أمريكا وإيران وحرب الصواريخ

 درع أخرى في الخليج تزيدُ من لهبِ المواجهة

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: بدأ الحشد العسكري الأمريكي في منطقة الخليج تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لكنه استمر تحت إدارة الرئيس باراك أوباما الذي يضغط الآن من اجل فرض مجموعة أخرى من العقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي فيما يشبه السير في طريق الاعتراف بأن الولايات المتحدة تخوض حرباً عالمية على عدة جبهات وهو الأمر الذي ينفيه اوباما ويحاول إبعاد شبحه عن الوسط الأمريكي الداخلي الذي انتخبهُ على أساس كسر حدّة السياسة الخارجية الأمريكية في العالم.

لكن إيران شجبت من جانبها نشر أنظمة دفاع صاروخية أمريكية في الخليج للتصدي لما تراه واشنطن خطرا متناميا من جانب صواريخ الجمهورية الإسلامية، وقالت طهران إنها تربطها علاقات طيبة مع دول الجوار وأن هذه الدول يجب أن لا تسمح باستخدام أراضيها لضرب إيران.

فشل تجربة أمريكية مضادّة للصواريخ الإيرانية المُفترَضة

وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية فشل تجربة صاروخ امريكي مضاد للصواريخ بسبب عطل في الرادار. وقال المتحدث باسم وكالة الدفاع المضاد للصواريخ ريك ليهنر ان التجربة كانت تهدف الى اسقاط صاروخ بالستي من النوع الذي قد تطلقه ايران او كوريا الشمالية.

وجاء في بيان للوكالة ان الصاروخ المستهدف الذي اطلق من موقع لسلاح البر الامريكي في جزيرة كواجالين في ارخبيل مارشال، لم يعترضه الصاروخ الذي كان معدا لاسقاطه والذي اطلق من قاعدة فاندينبرغ الجوية في كاليفورنيا بسبب رادار لم يعمل كما كان مقرراً. واضاف ليهنر لوكالة فرانس برس ان تحقيقا فتح ويجب ان ننتظر عدة اسابيع قبل صدور النتائج الاولية.

واوضح المتحدث ان الصاروخ المستهدف يحاكي نوع التكنولوجيا التي يمكن ان تكون دول مثل كوريا الشمالية وايران قادرة على انتاجها في المستقبل والتي يمكن ان تهدد الولايات المتحدة. والرادار المذكور، وهو من طراز اكس باند، من صنع شركة ريثيون.

وتزامن فشل التجربة التي أجريت في المحيط الهادي مع صدور تقرير لوزارة الدفاع الامريكية ذكر ان ايران عززت قدراتها الصاروخية وباتت تمثل تهديدا ملموسا للقوات الامريكية والقوات الحليفة في منطقة الشرق الاوسط.

وقال تقرير البنتاغون بشأن مراجعة سياسة الصواريخ الدفاعية بعيدة المدى والذي صدر الاثنين، ان طهران طورت وامتلكت صواريخ طويلة المدى قادرة على ضرب أهداف في الشرق الاوسط وحتى أوروبا الشرقية وزودت قواتها بأعدادا متزايدة من القواعد المتحركة لاطلاق صواريخ طويلة المدى.

وقالت وكالة مخابرات الدفاع ان البرنامج الايراني تلقى دعما في الماضي من روسيا والصين وكوريا الشمالية وان طهران لا تزال تعتمد على مصادر خارجية في توفير كثير من مكونات وأجزاء الصواريخ.

ويقول مسؤولون امريكيون ان الولايات المتحدة نصبت أنظمة دفاع صاروخي على الارض وفي البحر في منطقة الخليج لمواجهة التهديد الايراني.

وأضاف المسؤولون ان هذه العمليات شملت نصب منصات اطلاق لنظام باتريوت للدفاع الصاروخي على البر في الكويت وقطر والامارات العربية المتحدة والبحرين اضافة الى سفن القوات البحرية المزودة بأنظمة دفاع صاروخي في منطقة البحر المتوسط.

إيران تنتقد نشر صواريخ أمريكية في الخليج

وشجبت ايران نشر أنظمة دفاع صاروخية امريكية في الخليج للتصدي لما تراه واشنطن خطرا متناميا من جانب صواريخ الجمهورية الاسلامية وقالت طهران انها تربطها علاقات طيبة مع دول الجوار.

وصرح مسؤولون أمريكيون بأن الولايات المتحدة وسعت نطاق أنظمتها الدفاعية في البحر والبر في منطقة الخليج وما حولها.

ويقول مسؤولون امريكيون ان الولايات المتحدة نصبت أنظمة دفاع صاروخي على الارض وفي البحر في منطقة الخليج لمواجهة التهديد الايراني. بحسب رويترز.

وأضاف المسؤولون ان هذه العمليات شملت نصب منصات اطلاق لنظام باتريوت للدفاع الصاروخي على البر في الكويت وقطر والامارات العربية المتحدة والبحرين اضافة الى سفن القوات البحرية المزودة بأنظمة دفاع صاروخي في منطقة البحر المتوسط.

وقال رامين مهمانبرست المتحدث باسم الخارجية الايرانية في مؤتمر صحفي "نعتبر مثل هذه الخطوات من جانب دول خارجية في المنطقة غير ناجحة وشهدنا فشلها من قبل."

وأضاف "العلاقات بين الجمهورية الاسلامية الايرانية ودول أخرى في المنطقة جيدة جدا وودية. التعامل الايجابي في المنطقة هو التوجه الوحيد المناسب لاقرار السلام والاستقرار."

وقالت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) ان أول محاولة أمريكية لاسقاط صاروخ طويل المدى في محاكاة لهجوم قادم من ايران باءت بالفشل بعد عطل في رادار صنعته شركة ريثيون.

وتزامن فشل التجربة التي أجريت في المحيط الهادي مع صدور تقرير لوزارة الدفاع الامريكية ذكر ان ايران عززت قدراتها الصاروخية وباتت تمثل تهديدا "ملموسا" للقوات الامريكية والقوات الحليفة في منطقة الشرق الاوسط.

وبدأ الحشد العسكري الامريكي في المنطقة تحت ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش لكنه استمر تحت ادارة الرئيس باراك أوباما الذي يضغط الان من اجل فرض مجموعة أخرى من العقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي.

لاريجاني: نواجه احتيال سياسي

ومرة اخرى وصفت إيران الأنباء عن قرار نشر الولايات المتحدة لمنظومة صواريخ دفاعية في أربعة دول خليجية، بأنه "يعد ضرباً من الاحتيال السياسي الجديد."

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" عن رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، تصريحه أمام البرلمان، حيث قال: "من المستغرب أن يبرر هذا الإجراء على أنه جاء بسبب قلق بلدان المنطقة من إيران."

كما أبدى استغرابه من "جهل" المسؤولين الجدد في الولايات المتحدة من أن التواجد العسكري الأمريكي هو أساس مشاكل المنطقة.

واضاف: " کلما بالغتم في نشر الأجهزة والمعدات العسكرية في المنطقة، کلما زاد قلق دولها، وزادت مشاکل جنودکم،" وفق "إرنا."

وشدد لاريجاني، في تصريحات له بالعاصمة الكويتية، على أنه "يجب أن تعلم دول المنطقة، التي قدمت قواعد عسكرية لأمريكا، أن هذه القواعد يجب ألا تستخدم ضد إيران، وألا تكون المنطقة محطة للاعتداء على إيران"، وأكد في هذا الصدد: "لا نود أن نلحق الأذى بأي من دول المجلس"، في إشارة إلى دول مجلس التعاون الخليجي.

وقال المسؤول الإيراني، خلال مؤتمر صحفي في ختام زيارة استغرقت ثلاثة أيام للكويت، إن إستراتيجية بلاده تقوم على "احترام شعوب المنطقة ودولها في سيادتها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي منها، إضافة إلى ضمان وإقامة الاستقرار الدائم في المنطقة."

وأضاف، وفقاً لما نقلت وكالات الأنباء الرسمية في كل من الكويت وطهران: "نعتبر دول مجلس التعاون وشعوبها بمثابة شعبنا، وعليكم ألا تشعروا بالقلق إلا من الكيان الصهيوني"، كما اعتبر أن علاقة بلاده بالكويت، من شأنها أن "تساهم وتساعد في استقرار المنطقة واستتباب الأمن فيها."

وعن اتهامات مباشرة لإيران بأنها تتدخل في الوضع الداخلي لدول الجوار، وعما إذا كانت هذه التدخلات ضمن مخططات لتصدير الثورة الإسلامية، قال لاريجاني: "هذا السؤال يشير إلى نقطة مهمة، فهناك بعض التيارات الإقليمية والصهيونية والأمريكية، تحاول التفريق بين إيران وبين دول المنطقة."

كما شدد على أن إستراتيجية الجمهورية الإسلامية تنص على "إقامة الاستقرار والأمن الدائم في ربوع المنطقة"، وأضاف متسائلاً عما إذا كان دفاع إيران عن "حزب الله" اللبناني، أو حركة "حماس" الفلسطينية، يُعتبر تدخلاً في شؤون الآخرين، وفقاً لوكالة الأنباء الكويتية "كونا."

اوباما يواجه التوجه الحربي الإيراني بمثله

وخصصت جل الصحف البريطانية حيزا للمنعطف الجديد في مسار التوتر بين طهران وواشنطن، على خلفية تسريبات إعلامية بأن واشنطن بصدد نشر درع مضاد للصواريخ في منطقة الخليج.

وقالت صحيفة الغارديان إن التوتر الجديد جاء بسبب بظهور مؤشرات على أن إدارة الرئيس باراك أوباما تفكر في نشر درع مضاد للصواريخ لحماية حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الخليج من أي هجمات ايرانية.

وتضيف الصحيفة أن واشنطن سترسل مزيدا من صواريخ باتريوت الدفاعية لأربع دول هي قطر والامارات العربية المتحدة والبحرين والكويت، كما ستحتفظ بسفينتين حربيتين في الخليج قادرتين على اسقاط الصواريخ الايرانية، كما ستساعد المملكة العربية السعودية على بناء قوة عسكرية قادرة على حماية منشآتها النفطية.

وحسب صحيفة الغارديان، فإن الخطوة تهدف أيضا الى ثني اسرائيل عن توجيه أي ضربات لايران بإظهار أن الحليف الأمريكي قادر على احتواء أي خطر من جانب طهران.

وتضيف أن الإدارة الأمريكية لم تعلن بشكل رسمي عن خططها بإرسال تلك المعدات العسكرية الى منطقة الخليج وانها بتسريبها لتلك المعلومات الى الصحف الأمريكية تريد لفت انتباه إيران إلى النبرة الجديدة والتشدد في الموقف الأمريكي.

من جانبها تقول الديلي تلغراف نقلا عن مسؤول أمريكي إن الادارة الأمريكية ترى انه ينبغي أن ينظر الى هذه التحركات في الخليج على أنها تدابير دفاعية الغرض منها ثني طهران عن القيام بأي عمل عدواني.

وتختم الصحيفة بالقول إن الدول العربية أنفقت خلال السنوات الأخيرة 15 مليار جنيه استرليني لشراء معدات عسكرية أمريكية ومنها دولة الامارات العربية المتحدة التي اقتنت ثمانين طائرة من طرازF16 وإمارة ابو ظبي التي اقتنت نظاما متطورا مضادا للصواريخ.

أما الاندبندنت، فرأت في هذه التحركات تأكيدا على فشل مبادرة أوباما لإعادة وضع العلاقات مع ايران على أساس جديد، حيث "يواجه التهديد الحربي بتهديد حربي مماثل بدلا من الثرثرة غير المجدية."

وتضيف الصحيفة أن تحول الادارة الأمريكية الى سياسة الاحتواء العسكري مع تشديد العقوبات كان أمرا حتميا وانه ظهر في خطاب حالة الاتحاد للرئيس أوباما وفي تصريحات وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وقائد القيادة العامة الجنرال ديفيد باتريوس.

أهداف تعزيز أمريكا لدفاعاتها الصاروخية في الخليج

وكتب ديفيد سانغر مقالاً في صحيفة نيويورك تايمز قال فيه: كشف مسؤولون عسكريون أمريكيون أخيراً أن إدارة أوباما تسرِّع الآن عملية نشر أسلحة ومعدات دفاعية جديدة في الخليج، وتضع أيضاً سفناً خاصة قبالة الساحل الإيراني بالإضافة لإقامة أنظمة مضادة للصواريخ في اربعة بلدان عربية على الأقل، وذلك استعداداً على ما يبدو لمواجهة هجمات صاروخية إيرانية محتملة في المنطقة.

ومن الملاحظ أن عملية الانتشار هذه تأتي وسط انعطاف حاد في مداولات الرئيس أوباما مع إيران. فبعد أشهر من محاولات التواصل الدبلوماسي غير الناجحة، تحاول الإدارة الآن كسب إجماع دولي واسع لخطوة فرض عقوبات قاسية على حرس إيران الثوري الذي يسيطر باعتقاد الغرب على برنامج إيران النووي السري.

الرئيس أوباما كان قد تحدث في الواقع عن مثل هذا التحول في الموقف الأمريكي خلال خطابه عن حالة الاتحاد، حيث حذر من عواقب استمرار إيران في تحدي مطالب الأمم المتحدة التي تدعوها لوقف تصنيع الوقود النووي. وكانت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قد حذرت هي أيضاً الصين بالقول: إن اعتراضها على العقوبات هو أمر يتسم بقصر النظر.

ويضيف الكاتب، يبدو أن نشر الولايات المتحدة الآن دفاعات مضادة للصواريخ هو جزء من استراتيجية أمريكية محددة لزيادة الضغط على إيران.

كما تستهدف عملية النشر هذه الرد على الانطباع الذي يشير الى تحرك ايران بسرعة لكي تصبح القوة العسكرية الأولى في الشرق الأوسط.

وبالإضافة لإحباط أي تصعيد إيراني مع الغرب في حال فرض عقوبات جديدة، تريد الإدارة الأمريكية بهذا الانتشار أن تبين لإسرائيل عدم وجود حاجة فورية للقيام بضرب منشآت إيران الصاروخية والنووية الآن. كما تأمل الإدارة أن تتجنب رداً حاداً من طهران، وذلك بتركيزها على الطبيعة الدفاعية للحشد الأمريكي في الخليج. وفي هذا السياق، يقول المسؤولون العسكريون الأمريكيون إن البلدان التي قبلت الأنظمة الدفاعية الأمريكية هي: قطر، الإمارات العربية المتحدة، البحرين والكويت.

ويلاحظ هؤلاء المسؤولون ان الكويتيين وافقوا على أخذ هذه الأسلحة الدفاعية لإضافتها للنماذج الأقدم منها الموجودة لديهم منذ سنوات. كما لدى المملكة العربية السعودية واسرائيل أجهزة مماثلة أيضاً.

ويوضح الكاتب، الجنرال ديفيد بيترايوس امتنع عن ذكر أسماء الدول التي سيتم نشر الأنظمة الصاروخية فيها لأن هذا يدخل ضمن نطاق السرية إلا أن الكثير من مواقع مثل هذه الأنظمة هو سر معروف، لكنه تحدث عن عملية الانتشار خلال مؤتمر في معهد دراسات الحرب في الثاني والعشرين من يناير وقال: من الواضح أن إيران باتت تشكل تهديداً خطيراً للدول الأخرى الواقعة على الجانب الآخر من جهة الخليج. وأضاف: ان نشر الأنظمة الدفاعية هذه يتضمن تركيب ثمان بطاريات من صواريخ باتريوت - بطاريتان في كل بلد من البلدان الأربعة - القادرة على إسقاط الصواريخ الايرانية قصيرة المدى.

وفي تحدثه عن الخط الدفاعي الأول قال بيترايوس: إن سفن الولايات المتحدة الحربية من طراز «أيجيز» تقوم الآن بأعمال الدورية في الخليج طوال الوقت، وكشف انها مزودة بأجهزة رادار متطورة وأنظمة صاروخية مضادة للصواريخ مصممة لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى.

غير أن هذه الأنظمة ليست مفيدة في مواجهة صواريخ إيران بعيدة المدى من طراز «شهاب - 3»، لكن بالرغم من هذا تعتقد وكالات الاستخبارات الغربية أن طهران تحتاج لبضع سنوات قبل أن تتمكن من التغلب على مشكلات تركيب رأس نووي على تلك الصواريخ.

ويتابع الكاتب، البيت الأبيض امتنع عن التعليق على عملية الانتشار الجارية الآن على قدم وساق لكن مسؤولي الإدارة الذين تحدثوا شرط عدم الكشف عن أسمائهم قالوا: إن لهذه العملية أهدافاً عدة منها: ردع الإيرانيين، طمأنة الدول العربية حتى لا تشعر أن عليها العمل لامتلاك السلاح النووي هي أيضاً وتهدئة إسرائيل. فقد كانت هذه الدولة قد ألمحت أكثر من مرة أنها يمكن أن تقوم بعمل عسكري ضد منشآت ايران النووية ما لم تقتنع أن أوباما والغرب سينجحون في وقف البرنامج النووي الإيراني. ومن المفيد الإشارة هنا الى أن مستشار الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي الجنرال جيمس جونز كان قد قام بزيارة غير معلنة لإسرائيل هذا الشهر لتهدئة الحكومة الإسرائيلية وبحث الإجراءات التي سيتم اتخاذها ضد برنامج إيران.

ويختم الكاتب مقاله بالقول، جدير بالذكر أن دول الخليج تتخذ بدورها خطوات لتعزيز دفاعاتها. فقد اشترت السعودية والإمارات ما قيمته أكثر من 15 مليار دولار من الأسلحة الأمريكية خلال السنتين الماضيتين بما في ذلك أنظمة دفاعية صاروخية. كما تساعد الولايات المتحدة الآن السعودية في خطتها لزيادة عدد القوات السعودية، التي تحمي مرافئ المملكة ومنشآتها النفطية ومحطات تحلية المياه، بمقدار ثلاثة أضعاف ليصبح عددها 30.000 رجلا.

هل تُهاجَم الثورة المخملية رداً على الدرع الصاروخية الأمريكية؟

وفي الجانب الايراني كتب روبرت تيت مقالاً بصحيفة الغارديان قال فيه: بصمت مُطبق واجهت طهران أخبار خطط أمريكا لنشر منظومة دفاع صاروخي في دول الخليج العربية المجاورة لإيران.

فبينما تجاهلت وكالتا الأخبار الرسميتان «إرنا» و«فارس» هذا التطور تماماً، تمثل الرد شبه الرسمي عليه في تعليق على لسان عضو البرلمان المتشدد حسين صبحاني قال فيه: إن لجنة السياسة الخارجية والأمن الوطني في البرلمان سوف تناقش هذه المسألة «على الأرجح».

لكن من المؤكد أن وراء مظهر اللامبالاة هذا هناك إحساس جديد بالحاجة للرد على هذا التطور في دوائر صنع القرار في طهران، برأي محلل إيراني محنك طلب عدم الإفصاح عن اسمه. إذ ان ما حدث كان أوضح مؤشر لنظام طهران يبين أن إدارة أوباما قد تخلت عن الأسلوب الدبلوماسي في التعامل مع ايران، وعادت الى المواجهة التقليدية التي سادت بين البلدين طوال السنوات الثلاثين الماضية.

وكان المسؤولون الأمريكيون في الأسابيع القليلة الماضية قد اعترفوا سراً بهذا التحول الذي جاء لأسباب عدة برأيهم منها: القمع الوحشي لحركة المعارضة الخضراء واستمرار طهران في رفضها المقترحات الغربية لحل مأزق تخصيب يورانيوم البرنامج النووي الإيراني.

ويستدرك كاتب المقال، بيد ان عملية نشر الدرع الصاروخية الأمريكية على الضفة الأخرى للخليج يمكن أن تعزز موقف العناصر الراديكالية في الحرس الثوري التي تدعو لرد قوي يتجاوز حدود إيران إذا سمحت الدول العربية في الخليج لأمريكا بإقامة قواعد عسكرية على أراضيها.

ويعني مثل هذا الرد بالطبع مهاجمة مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وهي واضحة ومتعددة إذا تذكرنا الوجود العسكري الأمريكي في العراق وأفغانستان.

وفي هذا السياق، نلاحظ أن الخط الرسمي في ايران يقوم على الآتي: «إذا تعاونت دول الخليج مع أعدائنا ضدنا سنحتفظ عندئذ بحق الدفاع عن أنفسنا حتى لو اقتضى ذلك مهاجمتها». وفي مثل هذه الظروف سيبدأ المسؤولون الإيرانيون في التعامل مع حلفائهم في المنطقة بالطبع.

جدير بالذكر أن حرس إيران الثوري كان قد أجرى دراسة بعد حرب العراق خرج منها بدرس واحد هو أن الخطأ الأكبر الذي ارتكبه صدام هو محاولته الدفاع عن نفسه داخل حدود العراق.

وهذا يعني بالنسبة لهم أن عليهم الآن الدفاع عن أنفسهم ليس فقط داخل إيران بل وخارج حدودها أيضاً إذا ما تعرضوا لأي تهديد.

ويوضح الكاتب، بهذا المنطق، يوفر الوجود الأمريكي في الخليج والشرق الأوسط فرصة وتهديداً للإيرانيين في آن واحد. فهم يرون في حلفاء الولايات المتحدة وقواعدها أهدافاً محتملة من جهة ويعتبرونها أيضاً تهديداً من جهة اخرى.

ومهما يكن الأمر، من الواضح أن الوجود الأمريكي المكثف يهدد بتغيير حسابات السياسة الداخلية غير المستقرة أصلاً في ايران. فبعد أن بدأ النظام بتقديم ناشطي المعارضة للمحاكمة بعد اتهامهم بـ«محاربة الله» عقب اضطرابات يوم عاشوراء، أصبح لدى المتشددين الآن ذريعة اضافية على الأرجح لاستخدام العنف أكثر في قمع مؤيدي مير حسين موسوي ومهدي كروبي مرشحي الإصلاح اللذين يؤكدان ان الرئيس محمود أحمدي نجاد «سرق» انتخابات الرئاسة في يونيو الماضي.

ويتابع الكاتب، من الملاحظ أن موسوي وكروبي حاولا مع شخصيات اخرى في المعارضة التقرب في الأسابيع الأخيرة من العناصر المحافظة التي يمكن أن تعزل الشخصيات المتطرفة المحيطة بالرئيس نجاد. لكن تحقيق هذا الهدف أصبح الآن أصعب اذا ما قرر المتطرفون استغلال الانتشار الأمريكي العسكري في الخليج كورقة ضد «الثورة المخملية» التي يقولون إنها تريد إسقاط نظام ايران الإسلامي. وهذا يعني أن هذا الانتشار بات يشكل الغطاء الذي يحتاج إليه هؤلاء للانطلاق وتدمير «الحركة الخضراء».

ويختم الكاتب مقاله بانعطافة كبيرة مبيناً، هنا توفِّر «تجربة صدام» سابقة لها مغزى لم تغرب عن تفكير المتطرفين. فقد تمكن صدام من البقاء في السلطة رغم هزيمته العسكرية أمام جيوش التآلف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة بعد غزو الكويت وذلك لعدم وجود بديل لنظامه في ذلك الوقت، لكن الأمر اختلف عام 2003 وتم إسقاطه برأي الإيرانيين لأن الأمريكيين تمكنوا من تأمين نظام جديد محله.

هل أقسم أنصار الخط المتشدد في إيران على تجنب مثل هذا المصير؟ الرد على هذا السؤال آتٍ مع الأيام المقبلة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/شباط/2010 - 19/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م