انتخابات العراق تعلن العد العكسي

اشتداد المنافسة وتصاعد التصريحات النارية مع تهديدات القاعدة

 

شبكة النبأ: انطلقت الجمعة الماضية حملة الانتخابات التشريعية الثانية في العراق منذ سقوط نظام صدام حسين للفوز بمقاعد البرلمان القادم، في حين هدد تنظيم القاعدة بتنفيذ هجمات لعرقلة تنظيمها.

ويسود التوتر السياسي أجواء العملية الانتخابية، في ظل منع أكثر من مئة وخمسين شخصا من المشاركة فيها، ولا سيما أن بين الممنوعين متهمين بالترويج لحزب البعث المنحل ظافر العاني وصالح المطلك الذي قال أنه لن يستسلم لهذا القرار، بموازاة تصريحات خطيرة وغير مسؤولة أدلى بها رئيس القائمة العراقية اياد علاوي حول احتمال نشوب حرب أهلية بسبب منع العاني والمطلك من خوض الانتخابات!

وقالت مديرة الدائرة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حمدية الحسيني ان "نحو 6100 مرشح" سيتنافسون خلال هذه الحملة على اصوات "18 مليون و 900 الف ناخب (داخل العراق) اضافة الى حوالى مليون واربعمائة الاف اخرين يتوزعون في 16 دولة عربية واجنبية".

وانتشرت في الشوارع الرئيسية لمدينة بغداد والجسور ومقار الاحزاب واشجار الحدائق العامة واعمدة الكهرباء، صور ولافتات وملصقات لمختلف القوائم الانتخابية، وفقا لمراسلي فرانس برس.

وابرز الملصقات التي شوهدت في بغداد، لقائمة "وحدة العراق" التي تحمل الرقم 438 ويتزعمها وزير الداخلية جواد البولاني واخرى لقائمة "حزب الائمة" 319 للنائب مثال الالوسي وتحمل عبارة "نصلح ما افسده الاخرون". كما انتشرت صور عدد محدود من مرشحي "ائتلاف دولة القانون" التي يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي.

ووزعت صور لمرشحين عن "الائتلاف الوطني العراقي" (الرقم 316) بينهم رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري ومحمد الحيدري وعبارة "الائتلاف الوطني لضمان حقوقك"، ولمرشحين عن "الكتلة العراقية" الليبرالية (رقمها 333) التي يتزعمها رئيس الورزاء الاسبق اياد علاوي، بينهم انعام العبيدي.

وانطلقت في الوقت نفسه حملات مماثلة في المحافظات العراقية. ففي السليمانية (شمال)، بدأت قائمة "التحالف الكردستاني" التي تضم الحزبين الكرديين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني، منتصف ليل الخميس الجمعة تثبيت صور لمرشحيها وعلم الاقليم.

كما قامت قائمة "التغيير" الكردية المعارضة بالامر ذاته، وحملت صورا لمرشحين في قائمة التحالف شعارات بينها "اعطوا صوتكم ولن نضيعه".

وفي بعقوبة كبرى مدن محافظة ديالى (60 كلم شمال شرق)، باشر ممثلو قوائم العراقية وجبهة التوافق السنية، العمل منذ فجر اليوم على تثبت صور مرشحيهم في المناطق السنية فيما توزعت ملصقات دولة القانون في عموم المدينة.

وانتشرت في عموم المحافظات صور لمرشحين من مختلف القوائم، وسط حضور واسع لقائمة دولة القانون.

لكن الدعايات الانتخابية اختفت بشكل شبه كامل في الموصل كبرى مدن محافظة نينوى (شمال)، باستثناء عدد محدود من الصور للنائب اسامة النجيفي مرشح القائمة العراقية والتي علقت قرب منزله وسط المدينة.

وفي عموم المحافظات الجنوبية، انتشرت بشكل واسع ملصقات مرشحي دولة القانون. ففي مدينة البصرة (550 كلم جنوب) حمل بعضها عبارات بينها "نحارب الفقر" و "امن وعدالة" الى جانب صور للجعفري وهو يرتدي بدلة رسمية وهو يحي الناس وكتب عليها "دولة ترعى الفقراء". وسيستقبل الناخبون في عشرة الاف مركز انتخابي يتوزع فيها 54 الف محطة تصويت، وفقا للمصدر.

التوتر يسود الأجواء

ويسود التوتر السياسي أجواء العملية الانتخابية البرلمانية المقبلة في العراق، في ظل منع أكثر من مئة وخمسين شخصا من المشاركة فيها، ولا سيما أن بين الممنوعين ظافر العاني وصالح المطلك الذي أكد أنه لن يستسلم لهذا القرار.

وكانت الحملة الدعائية للكتل والكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات قد انطلقت الجمعة في العراق، وشرعت غالبية الكتل السياسية في تعليق ملصقاتها التي تحمل برامجها وارقامها الانتخابية.

ويقول مراسل بي بي سي في بغداد يوسف الحسيني إن اليوم الاول قد حمل بعض الخروقات من قبل بعض الاحزاب خاصة الدينية منها، التي حاولت ان تربط نفسها مجددا بالمرجعيات الدينية في النجف، من خلال وضع صور المرجع الديني علي السيستاني على ملصقاتها مقرونة برقم القائمة الانتخابية.

وكانت مفوضية الانتخابات وامانة العاصمة بغداد قد فرضت ممنوعات كثيرة، فقد طالبت المفوضية الكتل بعدم استخدام دور العبادة والمؤسسات الحكومية للدعاية الانتخابية، وعدم استخدام المال العام لذات الغرض.

كما طالبت المفوضية الكتل والكيانات السياسية بعدم استخدام المناسبات الدينية في الحملة الدعائية وشددت على عدم ادراج برامج دعائية من شأنها إثارة الفتنة الطائفية.

فيما منعت امانة بغداد المتنافسين من وضع الملصقات على الجدران كما درجت العادة، لان ذلك سيخرب جمالية الابنية والشوارع في العاصمة من وجهة نظر الامانة، كما ان عملية رفعها سيتطلب مبالغ مالية كبيرة.

وهددت الامانة برفع كافة الملصقات التي تخالف الضوابط المعلن عنها، وقالت إن الكيان السياسي سيتحمل كافة تكاليف رفع ملصقاته.

ويجري ذلك بالتزامن مع استمرار ازمة الاستبعاد التي لم تحسم من قبل الهيئة التميزية حتى الان، حيث يظل مصير العشرات ممن تقدموا بطعون ضد قرار استبعاد لجنة المساءلة والعدالة لهم من خوض الانتخابات مجهولا، بحجة ارتباطهم بحزب البعث المحظور.

ولا تقتصر قائمة المستبعدين على طائفة واحدة ، إلا أن جماعات سنية قد فسرت هذا الحظر على أنه محاولة من قبل الأغلبية الشيعية لتهميش دورهم في العملية السياسية.

ويقول مراسل بي بي سي في بغداد إن الأمريكيين يخشون من ألا تكون للانتخابات المقبلة مصداقية لدى الناخبين السنة، مما يهدد بانزلاق العراق ثانية إلى العنف الطائفي، ويضاعف من صعوبة انسحاب القوات الأمريكية.

وكانت الهيئة التمييزية المكلفة بالنظر في طعون المرشحين المستبعدين من قبل لجنة المساءلة والعدالة قد قضت برد الطعون التي تقدم بها عدد من المرشحين، ومن ابرزهم النائبان الحاليان صالح المطلك وظافر العاني المرشحان في القائمة العراقية للانتخابات القادمة، حسب التلفزيون العراقي الرسمي.

زعيم القاعدة في العراق: قررنا منع الانتخابات بكل السبل

ووجه الإرهابي "أبو عمر البغدادي" أمير ما يعرف بـ"دولة العراق الإسلامية" والتي تضم مجموعة من التنظيمات المتشددة التي تعمل تحت قيادة تنظيم القاعدة تهديدات شديدة للعملية الانتخابية المقبلة، معتبراً أنها تهدف إلى "إذلال السنة إلى الأبد وجعل أنوفهم في الطين،" متهماً الحكومة التي تشرف عليها قوى شيعية بالتخطيط لذلك.

وأعلن البغدادي، الذي سبق أن أعلنت بغداد اعتقاله وعرضت اعترافات له دون أن يؤكد ذلك الجيش الأمريكي، أن تنظيمه "قرر منع الانتخابات بكل السبل،" منتقداً القيادات السنيّة التي تعتزم الترشح ومتابعة السير بالعملية السياسية.

وقال البغدادي، في تسجيل صوتي عرضته مواقع متخصصة بنقل بيانات التنظيمات المتشددة، ولم تتمكن CNN من تأكيد صحته، إن السنة في العراق "عرباً وعجماً" على أعتاب مرحلة خطيرة "فإما أن نبقى أعِزةً كرماء سادة شرفاء كما كنا أبد الدهر ملوك الأرض وفرسان الحرب، أو يأخذنا الطوفان، طوفانُ الحقد الرافضي الأسود والمكر الصليبي."بحسب سي ان ان.

واعتبر البغدادي أن الانتخابات "مسرحية هزلية خطيرة" هدفها الأول والأخير "ترسيخ أعوان الصليب الرافضة على عموم العراق وإذلال أهل السنة إلى الأبد وجعل أنوفهم في الطين كما هو حال سُنَّة إيران المساكين على الرغم من كثرة عددهم وصعوبة مناطقهم وتعدد عشائرهم وقوة اقتصادهم."

ورأى زعيم القاعدة في العراق أن هذه الانتخابات "حرامٌ في شرع ربنا وانتحارٌ سياسي،" مكرراً وجهة نظر التنظير لجهة مخالفة الانتخابات للشريعة الإسلامية، ووصف النواب بأنهم "أوثانٌ منصوبة تحت قبة تخضع لقانونٍ أو دستورٍ ظالمٍ جائر يناقض الشريعة الإسلامية ويحاربها في كثيرٍ من أُصول ديننا الحنيف."

وشن البغدادي هجوماً كبيراً على أبرز الشخصيات السنية المرشحة بالاسم، فذكر صالح المطلك وعلي الحاتم وسواهم، وشمل هجومه أيضاً الحزب الإسلامي الذي وصفه بـ"خونة الأخوان" وعدد كبار قادته مثل نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، ورأى أن الشخصيات السنية قد ترشحت جميعها ضمن قوائم شيعية.

وأعلن البغدادي أن تنظيمه "قرر منع الانتخابات وبكل السُبل المشروعة الممكنة وعلى رأسها السبيل العسكري،" وأعاد الدعوة إلى توحيد الحركات المسلحة في العراق عبر تشكيل لجنة من "العلماء أو طلبة العلم المتقدمين" للتدقيق في أوضاع كل حركة من جهة، وتوحيد الموقف من طوائف العراق مثل الشيعة والأيزيدية والصابئة المندائية والمسيحيين.

الكتلة العراقية تعلق حملتها الانتخابية

من جانبها قررت الكتلة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي تعليق حملتها الانتخابية احتجاجا على منع عدد من مرشحيها من المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة لان قانون المساءلة والعدالة يشملهم.

وقالت ميسون الدملوجي المتحدثة باسم الكتلة في مؤتمر عقد في مقر حركة الوفاق بحضور رئيس الكتلة اياد علاوي وطارق الهاشمي ورافع العيساوي وصالح المطلك واخرين ان "العراقية علقت حملتها الانتخابية فورا بانتظار ما تتمخض عنه اجتماعاتنا".

واوضحت ان "العراقية طالبت مجالس الرئاسات الثلاثة بدراسة الموقف السياسي والامني الراهن ودعت الكيانات السياسية الرئيسية الى تدارس الوضع والسعي لخلق اجواء انتخابية مريحة للجميع".

كما دعت الكتلة "المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء لممارسة دورها في الحفاظ على عدم التدخل بقرارات هيئة التمييز". بحسب فرانس برس.

واضافت الدملوجي ان "القائمة دعت مجلس النواب الى عقد اجتماع طارىء بخصوص تشكيل هيئة المساءلة والعدالة وتقييم القرارات التي اتخذتها". واشارت الى انه "سيتم توجيه دعوات رسمية لهذه الجهات في غضون ثلاثة ايام للوقوف على الاجراءات المتخذة".

واكدت انه وفي حال "عدم الاستجابة ستكون العراقية مضطرة لاتخاذ اجراءاتها الصعبة"، مشيرة الى ان "كل الخيارات السياسية والقانونية مفنوحة امامها للحفاظ على العملية السياسية والديمقراطية في العراق".

وكانت هيئة من القضاة سمحت ل28 مرشحا مبعدا بسبب علاقات مفترضة مع حزب البعث الحاكم سابقا في العراق، بالمشاركة في الانتخابات التشريعية في العراق المقرر تنظيمها في السابع من آذار/مارس.

علاوي: حظر المرشحين يهدد بنشوب حرب أهلية

وقال اياد علاوي رئيس الوزراء العراقي الاسبق ورئيس قائمة تعتبر منافسا قويا في الانتخابات القادمة ان حظر خوض مرشحين للانتخابات بتهمة الصلة بحزب البعث الذي كان يتزعمه صدام حسين يهدد بجر العراق الى اتون حرب اهلية.

وقال علاوي الذي يتزعم قائمة العراقية لخوض انتخابات السابع من مارس اذار القادم ان الحظر سيؤدي الى عودة الهجمات الطائفية وعكس اتجاه تراجع اعمال العنف الذي شهده العراق في العامين الماضيين والذي سمح للقوات الامريكية بالتطلع الى عام 2011 كموعد للانسحاب وللعراق بان يوقع اتفاقات نفطية كبرى.

وفرضت لجنة يرأسها ساسة من الشيعة في الشهر الماضي حظرا على نحو 500 مرشح بسبب مزاعم بوجود صلات بينهم وبين حزب البعث المحظور مما تسبب في موجة من الغضب في دولة خرجت لتوها من اعوام اراقة الدماء الطائفية التي لاقى فيها عشرات الالاف من الاشخاص حتفهم.

وقال علاوي لرويترز في مقابلة "هذا سيضع العراق في خانة الطائفية وعلى الطريق نحو الحرب الاهلية."

واضاف وهو يتحدث بالانجليزية "اذا استمر الحظر كما هو وكما اتفق وبستار يحجب الناس... فسيؤدي هذا الى توترات طائفية بالغة الشدة."

وكان حزب البعث قد قمع بوحشية الاكراد والشيعة العراقيين وحلت لجنة المساءلة والعدالة محل لجنة اجتثاث البعث التي شكلها الاداريون الامريكيون لاستئصال انصار صدام حسين بعد ان اطاحت به القوات الامريكية في عام 2003.

وتابع علاوي الشيعي العلماني الذي قال انه نجا من محاولة اغتيال على ايدي عملاء البعث بسبب معارضته لحكم الحزب قائلا انه يؤيد معاقبة اعضاء الحزب الذين ثبت انهم ارتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي.

لكنه قال ان حظر المرشحين قبل الانتخابات التي تعتبر حاسمة بالنسبة لتعزيز الديمقراطية العراقية الناشئة وتسوية النزاعات بشأن الاراضي واحتياطات النفط الضخمة يعتبر تمييزا ومؤامرة لابعاد المنافسين عن الانتخابات وتحويل الانظار عن اخفاقات الحكومة الحالية.

وقال علاوي "بصراحة فان ما اراه هو اخفاق هائل من جانب الحكومة في تقديم الخدمات وتوفير الامن وخفض معدلات البطالة واتباع سياسة خارجية واضحة.. وللتستر على هذه الاخفاقات يلجأون الى مهاجمة الاخرين."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 15/شباط/2010 - 30/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م