إرهاصات عودة البعثيين الى السلطة مجدداً

 

شبكة النبأ: حينما أُسدل الستار على عهد الدكتاتورية في عام نيسان 2003 بساحة العراق السياسية، تنفس الناس الصعداء مع أنهم كانوا يتوجسون خيفة من الطريقة التي تمت بها إزاحة نظام صدام، ومن شكل النظام السياسي الذي سيعقبه، وظهرت تساؤلات كثيرة وكبيرة بين شرائح الشعب كافة، تُرى هل تخلصنا فعلا من الظلم والجور والطغيان الى الأبد، وهل سنصل الى تكوين حكومة تمثلنا وتحقق طموحاتنا وتطلعاتنا المشروعة وهل بإمكاننا أن نبني دولة المؤسسات التي يمكنها أن تحفظ حقوق المواطن مقابل ما يتوجب عليه من واجبات تجاه الدولة العر اقية الجديدة؟.

بيد أن السنوات القليلة التي مضت أثبتت أن التجربة السياسية الوليدة في العراق كانت محط تربص جميع الجهات التي لا ترغب بنموها وتبلورها، حيث تقف وراء ذلك حسابات دولية واقليمية ومحلية، أسهمت بطريقة او أخرى بتعويق هذه التجربة بل عملت على وأدها في كثير من الاحيان عبر أساليب لا تمت للانسانية بصلة، وكلنا عاش تلك الاساليب وانعكاساتها التي أخذت الكثير من ارواح العراقيين واموالهم وطمئنينتهم، وبطبيعة الحال فإن البعثيين هم من اهم تلك القوى التي استقتلت في تعويق النظام العراقي الجديد وظلت تحلم بالعودة الى السلطة .

فبالاضافة الى بؤر الارهاب الخارجية كتنظيم القاعدة ومن يتحالف معه، وبالاضافة الى خوف الدول الاقليمية من تنامي التجربة العراقية الوليدة ونظامها السياسي الجديد القائم على بناء دولة المؤسسات، ثمة قوى الداخل التي أظهرت حقدا غير مسبوق على العراقيين وذلك عبر تحالفها مع القوى الخارجية المعادية بحيث تحولت الى ادوات تقتيل للأبرياء بعيدا عن القيم او الاخلاق او النواميس المتعارفة، ولعل البعثيون يقفون على رأس قائمة قوى الداخل المضادة للتجربة، فأصبحوا بذلك أدوات تعويق وتنفيذ مباشر لكل ما يؤذي الشعب لا سيما التفجيرات التي تشن على الناس بإسم المقاومة التي من المعيب على من يدعيها بأن لا يفرق بين العراقي والمحتل، حتى أصبح الدم العراقي وفقا لمنهج البعثيين والمعادين الآخرين مباحا ورخيصا حتى بلغ بهم الامر قتل الاطفال والنساء والابرياء تحت ذريعة المقاومة التي لا يشرفها قط أن تنمتي إليهم او ينتمون إليها.

إذاً فالقول بتصاعد رغبة البعثيين الى السلطة في العراق ليس أمرا غريبا ولا مستبعدا، بل لعله مسعى متواصلا ليس للبعثيين وحدهم، بل لأولئك الذين يمدونهم بالمال والسلاح والتدريب وما شابه من القوى التي ذكرناها في بداية المقال، وهو أمر بات واضحا أشد الوضوح لجميع المراقبين ومن يهمه الامر، ولهذا أصبح من الملزم أن تكون هناك خطوات فاعلة وملموسة وظاهرة للعيان للحد من هذه الرغبة وقمعها بالطرق التي يمكنها الوصول الى هذا الهدف بأسرع وأدق الوسائل.

وهنا يُطرَح التساؤل التالي، ما هي الوسائل المتاحة للمعنيين من أجل كبح جماح رغبة البعثيين من التفكير والرغبة بالعودة الى السلطة ؟.

لقد أصدرت هيئة العدالة والمساءلة قبل أيام قرارا بمنع 14 كيانا سياسيا من الدخول في الانتخابات البرلمانية القادمة، وكانت الاسباب التي اوجبت هذا القرار –كما ذكرت الهيئة- هي الميول البعثية لدى هؤلاء والدلائل تشير بوضوح الى ذلك لا سيما تصريحات أحد رؤساء هذه الكيانات (صالح المطلك) بوضوح بأن البعثيين سيشاركون في الانتخابات القادمة وان هناك من سينتخبهم!! ولعل هذا القول يشكل تطاولا سافرا على العراقيين كونهم ذاقوا أشد النكبات والويلات علي أيدي هؤلاء على مدى عقود من الطغيان والحرمان المتواصل، ولهذا جاء قرار الهيئة المذكورة في الوقت المناسب وفي الاتجاه الصحيح، لأن العراقيين لن يسمحوا بعودة الطغاة مجددا تحت أية ذريعة كانت؟.

وإذا كانت ذرائع البعثيين تتركز على فشل الحكومات التي اعقبت نظام صدام في ادارة البلاد سياسيا او اقتصاديا او غيرهما من المجالات، فإن السبب في ذلك يقف وراءه البعثيون أنفسهم ومن يمولهم من خارج العراق او داخله إضافة الى الجهات التي تخشى رسوخ التجربة العراقية الجديدة.

ولهذا ينبغي القول هنا بأن أحد أهم كبح جماح البعثيين في العودة الى السلطة هو تقديم البديل الأفضل في قيادة البلاد، نعم لقد حدثت تلكؤات في قيادة البلد في جوانب متعددة وحدثت ثمة فوضى واختلاط كبير في الاوراق السياسية والادارية وغيرها، بيد أن احد اهم اسباب ذلك هم اعداء العراقيين ويقف في المقدمة منهم البعثيون، ولهذا مطلوب وبأقصى ما يمكن تقديم البديل السياسي الناجح الذي يدير البلد بما يدفعه خطوات الى امام سياسيا واقتصاديا ويسهم في ترفيه الشعب وتعويضه عما فقده من رعاية واهتمام وما وما شابه.

وهنا تبرز مهمة الكتل والاحزاب والشخصيات السياسية الوطنية التي ينبغي تتحرك بسرعة وبدقة لتقديم النظام السياسي الامثل والقادر على ادارة البلاد بما يحقق تطلعات الشعب وينقله من حالة النكوص والفوضى الى حالة الاستقرار والتطور والازدهار لا سيما وأننا مقدمون على انتخابات نيابية شاملة بمقدورها أن تقدم للعراقيين البديل السياسي الأمثل فيما لو توفرت الارادة المثلى لمن يهمه أمر العراقيين من السياسيين الوطنيين المخلصين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/كانون الثاني/2010 - 27/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م