صوتي وصوتك لمن؟

رفعت الواسطي

ثمة مفارقات مخجلة في الحركة الانتخابية المحمومة للكتل السياسية قبيل الانتخابات البرلمانية المرتقبة في عراق الطموح والمستقبل المجهول.

لاشك ان الحملة الدعائية للمرشحين هي حق طبيعي لكن المفارقة حين تتحول الحملة الدعائية الى نوع من التسفيه والتناقض بين ماكانت عليه تلك الكتل المرشحة التي هي جزء مهم من العملية السياسية برمتها منذ تشكيل الحكومتين السابقتين بزعامة الدكتور ابراهيم الجعفري والثانية حكومة السيد نوري المالكي، وضوح ما أشير اليه في تصريحات المرشحين للكتل السياسية وبالاخص منهم قائمة الائتلاف الوطني العراقي هم جزء ممن شاركوا في كتابة الدستور وتشريع القرارت وادارة المحافاظات الجنوبية فأي خلل في عملية اعادة بناء العراق هو جزء من مسؤوليتهم ولاتقع أعبائها على شخص رئيس الحكومة السيد المالكي.

 فالمجلس الاسلامي الأعلى بزعامة السيد عمار الحكيم له مقاعد في الحكومة الفدرالية والمحلية والبرلمان ولعل الاخفاقة الكبيرة في الانتخابات الاخيرة لمجالس المحافظات الجنوبية كانت المؤشر المهم لحجم الاخفاق في عدم احترام وثقة الناخب العراقي لهم لانهم ضمن من ركبوا القطار الذي سيره الحاكم المدني للعراق بول برايمر بعد سقوط نظام صدام العوجة كما أشار برايمر في مذكراته وهنا أنصح الاخوة الاعلاميين والقراء بضرورة قراءة مذكرات الحاكم المدني بول برايمر ليعرف الجميع حقيقة من يدعون الوطنية والحرص على مصلحة المواطن العراقي.

ان مصداقية المرشح وكتلته السياسية تنبع من صدقية المتحدث وشعاره المطروح وعليهم ان يكونوا أكثر جرأة في تصريحاتهم لان هناك من يراقب ويحلل فنحن لسنا كما كنا تأخذنا العواطف الجياشة وحمية الجاهلية أو الطائفية المقيتة التي حاولو كثيرا رفعها حتى هذه اللحظة من خلال استغلال تصريحات منسوبة لبعض المسؤولين في الدول العربية المجاورة ضد العملية السياسية العرجاء في العراق وتسويق تلك التصريحات على السذج من البسطاء بل حتى ممن يحسبون على الطبقة المثقفة سواء داخل وخارج العراق وبالتالي دفع الناخب العراقي على اختيار نفس تلك الكتل التي لم تثبت على أرض الواقع مهنيتها في ادارة مجالس المحافظات او البرلمان والحكومة الفدرالية.

قراءة سريعة وانصات حذر للوعود الانتخابية بين جميع الكتل المشاركة في العملية السياسية نجد قواسم مشتركة أهمها الخدمات من الماء والكهرباء وتوفير فرص العمل والاستقلال الوطني للعراق ترى ماذا كانوا يفعلون طوال ثمان سنوات من فترة رئاستهم للحكومات المنتخبة ابتداءا من مجلس الحكم الانتقالي مرورا بحكومة الدكتور اياد علاوي والدكتور الجعفري والسيد المالكي؟ فيما يتعلق بتلك النقاط المشار اليها من حيث الخدمات وتوفير فرص العمل والاستقلال الوطني؟

 ففي حكومة الدكتور الجعفري كان هناك تفريط في غض النظر عن موضوعة التدخل الايراني في العراق ولن أنسى تصريحات الدكتور الجعفري حين صرح في احدى مؤتمراته الصحفية ذات مرة انه " قلت للاخوة في الحكومة اعطوني ادلة على تورط تدخل ايران في الشان العراقي وانا سأواجه بها المسئولين الايرانيين خلال زيارتي المرتقبة لايران".

 ان معظم المعلومات والتصريحات الاعلامية لكثير من المسؤولين العراقيين أشارت الى تورط ايران في كثير من المشاكل الامنية التي استهدفت المدنيين العراقيين بالاضافة الى الامتيازات الاقتصادية على حساب الاقتصاد الوطني العراقي بل نجد وفي آخر تقرير اعلامي بثته قناة الفيحاء الفضائية في ملف (بنك ملي ايران) حيث أشار المختصين في المجال الاقتصادي الى ان البضائع الايرانية التي تغزو السوق العراقي تتوفر بأسعار زهيدة جدا لانجدها في السوق الايراني نفسه وذلك اما لقرب انتهاء مدة صلاحية تلك المواد او لانتهائها فعلا ويقول التقرير ان كادر البرنامج حاول الاتصال بالمسؤولين في الحكومة او البرلمان لمعرفة حقيقة المعلومات ومن يقف وراء تواجد بنك ملي ايران المحظور دوليا لم يجدوا احدا يوافق على اجراء مقابلة معه او الجواب على كثير من التسائلات !.

أما فيما يتعلق بمواضيع الاقتصاد والتسويق الانتخابي فقد عرضت قناة الفرات الفضائية لقاءا مع السيد بيان جبر وزير المالية الحالي والذي سبق له ان شغل منصب وزير الداخلية في حكومة الدكتور الجعفري ووزير الاسكان والاعمار في حكومة الدكتور أياد علاوي، في لقاءه مع قناة الفرات أجاب على تسائل المذيع بخصوص من يدعي ان وزير الخارجية الامريكي السابق جيمس بيكر هو صاحب الفضل والتحرك المهم لاسقاط ديون العراق حيث اجاب السيد بيان جبر انه غير صحيح هذا الكلام واعطى مثالين على تحركه الشخصي بصفته وزيرا للمالية وكأنه هو من توصل الى اسقاط ديون العراق الخارجية لكننا وكاعلاميين لانكترث بما يقول السيد باقر الزبيدي حيث يقول الخبر المنشور في صحيفة الشرق الاوسط بتاريخ العاشر من سبتمبر عام 2004 نصه :

والمسألة المطروحة على نادي باريس تتناول امكانية الوصول الى اتفاق بين اعضائه حول نسبة الغاء الديون العراقية. وكان الموضوع محل خلاف بين الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا ودول اخرى من جهة وبين فرنسا والمانيا من جهة ثانية اثناء انعقاد قمة الدول الصناعية الثماني في سي ايلاند، في ولاية جورجيا الاميركية في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وفيما تضغط واشنطن لخفض ثمانين في المائة من الديون العراقية المستحقة لنادي باريس والبالغة مع الفوائد اربعين مليار دولار، ترفض فرنسا والمانيا هذا المقترح وتصر على ألا يتجاوز مستوى الخفض خمسين في المائة. وبالاضافة الى ذلك، تصر باريس على ان تتوصل الحكومة العراقية سلفا الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي حول التزاماتها المالية كشرط للسير في عملية خفض الديون أيا كانت نسبتها. ويمثل الشرط الفرنسي القاعدة المعمول بها في اطار النادي.

هذا هو نص الخبر المقتطف من الجريدة المذكورة فاين امتياز السيد بيان جبر من موضوع كهذا للاسف هو مجرد تسويق انتخابي مفضوح على السيد بيان جبر ان يتحلى بالشجاعة لاينكر فضل الولايات المتحدة في مسألة جهودها لاسقاط الديون العراقية.

النقطة الثانية في مسألة المفارقات المتناقضة والمبكية في الحملة الدعائية لاهم الكيانات السياسية المشاركة في العملية السياسية منذ انطلاقتها بعد سقوط نظام صدام العوجة والى اليوم هي نغمة المستضعفين والمحرومين والايتام مالجديد في الامر ؟

نعود الى البرنامج الانتخابي للائتلاف الوطني العراقي بزعامة السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله عام 2005 ونقرأ ماجاء فيه ونسال ماذا تحقق من وعودهم لاهم الشعارات التي عاودا لرفعها اليوم.

أدناه نص العبارة من البرنامج الانتاخبي لعام 2005:

تبني نظام الضمان الاجتماع الذي تتكفل الدولة من خلاله توفير فرص العمل لكل عراقي قادر على العمل.

الاهتمام بتطوير الصناعة والارتقاء بها، وتطوير الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والامن الغذائي.

تطوير واعمار الريف العراقي، وتوفير الخدمات العامة من الماء الصالح للشرب، والكهرباء، والوقود والاتصالات والبريد والنقل والمراكز الصحية والمدارس وايجاد شبكة من الطرق المعبدة التي تربط الريف بالمدينة.

العمل على ارساء مبادئ النزاهة والامانة والشعور بالمسؤولية، في الدوائر والمؤسسات التابعة للدولة

ومكافحة الفساد الاداري، والرشوة بجميع اشكالها، وتطهيرها من عناصر نظام صدام الفاسدة التي ارتكبت الجرائم ضد العراقيين، ودعم مؤسسات المجتمع المدني لتأخذ دورها الفعال في التنمية الاجتماعية" انتهت عبارة البرنامج الانتخابي للاءتلاف الوطني العراقي لعام 2005.

حين نعود الى أهم المشاكل التي يعاني منها الشباب اليوم وقضية الزراعة والصناعة فالاخبار جدا سيئة بعد عام 2005 بخصوص الجفاف والزراعة بسبب السياسات الفاشلة للحكومة بسبب الفساد الاداري والمالي وعدم وجود سياسة انمائية واصلاحية في هذا المجال ولاننسى فضيحة وزير التجارة السابق فلاح السوداني وعدم قدرة حكومة دولة القانون على تفعيل ملفه تحت ذريعة جنسيته البريطانية وهذه من المهازل الكبرى.

هذا بعض الاشارات أقدمها للاخوة القراء بخصوص التناقضات في البرامج الانتخابية والمكررة دون ان نجد لها أي مصداقية على أرض الواقع فكل الكيانات السياسية تعمل لاجندتها الحزبية وعلى العراقي أن يكون واعيا بحجم المسؤولية التاريخية على عاتقه يفترض ان نعيد قراءة الاوراق بعمق اكثر وبجرأة في التحليل دون مجاملة لاحد حيث ان أصواتنا الانتخابية شرف وعز لنا لايمكن أن نفرط به لاي سبب كان.

علينا ان نكون واعين لاهم التحديات المستقبلية وعلينا ان نكون اقوياء بأصواتنا القادرة على التغيير ولاأعتقد ان تغييرا ايجابيا للعراق مع تلك الكيانات التي قادت العراق خلال السنوات الماضية منذ عام 2004 والى الان بطريقة خارجة عن سياقات الدولة والقانون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/آذار/2010 - 17/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م