التعليم في العراق: الأمّية في تزايد والدوام المزدوج مشكلة الطلبة وأهاليهم

اعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: ذكرت دراسة حديثة أنجزها قسم البحوث الاجتماعية في جامعة بغداد أن أكثر من  16% من العراقيين يعانون من الأمية بينهم نسبة كبيرة من الشباب.

من ناحية ثانية تُعتبر مشكلة الدوام المزدوج او الثلاثي، واحدة من المشاكل التي يعانيها القطاع التربوي في العديد من المناطق في العاصمة بغداد وعموم محافظات البلاد. وتبرز هذه الظاهرة نتيجة نقص أعداد الأبنية وهي تنتشر بشكل واسع ضمن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، الامر الذي شكّلَ معاناة كبيرة للطلبة وأولياء الامور على حد سواء.

وفي نفس السياق يعاني تعليم الفتيات في الفترة العمرية 6 إلى 12 سنة من إهمال كبير في محافظة بابل، بعضه يعود إلى طبيعة المجتمع العشائري والقسم الاخر يعود إلى إهمال الحكومة في توسيع التعليم في تلك المنطقة والقسم الثالث ترك مقاعد الدراسة بسبب الوضع الأمني الغير مستقر، وأكدت الإحصاءات بأن 4 فتيات فقط من أصل 10 في تلك المنطقة يكملن تعليمهن الابتدائي.

نسبة الأمية 16 في المئة

وأكدت دراسة لجامعة بغداد أن أكثر من  16% من العراقيين يعانون من الأمية. وأكدت الدراسة أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي مرت بها البلاد طوال عشرين عاماً مضت دفعت العائلات ذات الدخل المحدود إلى زج أطفالها في ميادين العمل بعد إخراجهم من المدارس في سن مبكرة قبل أن يتقنوا القراءة والكتابة.

وأشارت الدراسة التي اعتمدت على بيانات ميدانية واستطلاعات للرأي شملت غالبية المدن العراقية أن الشباب بين سن 18- 30 سنة يمثلون 31 في المئة من مجموع الأميين في البلاد فيما بلغت نسبة الأطفال الأميين بين أعمار 9 و17 سنة، 29 في المئة وتوزعت بقية النسبة على كبار السن من الجنسين.

وذكرت عضو لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب العراقي جيان أنور «أن الإحصاءات المتوافرة لدى لجنة التربية والتعليم في البرلمان تؤكد وجود خمسة ملايين أمي في البلاد بين أطفال وشباب وشيوخ، مشيرة إلى إحصائيات أخرى تتجاوز هذا العدد.

وأوضحت أن النسبة الأكبر من الأمية تنتشر بين النساء من مراحل عمرية مختلفة بسبب حرمان الكثير منهن من مواصلة الدراسة أسوة بالذكور لا سيما في القرى والمناطق النائية التي تمتنع عن تسجيل بناتها في المدارس.

وأكدت أن لجنة التربية والتعليم في البرلمان أوصت باستحداث مديرية خاصة بالأمية مرتبطة بمجلس النواب أو رئاسة مجلس الوزراء لتتمكن الحكومة من الإشراف المباشر على معالجة ظاهرة الأمية في البلاد.

وكان العراق صنف في ثمانينات القرن الماضي ضمن البلدان الخالية من الأمية بعدما قامت الحكومة آنذاك بحملة واسعة لمحو الأمية في البلاد تضمنت إدخال الأميين في المدن والقرى والقصبات البعيدة في مدارس خاصة  تستمر فيها الدراسة لمدة ست سنوات متتالية يحصل بعدها الأميون على شهادات محو الأمية بعدما يتعلمون القراءة والكتابة.

الدوام المزدوج.. ومعاناة الطلبة وأولياء الامور

من ناحية ثانية تعتبر مشكلة الدوام المزدوج او الثلاثي، واحدة من المشاكل التي يعانيها القطاع التربوي في العديد من المناطق في العاصمة بغداد وعموم محافظات البلاد.

وتبرز هذه الظاهرة نتيجة نقص اعداد الأبنية وهي تنتشر بشكل واسع ضمن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، الامر الذي شكل معاناة وللطلبة وأولياء الامور على حد سواء.

ابو فيصل (48) عاما، وهو أب لخمسة ابناء، ثلاثة اولاد وبنتين جميعهم في المراحل الابتدائية، يقول “في حينا مدرستان ابتدائيتان بنيتا في ستينيات القرن الماضي، واحدة للبنين واخرى للبنات، وكان الدوام صباحيا في كلا المدرستين، غير ان مديرية التربية استخدمت مدرسة البنين لتشغلها كمركز للتطوير”، متابعا وقد “حولت الاولاد على المدرسة الاخرى ليكون الدوام مزدوجا يومان صباحي وثلاثة ايام مسائي، وهذا الامر يرهقنا نحن الاهالي”.

ويعتقد ابو فيصل الذي يسكن في مدينة الصدر شرقي بغداد لوكالة أصوات العراق بأنه “كان الاجدر بالحكومة او وزارة التربية اخلاء المباني الحكومية التي استولت عليها الاحزاب السياسية وجعلها مراكز للتطوير او كمدارس”، مشددا بأن ذلك “أفضل من شغل مدرسة وتحويل اكثر من 500 طالب الى مدرسة اخرى”.

كما يرى كريم محسن معاون مدرسة ابتدائية أن المشكلة “تكمن في شحة المدارس خصوصا وان فترة اواخر الثمانينيات وعقد التسعينيات لم تشهد بناء مدارس فيما كانت النفوس تزداد”.

ويضيف محسن لـ أصوات العراق إن “السنوات الاخيرة شهدت حركة بناء وترميم للمدارس، لكن رغم ذلك البلد بحاجة الى تشييد اعداد اخرى من المدارس لاستيعاب الزخم الحاصل والقضاء على ظاهرة الدوام المزدوج، وذلك هو الحل الوحيد”.

وفي السياق ذاته، فعلى الرغم من مرور اكثر من اربع سنوات على تشكيل دائرة خاصة بشؤون الابنية المدرسية في وزارة التربية، الا ان مشكلة المدارس والتلكؤ في بناءها لا زال قائما.

مدير عام الابنية المدرسية في وزارة التربية الدكتور حبيب الشمري وفي حديثه لـ أصوات العراق يرجع ذلك الى ضعف التخصيصات المالية ونقص الاراضي المخصصة لتشييد المدارس فضلا عن “غياب البيانات الدقيقة عن المناطق التي تشكو قلة اعداد المدارس وتلك التي تحتاج المشيدة فيها الى اعادة إعمار وتأهيل”.

ويقول الناطق الرسمي بأسم وزارة التربية وليد حسين، أن الوزارة “بذلت جهودا كبيرة في عملية بناء المدارس، وقد بلغ عدد المدارس التي تم بنائها خلال السنوات الاربع الماضية 4000 مدرسة موزعة في عموم محافظات العراق، بينما بنى النظام السابق وفقا للبيانات 15 الف مدرسة خلال ثلاثة عقود ونصف”.

ويضيف أن “عدد الطلبة حتى العام الحالي بلغ ستة ملايين و731 الف طالب وطالبة، وبلغت المرحلة الابتدائية وحدها اربعة ملايين تقريبا”.

ويوضح أن الحكومة طوعدت بزيادة الميزانية المالية للوزارة خلال العام المقبل بهدف بناء مزيد من المدارس، استجابة لطلب وزير التربية خضير الخزاعي”، وهذا “سيمكن الوزارة من بناء الكثير من المدارس والقضاء على مدارس الطين والدوام المزدوج”.

رغم ذلك فان بعض الاهالي اوضحوا بانهم سبق وان قدموا مقترحات لتخفيض حجم الظاهرة لكنها لم تنجح.

ام مرتضى (37 عاما) التي تسكن منطقة الاورفلي شرقي بغداد، تقول “نحن نعاني من الدوام المزدوج في المدارس الاعدادية وفي حينا مدرسة واحدة للبنات، اعدادية ومتوسطة، وبناتنا يكون دوامهن مقسم بين صباحي ومسائي في ذات المدرسة”.

وتضيف “اقترحنا نحن الاهالي ان يكون الدوام المدرسة ثانوية صباحي فقط من الاول المتوسط وحتى السادس اعدادي، غير ان البناية لا تتسع هذا العدد”.

يذكر ان بعض المدارس اضطرت الى ان تتقاسم اروقة بناية واحدة او تتناوب على نفس المكان بفترات دوام مزدوج او ثلاثي يجمع اكثر من مئة طالب في كل صف بفعل ما يواجهه العراق ومنذ قرابة العقدين من الزمن من نقص في الابنية المدرسية والذي قدرته احصائيات الجهات المختصة في وزارة التربية بـ5318 بناية مدرسية.

بعض المسؤولين في وزارة التربية كشف عن ارقام انشاء المدارس معربا عن امله في ان يساهم ذلك في تخفيف الزخم الحاصل.

مدير تربية الرصافة الثالثة في مدينة الصدر حسين علي ناصر العبودي يوضح أن “مئة مدرسة تم بنائها خلال السنوات الاربعة في المدينة، وتم ترميم عشرات المدارس، وذلك لامتصاص الزخم الحاصل في المدارس، وهناك توجه بان يكون في كل صف مدرسي 20 الى 30 طالب، وبواقع دوام واحد لكل مدرسة”.

ويضيف “خلال العامين الماضيين تم بناء 18 مدرسة في مدينة الصدر بطريقة البناء العمودي، وبواقع ثلاثة طوابق، من اجل استيعاب نسبة الطلبة في مدينة الصدر.

واقع تعليم البنات في محافظة بابل

ويعاني تعليم الفتيات في الفترة العمرية 6 إلى 12 سنة من إهمال كبير في منطقة شمال محافظة بابل، بعضه يعود إلى طبيعة المجتمع العشائري والقسم الاخر يعود إلى إهمال الحكومة في توسيع التعليم في تلك المنطقة والقسم الثالث ترك مقاعد الدراسة بسبب الوضع الأمني الغير مستقر في تلك المنطقة وعمليات التهجير وبشكل جعل عدد النساء الأميات كبير وأكدت الإحصاءات بأن 4 فتيات فقط من أصل 10 في تلك المنطقة يكملن تعليمهن الابتدائي.

وتقع محافظة بابل  في القسم الأوسط من العراق تبعد عن العاصمة بغداد حوالي 100 كم وقد ورد اسمها بالقرآن الكريم { وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت} وكلمة بابل تعنى باب الإله و صارت بابل بعد سقوط سومر قاعدة إمبراطورية بابل، وقد أنشأها حمورابي حوالي 2100ق.

وتبلغ مساحة محافظة بابل (6793) كم وتشكل بذلك نسبة 2%من مساحة العراق الكلية. ترتفع أراضيها المنحدرة نحو الجنوب (35) م فوق مستوى سطح البحر. يسودها مناخ الصحراوي يمتاز بقلة سقوط الأمطار تتراوح بين (50-200 ملم) وارتفاع درجات الحرارة صيفاً إلى(50مْ). يسودها جو دافئ شتاءاً. يبلغ عدد سكانها حسب إحصاء2006 م (1600675) نسمة. تتصف بكونها زراعية وتختصً بمحاصيل الحنطة والشعير والذرة الصفراء والقطن والسمسم والمحاصيل الثانويـة من الخضر والأبصال والدرنات، كما تكثر فيها بساتين النخيل والحمضيات وتتميز بوجود ثروة حيوانية كبيرة تضم الأغنام والماعز والبقر والجاموس والإبل وحقول الدواجن ومعامل الأعلاف تعتمد على الزراعة السبحية أو بالواسطة و تنعدم فيها الزراعة الديمية لقلة سقوط الأمطار. وسـميت بابل نسبة إلى (مدينة بابل الآثارية) التي تقع قريباً من مركز المحافظة.

وفيما يخص شمال بابل فإنها تتألف من قضاء المحاويل يتبعه ناحية الإمام وناحية جبلة في حين يتبع قضاء المسيب ناحية جرف الصخر والإسكندرية وسدة الهندية تضم هذه الاقضية 116 قرية او ما دون يحيط بمنطقة شمال بابل من الشرق محافظة واسط ومن الشال العاصمة بغداد ومن الغرب والجنوب الغربي محافظتي الانبار وكربلاء ويسكنها خليط من العشائر السنية والشيعية في مناطق محددة لكل منهما تتداخل في بعض الأحيان الا ان عمليات التهجير غيرت من ديمغرافية المنطقة كثيرا وتسببت في مضاعفة مشكلة التعليم بالنسبة للفتيات.

وتبرز مشكلة التقرير في:

1- تبلغ عدد المدارس الابتدائية في قضاء المسيب الذي تبلغ كثافته السكانية أكثر من 336570 ألف نسمة 148 مدرسة ويبلغ عدد الأطفال دون سن 12 سنة 114800 ألف نسمة أي تقريبا نصف السكان وبالتالي فان الطاقة الاستيعابية للمدارس تتجاوز 800 طالب ومعظمها مختلطة وهذا يخالف  عادات أبناء المنطقة العشائرية التي ترفض الاحتكاك بين الأولاد والبنات ولا سيما بان النضج الجسدي للأطفال في تلك المناطق الريفية يكون مبكرا قياسا بالمناطق الأخرى.

2- عمليات التهجير الواسعة التي شهدتها منطقة شمال بابل بعد أحداث العنف عام 2003 والتي أدت إلى نزوح أعداد كبيرة من العوائل التي تقطن تلك المنطقة حوالي 654 عائلة معظمها من الإسكندرية وجرف الصخر وبسبب التغير المكاني للعوائل فإنها أجبرت أبناءها على ترك الدراسة وخاصة الفتيات بسبب الظروف الاقتصادية المتغيرة او بسبب التهديدات حيث اكد المشرف التربوي ف.ح. بان أكثر من 561 طالبة تركت مقاعد  الدراسة خلال العام الدراسي الماضي 2008/2009 بعض منهن عدن إلى مقاعد الدراسة والبعض الأخر لا زال متسرب.

3- المشاكل الأمنية التي لا زالت تعاني منها منطقة شمال بابل بسب حدودها الواسعة مع محافظة الانبار عبر منطقة جرف الصخر ومحافظة بغداد عبر اللطيفية ومحافظة واسط حيث اكد العقيد ع.ع من الجيش العراقي بان المصادر الاستخبارتية لا زالت تؤكد بان منطقة شمال بابل هي منطقة حاضنة للخلايا القاعدة البعض منها ناشطة والبعض الاخر.

المنطلقات القانونية:

لقد كفل الدستور العراقي الجديد حق تكافل الفرص في الحياة والمعيشة بالنسبة لكافة العراقيين ومنها التعليم حسب المادة 16 كما أكدت المادة 29 الفقرة الرابعة عل منع العنف في كافة أقسام المجتمع الأسرة او المدرسة آو المجتمع وبما ان العنف واحد من أسباب عزوف الفتيات عن الدراسة لذا وجب على الحكومة العراقية محاربته كما أكدت المادة 34 في الفقرة (1,2,3) على أن التعليم إلزامي في المرحلة الابتدائية كما تشجع على البحث والابتكار في كافة المراحل ,كما  تناولت المعاهدات الدولية والاتفاقات جانب حماية تعليم المرأة وخاصة السنوات الأولى من عمرها منها:

1- معاهدة سيداو CEDAW لسنة1979 والتي تتضمن القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرآة وتعزيز دورها في كافة مجالات الحياة الفقرة (ه) من م10 والتي تكفل حق التساوي في فرص الاستفادة من برامج مواصلة التعليم بما ي ذلك برامج تعليم الكبار ومحو الأمية الوظيفي ولا سيما البرامج التي تعجل بتضييق أي فجوة في التعليم بين الرجل والمرآة.

2- أكدت الاتفاقية العالمية لحقوق الطفل التي تم الإعلان عنها عام 1989 ودخلت حيز التنفيذ عام 1990 حسب قرار الأمم المتحدة رقم 49 "على إلزامية التعليم الابتدائي بالنسبة للأطفال وبالمجان وتكون الدولة مكلفة بهذا التعليم حسب المادة 28 الفقرة(أ) ".

المقترحات:

1- تطبيق قانون التعليم الإلزامي للمرحلة الابتدائية من قبل الحكومة العراقية بصورة دقيقة والاستعانة بالحكومات المحلية من جهة وشيوخ العشائر من جهة أخرى وخاصة فيما يتعلق بتعليم البنات.

2- العمل على توسيع بناء المدارس الابتدائية في المنطقة بشكل لا يشكل الوصول إلى المدرسة من قبل الطالبات أمر شاق من حيث البعد عن المنازل وصعوبات الطرق ووسائط النقل.

3- تشجيع منظمات المجتمع المدني على القيام بدورها الفعال في محاربة أمية الفتيات الصغيرات من جهة والقيام بحملات توعية لأولياء الأمور حول أهمية تعليم البنات ودفعهم الى أعادة بناتهم الى صفوف الدراسة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد 20/كانون الاول/2009 - 3/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م