العنصرية والانزلاق إلى القيم الدونية

 قوانين أوربية تهدد العيش المشترك واوباما ضحية مفترض

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يعد مفهوم العنصرية مصطلحا وسلوكا احد أكثر الممارسات السلبية التي نهت عنها الأديان السماوية والقوانين الوضعية، سيما إن التاريخ البشري يزخر بالعديد التجارب الوخيمة التي انزلقت إليها المجتمعات والشعوب بعد تفشي تلك الظاهرة بين صفوف أفرادها، حتى باتت تلك الممارسات من الصفات الدونية بنظر مختلف العقلاء.

لكن تشهد بعض الدول وخصوصا الغربية منها محاولات فردية و جماعية لإحياء تلك السلوكيات دون الالتفات إلي ضرر مقاصدهم، يفسرها المحللون بنتاج طبيعي ناجم عن قيم التطرف والتشدد التي بدت تطفو على سطح العلاقات الاجتماعية هناك.

اضطرابات عنصرية

حيث ذكرت السلطات الايطالية انه تم اجلاء مئات المهاجرين الافارقة من بلدة في جنوب البلاد اثر بعض من أسوأ أعمال العنف العرقية في ايطاليا منذ الحرب العالمية الثانية.

وجاء الاجلاء في أعقاب ثلاثة أيام من المصادمات ببلدة روزارنو في منطقة كالابريا الجنوبية. وكانت المصادمات اندلعت عندما بدأ بعض السكان المحليين في مهاجمة المهاجرين الذين ردوا بالقيام بأعمال شغب.

وأصيب ما لا يقل عن 53 شخصا بينهم 18 شرطيا بجروح في الاضطرابات بالبلدة التي تقع على الطرف الجنوبي الغربي لايطاليا.

ونقلت السلطات أكثر من 1000 شخص الى مراكز المهاجرين في جميع أنحاء ايطاليا في عملية استمرت من السبت حتى الساعات الاولى من صباح يوم الاحد.

ومعظم هؤلاء المهاجرين عمال مؤقتون قدموا الى البلاد بصورة غير مشروعة من افريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وحتى العمال الذين يحملون تصاريح اقامة عادية غادروا البلدة هربا من الاجواء التي شبهها أحد المعلقين السياسيين بأعمال العنف العنصرية لعصابة كو كلوكس كلان في ستينات القرن الماضي بالولايات المتحدة.

ويواجه المهاجرون الذين لا يحملون وثائق اقامة خطر الترحيل الى بلادهم وبدأت السلطات هدم منازلهم البدائية في روزارنو.

وقال وزير الداخلية روبرتو ماروني ان الحكومة "حلت مشكلة النظام العام ببراعة". وشكر الشرطة لتنظيم عملية النقل "بطريقة مثالية".

وأججت أعمال العنف الجدل السياسي المستمر منذ فترة طويلة حول الهجرة. وأنحى ماروني باللائمة في الاضطرابات على سنوات من "التسامح الخاطيء" في حين تتهم المعارضة الحكومة باذكاء مشاعر كراهية الاجانب.

ووصفت صحيفة فاكت اليومية المناهضة للحكومة في العنوان الرئيسي بصدر صفحتها الاولى ترحيل المهاجرين بأنه "تطهير عرقي".

وخرج البابا بنديكت السادس عشر عن النص المعد له في خطاب صلاته الاسبوعية ووجه نداء من أجل التسامح.

وقال لحشد في ساحة القديس بطرس ان "المهاجر انسان مختلف في الاصل والثقافة والتقاليد لكنه شخص له حقوق وواجبات ويجب أن يحظى بالاحترام."

في سياق متصل قالت الحكومة الايطالية انه لن يتم السماح بوجود أكثر من 30 بالمئة من الاطفال الاجانب في الفصول بالمدارس الايطالية بداية من سبتمبر ايلول المقبل في خطة هاجمها نقاد على انها تنم عن التمييز العنصري.

وتقول الحكومة الايطالية المحافظة انها تقرر الإجراء المثير للجدل في محاولة لدمج أفضل لأطفال المهاجرين في المجتمع الايطالي ومنعهم من التجمع في "فصول اقليات" تتألف من الاجانب فقط.

وقالت وزيرة التعليم ماريا ستيلا جيلميني في بيان "ينبغي ان تكون المدرسة هي مكان الاندماج.

"ومدارسنا مستعدة لقبول جميع ثقافات واطفال العالم. وفي نفس الوقت ينبغي ان تحافظ المدارس الايطالية على تقاليدها بفخر وان تدرس ثقافة دولتنا."

وهاجمت المعارضة المنتمية ليسار الوسط ومسؤولو نقابات الاقتراح ووصفوه بانه خطوة خاطئة لن تؤدي سوى لزيادة احساس بالاستبعاد بين المهاجرين. ووصف انطونيو دي بيترو احد زعماء المعارضة الخطة بأنها خطيرة.

وقال دي بيترو "انها خطيرة لان اعمالا همجية ارتكبت في الماضي باسم حماية الانواع والهوية الوطنية.

"تحديد نسبة 30 بالمئة كحد اقصى لاستيعاب طلاب اجانب في فصول الدراسة ليس في صالح الاندماج انما له مذاق مرارة التمييز العنصري."

ولا يحمل كثير من الابناء لمهاجرين يعيشون في ايطاليا الجنسية الايطالية لان سياسة الجنسية تفضل وجود أجداد ايطاليين على كون محل الميلاد في ايطاليا. ويوجد حوالي 600 الف طالب أجنبي في مدارس ايطالية بينهم 35 بالمئة ولدوا في ايطاليا.

وأصبحت الهجرة قضية سياسية كبرى بالنسبة لحكومة رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني التي وجهت لها اتهامات بالتمييز العنصري لتعاملها المتشدد مع الهجرة غير الشرعية.

ويعتمد برلسكوني على دعم حزب رابطة الشمال المنتمي لاقصى اليمين وهو شريك صغير في الحكومة الائتلافية. ورفض الزعيم الايطالي صراحة العام الماضي رؤية ايطاليا كمجتمع متعدد الأعراق.

واحتج الاف من المهاجرين ضد التمييز العنصري في مدينة تقع جنوب ايطاليا يوم الجمعة بعد ليلة من أعمال الشغب التي اندلعت بسبب هجوم مجموعة من الشبان البيض على عمال مزارع افارقة.

رفع دعوى بتهمة ضد وزير

 من جانب آخر اعلنت جمعية "الحركة ضد العنصرية ومن اجل الصداقة بين الشعوب" الفرنسية انها سترفع شكوى بتهمة "القدح العنصري" ضد الوزيرة المنتدبة لشؤون العائلة نادين مورانو لتصريحات ادلت بها حول الشبان المسلمين.

وقال كمال معوش ممثل الجمعية في هذه القضية لفرانس برس ان الدعوى سترفع "قريبا جدا"، وعلى الارجح "خلال الاسبوع المقبل".

وكانت نادين مورانو قالت في 14 كانون الاول/ديسمبر 2009 في مدينة شارم الصغيرة شرق فرنسا، خلال نقاش حول الهوية الوطنية، وبشان "الشاب المسلم" ان "ما اريده هو ان يشعر بانه فرنسي لكونه فرنسيا، وان يحب فرنسا لانه يعيش في هذا البلد، وان يعثر على وظيفة وان لا يتكلم اللهجة الدارجة (المستخدمة في ضواحي المدن وتعتبر مبتذلة) وان لا يضع قبعته مقلوبة على راسه".

واعلنت الجمعية في بيان انه "اثر هذه التصريحات المشينة قررت الحركة ضد العنصرية ان ترفع شكوى ضد مورانو بتهمة القدح العنصري".

واعلنت مورانو بعد ذلك النقاش انها تقبل "الانتقاد" و"تتحمل" مسؤولية تصريحاتها متهمة في الوقت ذاته "الذين لا يريدون النظر صراحة الى مشكلة اندماج الشبان في احياء" ضواحي المدن.

وانتقد اليسار بشدة النقاش الكبير حول الهوية الوطنية الذي دعا اليه الرئيس نيكولا ساركوزي، وكذلك بعض اعضاء الغالبية اليمينية، الذين يخشون من التعرض للمهاجرين ومعظمهم من المسلمين القادمين من افريقيا والمغرب العربي. بحسب فرانس برس.

وبعد سلسلة من الجدل حول موقع الاسلام في المجتمع، كثرت في الاسابيع الاخيرة النداءات المطالبة بتعليق النقاش وحتى الغائه.

وفي ايلول/سبتمبر رفعت الحركة ضد العنصرية دعوى قضائية ضد وزير الداخلية بريس اورتفو بتهمة "الاهانة العنصرية" اثر تصريحات ادلى بها حول شاب من اصل عربي، ناشط في حزب +الاتحاد من اجل حركة شعبية+ اليميني. وسيمثل الوزير امام القضاء في 16 نيسان/ابريل.

استقالة زعيم الغالبية الديموقراطية

الى ذلك طالب مسؤولون ونواب جمهوريون الاحد باستقالة زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد بعد ادلائه بتصريحات ذات طابع عنصري عن الرئيس باراك اوباما خلال حملته الانتخابية العام 2008.

وبحسب كتاب جديد تناول هذه الحملة، فان ريد قال ان اوباما المولود من اب كيني اسود وام بيضاء تتحدر من كنساس، تمتع بشعبية لدى الناخبين لان "بشرته كانت فاتحة" ولا "يتكلم كالزنوج الا اذا اراد ذلك". بحسب فرانس برس.

ودفع كشف هذه التصريحات ريد، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية نيفادا، الى تقديم اعتذار لاوباما.

وقال مايكل ستيل رئيس الحزب الجمهوري الاميركي عبر شبكة فوكس نيوز "انها ترجمة لموقف". وردا على سؤال عما اذا كانت ملاحظات المسؤول الديموقراطي تستحق الاستقالة، قال ستيل "نعم".

ووصف تصريحات ريد بانها "غير ملائمة تماما"، آخذا عليه خصوصا "استخدام تعبير كان يستعمل في الخمسينات والستينات".

الا ان مكتب ريد اعلن في بيان ان "السناتور ريد سيحتفظ بمنصبه كزعيم للغالبية وسيترشح للانتخابات لاعادة انتخابه".

واضاف البيان "بصفته يقود المعركة من اجل تبني قانون يحظر الجرائم المرتبطة بالكره (العنصري)، فان للسناتور ريد خبرة طويلة في المشاكل المتصلة بالمجموعة الافريقية الاميركية. والجمهوريون الذين ينتقدون سعيا الى تسييس القضية لا يمكنهم قول اكثر من ذلك".

ويطالب الجمهوريون باستقالة ريد، على غرار ما حصل مع العضو الجمهوري السابق في مجلس الشيوخ ترنت لوت الذي اجبر على الاستقالة قبل بضعة اعوام لادلائه بتعليقات ذات طابع عنصري ايضا.

وقال السناتور المحافظ جون كيل الذي يعتبر المسؤول الجمهوري الثاني داخل مجلس الشيوخ "ثمة كيل بمكيالين. اذا كان على (ترنت لوت) ان يستقيل، فمن واجب هاري ريد ايضا الاستقالة".

من جهتهم، حاول الديموقراطيون التقليل من اهمية ما قاله ريد، وعلق تيم كاين الحاكم الديموقراطي لولاية فرجينيا (شرق) عبر +فوكس نيوز+ "اعتقد ان السناتور (ريد) قام بامر كبير عبر اقراره بانه لم يستخدم العبارات الملائمة".

إعلان عنصري

هاجمت اللجنة العربية الأمريكية لمناهضة التمييز إعلاناً تجارياً حول خطة الطاقة المستقلة لقطب صناعة النفط في تكساس تي بون بيكنز معتبرة أنها متحيزة.

يبدأ الإعلان المتعلق بخطة بيكنز، والتي تهدف إلى إنهاء اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على النفط الأجنبي والاستثمار بدلاً من ذلك في الغاز الطبيعي الأمريكي، برسالة صوتية من الملياردير يقول فيها: "ارجعي إلى النوم يا أمريكا، لقد انتهت أزمة النفط"، ويتلوها كلمات باللغة العربية وهي تومض عبر الشاشة ثم أخرى باللغة الإنجليزية.

ثم يظهر بيكنز على الشاشة وهو يقول: "لا أعتقد ذلك"، ويكمل موضحاً أن الاقتصاد الأمريكي "ينزف مليارات الدولارات تذهب للنفط الأجنبي، فالولايات المتحدة تستورد ما يقارب من 70 في المائة من دول لا تحبنا"، وفي الأثناء تظهر صور ولقطات لرجال مسلحين بجوار حقول نفط تحترق. بحسب (CNN).

وفي بيان اعترضت منظمة الحقوق المدنية للعرب الأمريكيين على الإعلان إقحام اللغة العربية والصور.

وحاء في الإعلان إن إقحام شخصية العربي في الإعلان "أمر خاطئ، وعدائي، وينطوي على تمييز عنصري صريح."

غير أن متحدث باسم خطة بيكنز قال "لقد تمت مراجعة الإعلانات كجزء من عملية الموافقة الجماعية على شبكات الكابل الرئيسي، وأنه لم تثر أي قضايا أو اعتراضات."

وقالت اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز إن الصور في الإعلان تهدف إلى إثارة الذعر وسط الأمريكيين على حساب ميراث العرب الأميركيين أو أصولهم، وتولد الكراهية وتديم التعصب والجهل، مقترحة سحب الإعلان ووقف عرضه.

من ناحيتها، قالت رئيس اللجنة ماري روز عكار في البيان إن "اللجنة العربية الأمريكية لمناهضة التمييز تؤيد سياسة استقلال الطاقة.. ولكن من غير المقبول أن يحاول السيد بيكنز كسب الدعم والتأييد لبرنامجه الخاص من خلال تعزيز الصور النمطية الزائفة للدول العربية وشعوبها والإضرار بالمواطنين الأمريكيين، ولا سيما ذوي الأصول العربية."

كذلك رفضت اللجنة لهجة الإعلان والتي توحي بأن الولايات المتحدة تعتمد بشكل أساسي على النفط العربي، إذ تشير البيانات من إدارة معلومات الطاقة، أن معظم الواردات الأمريكية من النفط تأتي من كندا ثم المكسيك وتليهما السعودية وفنزويلا.

الهجمات على الطلبة الهنود

من جهته وصف الجنرال بيتر كوسجروف قائد الجيش الاسترالي السابق الهجمات الاخيرة على الطلبة الهنود بان لها دوافع عنصرية رافضا الخط الرسمي لكانبيرا بأن العنف جنائيا بحتا وليس عنصريا.

وكانت الهجمات خلال 18 شهرا الماضية ومن بينها طعن قاتل لخريج هندي يبلغ من العمر 21 عاما هذا الشهر قد أدت الى توتر العلاقات مع الهند واثرت على السوق المربحة للطلاب الاجانب في استراليا. بحسب رويترز.

وقال كوسجروف لصحيفة (ذا ايدج The Age) ليلة الثلاثاء بعد القاء خطاب حول العلاقات العرقية "اذا كنت لا تشك في وجود خط عنصري فانت مجنون."

واضاف "هجمات مجموعات من الاشخاص مؤخرا على افراد تبدو مثل نهج اشخاص من شبه القارة. وبدلا من القول ان شيئا لا يدعو للقلق انظر بالاحرى بشكل اكثر تفحصا."

وكانت وسائل الاعلام الهندية قد وصفت الهجمات بالعنصرية ولكن الشرطة والحكومة تصران على انها محض اجرامية.

واشار كوسجروف الى العنف الطائفي السابق في استراليا وقال ان الاشتباكات على شواطئ سيدني في عام 2005 بين جماعات عرقية لبنانية وشبان انجليز سلطت الضوء على جيوب مظلمة من العنصرية.

وقال "كانت غير عادية وغير متوقعة وتردد اصداؤها في كل انحاء العالم. وكانت غير متوقعة لان سمعة استراليا كانت ان المجتمع يتسم بالمساواة وتعدد الاعراق والتسامح والبهجة والتمهل. واعطى لنا ديسمبر 2005 وقفة للتفكير."

وقال ان عناصر اجرامية قد تكون خلف الهجمات على الهنود ولكن على عكس الشرطة ووزراء الحكومة واضاف ان العامل العنصري قوي جدا لدرجة لا يمكن اغفالها.

وقال كوسجروف الذي اختير رجل استراليا عام 2001 ان العنصرية الخفية لا يجب ان يسمح لها بالتأثير على او الحد من الهجرة والتي من المتوقع ان تزيد سكان استراليا بمقدار يتراوح بين 21 مليون و36 مليون نسمة بحلول 2050.

وقال "الغالبية العظمى من الاستراليين يرفضون تماما مثل هذا السلوك الحقير وسيرحبون باعتقال الجناة."

كاميرات عنصرية

الى ذلك عندما اشترت يوز وانغ وشقيقها كاميرا من نوع "نيكون كوولبكس" المزودة بتقنية التعرف على الوجوه، اكتشفا ما اعتقدا للوهلة الأولى أنه عيب مصنعي، إذ في كل مرة كان أحدهم يحاول تصوير الآخر، كانت الكاميرا تظهر لهم رسالة تقول "هل أغمض أحد عينه؟"

تقول وانغ ذات الـ33 عاما، وهي أمريكية من أصل تايواني، "ظننت أن الكاميرا معطلة للمرة الأولى لكن عندما عمد أخي إلى فتح عينيه بشكل مبالغ فيه، توقفت تلك الرسالة عن الظهور على الشاشة." بحسب (CNN).

وسخرت وانغ من الأمر، وقالت إن الكاميرا المزودة بتقنية التعرف على الوجوه لم تستطع ببساطة التمييز بين العيون الآسيوية والعيون المغمضة، لصغر حجم الأولى، وبادرت إلى نعت كاميرا نيكون بأنها "عنصرية."

وليس كاميرات نيكون وحدها من اقترف تلك "الغلطة،" إذ أن العديد من الكاميرات التي تصنعها شركات كبيرة، أظهر على شاشته تلك الرسالة عندما حاول أشخاص آسيويون التقاط صور لبعضهم، فقط لأن تقنية التعرف على الوجه "الذكية" لم تتعرف على حجم عيونهم.

وقد صممت تقنية التعرف على الوجه في الأساس، لتنبه مستخدمي الكاميرا عندما يغمض أحدهم عينه أثناء التقاط الصور، أو لالتقاط الصور فقط عندما يكون الشخص مبتسما، وتجعل من الصعب التقاط مشاهد يكون فيها الشخص عابسا.

لكن عدم تمكن كاميرا ""نيكون" المصنوعة أصلا في اليابان حيث العيون القوقازية، من التعرف على حجم وقياس العيون الآسيوية، أثار غضب عدد كبير من المستخدمين، الذي لم يجدوا بدا من تفسير الأمر على أنه "عنصرية."

لكن واقع الحال لا يقول ذلك، إذ تبدو تلك "الغلطة،" غير مقصودة تماما، وليست إلا قصورا في الطريقة التي تعمل بموجبها تقنية التعرف على الوجوه الجديد، وفقا لما أكده عدد من الخبراء ومسؤولي الشركات.

عنصرياً دون أن يدري

الى ذلك ذكرت دراسة جديدة أن أشخاصاً كثيرين ينطوون على اتجاهات عنصرية، دون وعي مهم، في حين أنهم يعدّون أنفسهم متسامحين ومحترمين لقيم المساواة.

وقالت كيري كاواكامي، المشرفة على الدراسة، والأستاذة المشاركة في قسم علم النفس بجامعة يورك بمدينة تورنتو الكندية، إن "هذه الدراسة، وكثير من الدراسات التي أجريت في إطار علم النفس الاجتماعي، تؤكد أنه مازال هناك الكثير من الاعتقادات السلبية حول السود."

وأضافت أن "الناس يميلون إلى التسامح إزاء العنصرية، لا مواجهتها." بحسب (CNN).

وقام الباحثون بتقسيم 120 مشارك غير أسود في فئتين: الأولى هي الفئة التي تخضع للتجربة، في حين أن الفئة الثانية هي التي يقتصر دورها على إظهار توقعاتهم.

وقد وضعت الفئة الأولى في غرفة، إلى جانب شخصين واحد أسود والآخر أبيض، وهذان الشخصان يلعبان دوراً ضمن ثلاثة سيناريوهات مخطط لها مسبقاً، من أجل فحص التجربة.

السيناريو الأول بدأ حينما قام الشخص الأسود بضرب الشخص الأبيض على ركبته حينما همّا بمغادرة الغرفة. وفي هذا السيناريو، لم يقم الشخص الأبيض بالتفوه بأي كلمة.

وفي السيناريو الثاني، بعد أن قام الشخص الأسود بمغادرة الغرفة، قال الشخص الأبيض "أكره حين يقوم السود بهذه الأفعال."

أما في السيناريو الثالث، فوجه الشخص الأبيض شتائم للشخص الأسود، ووصفه بأنه "أخرق."

في الغضون، فإن الفئة الثانية عليهم فقط أن يتنبؤوا كيف يمكن أن يتصرفوا في مثل هذه الظروف.

وقد أظهر الأشخاص في الفئة الأولى انزعاجاً قليلاً في السيناريوهات الثلاث، وكان انزعاجهم أقل بكثير من الضيق الذي أظهره الأشخاص في الفئة الثانية، إزاء ما حدث في السيناريوهين الثاني والثالث.

وقالت الباحثة المشاركة في الدراسة، إليزابيث دن، وهي أيضاً أستاذة مساعدة لعلم النفس في جامعة بريتيش كولومبيا في فانكوفر، إن المفاجئ هو أن "التلفظ بعبارات جارحة جداً لم يجعل الناس منزعجين."

وبعد تلك التجربة، طلب من المشاركين في الدراسة التي نشرت في مجلة "ساينس" أن يختاروا الشخص الأسود أو الشخص الأبيض كشريك لاختبار أحجية المفردات.

وقد اختار أكثر من نصف أفراد الفئة الأولى الشخص الأبيض، متجاهلين قسوة العبارات التي تلفظ به قبل قليل.

أما بالنسبة إلى أفراد الفئة الثانية، فإن أقل من النصف اختاروا الشخص الأبيض حينما تلفظ بتلك العبارات (أي في السيناريوهين الثاني والثالث)، في حين أن معظمهم اختاره حينما لم ينبس ببنت شفة.

وقالت كاواكامي إن "بعض الأشخاص ربما يظنون بأنهم متسامحين جداً وأنهم غير مدفوعين بتحيزاتهم.. بينما هم في الحقيقة ينطوون على هذه التحيزات الخفية."

وهذه الدراسة الجديدة أكدت على نتائج دراسات جرت في العقود الماضية، وهي أن الناس سيئون جداً في توقع سلوكهم في مواقف حساسة اجتماعياً.

وكان أنتوني غرينوالد، أستاذ علم النفس في جامعة واشنطن، قد أجرى وزملاءه دراسة أظهرت أن 75-80 في المائة من الناس (في الولايات المتحدة) لديهم تحيزات ضمنية وغير صريحة، ضد السود.

ويتضمن الموقع الإلكتروني لهم (Project Implicit)، اختبارات يمكن للمتصفحين أن يقارنوا توقعاتهم الشخصية باتجاهاتهم الأساسية إزاء أناس، استناداً إلى قضايا اجتماعية مختلفة، مثل العنصر والسن والبدانة. ولكن السؤال الذي ينبغي أن يُطرح هو: من هو المسؤول عن تشكل هذه الاتجاهات؟

يقول الخبراء إن من بين الجهات التي تتحمل المسؤولية الصور في الأخبار والتلفزيون والأفلام التي تصور السود، نمطياً، بصورة سلبية.

وأوضح غرينوالد بأنه لا يعتقد "بأنه ما يوجد داخل عقول الناس يمكن أن يتغير، إلا إذا تغيرت البيئة التي تزرع هذه الأشياء في عقولهم." ويفيد الخبراء أيضاً بأن الوالدين لهما تأثير كبير.

ففي إحدى الدراسات التي قامت بها الأستاذة دن، أظهرت أن الوالدين إذا كانا ينطويان على مواقف إيجابية تجاه السود، وكان لهما علاقة طيبة بأطفالهما، فإن هؤلاء الأطفال -من ثم- سينمّون موقفاً أكثر إيجابية تجاه السود أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/كانون الثاني/2010 - 12/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م