البطالة في العراق تعصفُ بالمستوى المعيشي وتُهدد الأمن الغذائي

الأمم المتحدة تحذّر من توقعات غير حقيقية

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: فيما أقرّت مسؤولة عراقية رفيعة المستوى أن عدد العراقيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي يشهد تزايدا مستمرا بسبب تقلص الإنتاج الزراعي القومي وارتفاع نسبة التضخم والبطالة وتدهور نظام الدعم الغذائي في إلحاق أضرار بالغة بالفقراء. أعلن الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي ان هناك سبعة ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر..

وقال مسؤول كبير بالأمم المتحدة ان العراق يخطو خطوات واسعة على طريق تعزيز نظامه الديمقراطي الناشيء رغم أعمال العنف والعداءات السياسية ولكن التوقعات العالمية بشأن بلد خرج لتوه من الحرب مازالت عالية للغاية.

وعقد اد ميلكرت الذي يرأس بعثة الامم المتحدة في العراق اجتماعات مع الزعماء السياسيين العراقيين في الوقت الذي تتسارع فيه وتيرة حملة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في السابع من مارس اذار.

وسوف تكون هذه أول مرة في العراق يكمل فيها برلمان منتخب بشكل ديمقراطي مدته تماما قبل انتخاب آخر مكانه. وكان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين يفوز بنسبة 99 في المئة أو حتى مئة في المئة في انتخابات صورية قبل الاطاحة به عام 2003.

وقال ميلكرت وهو سياسي هولندي سابق في مقابلة "أود أن أبلغ الجميع ان سبعة أعوام ليست فترة طويلة. انتم ترون تغييرات هائلة في بلد لم ير قط مراكز قوى مختلفة تتنافس معا بشكل سلمي."

وأضاف ميلكرت ان العراق كان بعد الغزو الامريكي في مارس اذار 2003 لايزال يعيد تأسيس وزارات وكانت المؤسسات الاخرى شبه غائبة. ومنذ ذلك الوقت يجري بناؤها وتزويدها بالعاملين وإعادة تركيز اهتماماتها وسط إراقة الدماء وأعمال السرقة وغياب القانون.

ورغم هذه التحديات يقول ميلكرت ومسؤولون غربيون آخرون انه تم إحراز تقدم في العديد من المجالات وليس فقط في مجال مكافحة العنف.

ويحاول نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي إعادة العراق الى وضعه في الاقتصاد العالمي وتوقع وزارة النفط عقودا كبرى يمكن أن تضع هذا البلد على رأس الدول المنتجة للخام.

وأحدثت الوسائل التكنولوجية الجديدة على العراق مثل الانترنت والهواتف المحمولة تغييرات واسعة النطاق وأصبحت شوارع بغداد تغص بالسيارات المستوردة.ومع ذلك مازال الكثير من العراقيين فقراء. وتكثر الشكاوى من ضعف امدادات الكهرباء والفساد والبيروقراطية.

وقال ميلكرت "يجب ألا يعتقد أحد ان هذا الوضع مسألة بضعة أشهر أو بضع سنوات. سنستغرق وقتا طويلا قبل أن نصل الى مستوى ربما يفي بمعايير عامة أكثر."

وفيما يتناقض مع خطط واشنطن الطموحة قبل الغزو بوضع العراق في طليعة التغير الديمقراطي بالشرق الاوسط تعد مثل هذه الكلمات تذكرة أخرى بمحصلة أكثر من ست سنوات من إراقة الدماء والحرمان.

وكان تحديد موعد للانتخابات تطور مهم بعد شهور من التناحر السياسي بشأن تخصيص حصص مقاعد البرلمان بناء على التوزيع السكاني مما يعكس انقسامات عرقية وطائفية.

وقال ميلكرت "العملية معقدة وطويلة ولكنها لا تختلف كثيرا عما رأيته في سنوات عملي البرلماني وما نراه في دول أخرى... ولننظر الى تعامل الكونجرس (الامريكي) مع مشروع الرعاية الصحية."

وأضاف "هناك الكثير من الاشياء تجري في الكواليس والغرف الخلفية وخلف الابواب المغلقة ولكن في نهاية المطاف يصل الناس بما لديهم من أفكار الى نتيجة تكون مقبولة بوجه عام. وهذا ما حدث."

وسوف تضيف الامم المتحدة مراقبيها الى زهاء 250 ألف مراقب محلي سينتشرون في مارس اذار لمواجهة اي تلاعب في 50 ألف مركز اقتراع.

انعدام الأمن الغذائي في ارتفاع

وأخبرت مسؤولة عراقية رفيعة المستوى، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن عدد العراقيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي يشهد تزايدا مستمرا. إذ تسبب تقلص الإنتاج الزراعي القومي وارتفاع نسبة التضخم والبطالة وتدهور نظام الدعم الغذائي في إلحاق أضرار بالغة بالفقراء.

وقد أفادت منى الموسوي، مديرة مركز أبحاث السوق وحماية المستهلك التابع للحكومة، أنه "لا تزال هناك نسبة كبيرة من العراقيين الذين لا يستطيعون الحصول على ما يكفيهم من الغذاء. حيث لا يستطيعون شراء ما يحتاجونه بسبب ارتفاع نسبة البطالة إلى ما بين 18 و20 بالمائة". وأضافت أن حوالي 20 بالمائة من سكان العراق البالغ عددهم 25 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

كما أشارت إلى أن الإنتاج الزراعي القومي الذي يعاني أصلا من انخفاض التساقطات المطرية قد تضرر بغياب الدعم الحكومي وعدم السيطرة على الواردات الغذائية المنخفضة السعر التي يعجز المزارعون عن منافستها في بعض الأحيان.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد أفاد في 31 أغسطس أن العراق شهد أسوأ حصاد حبوب منذ عقد من الزمن، حيث انخفض حصاد القمح في البلاد إلى مليون طن في حين كان يصل إلى ـ3.5 مليون طن سنويا خلال العشر سنوات الماضية. كما انخفض الإنتاج المحلي للأرز من 500,000 سنويا إلى 250,000 طن هذه السنة. ويستورد العراق أكثر من 80 بالمائة من احتياجاته الغذائية، حسب الموسوي.

وقد تفاقم الوضع بسبب تدهور برنامج توزيع الحصص الغذائية الذي تم تصميمه خلال التسعينات لتزويد الفقراء بالمواد الغذائية الأساسية في إطار برنامج الأمم المتحدة للنفط مقابل الغذاء. كما تفيد الأرقام الصادرة عن وزارة التجارة أن 60 بالمائة على الأقل من مجموع السكان يعتمدون على المساعدات الغذائية المدعومة من الحكومة.

وأشارت الموسوي إلى أن هناك مشاكلا تتعلق بالجودة بالإضافة إلى مشاكل التوزيع. حيث قالت: "تردنا تعليقات حول جودة المواد الغذائية. كما أنها لا تصل للأسر في الوقت المحدد لها وإن وصلت فإن الكميات لا تكون كافية. ولا يتم توزيع بعض مكونات هذه الحصص الغذائية سوى خلال ثمانية أو عشرة أشهر في السنة". وأضافت مُقارِنة الوضع الراهن بالوضع خلال عام 2003: "كانت معظم أنحاء البلاد تتمتع بنوع من الاستقرار في ما يخص الأمن الغذائي، وذلك بفضل القيود المفروضة على الأغذية المستوردة والدعم الحكومي للزراعة".

وأوضحت الموسوي أنه بعد عام 2003، تم فتح الحدود أمام مختلف أنواع الواردات دون أي تدقيق حقيقي بالإضافة إلى انخفاض الدعم الحكومي للزراعة والمزارعين مما أثر بشكل سلبي للغاية على الإنتاج المحلي الذي عجز عن منافسة الواردات الرخيصة الثمن. وأشارت إلى أن "الحكومة أدركت هذه المخاطر على مدى السنتين الماضيتين وبدأت في دعم المزارعين وفرض قيود على الواردات الغذائية، ولكننا لا زلنا بعيدين عن الاكتفاء الذاتي الذي كنا نتمتع به في ما قبل، لأننا لا ننتج سوى 20 بالمائة من احتياجاتنا الغذائية". وأضافت أن مشروع القانون الرامي لحماية الإنتاج المحلي وتقنين الواردات قد يحث تغييرا كبيرا في الوضع إذا ما تمت المصادقة عليه.

سبعة ملايين عراقي تحت خط الفقر والمثنى الأفقر

من جانبه اعلن الجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي، ان هناك سبعة ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر وان محافظة المثنى هي الأفقر بين مدن العراق وذلك خلال العام الماضي، وفق ما نقل مصدر اعلامي في الوزارة.

وقال المصدر لوكالة اصوات العراق إن “الجهاز المركزي للإحصاء وفي اطار اعداد الستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر في العراق، نفذ مسحا وطنيا شاملا امتد على مدى عام كامل سمي بالمسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق”، اظهر ان السكان الذين يقعون تحت مستوى خط الفقر “يبلغ حوالي سبعة ملايين..وان افقر ثلاث محافظات هي المثنى ونسبة الفقر فيها 49% تليها محافظة بابل ونسبة الفقر فيها 41% ثم محافظة صلاح الدين وقد بلغت نسبة الفقر فيها 40%”.

ولفت الى ان نتائج هذا المسح اظهرت ان “قيمة خط الفقر الوطني بلغت (77) الف دينار للفرد شهريا، وهذا يعني ان (23%) من السكان يقعون تحت خط الفقر”، واردف ان “هؤلاء السكان يتوزعون بواقع (39%) في الريف اي (3,4) مليون فرد، وفي الحضر (16%) اي (3,5) مليون فرد”.

واضاف ان “النتائج اظهرت ان معدل البطالة بين السكان بعمر (15 سنة واكثر) بلغ (15%) لكلا الجنسين  ويشكل معدل البطالة بين الذكور (14%) وبين الاناث (19%)”، لافتا الى ان “اكبر معدل للبطالة كان في الفئة العمرية (15 – 19) سنة، اذ بلغ (34%)”.

واشار الى ان “اقل معدل للبطالة كان بين الذي يحملون شهادة الدكتوراه فأعلى حيث بلغ حوالي (3%)”، منوهاً الى ان “هذه النتائج تظهر وجود انخفاض بنسبة (12%) عن معدلات عام 2006 حيث كان معدل البطالة (17%) عام 2006 وبنحو عام فان معدلات البطالة شهدت انخفاضا واضحا في معدلاتها خلال السنوات الماضية ففي عام 2003 كانت نسبة البطالة (28%) انخفضت الى (26%) عام 2004 والى (18%) عام 2005″.

أكثر من مليون عاطل عن العمل منذ 2003

وكشفت احصائية اصدرتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ان المجموع الاجمالي للعاطلين عن العمل بلغ مليون و405 الف و 968 عاطلا في عموم المحافظات منذ 2003.

ونقل بيان اصدرته وزارة العمل عن مصدر مسؤول في دائرة العمل والتدريب المهني التابعة للوزارة وحصلت وكالة أصوات العراق على نسخة منه قوله إن “المجموع الاجمالي للعاطلين المسجلين في قاعدة بيانات الدائرة في بغداد والمحافظات للفترة من16/9/2003 لغاية 31/8/2009 بلغ مليون و405 الف و968عاطلا عن العمل منهم مليون و234الفا و 906 عاطلا من الذكور و173 الفا و61عاطلة من الاناث”.

واضاف البيان ان “مجموع العاطلين المسجلين في قاعدة بيانات الدائرة خلال شهر آب اغسطس الماضي بلغ  1450عاطلا فيما بلغ مجموع المشتغلين للفترة نفسها 250 الفا و262عاطلا”.

وتابع البيان ان “مراكز التدريب المهني التابعة للوزارة تواصل نشاطات التدريب التعليمي والمهني والشعبي حيث بلغ مجموع المتدربين خلال شهر آب اغسطس الماضي 703 متدربا في بغداد و المحافظات ومن كلا الجنسين وبلغ عدد الذكور 308 متدربا والاناث 395متدربة”، مضيفا “مازال 1312 متدربا مستمرا بالتدريب منهم 154 متدربا في الدورات التعليمية و1099 متدربا في الدورات المهنية و59 متدربا في الدورات الشعبية وبنحو 651 متدربا في بغداد و661 متدربا في بقية المحافظات”.

نسب البطالة والفقر تراجعت خلال السنوات الماضية

من جانب آخر قال الجهاز المركزي للإحصاء في بيان له، إن معدلات البطالة والفقر في البلاد سجلت انخفاظا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، وإن معدل البطالة بحسب معطيات عام 2008  يبلغ 15% في حين تقع ما نسبته 23% من السكان تحت خط الفقر، عادا أن أي معطيات أخرى بخلاف ذلك “غير رسمية” و”مبالغ فيها”.

وجاء في بيان الجهاز التابع لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي الذي تلقت وكالة أصوات العراق نسخة منه أن العديد من الصحف والمواقع الالكترونية “تناولت مؤخرا تقريرا صحفيا مجهول المصدر حمل بين طياته الكثير من المؤشرات الإحصائية المتعلقة بالعديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالحياة اليومية للمواطن ومن تلك القضايا قضية البطالة وقضية الفقر إذ أشار التقرير المذكور إلى أن نسبة البطالة حسب آخر الإحصائيات بلغت 50%  في حين تجاوزت نسبة الفقر الـ 60%”.

وأورد البيان أن النسب التي ذكرها التقرير “هي مؤشرات مبالغ فيها وتبتعد كثيرا عن الواقع لأن أية مؤشرات لا تصدر عن هذا الجهاز تعد غير رسمية كونها لا تستند على أسس علمية وأن الجهات التي تقوم بإطلاقها لا تمتلك الأذرع التنفيذية مثل تلك التي يمتلكها الجهاز والمنتشرة في جميع أنحاء العراق”.

وجاء في البيان أيضا أن الجهاز المركزي للإحصاء “نفذ مسوح متعددة عن التشغيل والبطالة خلال الأعوام الماضية كان آخرها عام 2008 الذي تم تنفيذه على أربعة فصول ووفقا لتوصيات منظمة العمل الدولية ILO في رصد وتشخيص معدلات التشغيل والبطالة وشمل المسح جميع محافظات العراق وأظهرت النتائج  أن معدل البطالة بين السكان بعمر 15 سنة وأكثر بلغ 15% لكلا الجنسين”.

وذكر الجهاز في بيانه أن معدل البطالة “يشكل بين الذكور 14% وبين الاناث 19% وظهر أيضا أن أكبر معدل للبطالة كان في الفئة العمرية 15 – 19 سنة إذ بلغ 34% وأن أقل معدل للبطالة كان بين الذي يحملون شهادة الدكتوراه فأعلى حيث بلغ حوالي 3%”.

وأوضح كما أورد البيان، أن هذه النتائج “تظهر وجود انخفاضا بنسبة 12% عن معدلات عام 2006 إذ كان معدل البطالة 17% حينها”.

وقال الجهاز في البيان أيضا إن معدلات البطالة “شهدت انخفاضا واضحا في معدلاتها خلال السنوات الماضية ففي عام 2003 كانت 28% انخفضت إلى 26% عام 2004 وإلى 18% عام 2005″.

أما بالنسبة إلى الفقر فذكر الجهاز في بيانه أن المسح الوطني الشامل الذي نفذه على مدى عام كامل وسمي بالمسح الاجتماعي والاقتصادي للأسرة في العراق “أظهر أن قيمة خط الفقر الوطني بلغت 77 ألف دينار للفرد شهريا وهذا يعني أن 23% من السكان يقعون تحت خط الفقر يتوزعون بواقع 39% في الريف أي 3.4 مليون فرد  وفي الحضر 16% أي 3.5 مليون فرد وبهذا يكون حوالي سبعة ملايين فرد يعيشون تحت خط الفقر”.

وأوضح الجهاز في البيان أن “أفقر ثلاث محافظات هي المثنى ونسبة الفقر فيها 49% تليها محافظة بابل ونسبة الفقر فيها 41% ثم محافظة صلاح الدين وقد بلغت نسبة الفقر فيها 40%”.

وزارة النفط تعرض اكثر من 1600 فرصة عمل

ومن ناحية تتعلق بإيجاد فرص العمل اعلنت وزارة النفط العراقية عن توفر 1670 فرصة عمل للعمل في شركة نفط الجنوب بالتزامن مع اقتراب انطلاق عمل الشركات الاجنبية في حقول المحافظة الغنية بالنفط، جنوب البلاد.

وبادرت شركة نفط الجنوب التابعة لوزارة النفط، قبل اسبوعين بالاعلان عن توفر 1670 وظيفة شاغرة باختصاصات هندسية مختلفة ودبلوم نفط وفنيين وخريجي دراسة متوسطة وابتدائية وسائقين، بناء على احتياج الشركة.

واندفع الالاف من الرجال بمختلف الاعمار الى تسجيل اسمائهم رغم شرط العمر الذي حددته الشركة بالا يتجاوز المتقدم الاربعين عاما وان يكون من اهالي محافظة البصرة.

وقال عضو مجلس محافظة البصرة ورئيس اللجنة الرقابية على التعيينات، علي سوادي محمد ان "عملية الصناعة النفطية تتوسع يوم بعد اخر وشركة نفط الجنوب ادركت ضرورة تعيين اختصاصات هندسية و دبلوم نفط وفنيين لسد الحاجة".واضاف ان "الامر سيساهم بمعالجة البطالة في المحافظة ولو بنسبة محدودة".

وتبلغ نسبة البطالة في محافظة البصرة 12% بين الرجال و20% بين النساء، وفقا لتقارير الامم المتحدة.

واكد محمد ان "توزيع اكثر من 5600 استمارة عمل لاصحاب الشهادات الهندسية و 6087 اخرى لحملة شهادة الدبلوم واكثر من خمسة الاف اخرى للسائقين خلال العملية التي بدأت في الرابع من الشهر حالي".

وتضع شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية و"سي ان بي سي" الصينية اللمسات الاخيرة على عقد مع وزارة النفط العراقية لرفع مستوى الانتاج الى 2,8 مليون برميل يوميا في حقل الرميلة (جنوب العراق) حيث سيعمل 85% من العراقيين يمثلون 3200 من الكوادر التابعين لشركة نفط الجنوب التي ستمثل الطرف الثاني في "شركة نفط الرميلة".

وصرح طاهر ياسين مسؤول الشؤون الادارية في شركة نفط الجنوب ان "مفاضلة ستطبق بين المتقدمين وسيمنح 10% (من الوظائف) لعوائل الشهداء (الذين قضوا على يد النظام السابق) اضافة لنسبة اخرى للسجناء السياسيين الذين سيستثنون من شرط العمر اضافة لابناء العاملين في شركة نفط الجنوب".

بيوت من طين وصفائح تالفة وأكوام النفايات

بيوت جدرانها من طين واسقفها من بقايا الحديد والخشب التالف، تسكنها عوائل شردتها ظروف معيشية قاهرة، فلم تجد مكانا يأويهم غير مناطق الطمر الصحي ولا مصدر رزق سوى اكوام النفايات، هذه حال منطقة المعامل في الرصافة حيث يعيش سكانها في ظروف لا انسانية، منتظرين تحسن اقتصاد البلاد وحكومة تنتشلهم من واقعهم.

كان رياض وادي (32 عاما) منشغلا بالتفتيش عن ما يمكن ان ينفع للبيع وسط النفايات، حيث يعيش بموقع الطمر الصحي في منطقة المعامل، حين تحدث لوكالة اصوات العراق التي دخلت المنطقة وحاورت بعض سكانها واطلعت على معيشتهم، قائلا “إنا منذ سنتين اسكن في هذه المكان المخيف والخطر، انها ظروف الحياة التي دفعتني الى هنا وابقتني اسيرا لمكان ملوث وعمل قاسي”.

وأضاف وادي “هنا لا ماء و لا كهرباء، ولا توجد اي ظروف لحياة انسانية صحية، فنحن نعيش مع الكلاب و لا سواها ترافقنا في ليلنا ونهارنا”.

ومضى قائلا “كنت اعيش قبل ثلاث سنوات في منطقة الحي بمدينة الكوت في محافظة واسط (180  كم جنوب محافظة بغداد) وكانت لدي قطعة ارض وبعض المواشي أعيش أنا وأخواتي من خيرها، لكن بعد انقطاع الماء عن أراضينا اضطررنا لترك المنطقة لنستمر بالحياة ونحصل من اي عمل آخر على لقمة العيش، لكننا لم نجد انفسنا الا هنا الذي هو أحد مواقع رمي النفايات وليس مكانا للعيش”.

وتابع “أنا وأخواتي نخرج مترقبين وصول الكابسات (سيارات نقل النفايات) لكي نشتري النفايات التي بداخلها وذلك من الساعة الرابعة صباحا ولا نعود اللا بعد غروب الشمس، فنحن نواجه منافسة من آخرين، ولذا علينا ان نستفيد من الوقت كي لا يسبقنا احد الى شراء هذه النفايات التي هي مصدر رزقنا الوحيد”، مبينا “نحن نعيد فرز هذه النفايات وبيعها مجددا”.

أم جاسب، أم لخمسة أولاد تعيش في المنطقة وتعمل فيها، رفضت في البداية أن تتكلم عن حياتها في موقع الطمر الصحي، مرددة بغضب “هل تريدون ان تصوروا للعالم كيف نهان، كل يوم يأتي البعض ليصوروا حياتنا ونحن ندور بالبزل”، وهي تقصد البحث في بقايا النفايات بموقع الطمر الصحي.

وقالت لوكالة أصوات العراق بعد ان هدأت اثر تأكدها من عدم وجود كاميرات تصوير “لقد تعبنا من مجيء القنوات التلفزيونية لتصويرنا كأننا مجرمون، ليس عيبا ان نعمل بشرف، لكن العيب ان نمد أيدينا أو نأكل مالا حراما” .

وأوضحت ام جاسب انها تعمل منذ سنوات طويلة في المنطقة لكسب رزق عائلتها، قائلة “منذ كنت شابة قبل نحو ثلاثين سنة وانا اعمل في هذا المكان مع زوجي، اليوم لدي أربعة أولاد وبسبب عدم حصولهم على عمل في أي مكان آخر جميعهم الآن يعملون هنا، نعم هم منذ صغرهم كانوا يعملون هنا، لكن لا احد يحب ان يعمل في بيئة كهذه لو وجد بديلا”.

وتابعت “لم يبق باب لم يطرقوه ولا مكان لم يبحثوا فيه عن عمل أفضل، لكن بلا نتيجة، فما من مجيب، وان توقفنا عن هذا العمل فلن يساعدنا أحد فكيف سنعيش، ونحن نريد ان نعيش مثل الآخرين”.

وتحدثت ام جاسب عن مشقة العمل، وعن صراعها اليومي من اجل تأمين متطلبات العائلة، وعن “أملها الدائم في ان تتحسن ظروف البلاد الاقتصادية لكي يعيشوا بشكل افضل”، مشيرة الى انهم يواجهون بين فترة واخرى “خطر فقدان عملهم الوحيد هذا”، قائلة “كل يوم يأتي شخص ويقول ان هذه الأرض عائدة له، فنضع أيدينا على قلوبنا خوفا ان يكون كلامه صحيحا ونطرد من المكان، حينها أين سنولي بوجوهنا وسط هذه الظروف والحياة الصعبة”.

وانتقدت ام جاسب الحكومة وكبار المسؤولين، لافتة الى انهى تنسى الفقراء والمحرومين ولا تفكر في تحسين اوضاعهم، متسائلة “الى أين تذهب أموال العراق، واين الذين انتخبناهم، ومتى ستستيقظ ضمائرهم ويتذكرون الشعب الفقير، بدل البحث عن زيادة امتيازاتهم الشخصية”، مضيفة “ليخرجوا الى الشارع ويروا كيف يعيش الفقراء، فحسبنا الله ونعم الوكيل”.

من جهته، تحدث محمد درويش، احد سائقي الكابسات التي تحمل النفايات من بعض احياء بغداد الى المنطقة، عن الظروف الصعبة والمخاطر المتعددة التي يواجهها سكان المنطقة والعاملون في جمع النفايات وبيعها.

وقال درويش ان “أحد العاملين في هذا المكان لقي مصرعه بعد انقلاب احدى الكابسات عليه بينما كان يستعجل في البحث عن مواد يمكن ان يستفيد منها”، مشيرا الى ان “هذه الحوادث تتكرر مرارا بسبب عدم  انتباه هؤلاء المفتشين في النفايات إلى سلامة انفسهم، لأن كل همهم هو الحصول سريعا على مواد يمكن ان تؤمن مصدر رزق لهم”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنبن 11/كانون الثاني/2010 - 25/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م