ايها السياسي.. اللعب النظيف لو سحمت

جمال الخرسان

هذا التمني يبقى حسرة يجرها العراقيون كلما لمحوا عن كثب شريط الاخبار ليروا تلك المأساة والفنطازيا السياسية بكل ما تختزله من تناقضات.. مفارقات... تناقضات وانباء لا تسعف المواطن الا مزيدا من الالم.. صراخ بين السياسيين، وضرب تحت الحزام بين اعضاء الحكومة نفسها احيانا او حتى بين اعضاء في الحكومة واخرين في البرلمان بعيدا في كثير من الاحيان عن اللعب النظيف في الحراك السياسي.

ان هذا مرض خطير ينخر الدبلوماسية العراقية التي قد تكون تنقاد من حيث شعرت او لا تشعر الى واد غير ذي زرع، فماذا سيجني بعض الدبلوماسيين من خلال التصريحات النارية التي تصب الزيت على النار؟ ماذا تريد ان تقول الاطراف العراقية الاخرى التي تفضل السكوت وتمثيل ادوار المتفرجين على طريقة الحياد؟

وهنا لابد من التاكيد على ان بوصلة السباق باتجاه الوصول الى مقاعد دبلوماسية ليس مسبة او منقصه بحد ذاتها، لكنها ينبغي ان تكون في سياق تحقيق المصالح العامة والتقاء المصلحة الجماهيرية مع مصلحة الاحزاب والتيارات، مع الاحتفاظ باختلاف الآليات وتنويع الادوار.

ان ثقل التركة الكبيرة يفرض نفسه باستحقاقات استثنائية تقع على الجميع، والقوى السياسية هي اول المسؤولين عن المساهمة في تضييق دائرة الفشل.

وفي ذات السياق لابد من التاكيد على نقطة مهمة جدا وهي ان من يتقدم للمشاركة في العملية السياسية التي قامت بعد اسقاط صدام حسين عليه ان يلتزم بالاطار العام للمتغير السياسي في العراق، طالما دخل العمل السياسي بمحض ارادته، لكن الذي لايوجد له مبرر منطقي هو ظاهرة اصبحت تتكرر بشكل ملحوظ وخطير، اذ ان البعض يدخل في العملية السياسية ويتسلم مناصب مهمة وحساسة في الدولة ويطبل للتغيير الذي حصل بعد 9/4/ 2003 ثم بمجرد ان يودع المنصب ينقلب راسا على عقب ( بعيدا كل البعد عن القراءات النقدية الهادفة ) ثم يبدأ بمهاجمة العملية السياسية بمجملها فيخوّن القائمين عليها ويشكك بآخرين كانوا شركاء له في السلطة... ان هذه قمة التلاعب بمصائر الناس وقمة التخبط السياسي المرفوض.

ان هذه القضية اصبحت ظاهرة ملفتة للنظر، خصوصا وان استحقاقات تلك الظاهرة ادت الى خلط المفاهيم بانتقائية عالية، فالوجود العسكري في العراق في وجهة نظر البعض هو قوات احتلال اذا كان هذا البعض خارج جدول المناصب اما حينما يحصل على منصب سياسي فالوجود العسكري الاجنبي يتحول برمته الى قوات متعددة الجنسيات بين ليلة وضحاها.

النماذج على تلك الظاهرة كثيرة جدا فبعضهم كان في الحكومة وبعضهم كان يتسلم رئاسة اجهزة امنية حساسة جدا كما ان العديد منهم كانوا اعضاء تحت قبة البرلمان، يدعون الدفاع عن ثوابت الوطن ويؤدون القسم على مرأى ومسمع الجميع.

* كاتب عراقي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/شباط/2010 - 18/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م