الكفاءات العلمية والترشيح للانتخابات

أ.د. حسن منديل حسن العكيلي

ليس موضوعا جديدا. فقد كتب فيه الآخرون، ودعا اليه الوطنيون من قبل، تحت مسميات مختلفة أشهرها الدعوة الى تشكيل حكومة تكنكراط لم يكتب لها التوفيق. ولكن الجديد في هذا الموضوع أنه يصدر من الكفاءات أنفسهم بعد طي مرحلة انعزلوا فيها برغبتهم لعدم وضوح الواقع العراقي الجديد آنذاك.

 ومهما يكن من أمر، ومن الشعارات والمزايدات الانتخابية،فان تجدد الدعوة ليست من باب السعي الى المناصب والصراع على السلطة.

 فان تجربة الانتخابات الجديدة هي الانجاز الأكبر الذي لا يدرك الكثير قيمته. ولا يحسنون استغلاله استغلالا للمصلحة الوطنية العامة، وهي امتياز حرمت منه الشعوب العربية وحظي به العراقيون مقابل الدماء والتضحيات الاستثنائية . ومهما كانت صورة العراق الجديد غير واضحة بسبب ما يجهله عامة الشعب وما يرتابون منه. فهي خطوة في الاتجاه الصحيح للعراق الجديد والمستقبل الواعد لولا تدخل الدول الاخرى في استغلال الانتخابات للهيمنة على العراق من خلالها.

ثمة متغيرات في الرؤية جديدة نتيجة تجربة الانتخابات السابقة، تتصل بالشروط التي ينبغي توافرها في المرشح لأجل قبوله الانضمام في الكتل الرئيسة، أهمها القدرة على الفوز من خلال قوة المرشح على الاستقطاب الجماهيري وكثرة الناخبين، ولذلك سمات لا تتوافر في كثير من الكفاءات العلمية وأهل الرأي المخلصين لكونهم مشغولين ببحوثهم ودراساتهم، معزولين عن المجتمع والواقع الجديد .

 نعم - أطروحة صحيحة - أثبتتها التجارب الانتخابية السابقة بعد الفرص المحدودة التي أتاحتها بعض الكيانات السياسية لبعض الكفاءات العلمية، ولا سيما الكيانات الوطنية التي تكللت تضحياتها بولادة العراق الجديد. ولهذا سببان:

 أولهما- عدم وجود فرصة حقيقية لظهور الكفاءات العلمية للرأي العام والناخب العراقي لأسباب مقصودة وغير مقصودة. فان الاعلام مشغول بغيرهم بل مملوك لغيرهم ، مسخر يوجه بحسب تحسين الصور للناخبين.

 السبب الثاني- ان الوعي الجماهيري لم يع أهمية الكفاءات العلمية في قيادته. فضلا عن محاولات ابعادهم من بعض اصحاب النفوذ الطامحين بالفوز ولا سيما الذين يحملون صفاتهم الشكلية . لكونهم منافسين أقوياء لمل حباهم الله تعالى بالعلم والاستقلالية.

 ان الواجب الوطني يحتم على أصحاب القرار ايجاد السبل الكفيلة بالعناية بالكفاءات العلمية المخلصة، وتشركهم في العملية السياسية مشاركة فاعلة. ذلك أنهم عماد البلد وصفوته ، لهم القدرة على الفوز بالانتخابات الديمقراطية أكثر من غيرهم في حال وجدوا العناية الخاصة بهم.

 نعم، لم تقدم الكفاءات العلمية ما قدمه السياسون من تضحيات ونضال عسير من أجل التغيير وولادة العراق الجديد ، لذلك لا يحق للآخرين منافستهم على المواقع .

 فرضية منطقية، لكنا اذا عرفنا أن الكفاءات العلمية الوطنية المخلصة. لا ترى بالمواقع امتيازا بقدر ما تراه مسؤلية كبيرة وأمانة تزول من حملها الجبال، لتهافتت الفرضية. ولو عرفنا أن الذين قدموا التضحيات من أجل شعبهم وشعورهم بحاجة شعبهم الى التغيير والحرية، حري بهم أن يشركوا الكفاءات بتحمل المسؤلية اتماما للتضحيات التي قدموها من أجل شعبهم.

 ولو ادرك الكفاءات ذلك وتحركوا كما يتحرك الآخرون عبر وسائل الاعلام من خلال التعريف بمكانتهم العلمية ونشر دراساتهم وتقريبها للجماهير عبر وسائل الاعلام. فاين علمهم اذا لم ينفعهم في التأثير والتأثر وعدم الانعزال عن الواقع الجديد، اللهم الا اذا كانوا زاهدين، فان طلابهم وذويهم واصدقاءهم الوف صنعوهم عبر عشرات السنين من العطاء العلمي والتدريس، نأمل أن يدرك الناخب ذلك في الانتخابات القادمة - في الأقل - من خلال زيادة وعيه باهمية منح صوته لمن يستحقه واهمة المصلحة الوطنيه العامة.

 ونأمل من الكفاءات العلمية ادراك أهمية مشاركتهم في بناء وطنهم وعدم اخلاء الساحة لأصحاب المصالح الضيقة ممن لا يرقون الى مستوياتهم العلمية في ادارة البلاد وتقدمه.

 ونأمل من الكيانات الوطنية التي حملت هموم شعبها في السابق، ومن المناضلين من أجل الحرية والديمقراطية. أن يسعوا سعيا حثيثا لخلق فرص جديدة حقيقية للكفاءات العلمية الوطنية الأصيلة ، وأن يميزوا بن الكفاءات العلمية الوطنية الحقيقية وبين غيرهم فليس كل من يحمل الدكتوراه كفاءة علمية وثروة وطنية.

* جامعة بغداد

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 16/كانون الثاني/2010 - 30/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م