الهوية الفرنسية بلا نِقاب

 

شبكة النبأ: حذرت الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية حكومة باريس من قيامها بحظر ارتداء المسلمات للنقاب قائلة انه ينبغي لفرنسا احترام حقوق مسلميها حتى تحترم البلدان الإسلامية حقوق الأقليات المسيحية لديها.

ومن جانب آخر قال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيلون أن القادمين الجدد إلى فرنسا سيكون عليهم التوقيع على إعلان قيم ضمن حملة لتحديد الهوية الوطنية للبلاد.

فيما قال الأسقف ميشيل سانتيير مسئول الحوار بين الأديان في الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية انه لا يرتدي النقاب في فرنسا إلا عدد محدود للغاية من النساء وان الزعماء الدينيين المسلمين يتفقون على انه ليس فريضة في الإسلام.

وكانت لجنة برلمانية حثت الجمعية الوطنية (مجلس النواب) على إصدار قرار غير ملزم يندد بارتداء النقاب ثم وضع قانون يحظره.

وقال سانتيير انه إذا أقر القانون "فستكون النتيجة معاكسة لما هو مطلوب وستؤدي الى رد فعل يزيد من عدد النساء اللاتي يرتدين هذا الزي"

وأضاف في بيان "ان الفرنسيين بمن فيهم الكاثوليك ينبغي ألا يدعوا أنفسهم فريسة للخوف أو لنظرية صراع الحضارات" ودعا الى التفريق بين الغالبية الاسلامية المسالمة والاقلية الراديكالية.

وتابع قوله "ان حوار الحقيقة بين المؤمنين سيساعدنا على تجاوز انعدام الثقة المتبادل. سيكون الطريق طويلا وشاقا."بحسب فرانس برس.

ويشير الفاتيكان منذ زمن بعيد الى حق الاقليات المسلمة في الدول الغربية عند الضغط على الدول الاسلامية من أجل السماح بمزيد من الحريات الدينية للاقليات المسيحية هناك.

وعبر الزعماء اليهود في فرنسا عن قلقهم بشأن حظر النقاب وأبدى سانتيير أسفه من أن اللجنة البرلمانية لم تدع زعماء دينيين مسيحيين أو يهود لابداء ارائهم خلال جلسات المناقشة التي استمرت ستة شهور وانتهت في ديسمبر كانون الاول.

وقال كلود جوان وهو معاون كبير للرئيس نيكولا ساركوزي يوم الاحد انه يشك في أن يكون الحظر التام للنقاب ممكنا قانونا.

وتقول الشرطة الفرنسية ان نحو 1900 امرأة يرتدين النقاب المعروف هناك باسم البرقع على الرغم من أن جميع أنواع النقاب يظهر العينين وحسب. ويقول منتقدون انه يتعين حظره لانه اهانة لحقوق المرأة واشارة الى التشدد الاسلامي.

الكشف عن خطط الهوية الوطنية

وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيلون ان القادمين الجدد الى فرنسا سيكون عليهم التوقيع على اعلان قيم ضمن حملة لتحديد الهوية الوطنية للبلاد. واعلن فرانسوا فيلون المبادرة بعد نقاش بطول البلاد وعرضها استمر ثلاثة اشهر.

وتتضمن الاجراءات الاخرى المطلوب الالتزام بها رفع العلم الفرنسي وترديد النشيد الوطني في المدارس لترويج الوطنية. ويقول منتقدو المبادرة ان النقاش يثير العنصرية والمشاعر المعادية للمسلمين بالاساس.

وقال فيلون ان لجنة من الخبراء ـ تضم نوابا ومؤرخين ـ سيجري تشكيلها لوضع قواعد لتنمية الفخر بكون المرء فرنسيا والترويج لقيم الجمهورية.

واضاف: سيكون التركيز على احترام قيم الجمهورية خاصة قاعدة المساوة بين النساء والرجال ومستوى معرفة اللغة الفرنسية.

وحسب المبادرة سيكون على المهاجرين الجدد ان يتلقوا دروسا في اللغة الفرنسية والمساواة بين الجنسين فيما سيتعهد المواطنون الجدد بالالتزام بقائمة من المعايير الفرنسية.

ومن المقترحات الاخرى وضع نسخة من اعلان الحقوق الفرنسي لعام 1789 في كل فصل وتوزيع دفتر للمواطن الصغير يتم فيه تسجيل التقدم في تلقي تعاليم الواجبات المدنية.

ويقول نواب المعارضة ان كل هذا الجدل انما يهدف الى لفت الانظار بعيدا عن مشاكل فرنسا الاساسية مثل البطالة المرتفعة وانه يستخدم ضمن حملة الانتخابات الاقليمية في مارس/اذار.

وتظهر استطلاعات الراي ان اغلبية الفرنسيين يرون تلك المناقشات غير بناءة كما ان الرئيس نيكولا ساركوزي، الذي ايد المبادرة في البداية، بدأ ينأى بنفسه عنها، كما تقول مراسلة بي بي سي في باريس ايما جين كيربي.

ووضع معظم المقترحات وزير الهجرة الفرنسي اريك بيسون الذي رفض قبل اسبوع منح الجنسية لمواطن اجنبي على اساس انه الزم زوجته بلبس النقاب.

حجاب "أم سعيد" يثير ضجة سياسية

وفي خضم النقاش المحتدم الدائر في فرنسا حول حظر البرقع، أثار ترشيح مسلمة محجبة لتمثيل حزب يساري راديكالي في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في فرنسا في منتصف مارس/آذار المقبل، انتقادات عديدة من شخصيات يمينية ويسارية على السواء.

فقد أعلن المتحدث باسم حزب "الجديد" المناهض للرأسمالية، أوليفييه بوزانسنو، أنه رشح إلهام أم سعيد لتمثيل الحزب عن إقليم الفوكليز بجنوبي فرنسا، وفقاً لوكالة الأنباء الكويتية "كونا."

وقال بوزانسنو إن قرار الترشيح جاء بعد نقاش جدي وعسير حيث أنها ترتدي الحجاب عن "قناعة دينية" والعقيدة الدينية مسألة شخصية لا تعيق المشاركة في الحزب، مضيفاً أن "العلمانية وقيمة المرأة ومناهضة الرأسمالية تبقي القاسم المشترك لمناضلي حزب الجديد المناهض للرأسمالية."

وعلى الفور انتقد حزب الجبهة الوطنية اليميني قرار ترشيح أم سعيد قائلاً إن الحزب الذي رشحها يعمل على جلب شريحة جديدة من الناخبين.

من جهتها، أعلنت النائبة شنتال برونل من "الاتحاد من أجل حركة شعبية" اليميني الحاكم بزعامة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أن ترشيح أم سعيد يُعتبر "استفزازاً واستغلال شعائر دينية لأهداف انتخابية، إنه لأمر مشين في خضم النقاش حول النقاب والبرقع"، كما أفادت صحيفة البيان الإماراتية.

أما الناطق باسم الحزب الاشتراكي، بنوا امون، فقال إن وضع الحجاب "علامة تميز بين الرجال والنساء لا سيما في الفضاء العام وتبرر أن نعارضه باسم المساواة بين الرجل والمرأة"، لكنه أوضح أنه "لا داعي لشن حملة عليها."

بدوره، اعتبر زعيم حزب اليسار، جان لوك ميلانشون، حليف الحزب الجديد المناهض للرأسمالية، أن هذا الحزب "يرتكب خطأً"، معتبراً أنه "عندما يسعى أحد ما لينتخب، ينبغي أن يكون قادراً على تمثيل الجميع."

يشار إلى أن لجنة برلمانية فرنسية أوصت في نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي بحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة ووسائل النقل فيما أكد زعيم كتلة الحزب الحاكم (الاتحاد من أجل حركة شعبية) في البرلمان الفرنسي، جان فرانسوا كوبيه، أنه حشد تأييد حوالي 212 نائبا في البرلمان للتصويت لصالح "حظر ارتداء النقاب بكافة الظروف في فرنسا."

مصلّون يطردون خطيب مسجد يؤيد حظر النقاب

وقام مصلّون بطرد خطيب مسجد بالقرب من العاصمة الفرنسية باريس بسبب تأييده خطط حظر النقاب في فرنسا. وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن خطيب مسجد ضاحية درانسي ، حسن شلغومي ، قال إنه تلقى تهديدات بالقتل قبل أيام من طرده من المسجد. وغادر شلغومي صلاة الجمعة وسط حماية الشرطة وصيحات استهجان من المصليين. وطالب مسلمون من درانسي في التماس اليوم بإقالة شلغومي من منصبه كخطيب للمسجد.

تجدر الإشارة إلى أن شلغومي يؤيد التصالح بين الإسلام واليهودية ، ويرى شلغومي أن هذا "التقليد الأقلي جدا" خطير على الدين الإسلامي.

وفي المقابل تهم بعض المسلمين في فرنسا شلغومي وأتباعه بالكفر والخيانة، كما يصفونه بـ"إمام اليهود".

وحرر شلغومي لذلك عدة بلاغات وحصل على حماية من الشرطة، إلا أن مسلمين في منطقته قالوا إنه يكذب و يبالغ في الوقائع.

وجاء في العريضة التي نشرت على الإنترنت أن المسجد يعتبر "مرفأ سلام" لجميع المسلمين ولا ينبغي "إساءة استخدامه لأغراض سياسية". وأضاف كاتبو العريضة أنه لا ينبغي على شلغومي أن يتحدث باسمهم ، وطالبوا بإقالته.

نائب عربي بالدنمارك يرفض البرقع

وفي الدنمارك اعتبر النائب الدنماركي السوري الأصل، ناصر خاضر، أن النقاب والبرقع "رمز سياسي ولا مكان له في أوروبا، مشدداً على أن هذا اللباس يعتبر "تصرفاً قمعياً ضد المرأة،" وذلك في مقابلة خاصة مع برنامج مراسلة CNN كريستيان أمانبور الأربعاء.

وبالتزامن مع هذه المواقف، كانت فرنسا تعلن رفض منح جنسيتها الفرنسية لمواطن أجنبي فرض لبس البرقع على زوجته، متعهدة بمواصلة حظر تجنيس كل من يمنع زوجته من "التنقل مكشوفة الوجه" باعتبار أن ذلك يتعارض مع مبادئ العلمانية والمساواة.

وبالعودة إلى مواقف خاضر، فقد أصر النائب العربي الأصل على أن معاداة الإسلام السياسي تختلف عن رهاب الإسلام، أو ما بات يعرف بـ"إسلاموفوبيا،" مضيفاً أن ملايين المسلمين حول العالم يعارضون النقاب أيضاً.

وشدد خاضر، الذي يمتلك شعبية كبيرة في الدنمارك، على أن المسلمين الذين يعيشون في أوروبا يحترمون القانون بشكل كامل وهو أوفياء للأوطان التي يقطنونها مضيفاً: "لا مكان للبرقع في أوروبا الغربية."

وتعكس آراء خاضر الجدل السياسي الكبير في أوروبا حالياً حيال قضايا الحجاب والنقاب، فقد أوصت لجنة برلمانية في فرنسا حظر ارتداء البرقع في الأماكن العامة، كما دار جدل مماثل في سويسرا.

بالمقابل، قال الداعية الإسلامي، طارق رمضان، لـCNN أن قضية النقاب في فرنسا مبالغ فيها، باعتبار أن اللواتي يلتزمن به لا يتجاوز عددهن ألفي امرأة في البلاد.

وأضاف رمضان: "بحظر النقاب نكون قد وقفنا ضد قيمنا الخاصة وعززنا الخوف من بعضنا دون أن نجري نقاشات إيجابية.. الإسلام في أوروبا هو دين يشكل جزءا من المجتمع."

أما النائب الهولندية الصومالية الأصل، أيان هيرسي علي، التي تعيش في الولايات المتحدة منذ تلقيها تهديدات بالقتل على خلفية المواقف المناهضة للحجاب، فقد رفضت اعتبار الإسلام ديناً أوروبيا،" متهمة رمضان بمحاولة "تخدير الجميع كي يظنوا أن الإسلام هو دين سلام."

أما بالنسبة لقضية منع منح الجنسية الفرنسية لأجنبي أرغم زوجته على ارتداء النقاب، فقد جاء ذلك في قرار لوزير الهجرة والهوية الوطنية الفرنسي، إريك بيسون.

ويأتي هذا الإعلان لوزير الهجرة والهوية الوطنية إريك بيسون بعد أيام من صدور توصيات اللجنة البرلمانية حول النقاب والتي دعت فيها إلى حظر النقاب في الأماكن العامة ووسائل النقل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/شباط/2010 - 30/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م