التلوّث الإشعاعي في العراق بين مدّ الواقع وجزر السياسة

د. مؤيد الحسيني العابد

لقد تطرّقت الى التلوث بالاشعة النووية في العديد من المقالات والمحاضرات هنا وهناك لكنّ للحديث عن التلوث في العراق وقع خاص سنشير اليه لاحقاً. وقد أشرت الى هذا التلوث في مقال سابق بشكل مقتضب خشية الاطناب، الذي أصبح سمة للقليل من الناس حيث العديد يركض وراء المعلومة السريعة والجاهزة ولا يرغب بالاسترسال والتفصيل لاسباب عديدة، منها ما يؤكده الواقع كعصر سرعة وعصر التهافت وراء الصرعة بعيدا عن الحقيقة! والتي هي هنا مٌرّة وأليمة لا مجال لاخفاء ألمها.

لكنّني هنا سأشرح بعض الأمور التي أرى من الضروري تفصيلها وتوضيحها بعيداً عن تداعيات الوضع الأمني والسياسي وبعيداً عمّا يسميه البعض بالدعايات الإنتخابية مع هذا أو ضد ذاك.!!

وأقول

أنّ الاشعة النووية التي نتكلم عنها في العراق حصراً! هي الاشعة الصادرة من مصادر عديدة، كانت في الاعم الاغلب من مصادر متحركة (بسبب عدم وجود أي نشاط نووي ثابت في مدن جنوب العراق التي سنشير اليها في حلقاتنا القادمة وهي البصرة والناصرية والسماوة. حيث لم يقم النظام السابق ببناء محطة أو مفاعل في هذه المدن أو في الاماكن المحيطة بها الا إن وجدت بعض التجارب في هذه الأمكنة فلا نستطيع تأكيدها لعدم توفّر الادلة لحدّ الان على الاقل!). وهي مصادر مشعة كانت قد صدرت من إستخدام النظائر المشعة في قذائف بعيدة المدى أو قصيرة المدى وأحياناً بعيدة وقصيرة معاً (وسنشير الى ذلك بالتفصيل. كلّ ذلك سنشير له الا اننا نلتمس العذر من اننا سنسترسل بعض الشيء عن تأثيرات الاشعة النووية لنبيّن الخطورة الحقيقية التي اخذت بعدها الواسع في المناطق المصابة والتي مازالت تعاني من هذه الاوضاع المأساويّة)!!

لقد أثيرت مشكلة التلوّث الإشعاعي قبل فترة ليست بالقصيرة، منذ أن تمّ التعامل مع الأشعة النووية الصادرة من المصادر المشعّة ضعيفة الشدّة أو قويّة الشدّة أي منذ فترة التعامل مع النظائر المشعّة .وقد تعقّدت المشكلة كلّما تطوّر التعامل مع تلك النظائر المشعّة وإستخدمت في المجالات العديدة في الحياة. والكثير من الناس لا يعلم مدى هذا الإستخدام الذي يمكن القول أنّ السرعة في عملية تطور إستخدامها قد تجاوزت سرعة التطور في مجالات أخرى حتى في مجال الطاقة النووية في أجزائها وفروعها الأخرى.

وهذا الذي لعب الدور الكبير في تسرّب العديد من نتاجات هذا التطور الى الطبيعة المحيطة وقد إضطرّ الباحثون الى تقسيم التلوّث الناتج الى نوعين هما: التل! وث المتعلّق بالمحيط العام أي التغيير الذي حصل بسبب إختلاف نسب العناصر المكوّنة للهواء والماء والتربة عموماً بالاضافة الى التغيّر في التركيب الداخلي للأجسام والذي يمثّل الجزء الثاني أو النوع الثاني من التلوّث والذي يتعلّق بنسب العناصر المكوّنة لتلك الأجسام والتي تغيّر نسبة التلوّث من وظائف الاعضاء مما يجعلها تحيد عن مسار عملها فتحدث ما تحدث من تغيّرات قد تؤدي الى موت العضو خصوصا والى موت الجسم عموماً. وسنأتي على ذلك في المواضيع القادمة.

 إذن يمكن القول أنّ التلوّث الإشعاعيّ يعدّ من المشاكل الخطيرة التي يتعرّض لها الإنسان والذي يكون على طريقين هما طريق التعرّض المباشر وطريق التعرّض غير المباشر! (وكلاهما قد أخذ نصيبه من المدن العراقيّة المذكورة!!). أي من الأرض التي لوّثت ومن النبات الذي يأكله أو يستخدمه ومن الحيوان الذي يأكله أو يعيش بالقرب منه وكذلك من الماء الذي يشربه. لذلك نقول أنّ التعرّض المباشر سيكون أشدّ وأخطر. أي التعرّض بشكل مباشر الى المصدر المشع أو مصدر الأشعّة المذكورة وهناك أمثلة كثيرة لعمليتي التعرّض الاشعاعي سنأتي عليها في وقتها.

 وكمثال قريب نقول أسوأ تعرّض يسجّله التأريخ للتعرّض المباشر هو تعرّض مدام كوري لعنصر الراديوم دون علمها بذلك وقت عمل أبحاثها في هذا الجانب. كذلك التعرّض بسبب سقوط القنبلتين النوويتين على هيروشيما وناغازاكي في آب 1945 حيث أدى هذان التفجيران الى قتل عشرات الآلاف في التعرّض المباشر للأشعة يالإضافة إلى إصابة العدد الكبير من السكان الساكنين في المنطقة المحيطة بموقع الانفجار وعلى مسافات متباينة وقد بقي هذا التلوث لسنوات عديدة، ادى تأثير هذا الإشعاع الى العديد من التشوّهات والكثير من الأمراض في جيل واحد على الاقل من البشر.!

ويعتمد آثار التلوث الاشعاعي على عدد من العوامل لتتوسع دائرة انتشاره باستمرار، ومن هذه العوامل: اختلاف المصدر المشع، نسبة التعرض للاشعاع النووي، اختلاف شدة هذا الاشعاع، المدة التي يتعرض فيها الانسان للاشعاع بالإضافة إلى منطقة التعرض لاي عضو من اعضاء جسم الانسان

ان النسبة المتفق عليها بصورة عامة والتي يجب ألاّ يتعرض الانسان لاكثر منها في حالته الاعتيادية وبشرط ان لا يعيش في منطقة المفاعل, هي  5 ريم (الريم: وحدة تستخدم لقياس نسبة الاشعة الممتصّة من قبل الجسم وهي تعادل رونتغن واحد من الاشعة السينية وهي اختصار لعبارة  Roentgen Equivalent Man).

ان الاشعة النووية الصادرة من المصادر المشعة إن كانت هذه المصادر تبعث بالاشعة بشدة عالية أو بشدّة ضعيفة فإنّ الاشعة الصادرة عموما ستكون مؤثّرة بشكل أو بآخر. لكن يمكن القول بأنّها مؤثرة في كل الاحوال بشدّتيها العالية والضعيفة، وان الشدة العالية يمكن لها ان تؤثر على المحيط اذا كانت نسبة التعرّض لفترة وجيزة وتؤثر مثل تأثير الاشعة الضعيفة لفترة طويلة حيث اكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية واللجنة الدولية للحماية من الاشعاع ان التعرض المستمر للاشعة قليلة الشدة تسبب مرض السرطان في العضو المتعرض او في اي عضو آخر من جسم الكائن الحيّ الذي يحتويه هذا المحيط. فهناك احتمال اصابة شخص واحد! من مجموع ثمانية آلآف شخص تعرضوا لاشعاع ضعيف لاتزيد قوته على ريم واحد. ويطلق على التأثير الإشعاعيّ في جسم الكائن الحيّ بالتأثير البايولوجي للأشعة.

ان من اهم سمات التاثير البايولوجي للاشعاع هو تأثير هذه الاشعة على الخلايا الحية للكائن الحي. حيث تقوم الاشعة النووية بتفكيك الخلية الحية وبالذات جزيئات الماء والتي تشكل حوالي 70% من الخلية، فتفكك الجزيئة الى ذرات غير متجانسة في حالة نموها. وقد استخدم العلماء والمتخصصون مصطلح الجرعة المؤذية والجرعة غير المؤذية او الجرعة العالية وغير العالية، علماً ان كلمة مؤذية تعبير مجازي غير دقيق بسبب كون الاشعة مؤذية في كل حالاتها وباي قدر كان. ولملاحظة معدل الجرع المكافئة من المصادر المختلفة نرى الجدول التالي:

مصدر الاشعة النووية النموذج بوحدات مايكروسيفيرت/ سنة المدى بوحدات مايكروسيفيرت-سنة

الطبيعي:

من الارض والبيت:الرادون 200 200 الى 100000

من الارض والبيت: أشعة غاما 600 100 الى ! 1000

الاشعة الكونية(عند سطح البحر) 300

بزيادة 20 لكل 100 متر ارتفاع ــ 0 الى 500

الغذاء، الشراب، وانسجة الجسم 400 100 الى 1000

الاصطناعي:

من تجارب الاسلحة النووية 3 ــــ

الاستخدامات الطبية 370 لغاية 75000

من الطاقة النووية 0.3 ــ

من الملاحظ ان الجرعة المكافئة تتعرض لظروف معينة فتؤثر على قيمها ناهيك عن التاثيرات التي حدثت وتحدث بفعل لم يحسب له حساب كالذي حدث لدول عديدة عندما حدثت كارثة تشرنوبيل المعروفة حيث ادى الحادث الى زيادة مضطردة للجرعة المكافئة في بريطانيا مثلاً حيث كانت الزيادة في هذه الجرعة وصلت الى 70 مايكروسيفيرت وهي زيادة تقترب من 4% والى الاشعة المصنعة تكون زيادتها تقدر 25% والارقام المذكورة تمثل النسبة المعدلة اما الحقيقية فهي 400 مايكروسيفيرت في الشمال و20 في الجنوب ليدل هذا الفرق على تركيز الاشعة في الشمال بسبب وصول السحابة الاشعاعية التي صدرت من تشرن! وبيل الى الشمال وغطت مناطق واسعة من المنطقة. ان عملية التعرض الى الاشعة النووية اياً كان المصدر فان العملية تعتبر عملية مؤثرة في كل الاحوال والتاثير يكون مشتركاً ما بين الانسان والطبيعة.وقد لوحظ من خلال الدراسات المستمرة في جانب المراقبة لتاثير الاشعة النووية لوحظ التاثير على محورين الاول تاثير جسمي غير مؤثر في الجينات الوراثية والاخر تاثير في الجينات يطلق عليه بالتاثير الجيني . وقد لوحظ ان التاثير الجيني اكثر خطورة من الاخر .وسنتكلم عن التاثيرين بشيء من التفصيل لاحقاً.

لقد اكدت الدراسات التي اجريت خلالها تجارب عدة على الانسان والحيوان، ان هناك علاقة مهمة ما بين التاثير على الخلايا النسيجية للكائن وشدة ونوعية الاشعة النووية المؤينةالتي يتعرض لها الكائن.بالاضافة الى زمن التعرض ومساحة او حجم التعرض حيث ان التعرض لـ 400 ريم ( اي حوالي 4000 ميلليسيفيرت ) يؤدي الى وفاة 50 % من الذين تعرضوا الى تلك الجرعة من الاشعة والمسماة بالجرعة المميتة Lethal Does خلال فترة لا تتجاوز 30 يوماً. وان التعرض الى 2000 ميلليسيفيرت يؤدي الى زيادة الاحتمالية بالاصابة بالسرطان قد تصل نسبة هذه الاحتمالية الى 80% ، بينما حددت اللجنة الدولية للوقاية من الاشعاع الجرعة السنوية للعاملين بالمجال النووي بـ 20 ميلليسيفيرت ، ولعموم الناس والذين يسكنون بعيدا عن مكان العمل بالاشعة ب 1 ميلليسيفيرت .حيث يتم تحديد الجرعة المذكورة وفق علاقة رياضية بسيطة يتم التعامل من خلالها في هذه الظروف وهي:

[الجرعة المكافئة بوحدة الريم= 5 × عمر العامل بالسنين ــ 18 ]

ومن العلاقة المذكورة تستدل على ان العامل في مجال الاشعة النووية يجب ان لا يقل عمره عن 18 ! عاماً في كل الاحوال. والسبب يعود الى ان الجينات الوراثية له ستتاثر بشكل مباشر وتحدث ما نسميه بالطفرات الوراثية: genetic mutations. والسؤال المهم الذي يثار دائماً هو ما الذي تحدثه الاشعة النووية بالخلايا تفصيلاً؟ وللاجابة على ذلك يجب القول بان الخلية الحية عبارة عن نظام معقد وبالتالي عند حدوث الامتصاص من قبل الخلية للاشعة النووية فسيكون التاثير متناسباً مع هذه التعقيدات للخلية حيث تقوم الاشعة المؤينة الى كسر الجزيئات حيث تؤدي الى تفكيك اواصرها بعملية التاين الذي تحدثه الاشعة وهذا ما نطلق عليه بالتاثير المباشر لتلك الاشعة. ثم تنشأ اشكال جديدة للخلية فيؤثر ذلك في الفعل الكيميائي للاشكال الجديدة المتكونة حيث ان الماء الذي يشكل 70% من كيان الخلية كما قلنا سابقاً، فان الاشكال الجديدة تكون عبارة عن اوكسي O وهيدروكسيل OH وبالتالي سيكون فعل الاشكال الجديدة يختلف تماماً عن الفعل الاساسي لجزيئة الماء الاصلية H2O.حي! ث يطلق على الفعل الجديد بالفعل غير المباشر. وللعلم فان هناك عدة عوامل تتحكم بنوعية وشكل هذه التفاعلات منها مثلاً نوع الاشعة التي امتصت من قبل العضو المصاب هل هي من نوع الفا او بيتا او غاما ام نيوترونات. وعلى نوع التعرض للاشعة هل هو تعرض داخلي ام تعرض خارجي. وعلى كمية ومعدل التعرض للاشعة اضافة الى قابلية اعضاء الجسم المختلفة لتخزين المواد المشعة ونوع العضو او جزء الجسم ومدى حساسيته للتعرض الاشعاعي.< B>وبالتالي ستكون قوة التاين الذي تحدثه الاشعة الممتصة،تلعب الدور في عملية تشويه العضو المصاب والتي تعتمد على تلك العوامل التي ذكرناها. فإن كل عضو يختلف عن الآخر في نوع المادة المشعة المستخدمة أو المادة الكيميائية التي تضاف إلى المادة المشعة قبل إعطائها للمريض(هذا إذا تكلّمنا عن جرع مسيطر عليها ومدروسة بدقّة ولا مجال للخطأ فيها ولو بنسبة قليلة!!) ومثال ذلك عند فحص الكبد يعطى المريض التكنيشيوم مضافاً إليه مادة غروية تلتقطها خلايا الكبد أما في حالات فحص المخ فيعطي التكنيشيوم بدون إضافات أو بإضافة مادة أخرى تسمي DTPA ، وأما في حالات فحص الغدة الدرقية فيعطى المريض اليود131 عن طريق الفم وفي حالات المسح الإشعاعي للرئتين تستخدم مادة الزينون133 عن طريق الإستنشاق.

وبعد أن يتناول المريض المادة المشعة يمتص الجسم هذه المادة وتلتقط بالعضو المراد فحصه من الدم ثم يتم تصوير هذا العضو عن طريق جهاز متصل بكاميرا لالتقاط أشعة غاما ويسمي هذا الجهاز بجهاز المسح الإشعاعي Scintillation Scanner with gamma Camera ومنه يتم الحصول على صورة فوتوغرافية على أفلام بولورويد أو أي نوع خاص من أفلام الأشعة العادية للعضو المراد فحصه. ومن هنا يتضح الاختلاف بين فحص المسح الإشعاعي والفحص بالأشعة العادية (أشعة إكس أو كما تسمى بأشعة رونتغن Roentgen - rays).ومن الفحوصات التي لا يمكن لأشعة رونتغن القيام بها وقامت بها طريقة المسح الإشعاعي هي مث! لاً تصوير أعضاء الجسم مثل الكبد والطحال والغدة الدرقية. .

ومن التاثيرات الاخرى للاشعة المؤينة الممتصة هونوعان من التاثير احدهما مباشر والاخر غير مباشر والتاثير المباشر يتم فيه تكسير الروابط بين الذرات المكونة لجزيئات الاعضاء وتكوين اشكال غريبة من الخلايا خاصة تاثير الاشعة على نواة الخلية الذي يجعلها تنقسم انقساما سريعاً خارج نطاق السيطرة فيتسبب السرطان او تؤثر على الجينات الوراثيةكما يحصل للحامض النووي DNA وبالتالي ستحدث ما نسميه بالطفرة الوراثية كما اسلفنا. او يكون التاثير غير مباشر فيحدث! تحلل للماء بحيث يعطي نواتج كيميائية وسيطة وهي نواتج سامة تؤثر على الخ لية ويمكن ان يمتد تاثيرها الى الخلايا المجاورة. ومن المعروف ان تاثير الاشعة على الخلية الجسدية الذي يؤدي الى الطفرة الوراثية انما يكون تاثيراً يتعلق بذلك العضو الذي تعرض للاشعة المؤينة ، والمقصود بذلك ان الشخص الذي امتص المقدار من الاشعة انما يؤثر عليه ذاتياً لكن التاثير ربما لن يكون واضحاً في ذات الوقت انما في الوقت الذي تحدث فيه الاشعة فعلها على المدى البعيد لذلك ربما تكون الخلايا التي امتصت الاشعة هي التي تاثرت دون الاخرى من الخلايا.

 والشيء المهم الذي ينبغي ذكره ان الخلايا الام هي تلك التي امتصت الاشعة بالمقدار الذي يؤدي الى انتقال التاثير الى الخلايا الوليدة اي الى الجيل الذي يلي جيل الامتصاص .والتاثير يكون فعليا لكن الاول ربما يختلف عن الثاني لاسباب كثيرة. واذا كانت الاشعة المتعرَّض لها من نوع النيوترونات فانها قد تؤدي الى تكوين نظائر مشعة داخل الجسم(وقد أكدت العديد من الدراسات التي أجراها متخصصون في الجيش الامريكي نفسه على أنّ هناك إستخدامات قد تمّت بالفعل للعديد من النفايات النووية أثناء قصف أهداف في المناطق العراقية في البصرة والناصرية!! وهذه النفايات قد إحتوت على ! نشاط نيوتروني ولو بعمر قصير).

ونرى من المفيد ان نلقي نظرة على تكوين الجسم البشري حيث يتكون الجسم البشري من 40 مليون مليون خلية وكل خلية تحتوي على جزئين اساسيين هما السايتوبلازم والنواة وان السايتوبلازم تتشكل من ماء يحتوي على الاملاح غير العضوية والدهون والبروتينات اما النواة فهي عبارة عن جسم كروي يشغل مركز الخلية ويتحكم في وظائفها ويحتوي على الكروموسومات الحاملة للجينات الوراثية.

ان اختلاف العضو الممتص للاشعاع يلعب دوراً خطيراً بالتاثر بالاشعاع فمثلاً قد يؤدي الاشعاع فعلا بحيث يقتل الخلية في حالة الجهاز العصبي المركزي والعضلات والقضاء على الخلية يؤدي الى فقدان الكفاءة الوظيفية للخلية او النهاية الوظيفية لهذه الخلايا غير القادرة على الانقسام فهي تحتاج الى كميات كبيرة من التعرض من تلك الجرع الاشعاعية لتدمير وظائف تلك الخلايا. وان المفقود من هذه الخلايا لايعوضه الجسم. ولكن في حالة الخلايا القادرة على التكاثر مثل خلايا نخاع العظم الاحمر وخلايا الغشاء المخاطي المبطن للامعاء الدقيقة حيث يؤدي قتل هذه الخلايا الى فقدان القدرة على التكاثر وهذا النوع من الخلايا شديد الحساسية للتعرض الاشعاعي فالتعرض الى جرعات في حدود 50 راد* ينتج عنه فقدان القدرة على التكاثر باستثناء الخلية اللمفاوية فهي شديدة الحساسية للاشعاع بالرغم من عدم قدرتها على التكاثر.*(الراد: وحدة من الوحدات التي إستخدمت لقياس جرعة الأشعة الممتصة حيث: الراد الواحد يساوي 0.01 من الغراي).

البيئة في العراق بيئة ملوّثة بكلّ المقاييس

إن لنوع الأشعة دوراً مهماً في التاثير البايولوجي للإشعاع فمثلاً أشعة (أو جسيمات) ألفا تخترق الجلد فقط وأشعة(أو جسيمات) بيتا فلها القابلية على إختراق الجسم أيضاً إلا أنّ جزءا بسيطا من الملابس قادر على إيقافها دون الدخول أو الاستمرار بالنفوذ إلى الداخل. أما أشعة غاما والنيوترونات فانها تصل الى داخل الانسجة دون عائق، بسبب كون الاولى أشعة كهرومغناطيسية والثانية لعدم إمتلاكها شحنة كهربائية، فلا حاجز يوقفهما(آخذين بنظر الإعتبار أنّ لأشعة غاما سرعة تعادل سرعة الضوء ويمكن إيقافها بسمك كبير). كما يختلف التاثير ايضاً باختلاف درجة التعرض فالاعراض الواضحة للاشعاع تتطلب جرعة كبيرة اكبر من 100 راد ماخوذة في فترة قصيرة وهذا يحدث عند تلقي جرعات زائدة اثناء العلاج او التصوير بالاشعة او في الحوادث الاشعاعية. ومن الضروري الاشارة الى ان الاعراض التي تظهر على اعضاء الجسم تكون بفترات متباينة حسب نوعية العضو الذي تعرض الى الاشعة المؤينة، وان قيمة العتبة تختلف من عضو الى آخر فنخاع العظم الاحمر يحتاج الى 100 راد وبفترة 2 الى 3 اسابيع لتبدأ الاعراض بالظهور اما اذا بلغت الجرعة 200 راد وخلال 3 الى 8 اسابيع فتكون كافية لارتفاع درجة حرارته واصابته بالغثيان والارهاق ثم حصول انخفاض بعدد الكريات الدموية البيضاء ونزيف بالجلد لتنتهي بوفاة المصاب.

اما بالنسبة للامعاء الدقيقة فان 500 راد كافية لتبدأ الاعراض بالظهور على المصاب ولفترة 3 الى 5 اسابيع اما حد العتبة لحدوث الوفاة فهو 1000 راد وخلال 3 الى 14 يوماً بعد يوم التعرض للأشعة لتحدث الوفاة بعد شعور المصاب بفقدان بالشهية والتقيوء والاسهال وارتفاع في درجة حرارة المصاب ثم جفاف واضح بالجسم مع هبوط واضح بالدورة الدموية. وللجهاز العصبي المركزي قيماً مختلفة في قيمة العتبة ومن فترة الوفاة حيث ان 2000 راد ولثلاث ساعات من التعرض كافية لتظهر الاعراض الاولية على المتعرّض، اما اذا كانت الجرعة 5000 راد ولفترة يومين فقط من التعرض يحدث الشعور بالصداع ورعشات متفرقة وتشنجات متفرقة كذلك واختلال في توازن المصاب لتنتهي به الى الموت.

ومن الملاحظ للعديد من الحالات ان حالات الشفاء التي تمت لعدد من المصابين قد تركت آثاراً متعددة على المصابين واستمرار عدد من الاعراض بصور متعددة بعد الشفاء من المرض الذي كان محدداً من خلال الجرعة التي تم امتصاصها من قبل المتعرض.

ان هناك من الاعراض ما يكون عرضاً شديداً وعضوياً واضحاً لجيل بعد الاصابة: منها ضمور الكلى او ضمور في بعض خلايا نخاع العظم وانخفاض في عدد كريات الدم البيضاء والحمراء والنمو غير الطبيعي لبعض خلايا الدم.او ربما تكون الاصابات بصورة اخرى كالعقم الدائم او المؤقت لكلا الجنسين.ومن الاعراض ايضاً امراض جلدية غير سرطانية وباشكال مختلفة(الملاحظ للعديد من حالات الإصابة في البصرة خاصة قد أثارت الكثير من الهلع بسبب تعدد الإصابات بنوع واحد من المرض وفي أماكن متعددة من المدينة حيث يوضّح ذلك نسبة القصف التي تعددت مواقعه وبنفس النوع من النظائر المشعة التي قصفت وبأسلحة متعددة ولكن بكثافة عالية، حيث كان المناخ قد إشتدّت فيه الرياح مما أدى الى إندفاع كميات كبيرة من الغازات والنظائر المشعة الى أماكن معينة كما أشرنا. ولذلك وعند إضافة مناطق أخرى قد تعرضت الى القصف منذ عام 1991 كما في بغداد والرمادي نقول أن البيئة في العراق بيئة ملوّثة بكلّ المقاييس العلمية العالمية.

ومن الملاحظ ومن خلال مراقبتي للعديد من الحالات التي غادرت العراق الى أماكن متعددة من العالم كليبيا (يوم كنت أعمل هناك) والى السويد(حالياً) من مناطق البصرة والناصرية وبعض مناطق السماوة التي كانت لا تبعد كثيرا عن تجمعات الاسلحة الثقيلة التي تعرضت الى القصف. لاحظت تكرار الاصابة بما يلي:

حالات عقم محدودة،إصفرار في الوجه وفقر دم حاد(ربما يكون ناتجا عن تكسر في الكريات الدموية)،بعض الامراض الجلدية، التشوهات الخلقية، وسرطان الثدي. وهذا ما يتّفق مع بحث الدكتورة سعاد العزاوي المثير للانتباه والدهشة!! حيث تشير الدكتورة سعاد في دراستها بأخذ عيّنات متعددة من تربة على الحدود العراقية الكويتية إمتدادا الى مدينة صفوان بإتجاه أم قصر والى حقل الرميلة الشمالي بإتّجاه الحدود السعودية العراقية، إلى أنّ تركيز الفعّالية الاشعاعية في التربة تأخذ بالزيادة من 2019 بيكرل لكلّ كيلوغرام الى أن تصل الى 79100 بيكرل لكلّ كيلوغرام* والتلوّث كان بنظير الثوريوم 234، (البيكرل:وحدة الفعالية الاشعاعية التي تدل على حدوث إنحلال واحد في كلّ ثانية من النظير المنحلّ).

 (تأثير هذا النظير من خلال حقن فئران 30 مليون بيكرل لكلّ كيلوغرام واحد من الجسم أدى الى موتها خلال 4 الى 5 أيام. والنسبة التي حصلت عليها الباحثة تعادل 0.00673% كحدّ أدنى و 0.2637% كحدّ أعلى بالمقارنة مع البحث العلمي المتعلّق بالفئران. فلو قمنا بأخذ العينات البشرية في عام التعرض أي عام 1991 أي منذ تعرّضها الى نظير الثوريوم234 المذكور، فما الذي يحصل؟! علما ان البحث الذي قدم على العينات المذكورة تمّ عام 2006 أي بعد تعرّض المنطقة للأشعة ب15 سنة، علما أنّ الأبحاث النووية الطبية المختلفة تشير الى أنّ هذا النظير يتركّز في الكبد والهيكل العظمي. وقد لوحظت التغيرات الباثولوجية في المنطقتين من الجسم حين تعرضه تعرضاً كاملاً، كما في عيّنات الفئران التي ذكرناها).

أما تركيز الفعالية الاشعاعية لليورانيوم 235 والذي وجدته الباحثة في التربة(وسنشير الى عينات أخرى من الماء وغيره) ممتدة عيناتها نفس الامتداد الجغرافي المذكور أعلاه فقد كانت قيمة التركيز 30.9 كحدّ أدنى الى 901 بيكرل لكلّ كيلوغرام(ضمن تكوين اليورانيوم المنضّب يشترك النظيران اليورانيوم 235 و 238 وقد كانت النسبة في العينات التي أخذتها الباحثة هي 0.009 و 0.0161 بين النظيرين اللذين وجدتهما في العيّنات.

يكون التأثير في اليورانيوم المنضّب تأثيراً معقّداً لانّه تأثير مزدوج من تأثيرات كيميائية التركيب لهذين النظيرين وتأثيرات الاشعاع في إطاره العام. وبذلك سيكون تأثيره تأثيراً واسعاً على الصحة والبيئة معاً. ومما هو معروف أنّ نسبة اليورانيوم المنضّب تكون بالشكل التالي:

يورانيوم 238 ( 99.27%) ويورانيوم 235 (0.72%) ويورانيوم234 بنسبة (0.0055%) وقد كانت النسب الموجودة في عينة التربة التي أخذتها الباحثة أقل من نسبة اليورانيوم المنضّب المعبأ في القذائف نتيجة الاستخدام وإختلاط هذا النوع مع الكثير مما في الطبيعة. لذلك فقد أنصفتنا القوات الامريكية بنسب قليلة من اليورانيوم المنضّب!!!!!! لكن لم تنصفنا في تأثيراته التي تصيب الكلى والكبد والقلب والعديد من أنظمة الجسم ناهيك عن تأثيراته على البيئة كونه معدناً ساماً وعمره النصفي يصل الى 4.468 مليار سنة أي أنّ تأثيره سيبقى بهذه الشدة خلال هذه الفترة المذكورة ثمّ يضعف الى نصفه بعد مرور نفس الفترة إن لم يعالج الامر بعدة علاجات سنطرحها في حلقات قادمة(ما يتعلّق فقط بالبيئة وليس الانسان الذي أخذ نصيبه بشكل كاف!!). ونشير فقط الى أنّه خلال ثلاثة أسابيع تمّ قصف المدن فقط بألف الى 2000 طن من اليورانيوم المنضّب(مرة أخرى: هذا فقط في المدن!!! ففعلاً قد أنصفونا!!! كما هم ينصفونا اليوم وهم القوة الموجودة على أرض العراق بالفعل!!!!)

لقد أشارت الكثير من الفحوصات على المرضى من خلال فحص البول(حيث تتركّز أثار نظير اليورانيوم في الكليتين) الى زيادة واضحة بنسبة الاصابة بفعل التعرض لليورانيوم المذكور.

إنّ سلسلة إنحلال اليورانيوم تتضمّن تحرّر جسيمات ألفا وبيتا وغاما بالشكل الذي يجعل كلّ مرحلة إنحلال بعمر نصفي معيّن حسب نوع الجسيم الناتج وتنتهي المرحلة بتحوّل النواة لذلك النظير الى نواة الرصاص206 المستقر بعد مرور الفترة التي ذكرناها وهي 4.468 مليار سنة. وهذه التأثيرات مستمرة على الناس والبيئة طوال الفترة التي ذكرناها. وقد تمّ في هذه المواقع المقصوفة إنتقال واضح للهباء أو الرذاذ الجوي الى مناطق واسعة في المدن: البصرة وذي قار والمثنّى وميسان من خلال السؤال عن وجود سكن المواطنين خلال عملية القصف والفترة التي تلتها بعد حصول الكثير من تنقلاتهم بين الاماكن الملوّثة. وقد تمّ إستنشاق وبلع النظائر المشعّة بشكل واضح. أي أنّ التأثير كان في الجهازين التنفسي والهضمي معاً ناهيك عن الاجهزة الاخرى كالعظمي والدموي والعصبي والعضلي.

آثار… وآثار

لقد لوحظت عدد من الاثار الوراثية والمسماة بالعشوائية على الكثير من الولادات وهي التاثيرات التي لا تعتمد على الجرعة ولكن يتناسب احتمال حدوثها مع قيمة الجرعة تناسباً بعلاقة خطية عند مستويات الجرعات المنخفضة وان التعرض لمثل هذه الجرعة التي تؤدي الى طفرات وراثية وكذلك في الخلايا العضوية.من هذه الاعراض العشوائية سرطان الدم والغدة الدرقية وسرطان الرئة اضافة الى سرطان العظام الذي غالباً ما يحدث عند امتصاص النيوترونات التي تتركز في العظام او الاصابة بجسيمات الفا التي تكون لكتلتها الكبيرة القابلية على الترسب والتركيز في خلايا العظام. ومن السرطانات التي تصيب النساء بحيث ازدادت نسبته بشكل كبير هو سرطان الثدي(هناك نسب من الاصابة بسرطان الثدي عند النساء في البصرة والناصرية بشكل واضح ومن يريد أن يطلع فليذهب الى مستشفيات المدينتين وليلاحظ حالات التشخيص لدى النساء وبأعمار مبكرة ليست كتلك التي تظهر عن كبيرات السن. كما وتشير الكثير من التقارير وخاصة ما تذكره الجمعية العراقية لمكافحة سرطان الثدي الى أن الاصابات بهذا المرض قد تضاعفت في مدينة الناصرية جنوب العراق(بالاضافة الى الارتفاع بنسبة الاصابة 19% التي ذكرناها اعلاه).

كما يشير الدكتور ميثاق عبد المهدي الطبيب المتخصص في مستشفى الحسين التعليمي (راجع الحديث في شبكة أخبار الناصرية بتاريخ الاحد 8/17/08). الى أنّ ((الحروب التي مرّ بها العراق أدت الى زيادة غير طبيعية في الأمراض السرطانية. فقد انتشرت أمراض سرطان الدم بشكلٍ كبير في مدينة الناصرية والمحافظات المجاورة لها، كما ان وجود بقايا اسلحة الجيش العراقي في بعض المناطق اسهم بشكلٍ كبير في انتشار الامراض السرطانية وخصوصاً بين الأطفال والنساء. ولكن لا توجد احصائيات دقيقة لعدد المصابين بالأمراض  السرطانية جراء الحروب.)) عل حدّ قوله.

ويؤكد الدكتور ميثاق الى ان ((العلاجات الموجودة الآن لا يمكن لها أن تقدم شيئاً للمرضى . لذلك فإن المرضى في الناصرية يضطرون للذهاب الى البصرة أو بغداد لتلقي العلاج في حين ان الناصرية هي اكثر المدن الموبوءة والأكثر عرضة للاصابة بهذه الأمراض، وبالتالي فهي بحاجة ماسة لإنشاء مركز خاص بسرطان الدم)). علماً أن واحدا من مسببات الاصابة المستمرة بالسرطان في الناصرية هي أكداس السكراب للعديد من الاليات المدمّرة والمتروكة على اطراف المدينة والتي تحتوي  على نسب اشعاع عالية تجاوزت الحدّ المسموح في أحيان كثيرة!! حيث قام العديد من المواطنين بنقل الكثير من هذا السكراب الى داخل أحياء المدينة. وكذلك تشير التقارير التي ذكرت جزءا منها سي أن أن الاخبارية الامريكيّة الى أن هناك ارتفاعاً قياسياً في الوفيات الناجمة عن السرطان بجنوب العراق(راجع التقرير بتأريخ 01/06/07) وتشير التقارير الطبية والدراسات العلمية الحديثة الى أن ((معدلات الإصابة بالأمراض السرطانية والوفيات الناجمة عنها، ارتفعت بصورة غير مسبوقة في مناطق الجنوب العراقي، مرجعة ذلك إلى تزايد استخدام منتجات غير آمنة في الزراعة، فضلاً عن التأثيرات طويلة المدى للحروب التي شهدتها المنطقة طوال الثلاثة عقود الماضية)) كما ((وأكدت وكالة الأنباء الإنسانية "أيرين"، التابعة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أن الضغوط النفسية والشعور بالخطر نتيجة الحروب والصراعات، التي تسببت في تشريد الملايين من سكان المنطقة، قد تسببت في إضعاف قدرة هؤلاء الأفراد على مقاومة الأمراض المختلفة، فضلاً عن النقص الحاد في الكفاءات والتجهيزات الطبية)).ويذكر أحد المسؤولين الاداريين في مجال صحة البصرة بنفس التأريخ المذكور أعلاه، حيث لم يظهر أيّ جهد واضح جديد الى المعالجة حتى الان! فيشير المسؤول المذكور والمدعو حسين عبد الكريم، أن ((نقص العلاجات اللازمة لأمراض السرطان المختلفة، سواء الدوائي أو الإشعاعي، يقلل من فرص نجاة العديد من المرضى، كما أن نقص الأطباء المتخصصين، الذين فر معظمهم إلى الدول المجاورة نتيجة الحرب، يزيد الوضع سوء)). بل وكشفت دراسة لكلية الطب بجامعة البصرة((ارتفاعاً قياسياً في عدد حالات السرطان الناجمة عن ويلات الحرب، معتبرة أن الأمراض السرطانية أصبحت أحد أكبر العوامل التي تسبب وفاة المواطنين في مناطق الجنوب العراقي)).

وقد أشارت الفحوص المعملية الى أن ((مياه الشرب في محافظات "البصرة" و"المثنى" و"ذي قار" و"ميسان"، غير آمنة، كما أنها في بعض الأماكن، خاصة في المناطق النائية، تحتوي على معدلات عالية من المواد السامة شديدة الخطورة)).

اذن من اعلاه نستنتج بان الخطورة التي تعرض لها الجسم من التأثيرات المختلفة المذكورة أعلاه هي على نوعين هما: جسدية Somatic: وهي مخاطر تصيب كل الخلايا الجسمية باستثناء التناسلية منها ومن هذه المخاطر: سرطان الدم او ابيضاض الدم Leukemia اي زيادة غير طبيعية في اعداد كريات الدم البيضاء، وسرطان الغدة الدرقية Thyroid Carcinoma، سرطان العظم Bone Sarecoma، سرطان الاحشاء الداخلية Visceral Cancer ، عتمة عدسة العين Lens Cataract وهو مرض يؤدي الى تلف عدسة العين واحتمال فقدان البصر. وقد اشارت الدراسات ان الاصابة بمثل هذا المرض ناجم عن 0.2 الى 0.5 كوري* من النيوترونات السريعة او 2 كوري من أشعة غاما او أشعة رونتغن. (الكوري: يساوي 3.7×10^10 بيكرل أي 3.7 مضروباً في عشرة آلاف مليون).

من المؤلم ان نشير الى ان العديد من التجارب اجريت لمعرفة تاثير الاشعة النووية على الجيل الثاني حيث اجريت عدة تجارب على سجناء ومتخلفين عقلياً في الولايات المتحدة الامريكية منذ عام 1945 الى تسعينيات القرن الماضي ومن المؤلم اكثر ان نشير الى ان بعض التجارب اجريت بنفس الطريقة في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينيات القرن المذكور من قبل النظام العراقي البائد حيث تم التخلص من هؤلاء بعد اجراء التجارب عليهم ولم يعرف اثرهم حتى اهليهم. حيث حقن العديد من المتخلفين عقلياً بكميات متباينة من الجرع لغرض الدراسة وكذلك اجريت على سجناء في سجن ابي غريب وتم قتلهم ودفنهم سراً!! لذلك وفي هذه المناسبة نشير الى طلب الكشف عن العظام التي يعثر عليها في مقابر بالقرب من السجون ومن دوائر النظام السابق الامنية وبالقرب من سجن أبي غريب خاصة وسجن الفضيليّة حيث يعتقد أنّ هناك من تمّ التعامل معهم بسبب عدم العثور على أي أثر لهؤلاء. ونطلب إستنطاق رجال النظام السابق الذين تتمّ محاكمتهم وخاصة المدعو وطبان وسبعاوي وغيرهما لمسؤوليتهم عن هذه العمليات والكشف الكامل عن هذه الجرائم الكبرى.

ان عملية التعرض التي أشرنا اليها، تتمّ على شكلين الاول قبل الاخصاب والثاني بعد ان تتم عملية الاخصاب حيث اذا حصل التعرض قبل الاخصاب ربما يؤدي الى عجز في الاخصاب او اذا حصل الاخصاب قبل التعرض بحيث يتشكل المشيج(وهي خلية جرثومية ناضجة اذا اتحدت بخلية جرثومية اخرى كونت فرداً جديداً) بحيث تتكون اللاحقة zygote فان الذرة المتكونة تتطور الى ناتج بحيث لو تعرض الى الاشعاع فان التاثير يكون في الغدة التناسلية. اما اذا انتقل الاشعاع الى الخلية وهي بالمستوى النامي تقليدياً فان ذلك يكون بداية للاصابة بالسرطان. حيث تبدأ عملية الانقسام الخلوي بشكل غير مسيطر عليه(ولو ان السرطان المذكور ليس معروفاً اصله لحد الوقت الحالي فان احد اسبابه الرئيسة هو الاصابة بكمية فوق الحد المسموح به من عدد من النظائر المشعة كاليورانيوم وغيره، حيث تعرضت مناطق عديدة في العالم لهذه النظائر فازدادت نسبة الاصابة بالسرطان المذكور وبانواعه العديدة كما حدث في مناطق جنوب العراق في المحافظات التي أشرنا اليها بعد تعرضها الى نسبة من اليورانيوم المنضّب بعد اطلاقه من قبل القوات التي تحالفت على إخراج الجيش العراقي آنذاك وتحرير دولة الكويت، في الحرب الخليجية الثانية فأثر في المنطقة باجمعها حيث ازدادت النسبة للاصابة بسرطان العظام، الدم الكبد والبنكرياس وغيرها في اوساط مختلفة وخاصة في مناطق البصرة والكويت وقد لوحظت إصابات عديدة في جنود الحلفاء انفسهم حيث اطلق على الاعراض التي ظهرت عليهم اسم اعراض متزامنة حرب الخليج. او حالات الاصابات باشعاعات السنترونتيوم 90 والسيزيوم 137 بعد التسرب الذي حصل من مفاعل تشرنوبيل عام 1986 حيث ظهر جيل من الاطفال ازدادت نسبة الاصابة بتكسّر الكريّات الدموية الحمراء( اللوكيميا) عن حدها الاعتيادي في مدن عديدة داخل اوكرانيا وبيلوروسيا كمدينة كوميل Gomel التي تبعد مسافة لا تزيد عن 150 كيلو مترا عن مكان الحادث.علما ان اللجنة الدولية للوقاية من الاشعاع تؤكد على ان الاضافة الى الخلفية الاشعاعية لا تتجاوز الحدود المذكورة تالياً:

# لعموم الناس1000 (كمثال 1 ميلليسيفيرت لكل سنة) وللعاملين في الحقل النووي 20000 (20 ميلليسيفيرت في السنة).[المصدر:اللجنة الاسترالية للوقاية من الاشعاع و لجنة الامان النووي الاسترالية ومجلس الوقاية من الاشعة النووية البريطانية ومنظمة العلوم والتكنولوجيا النووية الاسترالية].

يمكن القول ان الوقاية من الاشعاع تعتبر قاعدة لفهم ما اذا كان استلام الجرعة الممتصة من قبل الجسم او المادة ضمن الحد المسموح به ام غير ذلك لكي نقرر على اساس هذا فيما اذا كان الامر يهدد الجسم ام لا. وكلمة تهديد هنا نعني بها ان الجسم قد تعرض الى جرعة تجاوزت الحد المسموح به.

ولنا مع التلوث في العراق جولة أخرى!!

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 24/شباط/2010 - 9/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م