الأطفال والصحة النفسية: الصدَمات في الصِغر عوارضٌ في الكِبَر

 

شبكة النبأ: فيما قال باحثون أن القدرة على التقاط الإشارات غير اللفظية والاجتماعية وفهمها والتجاوب معها بصورة صحيحة يمكن أن يساعد الأطفال على تجنّب الرفض وتطوير علاقات ايجابية. اكتشفَ علماء ألمان أن توتر الطفولة يحوِّل الأطفال وراثياً حتى يصبحوا كباراً متوترين، ووجدوا أن التوتر في أي سن مبكرة يغير بشكل دائم التعبير عن جين رئيسي في المخ مما يسفر عن مستويات مرتفعة من هرمون طيلة الحياة يسهم في الشعور بالإحباط.

وفي جانب مرادف وجدت دراسة بريطانية أن الحرمان النفسي والاقتصادي والاجتماعي في فترة الطفولة قد يتطور على المدى الطويل إلى مشاكل صحية تزيد من فرص الإصابة بأمراض متصلة بالتقدم في السن.

عوامل اكتساب المهارات الاجتماعية

قال باحثون ان القدرة على التقاط الاشارات غير اللفظية والاجتماعية وفهمها والتجاوب معها بصورة صحيحة يمكن ان يساعد الاطفال على تجنب الرفض وتطوير علاقات ايجابية.

وقال علماء في المركز الطبي لجامعة راش في شيكاجو ان العوامل الاساسية التي تعرفوا عليها يمكن ان تساعد ايضا في تطوير اختبارات فحص افضل وعلاجات للاطفال الذين يعانون من صعوبات تعلم اجتماعية وعاطفية.

وقال كلارك ماكون مدير البحوث في مركز السلوك العصبي والذي قاد فريق البحث "عدد الاطفال الذين لا يمكنهم التغلب على كل تلك الخطوات ويواجهون خطر الرفض الاجتماعي.. مذهل."

ويقول الباحثون ان حوالي اربعة ملايين من تلاميذ المدارس -يمثلون 13 في المئة- في الولايات المتحدة لديهم صعوبات تعلم اجتماعية عاطفية.

وقال ماكون في بيان "انهم ببساطة لا يلحظون الطريقة التي يتهدل بها كتفا شخص ما تعبيرا عن خيبة امل.. او يسمعون التغير في نبرة صوت شخص ما حين ينفعلون.. او يستوعبون ما اذا كان وجه شخص يظهر الغضب او الحزن."بحسب رويترز.

وفي دراستين كتبت عنهما مجلة الطب النفسي الاكلينيكي للطفل والمراهق اكتشف ماكون وفريقه ان التعرف على الاشارات غير اللفظية والتجاوب معها امر اساسي في تطوير مهارات لتكوين صداقات والاحتفاظ بها وتجنب المشاكل في وقت لاحق من الحياة.

ولا يتعرف بعض الاطفال على الاشارات في حين لا يفهم صغار اخرون معناها أو لا تكون لديهم القدرة على الاستماع لصوت العقل في المشاكل الاجتماعية.

ودرس العلماء 158 طفلا في مدارس في شيكاجو بولاية ايلينوي. ووجدوا ان الاطفال الذين فهموا الاشارات وتجاوبوا معها بصورة ملائمة كان مرجحا بدرجة اكبر ان يكونوا صداقات ناجحة. واضاف ماكون "سيكون ممكنا الان تحديد القدرات التي يحتاجها طفل للتطور.. و(سيكون ممكنا) تقديم المساعدة."

توتّر الأطفال يجعلهم متوترين عند الكبر

واكتشف علماء ألمان أن توتر الطفولة يحول الأطفال وراثيا حتى يصبحوا كبارا متوترين. ووجدوا أن التوتر في أي سن مبكرة يغير بشكل دائم التعبير عن جين رئيسي في المخ مما يسفر عن مستويات مرتفعة من هرمون طيلة الحياة يسهم في الشعور بالإحباط.

وفي الدراسة، قام فريق من الباحثين بوضع صغار فئران تجارب في حالة توتر بفصلها عن أمهاتها لمدة ثلاث ساعات يوميا خلال الأيام العشرة الأولى لولادتها. والفئران الأخرى بقيت مع أمهاتها بإستمرار لتكون مثل وسائل تحكم.

ووفقا لافتراض شائع ، فإن البيئة تؤثر في الصحة العقلية من خلال إحداث تغييرات في المواصفات الجسدية للجينوم الذي يؤثر في التعبير الجيني، الأبيجينوم. ويدعم البحث الجديد تلك الفرضية بالإشارة إلى أن تأثير نقص مستوى محتوى الميثايل في الحمض النووي وهو واحد من أكثر أشكال الأبيجينوم التي درست، قد يفسر السبب فى أن رعاية الأمومة لها تأثير طويل الأمد في السلوك والهرمونات. بحسب د ب أ.

وللكشف عما إذا كان تأثير نقص مستوى محتوى الميثايل في الحمض النووي وراء التغييرات المصاحبة للتوتر الحادث في فترة عمرية مبكرة، اختبر عالما البيولوجيا الجزئية كريس مورجاترويد وديتمار سبينجلر من معهد ماكس بلانك لعلم النفس في ألمانيا وزملاؤهما نماذج تأثير نقص مستوى محتوى الميثايل في الحمض النووي في الفئران التي فصلت عن أمهاتها لمدة ثلاث ساعات يوميا خلال الأيام العشرة الأولى لولادتها.

وعلى نحو خاص، بحث الباحثون عن الاختلافات في الجين الذي يحمل رمز أرجيناين فازوبرسين ''أيه في بي'' وهو هرمون مرتبط بالمزاج والسلوكيات الإدراكية.

الطفولة التعيسة تؤثر على الصحة عند تقدّم السن

وفي سياق مرادف وجدت دراسة بريطانية أن الحرمان النفسي والاقتصادي والاجتماعي في فترة الطفولة قد يتطور على المدى الطويل إلى مشاكل صحية تزيد من فرص الإصابة بأمراض متصلة بالتقدم في السن.

وفي هذه الدراسة التي نشرت في عدد ديسمبر/كانون الأول من دورية "أرشيف طب الأطفال والمراهقين"، تم إجراء تقييم نفسي لأكثر من ألف شخص شخصاً ولدوا في نيوزيلندا بين أبريل/نيسان 1972 و مارس/آذار 1973 خلال السنوات العشرة الأولى من حياتهم.

وتابع فريق علمي من جامعة "كينغز كوليج لندن" المشاركين حتى بلوغهم سن 32 عاماً، حيث أخضعوا لاختبارات إزاء عوامل خطر الإصابة بأمراض ذات صلة بهذه المرحلة من العمر، وهي: الاكتئاب ، ومعدلات الالتهاب العالية، بالإضافة إلى مشاكل الأيضية المتعددة ( مثل ارتفاع ضغط الدم ومستويات الكوليسترول غير الطبيعية وزيادة الوزن). بحسب سي ان ان.

وكشفت النتائج أن المشاركين البالغين من عانوا في مرحلة الطفولة، أكثر عرضة للإصابات بأمراض تلك السن، وزادت بينهم احتمالات الإصابة بالاكتئاب بنحو 31 في المائة، و12 في المائة لأمراض الالتهاب، و31 في المائة لخطر الاضطرابات الأيضية.

وتتلو الدراسة بحث مماثل لفت إلى أن الطفولة التعيسة، والتعرض للإساءة البدنية واللفظية أثناء تلك المرحلة التأسيسية، قد تقصر العمر.

ووجد المسح الذي أجرته "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية" في أتلانتا، وشمل أكثر من 17 ألف بالغ، أن الأفراد ممن تعرضوا لستة أو أكثر من تجارب تعرف بـ "تجارب طفولة غير مواتية" adverse childhood experience ACEs، قبيل بلوغ سن الـ18، أكثر عرضة، وبواقع الضعف، للموت مبكراً عن سواهم من لم يعاني من مثل هذه التجربة.

وقال الباحث، ديفيد براون، الذي قام بالدراسة: "نأمل أن تدفع نتائج هذه الدراسة لمزيد من الاعتراف بأن سوء معاملة الأطفال وتعرضهم لإجهاد نفسي بمختلف الأشكال، كمشكلة صحية عامة."

أدمغة الأطفال تتأثر بالصدمات النفسية

الصدمات النفسية التي يتعرض لها الأطفال تؤثر في الدماغ، كما أنَّها تؤدي إلى خلل في وظيفة قرن «آمون» في المخ، وهي المنطقة التي تختزن فيها الذكريات، وتسترجعها، وذلك حسب ما أثبته علماء في جامعة  ستانفورد الأميركية.

وأشار الخبراء إلى أنَّ هذه الدراسة تعلل سبب تصرف الأطفال الذين تعرضوا للصدمة بطريقة مختلفة، مقارنة بالأطفال الذين يتمتعون بصحة عقلية طبيعية.

كما بيَّن الخبراء أنَّ معاملة الأطفال بطريقة سيئة، أو مشاهدتهم لحوادث عنيفة، تدفعهم إلى العزلة، والانفصال عن عالم الواقع، هذا بالإضافة إلى الأفكار الغريبة التي تستحوذ على سلوكهم. والجدير بالذكر أنَّ اضطرابات ما بعد الصدمة لا تتعلق فقط بالذكريات المؤلمة، بل تتعلق بالحياة اليومية أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/كانون الثاني/2010 - 10/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م