أجندة الانتخابات وأوجه التغيير المحتملة

قراءة في الصحف الاميركية لعراق ما بعد السابع من آذار

 

شبكة النبأ: مع اقتراب اليوم الانتخابي في العراق تتزايد الاهتمامات الدولية والمحلية بهذا الشان المهم، سيما ان اغلب المتابعين للشأن العراقي يجدون في الانتخابات البرلمانية القادمة مفصلا مهما في العملية السياسية، فيما يجد فيها اخرون مرحلة جديدة قد تغير وجه العراق في  المستقبل.

الى ذلك تناولت العديد من الصحف الامريكية في مقالات تصدرت صفحاتها الرئيسية المخاض الانتخابي في العراق، مبدية من خلال كتابها بعض التحليلات السياسية على المستوي القريب والمتوسط.

الانتخابات وقطع الطريق

حيث رأى كاتب أمريكي في مقال بصحيفة واشنطن بوست أن الانتخابات الوطنية المقبلة أمر حاسم لكل من بغداد وواشنطن ولا ينبغي أن تترك من دون ترتيب حكومة موالية للولايات المتحدة، حاملا بشدة على أحمد الجلبي وباقر جبر صولاغ وإبراهيم الجعفري بوصفهم طالبي سلطة يعملون على “ربط العراق بالتبعية الإيرانية”.

وقال جاكسن ديل في مقاله إن العراق عندما كان في “صلب السياسة الخارجية الأميركية كان المختصون وصانعو السياسات يصرحون بنحو دائم ومنتظم أن الشهور الستة اللاحقة من شأنها أن تكون حاسمة بالنسبة لنتائج الحرب والآن يتوقع أن لهذا الكلام ما يبرره”، مشيرا إلى أن الشهور الستة المقبلة في العراق “يمكن أن تقرر ما إذا كان سيبرز بوصفه دولة ديمقراطية صديقة للولايات المتحدة أو دولة تابعة يهيمن عليها رجال الدين في إيران أو مرجل صراع طائفي وما إذا كان بمقدور الرئيس باراك أوباما تنفيذ انسحاب مسؤول كما وعد”.

ويستغرب الكاتب عما يراه “غياب العراق عن سلم الأولويات الأولى الأمريكية” قائل “غريب كيف أن العراق حيث استثمرت الولايات المتحدة 700 مليار دولار وأرواح ما يزيد عن 4.300 آلاف جندي على مدى السنوات السبع الماضية لم يعد الآن أولوية قصوى لدى للبيت الأبيض أو وزارة الخارجية أو أي شخص تقريبا في الكونغرس”، مبينا أن “اثنين من الأمريكيين الذين يفهمون مدى حجم المخاطر ألا وهما السفير الأمريكي كريستوفر هل والقائد الأعلى الجنرال ريموند أوديرنو كانا في واشنطن لإيضاح انتخابات السابع من آذار مارس في العراق وما يليها”. بحسب أصوات العراق.

وأوضح أن هل قال عنها إنها “ستحدد مستقبل العراق فضلا عن مستقبل العلاقات الأمريكية معه”.

أما اوديرنو، بحسب الكاتب، فإن “لدينا فرصة في العراق اليوم ربما لن نحصل عليها أبدا مرة أخرى في حياتنا لصياغة عراق ديمقراطي يقوم على شراكة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة”.

ويقارن الكاتب بين موقف الاثنين مع موقف أوباما قائلا “قارن ذلك مع حسابات أوباما للعراق في خطابه الدولة الاتحادي (حالة الاتحاد) الذي ألقاه إذ قال إننا نترك العراق لشعبه بمسؤولية وسنسحب جميع قواتنا المقاتلة منه بحلول نهاية آب أغسطس من هذا العام”.

وأوضح الكاتب أن هذا التعهد “يعني أنه حتى في وقت مرور العراق بنقطة التحول الحاسمة هذه سيتم خفض القوات الأمريكية من 98 ألف عسكري حاليا إلى 50 ألف في الأول من أيلول سبتمبر المقبل”، مستطردا أن أوباما “ذهب إلى القول بأن الولايات المتحدة ستدعم الانتخابات وستواصل شراكتها مع الشعب العراقي”.

مستدركا أن أوباما “لا يحسب حساب موقع العراق الإستراتيجي وإن من الصعب التخلص من انطباع أن الرئيس الذي بنى حملته الانتخابية على معارضته للحرب في العراق لا يزال يبخس أهمية العراق الإستراتيجية الضخمة والمخاطر الكامنة في مرحلته السياسية الانتقالية”.

وتابع المقارنة مبينا أن ” السفير هل في مؤتمره الصحفي وأوديرنو في كلمة ألقاها في معهد دراسة الحرب أشارا إلى بعض من تلك المخاطر فعلى وفق ما يرى هل إذا كانت العقود التي أبرمها العراق مؤخرا مع شركات نفط عالمية تمضي على ما يرام فسوف يصبح العراق دولة منتجة للنفط على قدم المساواة مع المملكة العربية السعودية”، وأردف أن “دوام نظام ديمقراطي في العراق كما قال اوديرنو يمكن أن يكون له تأثيرا بعيد المدى في أنظمة منطقة الشرق الأوسط”.

وأضاف أوديرنو، كما نقل الكاتب، أن “البعض منهم في الحقيقة لا يريدون للعملية الديمقراطية أن تنجح بسبب الضغط الذي قد تمارسه على حكوماتهم”، مستطردا “وأول تلك الأنظمة هي إيران”.

ورأى الكاتب أن لدى إيران “إستراتيجية بسيطة للشهور المقبلة تتضمن تحويل الانتخابات إلى معركة طائفية مريرة وبالتالي ضمان أن تكون الحكومة المقبلة بقيادة حليفها الخط الشيعي المتشدد”، مبينا ان هذه الحملة “تحقق نجاحا إلى حد ينذر بالخطر”.

وقال إن “عميل طهران البارز كما ذكر كل من السفير هل والجنرال أوديرنو هو أحمد الجلبي الشيعي الذي لعب في العام 2002 دورا رئيسا في إقناع إدارة الرئيس جورج بوش بالمضي إلى الحرب والآن تمكن من إقصاء مئات من المرشحين عن المشاركة في الانتخابات على أسس وهمية في الغالب وهي أنهم من الموالين لحزب البعث الصدامي”.

وأوضح أن أهداف الجلبي “ليست زعماء من السنة فقط بل العلمانيين القوميين والاثنين الأكثر أهمية من بين المرشحين هما من أبرز أعضاء تحالفات عابرة للطائفية ونجاح مرور هؤلاء سيكون بمثابة انتصار للديمقراطية العراقية ونكسة كبيرة لإيران”، بحسب الكاتب.

ويعتقد الكاتب أيضا أن الجلبي “يهدف لأن يصبح رئيسا للوزراء في الحكومة المقبلة وهذا من شأنه أن يكون كارثة بالنسبة للعراق وواشنطن وهو أسوأ النتائج الممكنة”، مضيفا “وهناك أيضا ساعين للسلطة هم بيان جبر الشيعي الذي أشرف على وزارة الداخلية عندما كانت مسرحا لممارسة التعذيب وفرق الموت وإبراهيم الجعفري الذي أشرف على اندلاع الحرب الطائفية عامي 2006-2007 عندما كان رئيسا للوزراء”.

وحاول الكاتب طرح خيارات أمام الإدارة الأمريكية قائلا إن بوسع إدارة أوباما أن “تأمل في أن يكون احد القوميين على رأس السلطة بل بوسعها أن تأمل أيضا ببقاء رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي على سدة الحكومة لأنه كان مستعدا للوقوف بوجه إيران”"، منوها إلى أن عملية تشكيل الحكومة التي قد تدوم شهورا “ستكون المرحلة الأكثر حسما في ما يخص استعمال ما تبقى من النفوذ الأميركي فما أن يصل تحالف معين إلى السلطة فان التحدي على وصف اوديرنو سيكون في جعله حليفا أمريكي وهذا بدوره سيتطلب أن نكون في غاية الشراسة في بداية تبين المنافع وستضغط إيران بقوة في الاتجاه الآخر”.

وذكر أن دور نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن “مهم في التعامل مع العراق في هذه المرحلة”، وأن هناك “على الأقل شخص واحد في واشنطن يبدو انه مستثمر في هذا كله هو جو بايدن الذي أوكل إليه أوباما في الصيف الماضي هذه المهمة لإدارة الشأن العراقي”.

ومضى قائلا إن بايدن “تلقى مؤخرا بعض السخرية من اليمين عندما قال إن العراق يمكن أن يكون احد الانجازات العظيمة لهذه الإدارة”.

واختتم جاكسن ديل مقاله قائلا إن نائب الرئيس “على حق فإذا استطاعت الإدارة أن تنظر بنجاح إلى العراق من خلال الشهور الستة المقبلة فإنها سوف تسجل انجازا لا يرجح أن هناك شيئا آخر يضارع أهميته بعيدة المدى في الخارج وإن لم يكن الأمر كذلك ستستيقظ عندها واشنطن على عراق وقد أصبح مرة أخرى كابوسا لا نهاية له”، بحسب تعبيره.

العراق بحاجة لـمانديلا

من جانب آخر رأى الكاتب والصحفي الأمريكي توماس فريدمان أن أصل المشكلة في العراق ثقافية ومن الحاسم أن تنتصر سياسة العراق على ثقافته كي تنشأ دولة ديمقراطية راسخة فيه، مشددا على ضرورة اعتراف الأطراف الاجتماعية العراقية بالأغلبية الشيعية يرافقها ظهور “مانديلا عراقي شيعي” كخطوة أساس لتحقيق ذلك.

وقال فريدمان في عموده بصحيفة نيويورك تايمز “منذ بداية التدخل الأمريكي في العراق والجهود المبذولة لبناء نوع من الديمقراطية فيه وهناك سؤال بسيط يلح علينا كان متربصا في خلفية هذا الحدث ألا وهو هل كان العراق على النحو الذي كان عليه دكتاتورية لأن صدام كان على النحو الذي كان عليه أو أن العراق كان على النحو الذي كان عليه مجموعة من طوائف متصارعة غير مؤهلة لحكم ذاتها ولا تُحكم بغير قبضة من حديد”.

وأضاف “إلا أن الإجابة عن هذا لا تزال مجهولة إذ للأسف بعد حوالي سبع سنوات من إطاحة الولايات المتحدة بحكومة صدام وقبيل بضعة أسابيع من ثاني انتخابات وطنية ديمقراطية تعقد في العراق وقبل انسحاب القوات الأميركية لا يزال هذا السؤال بلا جواب”، متسائلا “هل ستنتصر السياسة الجديدة في العراق على انقساماته الثقافية أو هل ستبتلع انقساماته الثقافية الطائفية ديمقراطيته الوليدة”. بحسب أصوات العراق.

ويجيب إلى الآن “لا نعرف ذلك”، موضحا أن العراق في نواح كثيرة “حالة اختبار لمقولة السيناتور الراحل دانيال باترك موينيهان ومفادها أن مركز الحقيقة المحافظة هو أن الثقافة وليس السياسة هي التي تحدد نجاح أي مجتمع ومركز الحقيقة الليبرالية هو أن السياسة يمكن أن تغير ثقافة معينة وتنقذها من نفسها”.

وذكر أن المفارقة هي أن “فريق بوش من المحافظين الجدد هو من حاجج بأن الثقافة في العراق ليست مُشكلا وبأن فرصة الديمقراطية وحكم الذات من شأنها أن تجمع العراقيين معا على دفن الماضي”، موضحا “بينما جادل العديد من الليبراليين والواقعيين بأن العراق كان عش دبابير عشائري وما كان علينا أن نمد يدنا فيه إذ أنه مكان يدفن الماضي فيه المستقبل دوما”.

واستدرك فريدمان “إلا أننا مددنا يدنا فيه وبفعلنا هذا فقد أعطينا العراقيين فرصة لفعل شيء لم تتوافر لأي شعب عربي آخر أبدا فرصة مثلها ليفعله”، شارحا “يكتبون عقدهم الاجتماعي بحرية بالنحو الذين يريدون أن يحكموا أنفسهم به ويعيشون معا”.

ورأى فريدمان أن من المهم “استثمار هذه المرحلة بالذات من تاريخ العراق”، مضيفا “ومع الانتخابات المقرر إجراؤها في السابع من آذار مارس المقبل ومع قرار أميركا تقليص قواتها إلى 50 ألف جندي بحلول أيلول سبتمبر المقبل وإلى الصفر بحلول نهاية العام 2011 سيكون على العراقيين أن يقرروا كيف يريدون استثمار هذه الفرصة”.

وذكر أنه التقى الجنرال راي أوديرنو القائد الأمريكي العام في العراق الذي مع نائب الرئيس جو بايدن “فعل الكثير في تدريب وإقناع وترغيب وأحيانا دفع العراقيين بعيدا عن الهاوية أكثر مما فعل أي شخص آخر”. مبينا أنه وجد الجنرال “مفعما بالأمل إنما قلقا”.

واستطرد كان “متفائلا لأنه كان يرى العراقيين يمضون مرات كثيرة إلى الحافة وبعدها يتراجعون لكنه كان قلقا لأن العنف الطائفي يزحف بثبات عائدا قبل الانتخابات وبعض السياسيين الشيعة مثل مدلل بوش السابق أحمد الجلبي الذي أشار إليه الجنرال أوديرنو بوضوح بأنه متأثر بإيران قد حاول استبعاد بعض الساسة السنة البارزين من المشاركة في الانتخابات”، بحسب فريدمان.

وأضاف أن من الأهمية بمكان كما قال أوديرنو أن “يشعر العراقيين أن الانتخابات شرعية وموثوقة وأن العملية الديمقراطية جارية”، وزاد “لا أريد أن تؤدي الحملة الانتخابية إلى انقسام طائفي مرة أخرى”.

وقال “أخشى أن بعض العناصر سوف تشعر بأنها معزولة سياسيا ولن تكون لديها القدرة على التأثير والمشاركة”.

وتساءل “كيف يمكن لهذا أن يتحقق”، مجيبا “السيناريو المثالي لكن الأقل احتمالا هو أن نشهد ظهور نيلسون مانديلا عراقي شيعي”.

وتابع فريدمان “فالشيعة الذين تعرضوا لقمع على مدى زمن طويل بيد البعث بقيادة الأقلية السنية هم الآن أغلبية العراق الحاكمة فهل يمكن للعراق أن يأتي بسياسي شيعي سيكون مثل مانديلا زعيما وطنيا”، شارحا “شخص ما يستعمل سلطته لقيادة مصالحة حقيقية بدلا من مجرد حاكم شيعي لكن حتى الآن ما من دلائل على ذلك”.

لكن فريدمان رأى أنه حتى من دون “ظهور هذا المانديلا بإمكان العراق أن يبقى معا ويزدهر إذا اعترف كل من مجتمعاته المتنافسة سنة وشيعة واكراد بوجود توازن القوى الجديد القائل إن الشيعة هم الآن المجتمع المهيمن في العراق وفي نهاية المطاف سوف تكون لهم الكلمة الأكبر واعترفوا كلهم بالحدود الجديدة للسلطة”.

وأي مجتمع منهم، بحسب فريدمان “لا يستطيع فرض إرادته بالقوة وبالتالي ينبغي حل النزاعات الطائفية سياسيا”، مضيفا أن هناك “احتمالين لا يود أحد رؤيتهما أولهما انتصار ثقافة العراق القبلية على السياسة ويصبح البلد صومال كبيرة بوجود النفط أو أن تنسحب أمريكا بعيدا فتأتي حكومة شيعية في العراق تزيد من اصطفافها مع إيران وتصبح إيران اللاعب الأكبر في العراق بالنحو الذي نصّبت فيه سورية نفسها في لبنان”.

وتساءل مرة أخرى “لكن لِمَ ينبغي لنا الاهتمام بهذا الأمر ما دمنا على وشك الخروج”، موضحا “ببساطة شديدة الكثير من الاضطراب الذي أثير في المنطقة على مدى سنوات كان بسبب صدام في العراق وآية الله الخميني في إيران وكلاهما كانا يتمولان من مليارات العائدات النفطية ولو ظهر مع مرور الزمن نظام ديمقراطي مقبول في العراق وآخر مماثل له في إيران لكان معقولا أن تمول ثروة النفط أنظمة لائقة بدلا من تلك الأنظمة التراجعية ولاختلفت منطقة الشرق الأوسط برمتها”، بحسب رأيه.

واختتم فريدمان عموده الصحفي قائلا “على الرغم من ذلك تبقى الاحتمالات طويلة جدا لكننا في النهاية سنرجع إلى هذا السؤال المزعج عن السياسة في مقابل الثقافة”، مضيفا أنه شخصيا “مؤمن بمحاججة لورنس هاريسون في كتابه مركزية الحقيقة الليبرالية فمسائل الثقافة كثيرة أكثر مما نعتقد لكن الثقافات يمكن أن تتغير أكثر بكثير مما نتوقع بيد أن مثل هذا التغيير يتطلب وقتا وقيادة بل وألم في كثير من الأحيان”.

وقال لهذا السبب “سيفاجئنا العراقيون كثيرا بالخير أو بالسوء قبل أن يجيبونا عن سؤال من نحن وكيف نريد أن نعيش معا”.

اختبار جوهري لشعبية المالكي

الى ذلك رأت صحيفة نيو يورك تايمز The New York Times أن الانتخابات الوطنية المقبلة تعد اختبارا محوريا لكل من ديمقراطية العراق وشعبية رئيس الوزراء نوري المالكي.

وقالت الصحيفة إن قبل بضعة شهور، وبناء على شعبية حقيقية هذا إن لم تكن شاملة “بدأ نوري كامل المالكي يستعد للفوز بولاية ثانية كرئيس لوزراء العراق والآن مع استعداد العراقيين للتصويت في الانتخابات البرلمانية المقررة في السابع من آذار مارس الجاري، صار طريقه إلى البقاء في منصبه أربع سنوات أخرى أمرا مشكوكا فيه كثيرا مع ارتباك حملته الانتخابية واضطرابها كما يعتقد البعض”.

فبعيدا عن توطيد سلطته بالطريقة الاستبدادية التي ابتلي بها العراق على مدى تاريخه بحسب الصحيفة “يخاطر المالكي بفقدان منصبه عبر صناديق الاقتراع ففي منطقة حيث الخروج التقليدي من السلطة يتم من خلال الانقلاب أو التابوت على حد وصف أحد الدبلوماسيين الغربيين في بغداد أصبحت الانتخابات اختبارا حاسما لديمقراطية عراق ما بعد الغزو ولمصير المالكي في السلطة”.

وتساءلت الصحيفة “كيف يفوز المالكي أو ربما الأهم من ذلك كيف يخسر سيكون هو الأمر الذي يحدد أكثر من أي شيء آخر مسار البلاد في السنوات المقبلة في وقت ينفذ فيه الرئيس أوباما وعده بسحب جميع القوات الأمريكية من العراق”، حسب ما ترى الصحيفة.

فحتى مؤيدي المالكي كما ذكرت الصحيفة “يعترفون بأنه يبدو الآن معزولا متجبرا ومتهورا لذا فإن احتمالات إعادة انتخابه تضررت بسبب أحداث خارجة عن إرادته وأخرى من صنعه”. بحسب أصوات العراق.

ونقلت الصحيفة عن عزة الشابندر الذي تصفه بالنائب الشيعي المستقل الذي انضم إلى ائتلاف رئيس الوزراء ثم بدا وكأن فكرة ثانية ظهرت له، قال “ذكرت له في أحد الأيام ليس لديك مواقف بل ردود أفعال”.

ومع ذلك قالت الصحيفة إن من الممكن أن “يفوز المالكي الذي يحتفل بعيد ميلاده الستين في حزيران يونيو المقبل إذ طبقا لسياسيين واستطلاعات رأي أجرتها أحزاب ومسؤولون أمريكيون لم يكشف عنها علنا فإن من المرجح جدا أن يحصل ائتلاف المالكي على الأغلبية في مقاعد البرلمان البالغ عددها 325 مقعدا”.

وللاحتفاظ بمنصبه، كما توقعت الصحيفة، فإنه “سيضطر لتشكيل ائتلاف بعد الانتخابات من بين زعماء الأحزاب الذين يبدو أنهم قادرين على الاتحاد معه”.

وبهذا الشأن نقلت الصحيفة عن مدير مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط في معهد بروكينغز في واشنطن كينيث بولاك، قوله إن السؤال “لم يكن بشأن ما إذا كان سيفوز بل كم عدد الأصوات التي سيحصل عليها”، معربا عن “الثقة التي سمعها في نقاشات كانت له بغداد العام الماضي مع مساعدين للمالكي إذ عند هذه النقطة فهم يقاتلون من أجل حياتهم”.

ويبدو المالكي بحسب الصحيفة في ظاهره “رجل عنيد بوجهه ثقيل اللغد الذي تزيد من عتمته لحية خفيفة يجعل من قضية إعادة انتخابه أمرا بسيطا فقد كرر ذلك مرارا خلال حملته الانتخابية”.

ورأت الصحيفة أن قوله إن العراق اليوم “أيها الأخوة ليس عراق العام 2005 أو العام 2006 يكشف كيف يعبر المالكي عن إعادة انتخابه في إحدى التجمعات الانتخابية ببغداد في إشارة إلى أعمال العنف الطائفية المروعة التي التهمت البلد بأكمه تقريبا”.

فهذا الكلام يمثل “تباهيا بما أنجزته حكومته مع انه نادرا ما يعترف بمساعدة أمريكا في ذلك وتحذيرا مما يمكن أن يعود عندما يخرج الأمركيون”، كما قالت الصحيفة.

وأشارت نيو يورك تايمز إلى أن المالكي “ليس زعيما كارزميا ولا صاحب حملة انتخابية ملمّع لكن في بلد تعصف به فوضى ومذابح فرسالته وانجازاته لها صداها حتى بين صفوف منتقديه”.

ونقلت الصحيفة عن سميرة علي (56 عاما) وهي مدرّسة من مدينة البصرة، حيث كان المالكي قد أمر بشن عملية عسكرية في العام 2008 طردت الميليشيات الشيعية التي كانت في ما مضى مستشرية في جميع أنحاء جنوب العراق وفي بغداد نفسها إنها “تعتبره منقذ البلد”.

وقالت الصحيفة في البداية “كان ينظر إليه على أنه شخصية طائفية طيعة عندما برز كمرشح تسوية لمنصب رئيس الوزراء بعد الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة في العام 2005 ومنذ ذلك الحين أبدى المالكي استعداده للتصرف بقوة باسم الوطنية العراقية ووحدة العراق حتى ضد أولئك الذين ينتمون إلى طائفته الشيعية نفسها”.

وذكرت أنه “أعاد صياغة حزبه الدعوة بتشكيل ائتلاف أطلق عليه دولة القانون بحملة انتخابية وعد فيها بالأمن والنظام وقلل من شأن جذور حزبه الدينية الشيعية ففي انتخابات المجالس المحلية في العام الماضي التي انتخبت مجالس إدارة 14 محافظة كان حظ دولة القانون الأفضل فيها ما يجعل حملة المالكي لإعادة انتخابه تبدو لا مفر منها تقريبا”.

إلا أن سلسلة من التفجيرات “ضربت العاصمة خلال الشهور الستة الماضية فضلا عن أعمال عنف خفيفة شهدتها أنحاء العراق قد أكلت بالتأكيد من مزاعمه باستعادة الاستقرار إلا أن تحديات المالكي تتجاوز الوضع الأمني فقط”، كما لاحظت الصحيفة.

وبيّنت أن إستراتيجيته في بناء ائتلاف سياسي موسع “يمثل جميع الطوائف والاثنيات كان خيار معظم منافسيه ويمكن القول إنها تتوافر على فرص نجاح أفضل كما هو الحال مع وجود تحالف يقوده رئيس الوزراء السابق إياد علاوي الشيعي الذي جمع أقوى كوادر الأحزاب السنية وراءه”.

ومن بين أولئك، بحسب الصحيفة “كان المالكي سعى عبثا إلى ضم ابرز الزعماء السنة إلى ائتلافه في الخريف الماضي وأخرج في وقت لاحق من الانتخابات إلا وهو صالح المطلك كما رفضه غيره من القادة البارزين من بينهم رئيس البرلمان السابق ورئيس حركة الصحوة في محافظة الأنبار الذي انضم إلى الجيش الأميركي وحكومة المالكي في محاربة تنظيم القاعدة”.

وقال أبرز حلفاءه السنة الشيخ علي حاتم العلي سليمان إن الكتلة الانتخابية التي يمثلها في محافظة الأنبار “لن تصوت أبدا مباشرة للمالكي”، كما تنقل الصحيفة.

ففي الواقع “ينأى المرشحون هناك بأنفسهم عن المالكي الذي يصفونه من دون حماسة تذكر بأنه يبدو أفضل خيار من بين غير المرغوب فيهم”.

وقال الشيخ علي حاتم في لقاء أجرته الصحيفة معه “آمل أن لا يفوز أي منهم”، مشيرة إلى أن أداء المالكي بوصفه رئيس الحكومة “كان قد تعرقل بسبب عيوب في حكومته كالافتقار إلى التنمية وتوفير فرص العمل والفقر المدقع والفساد وضعف الخدمات التي تواجه العراقيين يوميا”.

وبهذا الشأن نقلت الصحيفة عن علي وردي مزعل، وهو عامل بأجر يومي في البصرة، قوله إنه “وفر الأمان هذا صحيح لكننا نعيش وسط المزابل وفي حالة يرثى لها”، موضحا أنه “لا يعتزم التصويت لصالح المالكي مرة أخرى”.

وهناك آخرون ينسبون للمالكي “ضعف موقفه إزاء سلسلة من التحركات أثارت شكوكا حول احترامه توازن القوى في البلد”، كما تقول نيو يورك تايمز.

إذ أن قوات الأمن “تحت قيادته المباشرة تتهم بتنفيذ اعتقالات ذات دوافع سياسية في حين أن مشتبه بهم آخرين مطلوبين من جانب قادة أمريكيين وعراقيين وضعتهم حكومة المالكي في قوائم غير المستهدفين”، بحسب الصحيفة.

ففي الشهر الماضي، أصدر أوامره للجيش ، كما قالت الصحيفة “للتدخل في نزاع سياسي بشأن إقالة محافظ صلاح الدين”.

لكن مؤيديه “يدافعون عن مثل هذه الأعمال باعتبارها ردا ضروريا على السياسة العراقية غير الناضجة وغير المستقرة”.

وقال جابر حبيب المرشح كمساعد للمالكي في بغداد، إن العراقيين “يحبون الحاكم القوي”.

وذكرت الصحيفة أنه “يبدو مثل عتامة الكرملن في صنع القرار فالبارانويا الواضحة عنده وطبعه الحاد بسبب سنوات في المنفى خلال حكم صدام قد جعلت بعض قراراته تبدو متقلبة ومتناقضة”.

فحملة فضح حزب البعث التي يقودها شيعة، التي أسفرت عن تنحية مفاجأة لعشرات المرشحين في الشهر الماضي “دفعت المالكي لتكثيف تصريحاته لحشد الأصوات الشيعية التي يحتاجها حتى وإن كانت تنفر منه السنة الذين سبق أن آمل كسب ودهم من خلال دعواته إلى هوية وطنية عراقية”.

فعندما أصدرت محكمة الاستئناف في البداية حكما معاكسا، كما قالت الصحيفة “ندد المالكي بالحكم بوصفه غير قانوني ثم بعد ذلك بيومين عكس موقفه بعد لقائه مع رئيس القضاة في البلد في ما انتقده باعتباره تدخلا غير مناسب”.

وقد كتبت مجموعة الأزمات الدولية تقريرا صدر الخميس الماضي عن قرار استبعاد مرشحين بأنه “لعبة سلطة مكشوفة ذات طابع طائفي لأن أبرز الضحايا هم من العرب السنة”، مضيفة أنه “يفتح الجروح القديمة ويلقي ضوءا مرتبكا على المالكي الذي قبل عام مضى قد فاز بالانتخابات من خلال تجنب الخطاب الطائفي وتعهد بإقامة تحالف انتخابي واسع غير طائفي”.

وقال الشابندر للصحيفة إن المالكي “يعتقد بصدق في التغلب على الانقسامات الطائفية في البلد لكن سياسة اجتثاث البعث أجبرته على تغطية جانبه الشيعي”مضيفا أن رئيس الوزراء “لم يكن قويا لأنه تراجع بسهولة”.

ولاحظت الصحيفة أن المالكي “ألقى معظم خطب حملته الانتخابية في الجنوب حيث يتنافس على أصوات الشيعة ضد ائتلاف شيعي واسع كان قد أسهم بعد انتخابات العام 2005 باختياره رئيسا للوزراء”.

وأشارت إلى أنه عندما اجتمع مع زعماء عشائر من صلاح الدين يوم الجمعة الماضي (26/2/2010) “عقد هذا الحدث في بغداد بدلا من الانتقال إلى محافظة تسكنها غالبية سنية”.

وفي ملاحظاته في أثناء اللقاء “كرر المالكي قوله باستعادة الأمن ووعد بتحسين نظام الحكم وندد بقوة ليس بالإرهابيين أو البعثيين حسب (والأخيرون كثيرا ما ينعتون بالإرهابيين) بل وأيضا ندد بالسياسيين الذين يمررون قضياهم من خلال الوسائل الديمقراطية ووصفهم بـالخفافيش التي لا تعيش إلا في الظلام”، مضيفا “والآن يريدون العودة من الشبابيك ومن خلال الأبواب من خلال الانتخابات”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/آذار/2010 - 17/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م