نووي إيران والمخابرات الغربية في لعبة الغش والاختفاء

طهران: الأساطيل البحرية أفضل الأهداف وواشنطن تتهيأ للأسوأ

 

شبكة النبأ: ليس هناك تفسير للتحركات والمناورات العسكرية الإيرانية المكثفة الأخيرة والتي تعمد الإيرانيون في خلالها إظهار أنواع حديثة من الصواريخ والسفن الحربية إلا أن القيادة الإيرانية تدرك تماما أن خطر الضربة العسكرية الأمريكية ضدها ربما يكون قادما، وتعي أن قيادة الرئيس الأمريكي بوش التي اعترفت بفساد المعلومات الاستخبارية في حالة العراق لن تتورع عن القيام بعمل عسكري ضدها، ولهذا واصل الإيرانيون استعداداتهم وحددوا خياراتهم بوضوح.

وليس هناك -على الساحة الأمريكية- في الوقت نفسه حديث إلا عن الخيارات العسكرية وأيها الأجدى والأكثر فاعلية في تركيع الإيرانيين والتخلص من الحكم الإيراني الحالي؛ الأمر الذي يجعل تخيل سيناريو الحرب وما بعدها وكيفية الرد الإيراني المتوقع أحد المحاور الجديدة في النزاع الإيراني الغربي الدائر منذ نحو 3 سنوات.

فيما يضع محللون من شتى وكالات الاستخبارات الأميركية اللمسات الأخيرة على تقييم استخباري جديد حول البرنامج النووي الإيراني، من المتوقع أن يصدر قريبا، كشفت مصادر أميركية قريبة من الملف الإيراني أن التقييم الاستخباراتي الجديد يخلص إلى أن هناك معلومات تشير لوجود أدلة على أن طهران تعمل في أبحاث خاصة بالأسلحة النووية إلا أنها لم تدشن بعد برنامجا لتصنيع قنبلة نووية بشكل كامل.

الأبحاث النووية

حيث خلصت وكالات الاستخبارات الأمريكية في معلوماتها الجديدة عن إيران الى وجود أدلة متزايدة على إن طهران مضت قدما في أبحاثها الخاصة بالأسلحة النووية لكنها لم تطلق برنامجها لتصنيع قنبلة ذرية بشكل كامل.

ويضع محللون من شتى وكالات الاستخبارات الأمريكية اللمسات الأخيرة على تقييم استخباري معدل من المتوقع إن يقرب الموقف الأمريكي أكثر من موقف الحلفاء الأوروبيين بشأن البرنامج النووي لإيران. بحسب رويترز.

واختلف عدد من الاستخبارات الأوروبية مع التقييم الاستخباري القومي الأمريكي الصادر عام 2007 والذي جاء فيه ان إيران أوقفت أبحاثها لوضع تصميم للقنبلة الذرية والأنشطة الأخرى المتصلة بالأسلحة كما أوقفت برنامجها السري لمعالجة اليورانيوم وتخصيبه عام 2003.

وأقر مسئولون أمريكيون بأن بعض ما ورد في تقرير عام 2007 بحاجة الى مراجعة. لكنهم توقعوا ظلالا من الاختلاف لا تغييرا كاملا في التقييم الجديد المتوقع أن يستكمل خلال أسابيع.

وقال مسئول أمريكي طلب عدم نشر اسمه في الأساس نحن نتحدث عن (استئناف) الأبحاث... لا عن تعبئة إيران لكل طاقاتها في برنامج لتصنيع قنبلة.

تهديد أساطيل الغرب

من جهته هدد وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة الإيراني، العميد أحمد وحيدي، بأن الأساطيل البحرية الغربية في مياه الخليج ستكون "أفضل أهداف" الجيش الإيراني في حالة تعرض بلاده للهجوم، وفي ذات الوقت، قال رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، إن التهديدات الأميركية والإسرائيلية ضد إيران جوفاء.

وقال وحيدي، إن المنطقة باتت تحتل مكانة رئيسة بسبب موقعها كونها تشكل نقطة تلاقي مصالح القوى الكبرى. بحسب CNN.

وذكر المسئول العسكري أن تواجد الأمريكان بعد عهد الاستعمار البرتغالي والبريطاني في المنطقة والحروب الأخيرة جعلت من هذه المنطقة تحمل طابعا أمنيا مما يحول دون ازدهارها من الناحية الاقتصادية أو الثقافية.

وأشار إلى انتشار الأساطيل والسفن الحربية بمنطقة الخليج قائلا إن أكثر من 90 عوامة حربية سواء غواصة أو ناقلة طائرات ومروحيات تنتشر حاليا في هذه المنطقة التي أصبحت منطقة عسكرية بحتة.

وتابع قائلاً: هل أن الهدف من انتشار الأساطيل الغربية في المنطقة هو إيران؟ إذ يعلم الغربيون أن هذه الأساطيل ستكون أفضل هدف لعملياتها إذا ما تعرض الوطن لأي عدوان.

وتطرق كذلك إلى انتشار القواعد العسكرية للدول الأجنبية بما فيها الولايات المتحدة في المنطقة، مصرحاً أن الهدف من ذلك هو الحفاظ على المصالح الأمريكية فيها.

وسبق وأن هدد وزير الدفاع الإيراني في وقت سابق من أن قوة بلاده الصاروخية الرادعة أقوى مما يتصور الأعداء.

وتزامن التصريح الأخير مع حديث أدلى به قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال ديفيد بترايوس، في التاسع من الشهر الجاري، كشف فيه أن الولايات المتحدة أعدت خطط طوارئ للتعامل مع منشآت إيران النووية، بالإضافة إلى خياري الدبلوماسية والعقوبات.

ورغم أن بترايوس رفض الإفصاح عن تلك الخطط، في مقابلة مع الشبكة تبث، إلا أنه ذكر أن الجيش الأمريكي نظر في الآثار المترتبة على أي إجراءات قد تتخذ ضد طهران.

ويتخوف الغرب من البرنامج النووي الإيراني بدعوى أن الهدف منه إنتاج سلاح نووي، وتجزم إيران بأنه لأغراض سلمية لتوليد الطاقة.

وتصف إسرائيل البرنامج النووي الإيراني بأنه التهديد الأكبر في مواجهة الدولة العبرية.

وحول التقارير الرائجة بشأن ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، رفض المسئول العسكري التعقيب عن القدرات العسكرية الإسرائيلية، مشيراً إلى أن إيران عززت تلك المواقع النووية والأنفاق الأرضية.

إلا أنه أكد أنها غير محصنة ضد القنابل، وأضاف منوهاً: بالتأكيد من الممكن قصفها، مدى فعالية ذلك يختلف باختلاف الجهة التي ستنفذ ذلك، ونوعية الذخائر التي لديهم.

رمي الكرة في ملعب الغرب

وبعد ان أصبحت مهددة بالفعل بسلسلة جديدة من العقوبات الدولية، سعت ايران الى رمي الكرة في ملعب الدول الغربية معربة عن استعدادها للتفاوض حتى نهاية الشهر الحالي للتوصل الى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم.

وبينما كان الأوروبيون والأميركيون قد حددوا نهاية العام 2009 مهلة لإيران للرد على عرض تخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج، اعلن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي ان بلاده تمهل الدول الغربية حتى نهاية الشهر الحالي للقبول بشروطها.

وقال متكي حسب ما نقل عنه التلفزيون الإيراني لدى المجتمع الدولي مهلة شهر للرد على الاقتراحات الإيرانية المضادة، والا فان طهران ستعمد الى تخصيب اليورانيوم بنسب اعلى.

وتشكل مسألة تخصيب اليورانيوم محو صراع قوى بين ايران وقسم من المجتمع الدولي الذي يخشى استخدام ايران للوقود النووي لغايات عسكرية.بحسب فرانس برس

واعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمنبارست ان مهلة الشهر التي تحدث عنها وزير الخارجية الإيراني تم الاتفاق عليها قبل شهر مع الدول الغربية للتوصل الى اتفاق بشأن تبادل الوقود النووي.

وقال المتحدث قررت الجمهورية الاسلامية استنادا الى المفاوضات التي اجرتها مع الاطراف المعنية، انتاج الوقود الذي تحتاجه لمفاعل طهران ان لم تحصل عليه من الخارج.

ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن المتحدث قوله ان الاطراف الاخرى طلبت من الجمهورية الاسلامية منحها شهرين للتوصل الى اتفاق، وقد وافقنا على ذلك.

واضاف "لقد مضى شهر، وبذلك يبقى هناك شهر قبل ان تتخذ ايران القرار الذي يفرض نفسه، ان لم يتم التوصل الى اتفاق.

وكانت ايران رفضت مهلة نهاية السنة التي حددها الرئيسان الاميركي باراك اوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي، للموافقة على مشروع الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يقضي بان تسلم ايران القسم الاكبر من مخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب لزيادة تخصيبه الى نسبة 20% في روسيا ثم تحويله الى وقود في فرنسا.

ورفضت ايران هذا العرض الذي يهدف حسب الدول الغربية الى اقرار "جو من الثقة" واقترحت بالمقابل تبادلا لليورانيوم بالتوازي وبكميات قليلة. كما طلبت ايران ان يتم هذا التبادل في ايران قبل ان تتخلى عن هذا الشرط وتطرح امكنة اخرى مثل البرازيل واليابان او تركيا. ولم يصدر اي رد فعل من الدول الغربية على هذا الاقتراح الايراني الا انها سبق وأعلنت رفضها مبدأ تبادل اليورانيوم على مراحل.

هذا الرفض وادانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لسياسة ايران في المجال النووي دفعا الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد الى الإعلان في مطلع كانون الاول/ديسمبر عن ان ايران ستقوم بنفسها بتخصيب ما تحتاج اليه من اليورانيوم بنسبة 20% وان "الملف قد اغلق.

واعتبر المتحدث باسم مجلس الامن القومي الاميركي مايك هامر ان ايران "تعزل نفسها بفرضها مهلة نهائية على الدول الكبرى للموافقة على تبادل اليورانيوم وفقا لشروطها هي وليس لشروط الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وراى ان العرض الذي قدمته الوكالة الذرية لطهران بشأن تخصيب اليورانيوم الايراني في الخارج هو عرض كاف ولا ضرورة لادخال شروط جديدة عليه.

ومن المقرر ان تتشاور الدول الكبرى الست خلال الايام القليلة المقبلة حول طبيعة العقوبات الجديدة التي ستفرضها على ايران ويمكن ان تنتقل هذه المشاورات الى داخل مجلس الامن منتصف الشهر الحالي.

وقد سبق ان اصدر مجلس الامن خمسة قرارات ضد ايران، ثلاثة منها مرفقة بعقوبات، وذلك بسبب رفضها وقف تخصيب اليورانيوم.

الباب لا يزال مفتوحا

من جهتها قالت الولايات المتحدة ان الباب لا يزال مفتوحا امام ايران لتنفيذ مطالب المجتمع الدولي بشان تطلعاتها النووية، الا انها حذرت من انها تجري مناقشات مع حلفائها حول الخطوات التالية التي من بينها فرض عقوبات على ايران.

وقال بيل بيرتون المتحدث باسم البيت الابيض ان الباب لا يزال بالطبع مفتوحا لايران لكي تفعل الصواب وتفي بالتزاماتها الدولية.

واضاف سنطبق العملية المناسبة لمحاولة احضارهم (الايرانيين) الى الطاولة وجعلهم يفعلون ما عليهم ان يفعلوه بالضبط" مشيرا الى ان فريق الامن القومي التابع للرئيس الاميركي باراك اوباما وغيره من كبار المستشارين سيجتمعون الاسبوع المقبل لتحديد الخطوات التالية التي يجب اتخاذها.بحسب فرانس برس

من ناحيتها قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان الولايات المتحدة ناقشت مع حلفائها ممارسة ضغوط وفرض عقوبات على ايران بسبب تطلعاتها النووية. وقالت كلينتون لقد بدأنا مناقشات مع شركائنا والدول التي تشاطرنا الرأي حول الضغوط والعقوبات.

واضافت ان هدفنا هو الضغط على الحكومة الايرانية" خاصة عناصر الحرس الثوري دون زيادة معاناة الايرانيين العاديين الذين يستحقون افضل مما يحصلون عليه حاليا.

من جهتها دعت الصين الى استئناف المفاوضات في اسرع وقت ممكن لحل ازمة الملف النووي الايراني، مؤكدة انه ما زال هناك مكان" للجهود الدبلوماسية لمعالجة هذا الملف.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية جيانغ لو خلال مؤتمر صحافي نحن نعتبر ان الحوار والتفاوض هما السبيلان المناسبان لحل مسألة الملف النووي الايراني. واضافت ما زال هناك مجال للجهود الدبلوماسية ونأمل ان يعتمد جميع الاطراف سياسات اكثر ليونة وبراغماتية لتعزيز الجهود الدبلوماسية واستئناف المفاوضات في اسرع وقت ممكن.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية جيانغ يو ان بلادها "اخذت علما" بالمعلومات التي افادت باستعداد ايران لمواصلة المفاوضات على اتفاق حول تخصيب اليورانيوم حتى آخر كانون الثاني/يناير.وقالت ايضا تؤيد الصين اجماع الاطراف المعنية كافة وفي اسرع وقت ممكن على نص الاقتراح الذي قدمته" الوكالة الدولية.

عدم امتلاك  الجرأة

من جانبه قال رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني ان امريكا واسرائيل لاتجرآن على ارتكاب أي حماقة عسكرية ضد ايران وبناها التحتية.

واوضح لاريجاني في تصريح صحافي على هامش ملتقى (غزة اسطورة المقاومة) الذي عقد هنا اليوم "ان الساسة الامريكيين والاسرائيليين هددوا بضرب ايران وبناها التحتية على المدى السنوات الماضية لكن تصريحاتهم بقيت جوفاء تؤكد عجزهم عن القيام بأي

فعل تجاه ايران. بحسب كونا.

وفي كلمة له خلال الملتقى الذي عقد بمناسبة الذكرى الاولى للعدوان الاسرائيلي على غزة قال لاريجاني ان المقاومة باتت الخيار الوحيد في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي بعد فشل مشاريع التسوية.

واضاف ان مشاريع التسوية والمؤتمرات المرتبطة بها لم تمنح الشعب الفلسطيني حقا واحدا من حقوقه المغتصبة واصفا المشاريع الامريكية للتسوية بأنها "ضحك على الذقون" فيما خارطة الطريق مهزلة.

واعتبر لاريجاني ان الطريق الوحيد لحصول الفلسطينيين على حقوقهم يتمثل بخيار المقاومة الذي اثبت فاعليته في حربي لبنان وغزة لافتا الى ان الحلفاء الغربيين للكيان الاسرائيلي لم يستطيعوا انقاذه من هزيمته العسكرية امام المقاومة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/كانون الثاني/2010 - 7/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م