبل  خمسة سنوات مضت إذ أن الأمريكيين اليوم ليسوا بالضرورة أعداء للسنة كما أن الشيعة ليسوا موحدين والأكراد أكثر واقعية عند تعاطيهم للمسألة العراقية وهناك أزمة دولية تلوح في الأفق بين الغرب عموما وإيران وما لذلك من انعكاسات حتمية على العراق”.

وأفاد داوود أن المشكلة “تكمن في إيجاد آلية مسؤولة ومقبولة من قبل الجميع لتقاسم السلطة وإدارتها وتداولها”، منوها إلى أنه في مثل هذه الأجواء المشحونة “برز دور لجنة المسائلة والعادلة لتعقد الأمور لاسيما الفضاء القضائي لمصلحة رغبات سياسية محددة مما أضفى على نزاهة الانتخابات شيء من التساؤل المشروع”.

واستطرد أن ذلك حدث “وسط تزايد التخوف الأمريكي من وقوع العراق مرة أخرى في أتون العنف الأعمى الذي وسم سنوات 2006 و2007″.

من جانبه اتفق المحلل السياسي د.كاظم المقدادي مع هشام داوود في “عدم إمكانية رجوع العراق للحرب الأهلية”، وقال إن من غير “الممكن أن نتحدث الآن عن رجوع العراق للحرب الأهلية بسبب استبعاد مرشحين عن الانتخابات لاسيما ظافر العاني وصالح المطلك”.

وأضاف المقدادي إن عملية “إخراجهم لم تكن اغتيالا لشخصهم بل أن القضاء العراقي ممثلة بهيئة المساءلة والعدالة هو من استبعدهم وفقا للدستور ولم يكن من قام بالأمر حزب معين”، مستدركا “صحيح  أن الأمر هو بمثابة مأزق لكنه لا يرقى إلى  مستوى الحرب الأهلية”.

وأستنكر المقدادي التصريحات “الطائفية التي تصدر من قبل المرشحيين”، واصفا إياها بـ”غير المسؤولة”، مطالبا “باجتثاث من يصرح بها”.

على صعيد متصل اتفقت الكاتبة خيال الجواهري بشأن “عدم إمكانية عودة العراق للحرب الأهلية”، وقالت “أستبعد رجوع العراق للحرب الأهلية من جديد نتيجة لاستبعاد المرشحين لأن المناخ الديمقراطي لا يسمح بذلك عشائريا وثقافيا وأن المرحلة الحالية تسمح بتبادل الرأي والرأي الآخر”.

وأضافت أن الشعب الآن “أصبح أكثر وعيا لاسيما أن الحرب الأهلية ليست من مصلحة أي طرف من الأطراف السياسية”.

ومن المقرر إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في السابع من آذار مارس المقبل بمشاركة 306 كيانات سياسية و19 مليون شخص يحق لهم التصويت.

المسيحيون خاسرون

من جانب آخر يرد الكاردينال امانويل ديلي الثالث، بطريرك الكنيسة الكالدانية، على من يسأله عن مسلسل الاغتيالات والتهجير بحق المسيحيين في العراق، نحن شعب السلام، ليس لدينا ميليشيات.

وغالبا مايضيف الكاردينال :«الارهابيون لا يقتلوننا نحن المسيحيين فقط، بل يقتلون اخواننا المسلمين أيضا».

غير أن بعض المسيحيين في العراق يرون أن ميل المسيحيين وحبهم للسلام والكلمات التي يطيب بها رجال الدين هناك خاطر المسيحيين لا تكفي بمفردها لوضع حد لتيار هجرة الأقلية المسيحية من بلد الرافدين.

ويرى هؤلاء انه يتعين على المسيحيين ألا يستمروا في «ادارة الخد الآخر» وأن يمارسوا الضغوط على الحكومة والسلطات العراقية وأن ينظموا مظاهرات احتجاجية خارج البلاد يلفتون بها الأنظار لوضع المسيحيين في العراق.

وفي هذا السياق، قالت وزيرة البيئة العراقية السابقة والناشطة الحقوقية باسكال وردة: «نحن جميعا نحب الكاردينال، انه، بعباءته الحمراء ، زينة كنيستنا.. ولكن لابد أن يحدث شيء بسرعة حتى لا يختفي المسيحيون للأبد من العراق».

ورغم أن لدى المسيحية باسكال وردة جواز سفر فرنسي ورغم انها تعيش في أحد أكثر أحياء بغداد تمتعا باجراءات أمنية، الا أنها لا ترى العيش في المنفى حلا. وعن ذلك تقول:«علينا أن نحشد الشارع العراقي وان لم يفد ذلك شيئا فعلينا أن نتظاهر في فرنسا واستراليا».

كان يعيش في العراق نحو 1.5 مليون مسيحي عندما أسقطت القوات الأمريكية نظام الرئيس صدام حسين عام 2003. وبحسب البيانات الرسمية، تراجع هذا العدد اليوم الى 750 ألفاً، حسب تقديرات غير رسمية.

حيث قتل أكثر من 730 مسيحيا في العراق منذ دخول الأمريكيين بغداد، كان آخرهم شاب كان في طريقه للجامعة عندما أردته رصاصة قتيلا، وقبله قتل مالك أحد محلات الأجهزة المنزلية. قتل معظم المسيحيين في العاصمة بغداد وفي مدينة الموصل شمال العراق حيث يدخلون بين مطرقة الصراع العربي الكردي وسندانه.

من بين القتلى 12 من رجال الدين المسيحيين الذين تكرمهم كنائسهم اليوم كشهداء. وتنسب بعض عمليات القتل بحق الطلاب أو الصيادلة أو الأطباء والقساوسة لتنظيم القاعدة.

ولكن من المسؤول عن عمليات الاغتيال الأخرى؟

هناك احصائية لمنظمة حمورابي لحقوق الانسان تؤكد عدم الكشف عن منفذي أكثر من %70 من عمليات الاغتيال بحق المسيحيين.

ورغم أن معظم المسلمين العراقيين ليس لديهم شيء سيئ يقولونه عن المسيحيين، بل وأن بعض هؤلاء المسلمين يرسلون أبناءهم لمدارس مسيحية بسبب السمعة الطيبة لهذه المدارس، الا أنه عندما يتعلق الأمر بحراسة بيوت المسيحيين ومستشفياتهم، لا تكاد تكون هناك جهة تشعر بأنها مسؤولة عن هذا.

يتردد أن اماما سنيا بالعراق قال ذات مرة في خطبة الجمعة، ملمحا لأيام العطلات اليهودية والمسيحية، :«تخلصنا بالفعل من عطلة السبت وسنتخلص من عطلة الأحد»، بيد أنه لم يكن لهذه الخطبة المحرضة على كراهية المسيحيين أي عواقب تذكر.

وقام أتباع المذهب الشيعي باحدى قرى الموصل بنزع الزينة المعلقة أمام احدى كنائس المسيحيين الآشوريين يوم عيد الميلاد المسيحي مرددين هتاف: «ماذا دهاكم عندما تريدون الاحتفال في شهر الحزن الشيعي محرم؟».

شعرت باسكال وردة بصدمة خاصة جراء هذه الواقعة لأن هؤلاء الشيعة كانوا مسلحين، وكانوا يستقلون سيارات شرطة.

الاعتماد على الاقارب

ومع استمرار الحملات الانتخابية في عموم العراق، دعا مراقبون محليون في دهوك المرشحين عن محافظتهم إلى اثبات مواقفهم وتحقيق وعودهم بعيدا عن الاعتماد على الاقارب.

ورأى القانوني عماد الدين حمدي أن “على المرشحين الاعتماد على الانتماء السياسي والبرنامج الانتخابي للقائمة الانتخابية وكذلك البرنامج السياسي للمرشح نفسه، ويجب أن يثبت المرشح أنه كفوء وسياسي لا أن يثبت أن له عشيرة قوية واقارب كثر”.

وقال حمدي إن “الانتخابات ظاهرة قانونية وهذا النظام الذي اعتمد هذه المرة هو نظام راق وجيد، وإن ادى إلى القليل من العشائرية والمناطقية، ولكن بتكرار ظاهرة الانتخابات فإن العشائرية والمناطقية ستتلاشى”. بحسب اصوات العراق.

وأضاف أن “هذا النظام يجبر الاحزاب على اختيار المرشحين الاكفاء وذوي الخبرة والمرغوبين لا على اشخاص آخرين بغرض الترضية والمحسوبية”.

ويذكر أن مراقبين ومختصين في مجال الاعلام وصفوا الحملات الدعائية التي تقوم بها الكيانات السياسية في دهوك بالتقليدية والفاترة، ولا تحمل ما يستقطب الناخب ويؤثر عليه، في وقت سجلت المفوضية عدد محدود من الشكاوي تتعلق باستخدام الدوائر الحكومية.

من جهته، قال مقرر قسم الصحافة في المعهد الفني في دهوك محمد علي اتروشي إن طهذا النظام الانتخابي جديد وهذا النظام فتح المجال للمرشحين لكي يقوموا بحملاتهم الخاصة بالاضافة إلى حملات القوائم الانتخابية، والحملات الخاصة حتما يديرها الاقرباء و ابناء العشيرة”.

وفيما تدخل الحملات الدعائية اسبوعها الثاني، اتفق مراقبون على أن اسبوعها الاول اتسم بالهدوء وبضعف التجاوب الجماهيري وغياب الحماس للمشاركة فيها، وسط ضعف البرامج ووسائل الترويج التي تشد انتباه الناخبين.

وأضاف اتروشي “لكي يحصل المرشحون على اصوات تؤهلهم لدخول مجلس النواب، فإنهم يعتمدون على اشخاص مقربين منهم لكي يقوموا بحملتهم الانتخابية الخاصة بهم وبالنتيجة فإن المقربين هم من ابناء منطقتهم وعشيرتهم، وبتحصيل حاصل سيؤدي ذلك إلى اثارة المناطقية العشائرية”.

واستدرك قائلا إن الحملات الانتخابية التي ينظمها المشرحون عبر الاعتماد على اقاربهم “لم تبلغ حدا خطيرا، ولكنها بدأت تظهر”.

وأردف اتروشي قائلا “بسبب ضعف الروح الديمقراطية والوطنية وبسبب البيئة الاجتماعية المساعدة واعتماد المرشح على اقربائه فإنه بالنتيجة ستظهر هكذا ظواهر”.

وستجري انتخابات البرلمان العراقي في السابع من آذار مارس المقبل لأول مرة وفق نظام الدوائر المتعددة والقائمة المفتوحة، ويتنافس في دهوك 14 كيانا سياسيا على عشرة مقاعد مخصصة للمحافظة، مع  خمس قوائم للمسيحيين التي تتنافس على مقعد واحد في المحافظة من اصل خمسة مخصصة ككوتا للمسحيين في البرلمان القادم المؤلف من 325 مقعدا.

بينما رأى الكاتب كمال سليفاني أن “احدى سلبيات الحملات الانتخابية هي اعتماد المرشح على ذويه واقربائه وابناء عشيرته، وفي ظل ضعف الروح والوعي الديمقراطي فإن هذه الظاهرة تنامت”.

وأضاف سليفاني “حتى الآن لم نستطع التخلص من جذورنا العشائرية، وانا اعتقد أن العشيرة القوية ستكون لها كلمتها في هذه الانتخابات”.

وأشار سليفاني إلى وجود نوعين من المرشحين “نوع يعتمد على نفسه وامكانياته و نوع آخر يعتمد على عشيرته و اقربائه. فالذي يعتمد على نفسه وكفاءته وجدارته سيبقى في مكانة لائقة، أما المرشح الذي يعتمد على العشائر والاقرباء فإنه سيزول بزوال هذه الظاهرة”.

واختتم بالقول “يجب أن لا ننسى أن في البرلمان لن تكون هناك عشيرة تساند المرشح، الكفاءة فقط ستكون الساند الوحيد له”.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/آذار/2010 - 19/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م