الانتخابات النيابية والحفاظ على الحقوق

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: يتسارع العد التنازلي باتجاه اليوم الفصل للانتخابات النيابية القادمة، وسوف يخوض الناخبون العراقيون تجربة جديدة لاختيار من يمثلهم تحت قبة البرلمان في دورته النيابية القادمة التي ستستمر أربعة أعوام قادمة إبتداء من العام الجاري، وطالما أن هذه التجربة الجديدة تأتي بعد عدة تجارب مر بها الناخبون خلال السنوات القليلة الماضية، فلابد أن يتم تدارك الاخطاء التي وقع فيها الناخب والمنتخَب في الدورات السابقة.

من هنا يرى سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي في كتابه الموسوم بـ (إضاءات مرجعية) على:

(إن العراق الجريح يمرّ بفترة صعبة، وفي نفس الوقت مصيريّة، قد يتحدد على ضوئها مستقبله لفترة طويلة، وإنّ أي تفريط في الحقوق في هذه الفترة سيكون له نتائج مؤلمة على الأجيال القادمة ـ لا سمح الله ـ).

ومن الاخطاء التي برزت في التجربة الحالية المحاصصة التي رأى بعض السياسيين والمراقبين ضرورتها في مرحلة معينة من مراحل بناء التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق، ولكن يجب أن لا تتحول الى قانون او الى منظومة عمل يستند إليه السياسيون العراقيون في بناء نظامهم السياسي لأن عيوبها الكثيرة أضعفت البلد وأدت الى التفرقة والتشرذم وهي ثغرات واضحة يمكن للمافيات والعصابات الدخول من خلالها الى اجهزة الدولة ومن ثم التحكم بمصائر الناس عموما مما يؤدي الى غياب العدالة وشيوع حالات الظلم ولا تُستبعَد عودة النظام الدكتاتوري الى الوجود على ايدي مثل هذه العصابات والمافيات التي تسللت الى الاجهزة المهمة في ادارة الدولة في غفلة من المعنيين، او ربما بسبب انشغالهم بالصراع على المناصب والنفوذ وما شابه، لذلك ينبغي وضع المحاصصة خلف ظهورنا وهي نقطة هامة يرى سماحة المرجع الشيرازي ضرورة تلافيها في التجارب الانتخابية اللاحقة لضمان نزاهة النتائج حيث يقول سماحته في كتابه نفسه:

(يلزم أن تكون الإنتخابات بإشراف ومراقبة دوليّة نزيهة، إضافة إلى القوى الدينية والسياسية والعشائرية العراقية، لضمان نزاهة الإنتخابات، وحريتها، وإشتراك الجميع فيها).

إن التأكيد على المرحلة الحرجة التي يحاول العراقيون تجاوزها هي الشغل الشاغل لسماحة المرجع الشيرازي الذي يرى بأن أهمية الانتخابات تكمن في قدرتها على تصحيح الاخطاء السابقة ونقل العراقيين من حالات الفوضى الى جادة السياسة الصائبة، من هنا يركز سماحته على الاهمية القصوى للمشاركة في الاختيار الأمثل للنواب الجيدين القادرين على تمثيل المواطن بالصورة المطلوبة تحت قبة البرلمان، إذ يقول سماحته في كتابه (إضاءات مرجعية) أيضا:

(يلزم على جميع العراقيين الكرام، المشاركة في تسجيل أسمائهم للإنتخابات، ومن ثَمّ المشاركة العامة فيها).

وهذا يتطلب الفرز الصحيح للمرشحين من قبل الناخب وعدم التفريط بهذه الفرصة التأريخية التي يمكن من خلالها إختيار النواب الذي يستحقون التصويت لهم لاسيما بعد أن عايش العراقيون بصورة واضحة أداء الدورة السابقة للبرلمان واستطاعوا أن يؤشروا مكامن الخلل او النجاح في إدارتهم التشريعية للبلاد خلال السنوات الاربع الماضية، ويؤكد سماحة المرجع الشيرازي على طبيعة الآلية التي يجب أن تتم وفقا لها الانتخابات القادمة، فيقول سماحته في هذا الصدد:

(يلزم أن تكون هنالك دوائر إنتخابية متعددة، ولعل أفضل السبل في العراق: أن يكون لكل مائة ألف إنسان دائرة إنتخابية واحدة).

إن هذا الحرص الكبير لاشك انه ينبع من ذات المرجع الشيرازي لاسيما أنه عايش الظلم والحرمان الذي تعرض له الشعب العراقي عبر العقود بل القرون الماضية التي أدمت القلوب وزعزعت النفوس بسبب الويلات التي ذاقها الناس على أيدي الطغاة القتلة الذين ما كان همهم سوى مراكزهم ومناصبهم وكراسيهم وكيفية الحفاظ عليها حتى لو أدى ذلك الى هتك الحرمات وإزهاق الارواح وغمط الحقوق، ولعل الحلقات الأضعف هم الفقراء والضعفاء الذين لاحول لهم ولاقوة، بيد أن الامر يختلف الآن، لذا لايجوز التفريط بفرصة الاختيار الأمثل من قبل الناخب لمن يمثله ويجب أن يتوفر الوعي التام مع هذا الاختيار المصيري.

وعلى الناخب أن يرصد ويراقب بعين ذكية تلك الأساليب التي تحاول أن تشتري صوته بطرق مادية او معنوية ملتوية، وعليه أن يتنبه لها ويحصّن نفسه من الوقوع في فخها، بل ويفضحها، لأن صوته الذي كان لايساوي شيئا في زمن الدكتاتورية المقبورة، أصبح الآن هو القول الفصل في تحديد نوع القادة وشكل النظام الذي سيتدبر شؤون الشعب.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/شباط/2010 - 5/ربيع الأول/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م