العراق ينتخب

هادي جلومرعي

ليس مهما ان أشارك في الانتخابات، المهم ان اشارك في نصح الراغبين في المشاركة، وأسبق النصح بالقول: ان الانتخابات حق عام للشرائح المجتمعية تمارسه لإحداث تغيير سياسي ينعكس تأثيره على الصعد كافة.

وإذن فلابد أن يعتمد التصويت وعي الناخب لا إنفعالاته أو عواطفه أو انتمائه الطائفي والعرقي..

في أيام مرت تنقلت في بغداد لإنجاز أعمال في أكثر من مكان وكنت في كل ذلك استخدم سيارة التاكسي التي يقودها مواطن لابد أنه يفكر بمستوى قد لايرتقي الى مستوى تفكير الفئات النخبوية لكنه في النهاية جزء من معادلة وطنية وله الحق في الادلاء برأيه في كل القضايا الوطنية ومنها الانتخابات النيابية التي نمارسها خلال هذه الساعات والمقبل منها.

مرة وكنت متجها الى مكان ما و بعد حديث أستشف منه سائق التاكسي اني من المحسوبين على فئة المثقفين سألني: أستاذ من هو الشخص الذي يستحق التصويت له ؟سألته وانت من تفضل؟قال:فلان. قلت: إذن صوت له.قال:وأنت؟قلت:سأصوت لآخر غير الذي أخترته انت. وهذا وعي انساني ليس منفصلا عن وعي النخبة لأن سائق التاكسي يرى أنه قد يكون لم يوفق في الاختيار لغياب ادوات المعرفة الواقعية بالمرشحين وبرامجهم وتوجهاتهم عنده وهو لم يرتكب فعلا سيئا حين أستشار من ظن أن لديه أدوات المعرفة.

في مرة ثانية كان ذات السؤال وذات الرد مني وربما اختلف المرشح المفضل عند سائق التاكسي لكن نصيحتي لم تختلف باستثناء تفاصيل نفعته بها ليكون اختياره سليما معافى من الجهل والحماسة الطائفية والقومية وليتوجه الى قراره بإرادة المواطنة الحقة.

وبالرغم من عدم تفاؤلي بامكانية تحرر الفئات الاجتماعية كافة من الانفعال الطائفي والقومي والذي على اساسه سيصوتون لمرشحين من ذات الطائفة او العرق.. إلا إنني أجد امكانية لتحرر مجموعات كافية لتحمل في المستقبل مسوؤلية نشر وبث الوعي الوطني الذي يجعل من الطائفة والعرق إنتماءا يصنع الحياة لاعائقا في طريق بناء الدولة المؤسساتية وبالتالي فلابد لشرائح المثقفين والأكاديميين ورجال الدين الوعاة ان يشمروا عن سواعد الجد وأن يبذلوا الوسع والجهد وان يشغلوا العقل في البحث عن أسباب النهوض بوعي العامة من الناس وتاهيل الفئات الاقل وعيا لتكون قادرة على اتخاذ القرار دون توجيه من احد..

العراق ينتخب إذن.لكن الموضوع أكبر من ذلك فالموضوع برمته حركة الى الامام والتاكيد على ان المشاركة والتفاهم والتآخي هي من متطلبات عدم النكوص الى الوراء.

العراقيون ينتخبون فعليهم إذن أن يتحملوا مسوؤلية إختيارهم لانهم سيكونوا المحاسبين عن الاختيار والخسارة المترتبة على التقدير الخاطئ لن يتحمل مسوؤليتها سواهم..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/آذار/2010 - 19/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م