الاثار العراقية... كنوز تتلقفها ايادي الارهاب والمافيا الدولية

جوجل تنشر صور مقتنيات المتحف الوطني ودبي تحبط تهريب اثاري

اعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تعرضت الاثار العراقية منذ الاطاحة بالنظام العراقي السابق السابق الى موجة غير مسبوقة من السرقات والتهريب، سيما بعدد ان استباحت العصابات المنظمة معظم المتحاف والمواقع الاثرية اثناء الفلتان الامني الذي زامن واعقب الاجتياح الامريكي للبلاد.

من جهتها تسعى الدولة العراقية وبالتعاون مع المنظمات الدولية المختصة في ملاحقة واسترجاع القطع الاثارية المنهوبة وتضييق الخناق على مافيا الاثار الدولية.

خطر حماية الاثار

حيث يتعرض المسؤولون عن حماية التراث في بغداد الى مخاطر وتهديد بالقتل اثر تصميمهم على مواجهة الهدم الذي تطاله هذا المواقع من قبل اصحابها من اجل تحويلها الى مشاريع سكنية او تجارية.

فقد تلقت فوزية المالكي مديرة دائرة التراث والاثار في العراق تهديدات بالقتل منذ توليها المسؤولية قبل عام اثر اعتراضها على ردم منازل تراثية في وسط بغداد.

وقالت المالكي ان "كثيرين استفادوا من الفوضى التي اعقبت اجتياح العراق في 2003 وقاموا بهدم منازلهم من اجل تحويلها الى مشاريع سكنية".

واضافت المالكي التي كانت تتحدث من المتحف الوطني العراقي حيث مقر عملها "هناك تجاوزات حصلت من قبل الافراد، حيث قاموا باعمال هدم وبناء دون اعلام دائرة التراث، او البلدية". بحسب فرانس برس.

وتابعت ان "هؤلاء استغلوا فترة احداث غياب القانون والاحداث التي مرت بين 2005 و2006 وقاموا بهدم العشرات من الابنية التراثية". واضافت "عندما كنا نمنعهم يلجأون الى احراق او تفجير المبنى (التراثي) ليظهروا انه تعرض الى عمل ارهابي، ويعملون لاحقا على اعادة بنائه". وتابعت ان "آخرين قاموا بتهديدنا بالقتل لمنعهم هدم منازلهم التراثية".

ومنذ 2004، قامت الهيئة العامة للاثار والتراث بتحديد 1600 مبنى في بغداد تتراوح اعمارها بين مئتي عام اي بنيت العهد العثماني في مطلع القرن الماضي، وخمسين عاما ابان الحكم الملكي في العراق، تضم مساجد وكنائس وخانات وقصور ومنازل تحمل طابعا تاريخيا.

وفي عموم العراق، هناك ثمانية الاف موقع تاريخي ومبنى اثري. وتدهور تراث بغداد التي كانت تعرف بمدينة الف ليلة وليلة بسبب انعدام اعمال الصيانة واعمال العنف وتلف شبكات الصرف الصحي التي تسببت بتجمع المياه الجوفية.

وقال علاء حسين جاسم الذي يرأس فريقا من 32 شخصا لحماية المباني التراثية "نحاول ان نشرح لاصحاب المباني ان جزء من تاريخ البلاد بين ايديهم ويتوجب عليهم الحفاظ عليه".

وتابع حسين وهو مدير دائرة اثار وتراث بغداد "احيانا لايدركون ذلك ونكون مجبرين التوجه للقضاء".

وتعرض موظفو الهيئة الى التهديد وبينهم جاسم الذي قام الاسبوع الماضي بتحذير بازالة اكشاك اقيمت عند كنيسة كلدانية بنيت عام 1898.

ووفقا لقانون عراقي شرع عام 2002، يعاقب بالسجن لفترة تصل الى عشرة اعوام من قام بهدم اون نقل كلا او جزاء او ترميمه او تجديده او تغييره مبنى تراثي دون موافقة السلطة الاثارية التحريرية، وبالسجن سبعة سنوات لمن قام بتغير الاستعمال المخصص لها.

لكن هذه القوانين قد تكون مشكلة يواجهها اصحاب هذه المباني لانهم لا يتلقون مقابل الابقاء عليها اي دعم مالي من الحكومة، كما هو حال فتح الله فريد وابناء عمومه الاربعة الذين يملكون منزلا تراثيا يعرف ب"لولو" شيده جدهم عام 1932 على ضفاف نهر دجلة.

وغادرت العائلة المنزل بعد فيضان وقع في 1954. وهو الان مقسم الى احد عشر محلا لبيع المحركات.

وما زالت هناك اثار زخارف تدل على الاهمية التي اولاها انور توما للمنزل ارضاء لزوجته لولو ماراكي، لكن الجدران والارض اصبحت ملطخة بزيت المحركات.

ويقول فتح الله "لا اعرف ماذا تستفيد دائرة التراث من هذا المنزل لانه لا يشبه حتى التصاميم العراقية واقرب ما يكون للطراز الفرنسي، فاما يشتروه او يتركونا نفعل به ما نريد". وكانت دائرة البلدية قد قدرت قيمة المنزل بثلاثة ملايين ونصف مليون دولار لكن دائرة التراث لا تملك المال لشرائه.

واكدت فوزية المالكي ان "الحكومة تخصص لنا مليار دينار (حوالى 854 الف دولار) كل عام وهي لا تكفي امام حالة الطوارىء (التي نحن فيها) فلم نستطع استعادة الا احدى عشر مبنى خلال 2009". وتابعت "احتاج الى مليار دولار كل عام وعلى مدى عشرة اعوام قادمة".

وعلى كل حال، فان احد المنازل التي تمت استعادتها شيد في القرن التاسع عشر خلال حكم خليل باشا اخر الحكام العثمانيين عام 1915، في الرشيد اشهر شارع في بغداد.

واكد رومل عبد الكريم المشرف على العمل ان "المنزل كان مهجورا منذ بداية 1960. بدأنا عملنا في 2005 في ذروة اعمال العنف وانفقنا خمسمائة مليون دينار (حوالى 427 الف دولار)"من اجل ترميمه.

التنقيب عن مدينة أور الاثرية

الى ذلك يمكن لمدينة أور السومرية، حيث رأى النبي ابراهيم النور، على ما جاء في كتاب التوراة، ان تصبح بشهرة اهرامات الجيزة في مصر إذا توافرت الارادة السياسية لذلك.

ولم تكشف الحفريات التي أجراها في القرنين التاسع عشر والعشرين علماء آثار بريطانيون وأميركيون سوى حوالى عشرين في المئة من المدينة، الواقعة قرب الناصرية في جنوب العراق.

ويقول ضيف محسن، المسؤول عن حماية الموقع: «عند استئناف الحفريات، سيتم الكشف عن أطنان من القطع الاثرية تكفي لملء صالات المتاحف. ثمة احتمال بأن يصير هذا الموقع اشهر من موقع الجيزة»، حيث اهرامات خوفو وخفرع ومنقرع فضلاً عن ابي الهول. ويضيف، وهو يتنقل في قطاعه «يعتبر بعض علماء الاثار ان اخراج المدينة من التربة الى النور يتطلب اكثر من ثلاثة عقود».

وأسست مملكة أور قبل أكثر من 4500 سنة، وهي مطمورة تحت تلة كبيرة تعصف بها الرياح، على قمتها معبد «إينا زيكورات» المهيب، وهو بناء حجري متدرج مخصص لالهة القمر السومرية إنانا.

وكانت المدينة أحد اوائل مراكز الحضارة القائمة على ضفاف الفرات الخصبة، حيث استخدمت الرموز المسمارية للمرة الاولى في تاريخ الانسانية.

وبلغت المدينة عصرها الذهبي لتمتد الى ايران خلال حكم الملك أور نامو (بين 2112 و2095 تقريبا قبل الميلاد)، وهو مقاتل مميز ومؤسس ثالث سلالات سومر.

وفي عهده ازدهر الاقتصاد والثقافة والفنون والشعر. وكانت المملكة خاضعة لهيكلة ادارية مكتملة وسادت فيها مجموعة من التشريعات.

ويؤكد ستيف تيني، استاذ العلوم الاشورية في جامعة بنسلفانيا (الولايات المتحدة) التي بادرت الى اجراء الحفريات العلمية الاولى بالتعاون مع المتحف البريطاني بين عامي 1922 و1943 «ان ثمة وثائق جمة غير مكتشفة».

ويأمل باكتشاف نصوص جديدة لفهم الثقافة والديانة السومرية المتعددة الالهة على نحو افضل. ويقول: «لا نملك نصوصاً تتناول اورنامور وخلفاءه او تتمحور على الطقوس والصلوات».

وقد يتبين ان موقع اور فريد تماما في حال تأكد ان فيه ما يعتقد بانه منزل اب الديانات السماوية الثلاث النبي ابراهيم.

ويقول ضيف، وهو يقف قبالة مبنى من 27 حجرة، اعيد ترميمه بأمر من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين استباقا لزيارة كان يعتزم الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني القيام بها عام 1999 للعراق ولم تحصل، «نظنه عاش في هذا المكان ذلك اننا وجدنا اسمه محفوراً على احدى الصخور، خلال حفريات العام 1922».

ولا يحمي أور سوى سياج هش وبعض الحراس، وثمة احتمال بأن تظل المدينة موقعاً ضائعاً في بلد يزعزعه العنف ويهتم لإعادة اعماره اكثر من الاهتمام بآثاره.

وتقول آن بروز وهي ديبلوماسية ايطالية مسؤولة عن فريق الاعمار المناطقي (بي ار تي) في محافظة ذي قار: «لا تزال ثمة حاجة لفعل الكثير ومن الضروري بذل الجهد بالتعاون مع الحكومة المركزية في حال اراد العراق الافادة من قدراته الضخمة ليصير قبلة سياحية».

وتؤكد ان المحافظة تضم فضلاً عن أور 47 موقعاً «ذات قيمة اثرية بارزة».

وتقول ان السلطات في المحافظة لا تملك الموازنة الكافية لاطلاق حفريات ضخمة وانها «تركز جهودها على الكهرباء وشبكة الصرف الصحي والمدارس والطرقات وامدادات المياه الجارية، وهذه مسائل تتقدم على الاثار».

جوجل تنشر صور مقتنيات

من جهته قال الرئيس التنفيذي لمحرك البحث جوجل إن الموقع سينشر الالاف من الصور لآثار عراقية قديمة على الموقع الالكتروني للمتحف الوطني العراقي في اطار مساع امريكية لتشجيع الشركات الاجنبية على الاستثمار في العراق.

وكان عراق اليوم يعرف في الماضي باسم بلاد ما بين النهرين وكانت تعتبر لدى الكثيرين مهد الحضارة. ويضم المتحف واحدة من أروع المجموعات في العالم عن فترة بلاد الرافدين.

ومنع عرض الاثار التي يعود تاريخها لالاف السنين وتخص الحضارات البابلية والاشورية والسومرية وايضا التاريخ العراقي الحديث منذ الغزو بسبب مخاوف امنية ومن أجل ترميمها أيضا.

وقالت اميرة عيدان مديرة المتحف لرويترز أن المتحف العراقي مغلق ويسأل الناس عنه من كل أنحاء العالم مضيفة ان بمقدورهم الان معرفة الكثير عنه من منازلهم.

والتقط موظفون من جوجل اكثر من 14 الف صورة للتحف ويسعون لنشرها على الانترنت في مطلع 2010.

وقال اريك شميت الرئيس التنفيذي لجوجل في مؤتمر صحفي بمتحف بغداد "ان معظم الشركات الامريكية لم تعمل بعد في العراق ونرغب في اظهار ان من الممكن ضخ استثمارات في العراق وبيان انه سوق مهم سينمو سريعا وانه مستقر بدرجة كافية."

متحف العراق يفتح أبوابه أمام "الزوار الافتراضيين"

من جانب آخر رغم احتوائه على عدد من أهم الآثار في العالم، يخلو المتحف الوطني العراقي في بعض الأيام من الزوار، مما يجعل مهمة القائمين عليه صعبة للغاية في اجتذابهم.

ومن أجل هذا التحدي، دخل المتحف الوطني العراقي في شراكة مع غوغل والحكومة الأمريكية لإطلاق "متحف افتراضي"، يسمح لأي شخص يستخدم الكمبيوتر في أي مكان في العالم بالاطلاع على آثار المتحف.

يقول جاريد كوهين، المسؤول في وزارة الداخلية الأمريكية: "تعتبر الآثار العراقية من أقدم آثار العالم، وهناك الكثير من المؤسسات والأفراد المهتمين بالاطلاع عليها إذا أتيحت لهم فرصة زيارة المتحف." بحسب (CNN).

ويضيف كوهين: "اليوم، معظم الناس لا يستطيعون القدوم إلى هنا لأسباب مالية أو شخصية، لذا نعتقد أن إطلاق مثل هذا المشروع سيزيل جميع العقبات أمام المهتمين بزيارة المتحف."

ولهذا الغرض، تم التقاط أكثر من 14 ألف صورة رقمية لمحتويات المتحف، وسيتم فهرستها من قبل غوغل وإضافتها إلى المتحف الافتراضي، وفقا لإريك شميد، المدير التنفيذ لغوغل.

وقد تولدت الفكرة خلال زيارة لوفد من الحكومة الأمريكية للمتحف في أبريل/ نيسان الماضي، ولاحقا عبرت كل من غوغل ويوتيوب عن اهتمامها بهذا المشروع، وأعلنتا انضمامهما إليه.

وكانت غوغل والحكومة الأمريكية قد أعلنتا أن المتحف سيكون جاهزة للإطلاق في بداية العالم المقبل.

يذكر أن المتحف الوطني العراقي أعاد افتتاح أبوباه أمام الزوار في فبراير/ شباط الماضي، بعد ست سنوات من الإغلاق إبان الحرب بالعراق.

وفي أبريل/ نيسان 2003، تمت سرقة نحو 15 ألف قطعة أثرية، لم يتمكن القائمون على المعرض من إعادة أكثر من ستة آلاف منها.

ولم يتم الإفصاح عن كلفة هذا المشروع، إلا أنه يبدو أن الحكومة الأمريكية وغوغل ستشتركان فيها.

التنقيب عن الآثار في مدينة الحلة

في السياق ذاته تزخر أرض العراق بالكثير من الآثار التي تعود إلى العصور القديمة، والتي ازدهرت فيها مملكة بلاد الرافدين، بقيادة ملوك مثل حمورابي، ونبوخذ نصر.

وفي مدينة الحلة، جنوبي العراق، بدأت مجموعة من علماء الآثار العراقيين في أوائل العام الجاري عمليات تنقيب عن بعض من هذه الآثار، كالفخاريات، والمدن القديمة المبنية من الطين.

وتعود معظم هذه القطع إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وستعرض لاحقا في متحف العراق الوطني.

وحول ظروف عمليات التنقيب عن الآثار في العراق، يقول الدكتور رعد، عالم آثار عراقي "التنقيب عن الآثار صعب جدا، ويحتاج إلى الكثير من الدقة، فأي غلطة صغيرة نرتكبها يمكن أن تؤثر على بقية العملية، لأنك إذا كسرت قطعة أو أضعتها فإنك تفقد جزءا من اللغز بأكمله." بحسب (CNN).

والتنقيب في هذه الرمال لا ينبئ أبدا بما يمكن أن يجده هؤلاء العمال، فيوما يعثرون على قطع فخارية صغيرة، ويوما آخر يعثرون على هياكل عظمية.

وقد يكون العمل بالنسبة للبعض مكررا، ولكنه ليس مملا أبدا، حيث يقول الدكتور رعد "عندما نعثر على قطع ثمينة، نشعر بسعادة كبيرة، وتزيد ثقتنا بأنفسنا وعملنا."

متحف بنسلفانيا

من جهة اخرى يعرض متحف لعلم الانسان والاثار تابع لجامعة بنسلفانيا رأسا بشريا يغطيه غطاء مزين بالذهب وجواهر اللازورد ولا تظهر له معالم واضحة الا الاسنان وذلك في اطار معرض حول كنوز حضارة العراق القديمة.

والرأس هو كل ما تبقى من خادمة أحد ملوك بلاد ما بين النهرين ودفن قبل نحو 4500 عام مع كل ثروة الملك أو الملكة وكل أفراد الحاشية الملكية.

وعثر على رفات الخادمة والمئات الاخرين في 16 مقبرة ملكية تصدرت أخبارها عناوين الصحف في شتى أنحاء العالم في العشرينات من القرن العشرين عندما اكتشفها عالم الاثار البريطاني السير ليونارد وولي في بلدة أور القريبة مما يعرف الان بمدينة الناصرية في جنوب العراق. بحسب رويترز.

وللمرة الاولى منذ أكثر من عشر سنوات تعرض الرفات مع نحو 220 قطعة أخرى عثر عليها في الموقع في متحف بنسلفانيا وذلك من خلال معرض يلقي ضوءا جديدا على احد أعظم الاكتشافات الاثرية في القرن العشرين.

ويفتتح معرض "تاريخ العراق القديم.. اعادة اكتشاف مقبرة أور الملكية" يوم الاحد الموافق 25 أكتوبر تشرين الاول ليضع كنوز أور في السياق التاريخي لمنطقة تعرف بأنها "مهد الحضارة" ويحكي قصة الاكتشافات التي جرت بين عامي 1922 و1934 .

وكانت القطع المعروضة قد تنقلت في جولة على متاحف الفن في الولايات المتحدة على مدى السنوات العشر الاخيرة وأعيدت الى متحف بنسلفانيا الذي شارك في رعاية حملة الاكتشاف الاصلية عام 1922 .

وقال ريتشارد زتلر وهو أمين للمتحف ان المعرض يركز على الاهمية التاريخية والثقافية للقطع بدلا من القيمة الجمالية التي تهتم بها المتاحف الفنية.

ولم يتم تسميم خدم الملك الذين عثر على رفاتهم في المقابر كما قال وولي لكنهم قتلوا بالضرب بالة حادة على الرأس من الخلف وهي نظرية أشار زتلر الى أن فحوص بالاشعة المقطعية أجرتها مستشفى جامعة بنسلفانيا تؤيدها.

وبعد الموت كانت الجثث تجفف وتحفظ لاظهار ثروة الملك وسلطته حتى بعد الوفاة. وقال زتلر "كان يعامل هؤلاء الاشخاص كما لو أنهم جزء من شعائر جنائزية."

وأثناء عملية الدفن كان يراعى وضع الرفات تحت الارض بمسافة تجعل الجمجمة تتهشم مما يفسر الشكل المسطح للرؤوس في المعرض.

والقطعة الرئيسية في المعرض هي غطاء رأس الملكة بوابي المزين بأربعة كيلوجرامات من الذهب و3600 قطعة من العقيق وحجر اللازورد.

ويضم المعرض أيضا قيثارة يزينها رأس ثور وتمثال "كبش في الادغال" النادر الصغير الذي يصور كبشا يأكل أوراق شجرة ومصنوع من الذهب والنحاس وحجر اللازورد.

وقال زتلر ان ثراء كنوز أور يشير الى الرخاء الذي كانت تعيش فيها حضارة ما بين النهرين ونجاحها في التجارة مع مناطق بعيدة مثل وادي الاندوس وحضارة شرق البحر المتوسط التي كانت توفر لها المعادن والاحجار الكريمة مقابل الحصول على منسوجات ومنتجات زراعية.

وأضاف "تقدم الكنوز صورة لحضارة راقية ومحكمة للغاية."

ولالقاء الضوء على قصة اكتشاف مقابر أور يشير المعرض الى بعض الشخصيات التي زارت الموقع ومن بينها تي.اي لورانس الذي يعرف بلورانس العرب والذي كان وسيطا بين علماء الاثار والحكومة البريطانية وكذلك كاتبة الروايات البوليسية البريطانية الشهيرة أجاثا كريستي التي كتبت روايتها (جريمة في بلاد ما بين النهرين) استنادا الى ما شاهدته هناك.

وقال زتلر ان كنوز أور تمت حمايتها الى حد كبير من الحرب التي شهدها العراق في السنوات الاخيرة. ونقلت القطع الاهم من متحف العراق الى خزائن بنوك قبل الغزو الامريكي للبلاد عام 2003 والذي تعرض بعده متحف العراق للنهب.

ويوضح المعرض أن موقع أور نفسه "نجا من معظم أعمال النهب" لانه على أطراف قاعدة طليل الجوية وهي واحدة من أكبر القواعد في الشرق الاوسط.

الارهاب و الاثار للتمويل

من جانبها تتهم قيادات عراقية محلية "الارهابيين" بسرقة المواقع الاثرية لتهريب القطع النادرة بغرض تمويل نشاطاتها بعد اعلان ضابط رفيع ان الجيش استطاع وقف عمليات بيع النفط التي كانت تقوم بها جماعات مسلحة شمال بغداد.

وقال قائد الفرقة المنتشرة في محافظة كركوك المتعددة القوميات والمتنازع عليها بين العرب والتركمان والاكراد اللواء محمد رضا الزيدي "لا استبعد ان يكون السارقون والمجرمون يتاجرون بالآثار لتمويل اعمال ارهابية بعد ان نجحت قوات الجيش في تجفيف مصادر الجماعات الارهابية من خلال وقف تهريب النفط وتخريب الخطوط غرب كركوك".

واوضح ان قوات "الجيش فرضت سيطرتها لحماية حقول ومشاريع النفط ولن تسمح بتمرير مخطط لاستهدافها ولقينا القبض على تسعة متورطين في اعمال استهدفت خطوطا نفطية".

وقد احبط الجيش خلال اقل من اسبوع محاولتين لتهريب قطع اثرية من كركوك (255 كلم شمال بغداد) تعود الى الحقبة السومرية، واعتقل اربعة اشخاص ينشطون في هذا المجال في النواحي الغربية للمحافظة ذاتها. بحسب فرانس برس.

وقبضت قوة خاصة على احد مهربي الآثار بعد مطاردته اكثر من ساعة ونصف، وبحوزته تمثال لفتاة من البرونز وثلاثة تماثيل احدها مرمر والاخر من الرخام واناء زجاجي اثري مكسور يعتقد انها تعود للحقبة السومرية.

ودامت الحقبة السومرية في بلاد ما بين النهرين بين العامين 3500 و2350 قبل الميلاد.

وكانت وحدات امنية ضبطت في 19 من الشهر الجاري ثلاثة اشخاص يسرقون قطعا اثرية بغية تهريبها والمتاجرة بها في منطقة العباسي (غرب كركوك)، بينها راس ملك يعود للحقبة السومرية بالاضافة الى قطع تعود الى حقبات متفرقة. وكان هؤلاء يريدون بيع بعض القطع بمبلغ 160 الف دولار، وفقا للمصادر الامنية.

وطالب الزيدي "دوائر الاثار بحماية مواقعها لا سيما جنوب وغرب كركوك في الحويجة وناحية العباسي وقرية الماحوز لانها مكشوفة".

من جهته، قال نائب محافظ كركوك راكان سعيد الجبوري "لا استبعد ان تكون سرقة الاثار وتهريبها لتمويل اعمال الارهابيين للاساءة للمناطق الواقعة جنوب وغرب مدينة كركوك لكن الرفض العربي لهذا يجعلهم يقعون في قبضة الجيش".

وتابع ان "المجرمين الذين يقومون بهذه الاعمال البشعة لا يعرفون سوى عشرة بالمئة من اهدافها بينما تجد المشرف على العمليات يعمل وفق اجندات خارجية وداخلية".

واضاف الجبوري وهو من الحويجة (220 كلم شمال بغداد) ان "هولاء المجرمين ارهابيون يريدون ايصال رسالة توحي بان العرب خارج كركوك مجرمون ويسرقون تراثهم ويريدون افراغ العراق من حضارته". وختم ان "المشرف على هذه العمليات ربما يمول جهات ارهابية نحاربها في مناطقنا".

بدوره، قال اياد طارق مدير اثار كركوك ان "المجرمين الذين يقومون بسرقه الآثار وتهريبها ارهابيون لان قضية الاثار اشد مرارة من القتل واقسى لانها تعني سرقة تاريخ وحضارة بلد مثل العراق". واضاف "لا استبعد سعيهم وراء المال لان من السهولة بمكان اخفاء القطع الاثرية".

وتابع "لدينا عشرون حارسا فقط 12 منهم جنوب كركوك في قضاء داقوق والاخرون في ناحية الرشاد وليس لدينا اي حرس في الحويجة". وقال "نحن بحاجة ماسة الى مئة حارس للمواقع الاثرية في العباسي والزاب والحويجة والماحوز، غرب كركوك، كما اننا بحاجة الى تشييد سياج حولها".

واوضح طارق ان "الآثار هذه تعود الى الحقب الاشورية والسومرية والاكدية والعباسية وحقب ما قبل التاريخ" مشيرا الى "عدم وجود اعمال تنقيب في جنوب كركوك وغربها حاليا". واكد ان "الفرق العسكرية العراقية التي تبذل جهدها ليلا نهارا لحماية الاثار تحصل على نسبة 30% من قيمة القطعة الاثرية للفريق الذي تمكن من احباط اعمال السرقة والتهريب".

إحباط تهريب في دبي

ووفقا للبيان اكتشف مفتش الجمارك أثناء تفتيشه على البيان الجمركي التابع لأحد الأشخاص من الجنسية العربية والمصرح عن محتوياته بأنها لوازم مطبخية وراديو، وجود القطع الأثرية في مخابئ أحد الكراسي. 

وأكّد محمد مطر المري، مدير تنفيذي عمليات الشحن بجمارك دبي بأنه على الرغم من محاولات المهربين استغلال الموقع الفريد لإمارة دبي ودولة الإمارات كونها مركزاً هاماً يربط بين الشرق والغرب لتهريب الممنوعات المختلفة، فإن جمارك دبي تبذل أقصى جهودها وتسخّر كل إمكانياتها البشرية والتقنية في سبيل ترسيخ سمعتها العالمية في مجال مكافحة التهريب.

من جانبه قال عمر أحمد المهيري، مدير أول إدارة عمليات الشحن الجوي، إن جمارك دبي تضم خيرة شباب الوطن من المفتشين الجمركيين الذين يحبطون باستمرار محاولات التهريب، وذلك بفضل يقظتهم الدائمة والتدريب الذي حصلوا عليه وفق أحدث المعايير العالمية. 

وتضمنت القطع الأثرية ثلاثة تماثيل برونزية ومزهرية مزخرفة وكاسة فخارية مزججة ومزخرفة بصور أسماك، وكذلك قطع نقدية تعود للعصرين الساساني ( بين عامي 226 و 651 ميلادية ) والهلنسي ( بدأ عام 323 قبل الميلاد واستمر 300 سنة).

 وفي إطار التعاون والتنسيق المشترك مع  دائرة السياحة والتسويق التجاري بدبي، تم عرض المضبوطات على خبير الآثار بدائرة السياحة والتسويق التجاري، والذي أوضح ماهيتها وبأنها عبارة عن مجموعة من الآثار الثمينة العراقية ولا يُسمح بإخراجها من العراق.

وبعد إجراء التحقيقات والبحث اللازمة مع المخالف حسب ما ورد في قانون الجمارك الموحد لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي ينص على أن إدخال هذه البضائع يشكل جريمة تهريب جمركي، فقد تم اتخاذ اللازم نحو المضبوطات ومصادرتها.

والجدير بالذكر أن جمارك دبي أحبطت في الأعوام القليلة الماضية واحدة من أكبر محاولات تهريب الآثار في تاريخ المنطقة، حين ضبطت أكثر من مئة قطعة أثرية تعود إلى عصور مختلفة كانت مخبأة في سفينة قادمة إلى دبي. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 25/شباط/2010 - 10/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م