القاعدة الجديدة والقاعديّون الجدد

إستراتيجية جديدة قوامها المخدرات والخلايا النائمة

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: كشف تقرير مفصل للاستخبارات الأمريكية أن تنظيم القاعدة نجح في إعادة هيكلة شبكته العالمية وأنه حالياً يمتلك قدرات واسعة لتوجيه ضربات إرهابية ضد أهداف غربية.

وأشار التقرير إلى أن بريطانيا هي الحلقة الأضعف على الصعيد الأمني كما أنها تمثل تهديداً بالغاً للأمن الأوروبي نظراً للأعداد الكبيرة للمتعاطفين من التنظيم من المقيمين في أراضيها.

من جهة اخرى كشفت الأجهزة الأمنية الأمريكية أنها تسلمت ثلاثة أشخاص من أصول مالية، بعد أن جرى القبض عليهم في غانا بتهمة تهريب المخدرات والممنوعات لتوفير التمويل لتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا للقيام بعمليات ونشاطات مسلحة.

وفيما يخص مايسمى بتنظيم القاعدة بجزيرة العرب عرضَتْ مواقع متخصصة في نشر البيانات الصادرة عن الجماعات المتشددة بياناً منسوباً إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ينتقد فيه الحكومة السعودية بسبب أحداث مدينة جدة التي سببتها كارثة اجتياح السيول للمدينة وما نجم عنها من سقوط مئات القتلى والجرحى والمفقودين.

في حين برزت بريطانيا كأكبر مصدر قلق لأمن الولايات المتحدة في وقت تعمل فيه الاستخبارات الأمريكية للحيلولة دون وقوع مزيد من الهجمات عليها بعد الكشف عن محاولة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، الذي درس في جامعة لندن، تفجير طائرة تابعة لـ"نورثويست" فوق  ديترويت في 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وتسبب فشل السلطات الأمنية البريطانية في تحذير نظيرتها الأمريكية إزاء عبدالمطلب في توتير العلاقات بين واشنطن ولندن. بحسب سي ان ان.

ويعتقد مسؤولون أمريكيون الآن بأن بريطانيا تشكل تهديدا رئيسيا للأمن الغرب نظرا لوجود عدد كبير من أنصار القاعدة التي تنشط في هذا البلد.

وكان رئيس الاستخبارات الداخلية البريطانية، MI5، قد قدر في وقت سابق وجود نحو ألفين من المتعاطفين من القاعدة في الأراضي البريطانية، أكثر تجمع للعناصر ناشطة للقاعدة في دولة غربية، مما دفع بمسؤولين أمريكيين لإطلاق لقب "لندستان"، على العاصمة البريطانية.

وأورد التقرير الذي نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية عن مسؤول بارز في الخارجية الأمريكية "أعداد نشاط القاعدة في بريطانيا أصبح مصدر قلق رئيسي لنا... قدرة التنظيم على استخدام بريطانيا كقاعدة للتخطيط لهدمات يمثل تهديداً خطيراً لأمن بريطانيا والدول الغربية الأخرى."

وتربك العودة القوية للقاعدة وسلسلة الهجمات العديدة التي أعدها التنظيم  مؤخراً لضرب أهداف أمريكية، المسؤولون الأمريكيون، من بين تلك العمليات، هجوم قاعدة فورت هود الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني، ومحاولة الطالب النيجيري تفجير طائرة أمريكية، بالإضافة إلى تفجير "خوست" الذي قضى فيه سبعة من عناصر الاستخبارات المركزية الأمريكية في أفغانستان.

ودفعت الهجمات تلك بالمسؤولين الأمريكيين للاعتقاد بأن القاعدة تعد العدة لسلسلة هجمات جديدة أخرى في أواخر العام، بعضها ربما يستهدف بريطانيا، وكان الطالب النيجيري قد كشف للمحلقين الأمريكيين بأن هناك 25 من عناصر القاعدة تلقوا تدريبات كاملة وعلى استعداد لتنفيذ ضربات إرهابية ضد أهداف غربية.

تنظيم القاعدة يحاول النجاة من الضغوط

وبرزت القاعدة من جديد كتنظيم يشكل تهديدا بعد محاولة تفجير كبيرة نجحت في تعزيز مصداقية متداعية بين المعجبين به الذين يتوقون لهجوم اخر بحجم هجمات الحادي عشر من سبتمبر أيلول.

فبعد قرابة خمس سنوات على اخر هجوم كبير شنه التنظيم في الغرب تشير المحاولة الفاشلة لاسقاط طائرة أمريكية فوق ديترويت يوم عيد الميلاد الى تمتع القاعدة بالمرونة والابتكار والقدرة على اقناع متشددين شبان "بالشهادة" في اطار حملة ضد الغرب.

ويظهر أيضا الهجوم الذي حاكه أتباع للقاعدة في اليمن التهديد الذي تمثله معاقل متفرقة أنشأها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في العالم على الغرب وذلك بعدما تعرض لضغوط في حصونه على الحدود بين أفغانستان وباكستان. بحسب رويترز.

وتوصل خبراء الى نتيجة مماثلة من هجوم شهدته الدنمرك في أول يناير كانون الثاني واقتحم فيه صومالي مسلح ببلطة ويشتبه بوجود صلات تربطه بتنظيم القاعدة منزل رسام كاريكاتير دنمركي أثارت رسومات صور فيها النبي محمد غضب المسلمين. وأطلقت الشرطة الرصاص على الصومالي وأصابته.

وقال بيتر نيومان من مركز دراسة الراديكالية والعنف السياسي ومقره لندن " عادت القاعدة من جديد. "قد تبدو مختلفة عن القاعدة عام 2001 وقد يبدو شن هجوم في حجم هجوم الحادي عشر من سبتمبر مستبعدا لكن ما حدث في ديترويت والدنمرك يشير الى أن التهديد لازال قائما ... وأنه أصبح أكثر تنوعا."

وأضاف "لم تعد المناطق القبلية في باكستان هي التي تثير القلق فحسب لكن مناطق أخرى كثيرة حول العالم. يبدو أن هناك الان مراكز اقليمية توفر كل شيء .. الموارد والتدريب والارشاد .. كل هذا كان يحدث في الماضي في مكان واحد."

وسارع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الى اعلان مسؤوليته عن محاولة تفجير الطائرة الامريكية يوم 25 ديسمبر كانون الاول عندما فشل نيجيري يبلغ من العمر 24 عاما في نسف متفجرات على طائرة متوجهة الى ديترويت.

ورأى بعض المحللين أن اعلان التنظيم مسؤوليته عن هجوم فاشل يعد دليلا صارخا على أن الضغط الغربي أضعف القاعدة كثيرا الى حد انها خفضت سقف نجاحاتها .

لكن بعض المحللين يختلفون مع هذا الرأي ويقولون ان الهجمات التي وقعت في الاونة الاخيرة واعتقال مشتبه بهم في الولايات المتحدة عام 2009 تشير الى أن عزم القاعدة لازال قويا حتى وان أصبحت تفتقر الان لما كانت تتمتع به من مواهب عام 2001.

وقال بروس هوفمان وهو أستاذ الدراسات الامنية في جامعة جورج تاون في واشنطن " أمامنا عدو هائل وعنيد جدا حتى وان ضعف. "وما يقلق هو أنهم يتكيفون ويتأقلمون حتى مع الضغط المكثف الذي نمارسه عليهم."

القاعدة تتبنى استراتيجية جديدة من خمسة عناصر 

ونشرت صحيفة واشنطن بوست مقالاً للكاتب بروس هوفمان أستاذ دراسات الأمن بجامعة جورج تاون قال فيه: في أعقاب المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ركاب أمريكية يوم عيد الميلاد، ومقتل سبعة من عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية بعد سبعة ايام من ذلك في افغانستان، تولد لدى واشنطن - كما حدث بعد هجمات 2001/9/11 - شعور كبير بالقلق لعدم قدرتها على ربط الدلالات والمؤشرات مع بعضها بعضا لمعرفة ما جرى تماما.

فقد كان لدى الحكومة الامريكية ما يكفي من معلومات لكشف المؤامرة واحباط محاولة الهجوم على الطائرات، لكن جهاز استخباراتها فشل في ربط تلك الدلالات وتفسير مضمونها على نحو صحيح.

ويستدرك الكاتب، لكن على الرغم من كل ما قيل في هذا المجال ثمة نقطتان مهمتان يتعين ربطهما معا الأولى تتعلق بعمر الفاروق عبدالمطلب الذي كان سيفجر الطائرة في يوم الميلاد، وترتبط الثانية بهمام خليل أبو مولاي البلوي مُخبر الاستخبارات المركزية الامريكية الموثوق الذي تحول الى ارهابي.

فعلى الرغم من عدم وجود ما يجمع بشكل عام بين طالب الهندسة النيجيري - 23 سنة - وبين الطبيب الاردني - 36 سنة - الذي قتل رجال الاستخبارات، الا انهما يجسدان معا الاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها القاعدة بنجاح منذ سنة على الاقل.

فبينما دأب المسؤولون الامريكيون خلال عامي 2008 و2009 على التنبؤ بموت القاعدة وبشرنا مدير المخابرات المركزية مايكل هايدن بأنها «القاعدة» اقتربت من هزيمة استراتيجية، وبينما احتفل الكثيرون بمقتل اكثر من نصف ما قيل انه من تبقى من اعضاء قيادة القاعدة الكبار، شنت القاعدة الشهر الماضي هجومين منفصلين في اسبوع واحد، الاول فاشل والآخر ناجح، مما أثار في واشنطن اوسع عملية مراجعة في دوائر السياسات الامنية الوطنية منذ عام 2001.

ويوضح الكاتب، من الواضح ان نشاط القاعدة الجديد هذا هو نتيجة لاستراتيجيتها الجديدة التي تحاول من خلالها الاستفادة من شبكة قوتها العاملة وتعويض الضعف الحاصل في عدد افرادها.

فبدلا من الاستمرار في خطتها التي كانت تعتمد فيها قبل 9/11 على توجيه ضربة كبرى للولايات المتحدة، تتبنى قيادة القاعدة الآن استراتيجية جديدة من خمسة عناصر رئيسية:

الأول: زيادة التركيز على عمليات تشتيت الانتباه على نطاق واسع بحيث يُصاب الجانب الآخر بالتعب، ولتحقيق هذا الهدف، تنشر القاعدة فيضا من المعلومات والتهديدات بأمل خداع المسؤولين في الغرب، ودفعهم لتجاهل مؤشرات اساسية كما حدث في حالة فشل الاستخبارات بربط عبدالمطلب بمحاولة تفجير الطائرة الامريكية.

ثانيا: في اعقاب الازمة المالية العالمية ركزت القاعدة في استراتيجيتها على الحرب الاقتصادية، فاذا كان رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي نيكيتا خروتشيف قد وعد الامريكيين قبل 50 سنة قائلا: «سوف ندفنكم»، تهددنا القاعدة اليوم بالقول: «سوف ندفعكم للافلاس»، فقد اصدرت القاعدة على مدى العام الماضي بيانات، اشرطة فيديو، رسائل هاتفية نصية، ورسائل عبر الانترنت توعدت فيها بالقيام بأعمال ضد الانظمة المالية الغربية بل وعزت الفضل لنفسها في حدوث الازمة الاقتصادية العالمية، ويبدو ان حالة عدم الاستقرار الاقتصادي في امريكا والعالم تدفع القاعدة للاعتقاد ان استراتيجيتها في الاستنزاف المالي ستوفر لها مكاسب كبيرة لان الحرب في افغانستان تشكل هدرا ضخما في الموارد الامريكية.

ثالثا: لاتزال القاعدة تحاول اثارة انقسامات داخل التحالف العالمي الذي اصطف ضدها، وذلك من خلال استهداف بعض الشركاء الرئيسيين فيه، فقد كانت الغاية وراء مهاجمة شبكات المواصلات في مدريد عام 2004 وفي لندن 2005 هي لمعاقبة اسبانيا وبريطانيا لمشاركتهما في الحرب بالعراق وفي الحرب التي تقودها امريكا على الارهاب، ولاتزال القاعدة مستمرة في هذا النهج الى اليوم.

رابعا: تسعى القاعدة على نحو حثيث لزعزعة استقرار الدول الفاشلة واستغلال المناطق التي لا يسود فيها حكم القانون، فهي ترى في مثل هذه الدولة: الصومال واليمن وافغانستان فرصة لتوسيع دائرة نشاطها، ومن الملاحظ هنا ان زادت نشاطها العام الماضي في اماكن في باكستان والجزائر والصومال واخيرا اليمن.

وما ان تتمكن القاعدة من تحديد منطقة متسيبة قانونيا حتى توجه اليها حلفاءها والمجموعات الارهابية الاخرى المرتبطة بها ثم تعمل على تعزيز وجودهم فيها محليا واقليميا لتدربهم بعد ذلك على القيام بهجمات ارهابية على المستوى الدولي كما تمثل في محاولة تفجير الطائرة الامريكية اخيرا.

خامسا: تسعى القاعدة بشكل سري لتجنيد متطوعين من بلدان غير اسلامية لنشرهم بسهولة خلال عمليات الهجوم على اهداف في الغرب.

ويبيّن الكاتب بالقول، الواقع ان القاعدة تكتسب خبرة متزايدة في استخدام الانترنت لاختيار مثل هؤلاء الاشخاص ومن ثم تعزيز انتمائهم اليها، اذ يشير مسؤولو دوائر الاستخبارات الامريكية والبريطانية الى تخرج اكثر من 100 شخص من مواطني تلك البلدان من معسكرات التدريب الارهاربية في باكستان وتم ارسالهم للغرب للقيام بعمليات ارهابية، وذلك خلال الشهور الـ 18 الماضية.

ويختم الكاتب مقاله بنتيجة مفادها، اليوم بعد اكثر من 8 سنوات على هجمات 9/11 لايزال الغرب لا يفهم تماما ديناميكية وتطور عدوه، فهو يدعي النجاح بينما تنجح القاعدة في اعادة تجميع صفوفها لتشن المزيد من الهجمات، من هنا يتعين القضاء تماما على القاعدة، ولهذا لن يتحقق الهدف بقتل واسر الارهابيين بل بتحطيم دورة التطرف وتجنيد الاتباع التي تمكّن هذه الحركة من الاستمرار.

عواصف القاعدة تنحسر قليلاً لكن رياحها خطرة

ويعتقد مسؤولون رسميون وخبراء انه على رغم أن تنظيم «القاعدة» كان في وضع دفاعي ولم يتمكن من مهاجمة الغرب مباشرة في عام 2009، فانه لا يزال يشكل خطراً نظراً لاحتفاظه بقدرته على استمالة اتباع جدد.

ويشير هؤلاء إلى أنه خلال سنة شهدت معاقل «القاعدة» في المناطق القبلية المجاورة لحدود أفغانستان هجمات للجيش الباكستاني، وشنت غارات لطائرات أميركية من دون طيار قضت على القسم الأكبر من قياداته الوسطى، لكن التنظيم لم يهزم على رغم معاناته. بحسب فرانس برس.

واعتبر دانيال بنيامين منسق دائرة مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية إن 2009 «كانت بالنسبة للتنظيم سنة صعبة عانى خلالها من ضغوط قوية في أفغانستان وباكستان، حيث تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من توجيه ضربات قوية لهرمه القيادي العملاني». وزاد انه بسبب العدد الكبير من الضحايا المدنيين المسلمين الذين يسقطون في اعتداءاته «لم يتمكن من تعبئة الجماهير وهذه نقطة بالغة الأهمية»، لكنه أشار إلى أن القاعدة «يلهم ما يكفي من الناس لإقناعهم بالانخراط في العنف، ما يشكل تهديداً مستمراً».

وفي الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، شهدت السنة المنتهية اعتقال أشخاص معظمهم من الشبان المسلمين، اتهمتهم قوات الأمن بالإعداد لاعتداءات.

ويرتبط هؤلاء غالباً بعلاقات بالمناطق القبلية الباكستانية أو التي تسيطر عليها حركة «طالبان» في أفغانستان، لكن بعضهم اعتنق أفكار التطرف بمفرده عبر أجهزة الكومبيوتر ومواقع إنترنت تدعو إلى «الجهاد». وهم رصدوا لدى عبورهم حدوداً أو بفضل المراقبة المكثفة التي تمارسها أجهزة الشرطة والاستخبارات على الجاليات المسلمة وفي أغلب الأحيان بفضل التعاون مع أفراد هذه الجاليات.

وفي هذا السياق، أبلغت عائلات خمسة شبان أميركيين توجهوا إلى باكستان، مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي أي)، عنهم ما أدى إلى اعتقالهم أخيراً في منزل أحد المتطرفين المعروفين شرق باكستان.

ويرى عميل وكالة المخابرات المركزية (سي اي اي) السابق الأميركي بروس ريدل، الخبير في مؤسسة «بروكينغ» ان «القاعدة تحولت بغض النظر عن كونها منظمة إرهابية، إلى فكرة تدفع عبر خطاب إنشائي، أقلية صغيرة من المسلمين إلى ارتكاب أعمال عنف واسعة النطاق».

واعتبر الاستاذ الفرنسي في جامعة العلوم السياسية بباريس جان بيار فيليو، الذي صدر له أخيراً كتاب بعنوان «حيوات القاعدة التسع»، أن «قلب التنظيم ما زال نابضاً في المناطق القبلية الباكستانية ومن هناك تنبع انطلاقة نشاط التيار الإرهابي وإلهامه وتحفيزه».

ومن تلك المنطقة التي يعاني فيها ضغطاً، أرسل «التنظيم» من خلال عناصر له إلى مناطق أخرى مضطربة من العالم، في محاولة لتشكيل معاقل جديدة.

صِلات القاعدة بتجارة المخدرات

من جهة اخرى كشفت الأجهزة الأمنية الأمريكية أنها تسلمت ثلاثة أشخاص من أصول مالية، بعد أن جرى القبض عليهم في غانا بتهمة تهريب المخدرات والممنوعات لتوفير التمويل لتنظيم القاعدة في شمال أفريقيا للقيام بعمليات ونشاطات مسلحة.

وذكر مسؤولون أمنيون أن المتهمين الثلاثة سيمثلون أمام القضاء في ولاية نيويورك بتهمة الاتجار بالمخدرات وتقديم الدعم المادي لمنظمات أجنبية توصف بأنها "إرهابية."

وقال مايكل لينوهارت، مدير هيئة مكافحة المخدرات الأمريكية بالوكالة، إن هذه العملية: "تقدم دليلاً جدياً على الصلات الموجودة بين التنظيمات الإرهابية الخطيرة، وعلى رأسها القاعدة، وبين التجارة الدولية للمخدرات التي تموّل تلك النشاطات."

وبحسب وثائق القضاء الأمريكي، فإن أحد عناصر مكافحة المخدرات تمكن من الاتصال بمجموعات من القاعدة في شمال أفريقيا، بعد أن أدعى أنه على صلة بمليشيا القوات المسلحة الثورية الكولومبية المتمردة.

واتفق المخبر السري مع عناصر القاعدة على ترتيب نقل شحنة كوكايين من مالي إلى المغرب عبر الصحراء، ومنها إلى أسبانيا لبيعها في الأسواق الأوروبية.

وشمل الاتفاق قيام تنظيم القاعدة في شمال أفريقيا بتوفير الحماية للشحنة خلال نقلها، مقابل تقاسم أرباح الصفقة بين الميليشيا الكولومبية وتنظيم القاعدة الأم وفرعه في المغرب.

وقال مكتب الإدعاء العام الأمريكي إن المتهمين الثلاثة هم هارون تورا وعمر عيسى وإدريس عبدالرحمن.

أما المدعي العام لولاية نيويورك، بريت بهارارا فقد قال: "ما تكشفه هذا الاتهامات يشير إلى ظهور تحالف مرعب بين تنظيم القاعدة وتجارة المخدرات الدولية."

اقتناص بن لادن ضرورة لتفكيك القاعدة

من ناحيته أكد قائد القوات الأمريكية في أفغانستان، الجنرال ستانلي ماكريستال، أن إلقاء القبض على زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، ودحر العودة القوية والزخم الذي اكتسبته مليشيات طالبان، من أهم الخطوات الضرورية نحو تحقيق النصر في الحرب بأفغانستان. بحسب رويترز.

وقال ماكريستال، خلال جلسة استماع أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ مؤخرا، إن أكثر الإرهابيين المطلوبين للولايات المتحدة "شخصية ملهمة" ساعد بقاؤه على الحياة في تقوية القاعدة كمنظمة لها مؤيدوها في أنحاء العالم"، وأن نجاحه في الإفلات بعد 8 سنوات من هجمات 11/9 في 2001، يذكي جذوة التطرف حول العالم. إلا أنه أستدرك إلى أن قتل أو اعتقال بن لادن لن يؤدي في حد ذاته إلى اجتثاث القاعدة.

وأوضح أن دحر حركة طالبان، التي سمحت للقاعدة للعمل انطلاقاً من أفغانستان قبيل هجمات سبتمبر/أيلول، هو مطلب أساسي لتدمير التنظيم التي يتزعمه بن لادن. وأردف قائلاً: "من أجل تحقيق هدفنا الأساسي في هزيمة القاعدة ومنعها من العودة إلى أفغانستان، يجب إرباك وتفكيك قدرات الطالبان ، منع تواصلها مع إلى الشعب الأفغاني، وتعزيز الأمن الأفغاني."

القاعدة تهاجم السعودية بسبب سيول جدّة

وعرضت مواقع متخصصة في نشر البيانات الصادرة عن الجماعات المتشددة بياناً منسوباً إلى "تنظيم القاعدة في جزيرة العرب،" ينتقد فيه التنظيم الحكومة السعودية بسبب أحداث مدينة جدة التي سببتها كارثة اجتياح السيول للمدينة، وما نجم عنها من سقوط عشرات القتلى والجرحى والمفقودين.

واتهم التنظيم الحكومة السعودية بـ"التخلي" عن سكان المدينة و"تبديد ثروة المسلمين في أمورٍ هي أبعد ما تكون عن حاجتهم الأساسية للعيش، فضلاً عن حاجات المسلمين في فلسطين والعراق والصومال،" مشيراً إلى أن أموال المملكة تذهب لـ"خدمة المشاريع الصهيوصليبية،" وبناء المنشآت التغريبية والإفسادية،" التي عدّ منها "جامعة العلوم والتكنولوجيا،" المختلطة على حد تعبيره.

وقال التنظيم في بيانه إن من وصفهم بـ"المجاهدين" تلقوا "ببالغ الحزن والأسى نبأ الفاجعة التي نزلت على أهلنا في جدة بسبب الأمطار والسيول."بحسب سي ان ان.

وتابع البيان بالقول: "وإننا إذ نعزيكم على هذا المصاب الجلل، فإننا نعزيكم أيضا في الحكومة السعودية التي كشفت الحادثة الأليمة موتها وبعدها عنكم، وأنها تكذب وتخادع و تعبث بأموالكم في وقتٍ أنتم في أمس الحاجة لها."

ترجيح مقتل القيادي بتنظيم القاعدة صالح الصومالي

وكشفت مصادر أمنية أمريكية وجود ما وصفته بـ"مؤشرات قوية" تدل على أن الشخصية القيادية التي قتلت بضربة صاروخية نفذتها طائرة بدون طيار داخل الأراضي الباكستانية قبل أيام، هي عبدالرازق عبدي صالح، المعروف  بـ"صالح الصومالي" والذي يعتقد أنه المسؤول عن تخطيط عمليات تنظيم القاعدة في كامل باكستان وأفغانستان.

وأضافت المصادر التي تحدثت لـCNN أن واشنطن تعتقد أيضاً بأن صالح ينسق علاقات القاعدة مع مجموعات مسلحة أخرى في شرقي أفريقيا، وعلى رأسها حركة "الشباب" الصومالية، مستغلاً شبكة علاقاته الواسعة بالمنطقة.

وقال مسؤول طلب عدم كشف اسمه: "لقد تورط صالح في التخطيط للكثير من العمليات حول العالم، وبسبب دوره المركزي في تنظيم القاعدة، فمن المؤكد أنه ضالع في التخطيط لعمليات ضد الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى.

وبحسب المسؤول فإن صالح: "يتلقى توجيهات من قيادة القاعدة مباشرة ويحولها إلى خطط ميدانية،" وينتمي صالح في هذا الإطار إلى "كوادر القيادات الأساسية" في التنظيم.

وكان مسؤول أمريكي رفيع قد ذكر أن بلاده تشتبه بمقتل قيادي كبير بتنظيم القاعدة، في قصف صاروخي نفذته طائرة بدون طيار داخل الأراضي الباكستانية، في الوقت الذي أجرى فيه مسؤولو مكافحة الإرهاب بكل من الولايات المتحدة وباكستان الجمعة، مزيداً من التحقيقات بشأن هوية "الصيد الثمين."

وقال المسؤول الأمريكي، الذي رفض الكشف عن هويته نظراً لأنه ليس مخولاً بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن الاستخبارات الأمريكية على ثقة بمقتل أحد أبرز القادة الميدانيين بتنظيم القاعدة، خلال القصف الصاروخي الذي وقع في وقت سابق من الأسبوع الماضي، دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.

وفيما لم يكشف المسؤول الأمريكي عن اسم قيادي القاعدة الذي قُتل في الهجوم، فقد أكد أنه ليس زعيم التنظيم أسامة بن لادن، أو الرجل الثاني في قيادة التنظيم أيمن الظواهري، في إشارة إلى أن القتيل ربما يكون على مستوى قريب من قيادة التنظيم.

أدلة جديدة على علاقة القاعدة بتفجيرات مدريد

وقال خبير بارز في شؤون الارهاب ان تفجيرات مدريد في عام 2004 وهي أكثر هجمات المتشددين الاسلاميين دموية في اوروبا ربما تمت بتحريض من تنظيم القاعدة وليست من عمل خلايا مستقلة.

وقال فرناندو ريناريس خبير اسبانيا البارز في شؤون عنف المتشددين الاسلاميين في مقال لمجلة ناشيونال انترست الامريكية في نسختها على الانترنت ان هناك معلومات جديدة تربط تنظيم القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن بدرجة أكبر من أي وقت مضى بهجوم مدريد.

ويوم 11 مارس اذار عام 2004 انفجرت عشر قنابل مخبأة داخل حقائب في اربعة قطارات ضواحي في ساعة الذروة الصباحية في مدريد مما ادى الى مقتل 191 شخصا واصابة 1700 .

وكتب ريناريس "هذه التفجيرات... دائما ماينظر اليها على انها نموذج أصلي لخلية محلية مستقلة اثناء عملها ويتم تصوير مرتكبيها على انهم مثال لجهاديين يجندون انفسهم وليس لهم زعماء. وهذه الافتراضات خاطئة."

وأضاف "المعلومات الجديدة تربط بعض الاعضاء المعنيين بتفجيرات مدريد مع كبار قادة القاعدة. القاعدة مازالت موجودة وفي حالة جيدة وتؤثر على سلامة الغرب."

شهرة عالمية للقاعدة في جزيرة العرب

وأظهر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أنه يرغب في شن هجمات خارج مقره في اليمن وذلك من خلال محاولة التفجير الفاشلة لطائرة أمريكية يوم عيد الميلاد. وفيما يلي بعض الاسئلة والاجوبة بشأن التنظيم، بحسب تقرير رويترز:

من هم زعماء التنظيم؟

ظهر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب منذ عام بعد دمج جناحي القاعدة في اليمن والسعودية ويتزعمه ناصر الوحيشي وهو يمني كان سكرتيرا لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وكان الوحيشي وقاسم الريمي الذي أصبح القائد العسكري للقاعدة في جزيرة العرب من بين 23 متشددا فروا من سجن في صنعاء عام 2006 مما أعطى القاعدة الفرصة لتجديد نشاطها في اليمن. وأكد مصدر أمني يمني يوم الجمعة مقتل ستة من متشددي القاعدة بينهم الريمي في ضربة جوية يمنية بشمال اليمن يوم الجمعة في اطار حملة مكثفة للحكومة اليمنية ضد التنظيم.

وأدى تعاون بين اليمن والولايات المتحدة الى مقتل أبو علي الحريثي وهو زعيم سابق للقاعدة في اليمن في هجوم طائرة بدون طيار والقبض على خليفته محمد حمدي الاحدل عام 2003.

وانضم العديد من السعوديين الى التنظيم في اليمن وأهمهم سعيد الشهري نائب زعيم التنظيم الذي كان من معتقلي خليج جوانتانامو الامريكي في كوبا.

ويقول مسؤولون يمنيون ان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يضم أكثر من 300 عضو لكن قد يكون عدد المتعاطفين معه أكثر من ذلك بكثير لتنامي المشاعر المناهضة للولايات المتحدة في اليمن. ويسعى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لكي تكون له صلات بقبائل مضطربة في مناطق تضعف فيها سيطرة الحكومة اليمنية.

ماذا يريد التنظيم؟

يتبنى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب فكرا سنيا متشددا يرى الجهاد فرضا على كل مسلم.

ويهدد التنظيم بشن هجمات على غربيين لتخليص شبه الجزيرة العربية ممن يصفهم "بالكفار" ويسعى لاسقاط الاسرة الحاكمة المدعومة من واشنطن في المملكة العربية السعودية.

ويسعى أيضا لاضعاف أو اسقاط حكومة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لايجاد ملاذات امنة له في اليمن يمكن أن ينطلق منها لشن هجمات في أي مكان من السعودية الى الولايات المتحدة.

ويمثل التنظيم جيلا جديدا من المتشددين الذين يتبعون نهجا أكثر صرامة مع صنعاء عما كان يتبعه سابقوهم الذين أبرموا أحيانا اتفاقات مع الحكومة اليمنية.

وقاتل الكثير من اليمنيين الجيش السوفيتي في أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي ثم في البوسنة والشيشان وكشمير والعراق.

ماذا حقق التنظيم؟

أعلن تنظيم القاعدة في بلاد العرب مسؤوليته عن تفجير انتحاري قتل فيه أربعة سائحين من كوريا الجنوبية في محافظة حضرموت بشرق اليمن في مارس اذار.

وأرسل التنظيم في أغسطس اب انتحاريا ادعى أنه تائب الى السعودية لكنه فشل في قتل مساعد وزير الداخلية السعودي للشؤون الامنية الامير محمد بن نايف.

وقتل اثنان من متشددي التنظيم في تبادل لاطلاق النار مع الشرطة السعودية في أكتوبر تشرين الاول بعدما عبرا الحدود من اليمن وقال محللون انهما كانا على وشك تنفيد مهمة انتحارية على ما يبدو.

وقال التنظيم انه مسؤول عن محاولة النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب نسف طائرة أمريكية يوم عيد الميلاد باستخدام متفجرات وضعها في ملابسه الداخلية.

وقتل التنظيم بلجيكيتين وسائقين يمنيين في يناير كانون الثاني 2008 ونفذ تفجيرين انتحاريين عند السفارة الامريكية في صنعاء في سبتمبر أيلول من ذلك العام فقتل 16 شخصا.

وفجرت القاعدة أيضا المدمرة الامريكية كول في ميناء عدن عام 2000 فقتلت 17 بحارا أمريكيا. وألحق هجوم للقاعدة بعد ذلك بعامين أضرارا بالناقلة الفرنسية ليمبورج في خليج عدن.

ما هي الاهداف المحتملة لتنظيم القاعدة فيما بعد؟

لا أحد يعلم الاجابة على هذا السؤال لكن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يظهر أنه مبتكر وحريص على شن هجمات رهيبة.

ومن المرجح أن تظل السعودية نصب أعين التنظيم. وكانت الرياض نجحت عام 2008 في احباط حملة مسلحة للقاعدة.

والولايات المتحدة من أولويات أهداف التنظيم أيضا خاصة مع حشدها الدعم لقوات الحكومة اليمنية وتشجيعها لهم حتى يلاحقوا ويقتلوا المتشددين.

وقد تكون بريطانيا من أهداف التنظيم كذلك. وتعتزم لندن استضافة مؤتمرا يوم 28 يناير لبحث كيفية مواجهة التشدد في اليمن وأفغانستان في مبادرة نبذها داعية يمني أصولي.

ويقول محللون ان من بين الاهداف المحتملة لتنظيم القاعدة منشات النفط والغاز في اليمن خاصة خطوط الانابيب ومكاتب الشركات الغربية العاملة في اليمن.

وقد يحاول التنظيم الهجوم على سفن في خليج عدن حيث يشن قراصنة صوماليون هجمات عليها أيضا. وربما يستخدم التنظيم انتحاريين على متن زوارق صغيرة مثلما كان يفعل.

وعرض قائد لحركة الشباب الصومالية التي تستلهم نهج القاعدة الشهر الحالي ارسال مقاتلين قوات عبر خليج عدن لمساعدة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب اذا شنت الولايات المتحدة هجمات على قواعد التنظيم في اليمن.

ما هي الاجراءات المضادة التي يواجهها التنظيم؟

صعد اليمن من هجماته على أماكن يشتبه في كونها مخابيء لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وذلك بدعم من الولايات المتحدة. وأعلن اليمن مقتل 60 متشددا في غارات وعمليات تمشيط أمني بينهم الوحيشي والشهري وأنور العولكي الداعية اليمني الذي يحمل الجنسية الامريكية لكن لم يتأكد مقتل أي منهم.

وقالت الولايات المتحدة انها لن ترسل قوات برية الى اليمن لكنها تعتزم تعزيز المساعدات الامنية التي تقدمها له لتصل الى 150 مليون دولار على الاقل العام الحالي بعدما كانت 70 مليون دولار العام الماضي.

وتتلقى قوات يمنية المزيد من الدعم الامريكي لمساعدتها على قتال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لكن الكثير من المساعدات العسكرية سرية ويرجع ذلك جزئيا لتجنب أي رد فعل عنيف ضد الحكومة اليمنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/كانون الثاني/2010 - 2/صفر/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م