أنتخب هذا الرجل العجوز!

هادي جلو مرعي

في عدد سبق من اعداد مجلة النهضةالعراقية كانت صورة رجل عجوز تتصدر الغلاف الرئيس..وكنت ارغب في التعليق على هذه الصورة من باب رفع العتب عن الذات المقموعة التي تتجسد في وفي اخرين امثالي..

وتساءلت في سري ثم هاأنذا اظهر تساؤلي الى العلن: ترى مالذي يريده هذا العجوز وعن اي مستقبل يبحث وهل يأمل من سياسيينا فعلا مؤثرا لجهة التخفيف من وطأة المشاكل المتراكمة على ظهره الذي أحنته السنون؟

الصورة تنبئ عن كهل تجاوز الستين من سني عمره الحافل بعذابات العراق الممتحن بالبلاء واللصوص والقتلة ومحرفي الكلم عن مواضعه.. ينتعل مانسميه( النعل اللاستك) وهو صناعة دولة مجاورة للعراق وكذا الثوب الملتصق على جسده الناحل والمتعرق من كل حدب وصوب ويبدو انه من صنع دولة عربية مجاورة.اما اليشماغ الاحمر فهو دلالة على عربيته الاصيلة المنتهكة..

هذا العجوز يضع السيجار في فمه المتيبس يداعب شفتين يلفحهما ريح السموم العراقي الموبوء بالغبار والكذب والدجل..

هو يبعث الاسئلة الى جهات عدة منتظرا الجواب: ترى من يعينه على مواجهة الحياة وتداعيات العمر والالم المكبوت منذ ستين عاما خلت من عمره السئ الحظ..

لكن من الذي يستجيب من سياسيي العصر الحالي ومن الموبوئين برغبة التشتت الفكري والعقائدي والمهووسين بالصراعات والتجاذبات العقائدية؟

ربما لا احد يفعل شيئا موائما له ليبعث روح الحياة فيه ويجدد الامل مثل ليلة العيد المنتظرة على الدوام..

هذا الرجل العجوز انموذج لكهولة مهملة مثل طفولة مختصرة بشعارات ومساعدات ليست اكثر من شنطة مدرسية واقلام رصاص ودفاتر!

فهل يحتمل الصراع السياسي واجندات القوى المتجحفلة في برلمان اللحظة الاخيرة مناقشة موضوع كهذا يرتبط بالكهولة والعجز والشيخوخة والامل المكبوت؟

نحن في مواجهة تحول خطير في البنية السياسية والاجتماعية ولامجال للمجاملة في مناقشة الكارثة المترتبة على الانشغال بالسياسة وصراعات القوى ومايمكن ان يترتب من هذا الانشغال الذي سيكون كارثة حقيقية مرتبطة بذلك الانشغال واهمال او تغافل بقية القضايا التي من اجلها يتصارع المتصارعون وهي قضايا انسانية بحتة يمثلها هذا العجوز المهمش وذاك الطفل الميتم وتلك الام الثكلى والزوجة المرملة..

فهل يلتفت هؤلاء ليعالجوا مقدمات تلك الكارثة المحيقة ببنية المجتمع العراقي؟ ام نسوا انهم جزء من عملية سياسية الهدف الاساس منها والغاية خدمة المواطن والتخفيف من معاناته وتحسين اوضاعه المعيشية؟

وربما اكاد اجزم ان هذا العجوز انما اراد بجلسته التأملية ان يوصل رسالة الى السياسيين والمسوؤلين:ان كفى تجاهلا وتضييعا للحقوق ونهبا للقضايا لجهة الاتجار بها وترك المجموع العام بلا حام ولاراع؟

ايها العجوز كفاك تأملا فلااحد يسمع صرخاتك المكبوتة.. وانت لاتجيد الصراخ في العلن.. انتخبوا هذا الرجل العجوز من فضلكم..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/آذار/2010 - 16/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م