الحريات الإعلامية في ايران: حظر متواصل لاقتلاع المعارضة المتزايدة

 

شبكة النبأ: أنذرت السلطات الايرانية معارضيها من مغبة استخدام البريد الالكتروني والرسائل النصية لتنظيم التظاهرات والتجمعات المناهضة للنظام. فيما قال محامي رئيس تحرير صحيفة سرمايه الايرانية ان موكّله صدر عليه حكم بالسجن تسع سنوات بتهمة اثارة اضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو حزيران.

وفي هذه الغضون ذكر موقع اصلاحي على الانترنت أن مجلس الرقابة على الصحف في ايران حظر نشر صحيفة اصلاحية كبرى قريبة من زعيم المعارضة مير حسين موسوي. في حين قالت وسائل اعلام إن محكمة ايرانية حظرت مجلة اسبوعية بتهمة التشهير ونشر الأكاذيب، بسبب إدعاءات بإهانة الرئيس الإيراني الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني.

من جهته قال مدير جهاز الشرطة الايراني الجنرال اسماعيل احمدي مقدم إن السلطات تراقب وسائل الاعلام بما فيها الانترنت، وانه ستتم معاقبة الذين يستخدمونها لغير اغراضها.

واضاف الجنرال مقدم بأن على انصار المعارضة عدم التوهم بأنهم سيكونون بمنأى من العقاب باستخدام طرق مبهمة لايصال رسائلهم. بحسب رويترز.

وكانت السلطات الايرانية قد عمدت الى حجب عدة مواقع مؤيدة للمعارضة وايقاف خدمات الرسائل النصية بعد الاحتجاجات التي اندلعت عقب الانتخابات الرئاسية الاخيرة.

يذكر ان مؤيدي المعارضة الايرانية، الذين يفتقرون الى صحف تنطق باسمهم، التجأوا الى الوسائل الالكترونية للاتصال فيما بينهم ومع العالم الخارجي لتنظيم التظاهرات ونشر صورها.الا ان الجنرال مقدم اكد على ان القيام بنشر خطط المعارضة لمؤيديها نشاط يستحق عقابا مشددا.

وقال: إن على الذين يحرضون الآخرين على التظاهر والاحتجاج يجب ان يعلموا بأنهم يرتكبون جرما اكبر من اولئك الذين يتظاهرون في الشوارع.

ومعلوم أن معظم المواقع التي لها صلة بالمعارضة ممنوعة أصلا في إيران، لا سيما تلك التي تنشر مقالات تمجد المرشحين الخاسرين في الانتخابات الرئاسية المتنازع بشأنها والتي شهدتها البلاد في يونيو حزيران الماضي.إلا أن المعارضة تواصل تأسيس مواقع جديدة على الشبكة العنكبوتية طالما أنه ليس لها صوت في الاعلام الحكومي وتعتمد على الانترنت لنشر بياناتها ومقالاتها.

خامنئي يطلب من وسائل الإعلام أن تخفف حدة انتقاداتها

وقال التلفزيون الايراني الرسمي ان آية الله علي خامنئي طالب وسائل الاعلام الايرانية بعدم نشر أي شيء من شأنه أن يُسيء الى صورة الشخصيات السياسية البارزة في الجمهورية الاسلامية.

وعندما أسفرت الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في 12 يونيو حزيران عن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد بفارق كبير قال منافساه الاصلاحيان انها زورت وخرج آلاف الايرانيين الى الشوارع في أكبر احتجاجات مناهضة للحكومة في تاريخ الجمهوية الاسلامية الذي يمتد 30 عاما.

كما كشف نزاع الانتخابات عن انقسامات عميقة في المؤسسة الدينية والسياسية الايرانية التي تفتقر الى الشفافية عادة. بحسب رويترز.

وتدخلت وسائل الاعلام المحافظة في الجدال الدائر في الاسابيع الاخيرة منتقدة شخصيات بارزة مثل الرئيس الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني وهو منافس لاحمدي نجاد رفض نتيجة الانتخابات وتحدى سلطة خامنئي قبل أن يتراجع فيما يبدو.

وقال خامنئي أمام تجمع لميليشيا الباسيج الاسلامية "مثل هذه التقارير التي تشوه سمعة شخصيات بارزة في المؤسسة غير مقبولة."

وأضاف "سواء كانت هذه التقارير تتعلق بالرئيس أو رئيس البرلمان أو رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام". ويرأس رفسنجاني مجلس تشخيص مصلحة النظام المكون من رجال دين كبار ويستطيع نظريا عزل الزعيم الأعلى.

وقال خامنئي وهو صاحب القول الفصل في النظام السياسي الايراني المُعقد "يجب على بعض الصحف تفادي نشر شائعات عن كبار المسؤولين ومنح تغطية اعلامية لنزاعات صغيرة."

وشكك احمدي نجاد وحلفاؤه بشكل متكرر في مصدر ثروة أبناء رفسنجاني مشيرين ضمنيا الى أنهم استغلوا نفوذ أبيهم في تكوين ثروة. كما جدد خامنئي اتهامه للدول الغربية بأنها تشن "حربا ناعمة" لبث الفرقة بين حكام ايران وشعبها بعد اعلان نتيجة الانتخابات.

وقال "استغل اعداء ايران الانتخابات ذريعة لشن حرب ناعمة عن طريق بث النزاع والتشاؤم في صفوف الأمة... هدفهم هو إثارة الشقاق بين النظام والشعب."

وفي إشارة واضحة الى زعماء المعارضة الذين يقولون انهم لن يتوقفوا عن النضال من أجل تحقيق مزيد من الحرية في بلادهم قال خامنئي ان التصريحات والاجراءات المثيرة للانقسام التي يتخذها بعض الناس نابعة من "الجهل والاهمال" ودعا الى الوحدة.

السجن 9 أعوام لرئيس تحرير صحيفة ايرانية

من جهة اخرى قال محامي سعيد ليلاز رئيس تحرير صحيفة سرمايه الايرانية ان موكّله صدر عليه حكم بالسجن تسع سنوات بتهمة اثارة اضطرابات بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو حزيران.

ونقلت وكالة فارس شبه الرسمية عن المحامي محمود علي زادة طباطبائي قوله ان موكله أدين بالمشاركة في تجمعات غير مشروعة والحصول على معلومات سرية. وفي الشهر الماضي حظرت السلطات نشر صحيفة سرمايه اليومية.

وقال علي زادة طباطبائي "تم ابلاغي بالحكم شفهيا لكن بمجرد أن أتلقى الحكم الرسمي المكتوب سيكون أمامنا 20 يوما للاستئناف."

وعقدت ايران عدة محاكمات فيما يتعلق بالاحتجاجات التي أعقبت انتخابات يونيو التي فاز فيها محمود أحمدي نجاد بفترة رئاسة ثانية. وحكم على خمسة أشخاص بالاعدام وعلى أكثر من 80 اخرين بالسجن لمدد تصل الى 15 عاما.

وأغرقت الانتخابات ايران في أخطر أزمة داخلية منذ الثورة الاسلامية عام 1979 وكشفت عن انقسامات عميقة داخل النخبة الحاكمة وزادت من توتر العلاقات مع الغرب.

وذكر موقع مرشح الرئاسة المهزوم مهدي كروبي أن الصحفية هنكامه شهيدي مستشارة كروبي حكم عليها بالسجن لست سنوات وثلاثة أشهر.

وقال موقع (تغيير Tagheer) ان شهيدي أدينت بمحاولة الاضرار بالامن القومي وافساد النظام العام واثارة وقيادة أحداث شغب بالشوارع وقبول اجراء لقاءات مع هيئة الاذاعة البريطانية "المناهضة للثورة". وتم الافراج عن شهيدي بكفالة قدرها 90 ألف دولار.

وذكرت مواقع للمعارضة هذا الاسبوع أن شابور كاظمي صهر المرشح المهزوم مير حسين موسوي حكم عليه بالسجن عاما. وأفرج عنه بكفالة 50 ألف دولار. والحكمان قابلان للاستئناف.

ويرى محللون أن المحاكمات محاولة من السلطات لاقتلاع المعارضة ووضع نهاية للاحتجاجات الجماعية كتلك التي تفجرت عقب الانتخابات.

كما حكمت محكمة ايرانية على صحافي اصلاحي بارز بالسجن خمس سنوات مع النفاذ في اطار ملاحقات مرتبطة بتظاهرات الاحتجاج على اعادة انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد، على ما ذكر موقع الكتروني للمعارضة.

وقد اوقف احمد زيد عبادي اثناء حملة اعتقالات طاولت مسؤولين سابقين كبارا وصحافيين مؤيدين للمعارضة بعيد اعادة انتخاب الرئيس في 12 حزيران/يونيو. وهو قيد الاعتقال منذ ذلك الحين. وقال الموقع بدون ذكر المصدر "هذا الصباح، اقتيد زيد عبادي الى المحكمة وابلغ بعقوبة السجن خمس سنوات".

واوضح الموقع ان زيد عبادي، وهو اب لاربعة اولاد، سيسجن "في المنفى" في مدينة غناباد بشمال شرق ايران على بعد نحو الف كلم من طهران، مضيفا ان محاميه سيستأنفون الحكم.

ولا يوضح الموقع التهم الموجهة الى عبادي. ومعظم الاشخاص الذين دينوا في اطار الاضطرابات التي اعقبت الانتخابات الرئاسية وجهت اليهم تهم "المساس بالامن القومي" والدعاية ضد النظام والتحريض على الاضطرابات.

وكان يفترض ان يطلق سراح الصحافي بكفالة مطلع تشرين الاول/اكتوبر، لكن المدعي العام "منع الافراج عنه رغم دفعها (الكفالة)"، كما اورد الموقع موضحا ان قيمة الكفالة رفعت الاثنين الى 3,5 مليارات ريال (350 الف دولار).

فيلم بالهاتف المحمول ينقل لمحة من طهران

عندما واجهت سبيدة فارسي قيودا حكومية منعتها من تصوير فيلم وثائقي في العاصمة الايرانية طهران خلال فترة الانتخابات هذا العام لم تجد امامها سوى هاتفها المحمول.

وباستخدام كاميرا هاتف محمول من طراز (نوكيا ان95) تجولت فارسي في شوارع طهران لتسجل محادثات مع سائقي سيارات الاجرة ونساء في صالونات التجميل ومع ممثلين وحواة وشبان في المقاهي.

وكانت النتيجة فيلما وثائقيا مثيرا عن الحياة في العاصمة المزدحمة للبلاد الخاضعة لعقوبات دولية بسبب طموحاتها النووية وما شهدته من أسوأ اضطرابات منذ الثورة الاسلامية عام 1979.

لم تكن فارسي مجرد مراقبة لما يحدث لانها كانت توجه المحادثات وقضت ستة اشهر لاعداد مادة جمعتها في شهر ولكن الصورة الخفية للحياة تتكشف في الفيلم الوثائقي (طهران بدون رخصة) في صور مشوقة على شاشة كبيرة. بحسب رويترز.

وقالت فارسي في مهرجان دبي السينمائي الدولي حيث عرض الفيلم الوثائقي ان الاستخدام السهل وحرية التصرف التي يوفرها الهاتف المحمول كان له الاثر الاكبر في جعل الناس أكثر استعدادا للتحدث.

واضافت "الهاتف عادي جدا مما يجعل الناس تتحدث اكثر. يعطي الهاتف شعورا اكثر بالحميمية... الكاميرا دائما تثير الرهبة حيث يضعون مكبرا للصوت واضاءة - هناك دائما هذه المسافة بين المصور ومن يصوره. ولكن هنا تقلص ذلك للحد الادنى."وكما هو واضح فان الهاتف المحمول هو تكنولوجيا العصر.

وفي ظل اتخاذ الحكومة لاجراءات صارمة ضد وسائل الاعلام بعد خروج انصار مرشحي المعارضة الى الشوارع للاحتجاج على اعادة انتخاب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد استخدم الايرانيون التصوير بالهاتف المحمول لنقل الصور لمواقع على الانترنت مثل تويتر ويوتيوب.

وتستمع فارسي التي تركت ايران عام 1980 وتعيش في فرنسا الى قصص حول حالة المجتمع الايراني الان التي تقول انها تشرح الكثير عن الاحتجاجات. ويعتقد ان ثلثي تعداد سكان ايران البالغ عددهم 70 مليونا تقل أعمارهم عن 30 عاما.

حظر نشر صحيفة اصلاحية اخرى

وذكر موقع اصلاحي على الانترنت ووكالة انباء شبه رسمية أن مجلس الرقابة على الصحف في ايران حظر نشر صحيفة اصلاحية كبرى قريبة من زعيم المعارضة مير حسين موسوي.

وذكر موقع بارلمان نيوز أن صحيفة انديشه نو "انضمت لعشرات من الصحف المحظورة في ايران."وتابع "ابلغ مجلس الرقابة على الصحف هذا الصباح المسؤولين في صحيفة انديشه نو بقرار حظر النشر."ونقلت أيضا وكالة فارس شبه الرسمية للانباء قرار حظر نشر الصحيفة.

وانديشه نو واحدة من خمس صحف معتدلة تلقت تحذيرا من السلطات لعدم نشرها تقارير عن تجمعات حاشدة موالية للحكومة يوم الجمعة الماضي في طهرات وفي مدن ايرانية اخرى.

حظر مجلة اسبوعية لنشر "أكاذيب"

وفي نفس السياق قالت وسائل اعلام إن محكمة ايرانية حظرت مجلة اسبوعية بتهمة التشهير ونشر الأكاذيب وقال موقع الكتروني معارض ان الحظر بسبب إهانة الرئيس الإيراني الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني.

ولم تذكر وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء في تقرير حول قرار المحكمة في وقت متأخر الاربعاء رفسنجاني الذي دعم زعيم المعارضة مير حسين موسوي في الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها العام الماضي.

وقالت الوكالة ان المحكمة الثورية في طهران قررت حظر مجلة همت الاسبوعية بسبب "التشهير ونشر أكاذيب بقصد إثارة الرأي العام."

وقال موقع راه سبز المعارض انها مطبوعة محافظة حظرت ايضا منذ عام لاهانة رفسنجاني الذي لا يزال يتمتع بنفوذ في الجمهورية الاسلامية. ولم يصدر اي تعليق رسمي على تقرير الموقع.

وحملت الصفحة الاولى للعدد الاخير من مجلة همت وهو العدد السادس منذ رفع الحظر السابق صورة لرفسنجاني يحيط به منتقدون ومعارضون معروفون للدولة الاسلامية تحت عنوان "كل مريدي هاشمي."

وفي وقت سابق هذا الاسبوع قالت وكالة فارس شبه الرسمية للانباء ان مجلة همت تلقت تحذيرا من وضع هذه الصورة.

وافادت الوكالة نقلا عن بيان رسمي "وضع صور بعض المسؤولين المحترمين الى جوار افراد اخرين امر غير ملائم وعمل غير مهني وينطوي على توجيه اتهامات للمسؤولين."

وكانت انتخابات يونيو حزيران الماضي التي تقول المعارضة انها زورت من أجل ضمان اعادة انتخاب الرئيس المحافظ محمود أحمدي نجاد اوقعت ايران في حالة من الاضطرابات وكشفت عن انقسامات عميقة. وتنفي السلطات تهم المعارضة بأن الانتخابات لم تكن نزيهة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/كانون الثاني/2010 - 3/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م