صفات القائد السياسي وتأثيرها على الناخبين

قبسات من فكر المرجع الشيرازي

 

شبكة النبأ: إذا ما عكسنا تأريخنا الاسلامي في حلقاته المشرقة على واقعنا السياسي الراهن، فإننا نستطيع أن نصل الى نماذج لا تُضاهى من القادة السياسيين الذين تحلّوْا بصفات أهلتهم لقيادة المسلمين آنذاك وجعلت منهم نماذج يُحتذى بها ليس في المجال السياسي وادارة شؤون الدولة الاسلامية فحسب، بل حتى في الجوانب الاخرى التي تتمثل بالقيم والاخلاق والسلوكيات التي تنم عن عظمة هذه الشخصيات.

ولنا في نبينا الأكرم محمد صلى (ص) نموذجا أعظم ليس للمسلمين حصرا بل للانسانية جمعاء وكذلك لنا في الامام علي عليه السلام وقيادته القائمة على المساواة والعدل نموذجا يُحتذى به ويُستمَد منه أقوى وأصحّ التجارب سواء في ميدان السياسة او غيرها.

ولعلنا لا نأتي بجديد اذا قلنا أن شخصية القائد السياسي وصفاته هي التي تؤهله للوصول الى قلوب الناس ووجدانهم وبالتالي الاقتناع به كقائد يسيّر لهم شؤونهم في المجالات كافة، بمعنى أن الركيزة الاولى التي يتند إليها القائد هي سماته وصفاته الشخصية الأصيلة، ولعلها تمثل تأشيرة الدخول الى ضمائر الرعية والاقتناع به من خلال طبيعة شخصيته ومميزاته التي ينبغي أن تكون متفردة.

وفي الحديث عن ساسة الحاضر، من المهم أن يعي هؤلاء جميعا بأنهم ملزمون بالبحث عن النماذج الاسلامية الراسخة في الميدان السياسي ثم معرفة طبيعة شخصياتهم وافكارهم وسلوكهم وكيفية ادارتهم للدولة الاسلامية ابان عظمتها وعلو شأنها، لأن هذا التمثّل بمثل هذه الشخصيات الفريدة يساعد الساسة على تحقيق اهدافهم بأقل الجهود وأقصر الطرق من خلال صقل شخصياتهم ومن ثم تأثيرها في الناس، يقول سماحة المرجع الديني آية الله العظمى صادق الحسيني الشيرازي بكتابه القيم (السياسية من واقع الاسلام) في هذا المجال:

(القائد تكون أعمالُهُ درساً للشعب، ومنهاجاً للأجيال، ولذلك كان القائد متحملاً لما يمارسه الشعب نتيجة تعلمه منه، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. والحياة الشخصية للقائد أدق مدرسة للأجيال المتمسّكة بذلك القائد، ولهذا كان من سياسة أمير المؤمنين عليه السلام بناء حياته الشخصية على الإيمان والزهد).

ولهذا يحتاج القائد المعاصر للنموذج الذي يساعده على كسب قلوب الناس من خلال تمثله لصفات وسمات النموذج، وفي عصرنا الحديث وتجربتنا الجديدة في العراق أصبح لصوت الناخب تأثيرا واضحا في اختيار الساسة، وصار من الملزم لهؤلاء أن يقنعوا الناخب بصفاتهم ومواصفاتهم الشخصية المكتسبة من نماذجنا القيادية الاسلامية الراسخة في قلب التأريخ، ولعل أهم خطوات الاقناع تتمثل بصدق القائد وتفضيله لمصالح الرعية على مصالحه الفردية او العائلية، كذلك عليه أن يضع حدا قاطعا بينه وبين المال العام (على العكس مما يحدث الآن من تطاول واختلاسات كبيرة لأموال الناس الفقراء من قبل المسؤولين) وهنا يذكر سماحة المرجع الشيرازي في كتابه نفسه جانبا من سيرة حكم الامام علي عليه السلام لكي يرعوي ساستنا المعاصرين:

(أربع سنوات أو أكثر قضاها أمير المؤمنين عليه السلام بين الكوفة والبصرة، وهو الرئيس الأعلى للبلاد الإسلامية الواسعة الأطراف. وخلال هذه المدة الطويلة لم يشتر من مال المسلمين ثياباً لنفسه، ولم يأخذ من أموال البصرة والكوفة شيئاً لذلك. بل ظل على ثياب المدينة كل هذه المدّة الطويلة، إلا إذا اشترى من عطائه الخاصّ كأضعف مستضعف من مسلم آخر في طول البلاد الإسلامية وعرضها).

لذا على من يريد أن يقود الناس أن يتمثّل بصفات قادتنا العظام وإيثارهم وروحهم الكبيرة التي تقدم الغير على مصالحها سواء في المال او الملبس او المأكل او أية فوائد دنيوية زائلة، وهنا نذكر ما ورد في كتاب (السياسة من واقع الاسلام) لسماحة المرجع الشيرازي من باب تذكير ساسة الحاضر، عما كان يسير عليه الامام علي عليه السلام بخصوص المأكل فيقول:

(في الوقت الذي عمت الخيرات بلاد المسلمين وبفضل الإسلام، فكان المسلمون وغير المسلمين يرفلون في نعيم من الطيبات. وكانت الكوفة ـ عاصمة أمير المؤمنين عليه السلام ـ لا تجد بها إلا المنعَّم من الناس.

في مثل هذا الظرف تجد سيد الكوفة، وسيد البلاد الإسلامية، وزعيم الإسلام: أمير المؤمنين عليه السلام لا يأكل حتى ما يأكله أدنى الناس).

وهكذا ينبغي أن يتمثل قادة اليوم بقادة تأريخنا المشرق ليفوزوا برضى الناس.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/كانون الثاني/2010 - 7/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م