ثقافة عربية... إبداع يتجاوز الواقع المر

جائزة أمريكية باسم نجيب محفوظ و محمود درويش يترجم الى الانكليزية

إعداد: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: رغم حالة الإرباك السياسي والاجتماعي الذي تعيشه اغلب البلدان العربية تطفو على السطح الكثير من الأعمال الأدبية والفنية المبدعة، سيما بعد أن استطاع مبدعوها القفز على واقعهم المؤلم واختزالها في أعمالهم المنتقاة، الى جانب ذلك تبقى للثقافة العربية نكهة وتميز خاص في الثقافة الإنسانية على مدى التاريخ، نظرا لما تتمتع به من عطاء زاخر لا ينضب، كان ولا يزال يضفي برونقه المتألق كل ما هو جميل وملفت. في هذا القرير نحاول أن نسلط الضوء على آخر المستجدات على الساحة الأدبية العربية.

جائزة البوكر العربية

حيث ساد الكثير من اللغط والشائعات الإعلان عن اللائحة القصيرة للجائز العالمية للرواية العربية لعام 2010.

فقد اتهمت اللجنة القائمة على الجائزة بتغييب أدباء بلدان عربية معينة وتسليط الأضواء على بلدان أخرى، بل وذهب البعض الى القول إن الإعلان عن النتائج ، بل واعلان الفائز في شهر مارس/آذار المقبل صوري، فالنتائج مرتبة سلفا حسب ما ردد البعض.

وكان من ابرز الاصوات التي شككت بنزاهة وشفافية الجائزة الكاتب المصري جمال الغيطاني، ويربط البعض ذلك باستبعاد إحدى رواياته من القائمة الطويلة.

وكان الغيطاني كتب في افتتاحية جريدة أخبار الأدب أنه «معروف لكل من له علاقة بالواقع الثقافي أن الجائزة مقررة هذا العام للروائية اللبنانية علوية صبح»، بينما هاجم الكاتب الروائي إبراهيم عبد المجيد الجائزة ولجنة التحكيم بضراوة، معتبرًا - في مقال بأخبار الأدب - أن اقتصار القائمة الطويلة علي روايتين فقط من مصر (ما وراء الفردوس - منصورة عز الدين، يوم غائم في البر الغربي - محمد المنسي قنديل) هو اختيار يعبر عن نية مسبقة في حرمان الكتاب المصريين من المنافسة الجدية علي جائزة البوكر في دورته الثالثة، كما ذكرت جريدة الدستور على موقعها الاكتروني.

حين أعلن طالب الرفاعي رئيس لجنة التحكيم اليوم الثلاثاء في إحدى قاعات معرض بيروت الدولي للكتاب عن أسماء الفائزين الستة كانت المفاجأة أن علوية صبح لم تكن ضمنهم أصلا.

وعندما سألته بي بي سي العربية إن كان غياب إسم علوية جاء بهدف قطع الطريق على الشائعات، أجاب الرفاعي أن عملية الاختيار لا تحكمها الشائعات وإنها خاضعة لمعايير أدبية ونقدية صرفة متفق عليها مسبقا، وإن الروايات الست الفائزة هي الخيار الحر لأعضاء لجنة التحكيم.

أما الشاعرة جمانة حداد المديرة الإدارية للجائزة والتي ربطت الشائعات اسمها بالصفقة المزعومة فقالت إن موقعها الإداري الصرف في هيئة الجائزة يجعلها بعيدة عن التأثير على قرارات اللجنة، وأنها لا تشارك في نقاشاتها ومداولاتها، بل تعد المذكرات أثناء الاجتماعات لمقتتضيات الضرورة الإدارية.

وعلّق رئيس لجنة التحكيم طالب الرفاعي قائلاً: جرى نقاش حرّ وموضوعي، وكان الهدف الأهم الوصول الى قائمة متوافق عليها من جانب جميع أعضاء لجنة التحكيم. هذه القائمة تمثّل رأي المحكّمين، مع الاحترام والتقدير لجميع الروايات المشاركة في هذه الدورة .

وخلال المؤتمر الصحافي، قال جوناثان تايلور الذي يرأس مجلس الأمناء: الجائزة العالمية للرواية العربية هي جائزة رائدة في عالم الأدب العربي. تأثيرها بات لا يقبل الجدال، مع اعتبار الفائزين بها وكتّاب اللائحة القصيرة من أهم الأقلام في الأدب العربي المعاصر. والكثر منهم وصلوا إلى العالم اليوم عبر ترجمة أعمالهم، وذلك بفضل الجائزة .

تأهل للجائزة هذه السنة 115 كتاباً من 17 بلداً عربياً هي: مصر، سوريا، لبنان، الأردن، فلسطين، العراق، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، المملكة العربية السعودية، اليمن، البحرين، عمان، المغرب، ليبيا، السودان، تونس، والجزائر. وكانت أعلنت اللائحة الطويلة من 16 عملاً في القاهرة خلال تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت.

يذكر أن كلا من المرشحين الستة النهائيين يحصل على 10000 دولار، أما الرابح فيفوز بـ 50000 دولار إضافية.

وينعم كتّابها بالقدرة على الوصول الى جمهور واسع من القرّاء على الصعيدين العربي والعالمي في آن واحد، وعلى تأمين عقود ترجمة لأعمالهم. الفائزان السابقان بالجائزة، بهاء طاهر عن واحة الغروب ، ويوسف زيدان عن عزازيل ، لم يُنشر عملاهما بالإنكليزية فحسب في بريطانيا، في داري سبتر و أتلانتيك ، بل حصلا على عدد كبير من عقود الترجمة العالمية جرّاء الجائزة .

يذكر أخيرا أن هوية الفائز بالجائزة النهائية سوف تعلن خلال حفل رسمي في ابو ظبي، مساء الثلاثاء 2 آذار 2010، وهو اليوم الأول من معرض أبو ظبي الدولي للكتاب .

جوائز ابن بطوطة

على صعيد متصل فاز أربعة جزائريين وثلاثة مغاربة ومصريان وسعودي ويمني وعراقي وسوري وأردني بجوائز ابن بطوطة لادب الرحلة في دورتها الجديدة والتي يمنحها (المركز العربي للادب الجغرافي-ارتياد الافاق) ومقره أبوظبي ولندن.

وقال المركز يوم السبت في بيان ان الفائزين هم الجزائريون سميرة انساعد والخامسة علاوي وبورايو عبد الحفيظ وعبد الناصر خلاف والمغاربة نزيهة الجابري وعبد القادر سعود وعبد الحفيظ ملوكي والمصريان عمرو عبد العزيز منير وسعد القرش والسعودي عبد العزيز بن حميد الحميد والعراقي وارد بدر السالم والاردني أمجد ناصر واليمني عبد الله السريحي والسوري المقيم في غرناطة عاصم الباشا.

ويمنح المركز جوائز ابن بطوطة سنويا منذ عام 2003 في خمسة فروع هي (تحقيق الرحلات) و/الدراسات في أدب الرحلة/ و/الرحلة المعاصرة/ و/الرحلة الصحفية/ و (اليوميات).

وقال البيان ان الاعمال الفائزة جاءت من بين 130 مخطوطا من 14 بلدا عربيا بعد دمج مسابقتي 2008 و2009 معا حيث فاز بجائزة تحقيق الرحلة أربعة أعمال هي (أنس الساري والسارب من أقطار المغارب الى منتهى الامال والمارب وسيد الاعاجم والاعارب) 1040 هجرية لابي عبد الله محمد بن أحمد القيسي الشهير بالسراج وحققها المغربي عبد القادر سعود و/حلة الناصرية/ لابي العباس أحمد بن محمد بن ناصر الدرعي وحققها المغربي عبد الحفيظ ملوكي و/مسلية الغريب.. رحلة الى أميركا الجنوبية.. 1864/ لعبد الرحمن البغدادي وحققها الجزائري عبد الناصر خلاف و/من مصر الى صنعاء.. رحلة في بلاد اليمن العربية السعيدة.. 1927/ لنزيه مؤيد العظم وحققها اليمني عبد الله السريحي.

وفاز بجائزة ابن بطوطة للدراسات ستة أعمال هي (الرحلة السفارية.. من الائتلاف الى الاختلاف.. مساهمة في التأسيس الدبلوماسي المغربي) للمغربية نزيهة الجابري و/الرحلات الجزائرية الى المشرق.. دراسة في النشأة والتطور والبنية/ للجزائرية سميرة انساعد و/مصر والعمران في كتابات الرحالة والموروث الشعبي خلال القرنين السادس والسابع الهجريين/ للمصري عمرو عبد العزيز منير و/ابن بطوطة وجهوده اللغوية الجغرافية.. ألفاظ الاطعمة والاشربة نموذجا/ للسعودي عبد العزيز بن حميد الحميد و/مدينة قسنطينة في أدب الرحلات/ للجزائري بورايو عبد الحفيظ و/العجائبية في أدب الرحلات.. رحلة ابن فضلان نموذجا/ للجزائرية الخامسة علاوي.

وجائزة الرحلة المعاصرة التي تمنح لافضل كتاب في أدب الرحلة يضعه كاتب معاصر فاز بها كتاب (سبع سماوات.. رحلات في مصر والجزائر والعراق والمغرب وهولندا والهند) للمصري سعد القرش وكتاب (الهندوس يطرقون باب السماء.. رحلة الى جبال الهمالايا الهندية) للعراقي وارد بدر السالم.

وجائزة الرحلة الصحفية التي تمنح لعمل عن رحلة تقصد قراءة مكان أو ظاهرة أو أحوال في منطقة أو بلد في العالم ذهبت الى كتاب (الخروج من ليوا.. رحلة في ماضي أبوظبي وحاضرها وديار الشحوح) للشاعر الاردني أمجد ناصر. أما جائزة اليوميات التي تمنح لعربي يقوم برحلة مع حياته الشخصية عبر المكان الغريب فذهبت الى كتاب (الشامي الاخير في غرناطة.. دفتر يوميات) للتشكيلي السوري عاصم الباشا.

وقال البيان ان الاعمال الفائزة ستنشر بالتزامن مع توزيع الجوائز في افتتاح (ندوة الرحالة العرب والمسلمين) أواسط العام القادم وسيعلن عن مكان عقدها في وقت لاحق "وهناك دعوة مفتوحة من الاخوة السودانيين لعقد الندوة في الخرطوم وتكريس جانب أساسي منها للعلاقة بين الثقافة العربية والثقافات الافريقية."

وقال الشاعر السوري نوري الجراح المشرف على المركز وجائزته ان الجزائر ومصر "برزا كمنافسين علميين للمغرب الذي دأب في كل عام على أخذ حصة الاسد من الجائزة" منوها الى فوز ثلاث سيدات بالجائزة هذا العام "ولكن المثير للاهتمام أنهن لم يحصلن عليها في حقل البوح والاعتراف والكتابة الذاتية -على أهمية هذا الحقل- ولكنهن حصلن عليها في حقل بالغ الصعوبة والجدية هو حقل البحث والدراسة وهو أمر يكتسب أهمية خاصة. فالمراة اذن تقتحم ميدان العمل البحثي والتأريخي والنقدي وهو أمر له دلالته واعتباره. فقد ظل هذا الميدان حكرا على الرجال."

وأضاف أن الجائزة التي تهدف الى تشجيع أعمال التحقيق والتأليف والبحث في أدب السفر والرحلات تمكنت في الاعوام السابقة من الكشف عن "نصوص باهرة تنتمي الى أدب الرحلة" وتشجيع المحققين والدارسين العرب الانخراط في مشروع ريادي عربي دعا الثقافة العربية ونخبها المثقفة الى المشاركة في مشروع علمي لقراءة الذات العربية المعاصرة من خلال البحث في علاقتها بالاخر عبر عصور من السفر والتفاعل مع الغريب والمدهش والمفاجىء واضاءة زوايا مجهولة في الثقافة العربية عبر علاقتها بالمكان والحضارة والوجود الانساني والكشف عن نظرة العربي الى المشترك الانساني من خلال أدب الرحلة.

وقال راعي المركز وجائزته الشاعر الاماراتي محمد أحمد السويدي في البيان ان الندوة القادمة ستحتفي بالمنجز الذي قدمه (المركز العربي للادب الجغرافي-ارتياد الافاق) خلال عشر سنوات على تأسيسه وأن العام القادم سيشهد الصدور الرسمي لمجلة (الرحلة) كمجلة شهرية عربية تعنى بأدب السفر وبالعلاقة مع الاخر.

وينظم المركز سنويا ندوة عن أدب الرحلة في بلد عربي أو أجنبي واستضافت الندوة في السنوات الماضية عواصم منها الخرطوم والجزائر والرباط.

جائزة نجيب محفوظ الامريكية

في سياق ذاته فازت رواية (وراق الحب) للسوري خليل صويلح بجائزة نجيب محفوظ للادب العربي التي تمنحها الجامعة الامريكية بالقاهرة سنويا لكاتب عربي عن رواية نشرت حديثا.

وقالت لجنة التحكيم في بيان وزع خلال حفل تسليم الجائزة مساء يوم الجمعة ان (وراق الحب) نص "شديد التشويق... رواية ذكية" برع مؤلفها في تضمينها نصوصا تتواصل وتتعارض معها ليثبت ان "كل كتابة جديدة بمثابة تكرار واعادة واضافة خلاقة لعملية الكتابة الابدية."

وأنشأ قسم النشر بالجامعة الامريكية هذه الجائزة وقيمتها ألف دولار أمريكي عام 1996 وتهدى يوم 11 من ديسمبر كانون الاول الذي يوافق عيد ميلاد محفوظ (1911-2006) الحاصل على جائزة نوبل في الاداب.

وفاز بالجائزة في الدورات السابقة أدباء من مصر والجزائر وفلسطين ولبنان والمغرب والعراق. بحسب رويترز.

وفي كلمته عقب تسلم الجائزة قال صويلح (50 عاما) ان من يكتب الرواية اليوم "محاصر من الجهات الاربع وليس أمامه غير أن يحرق السفن ويتوغل في الارض المجهولة دون أسلحة. راو يقف في العراء..."

وأضاف أنه حاول في روايته "اعلاء شأن الذات المقموعة" وايجاد صيغة للتحاور مع نصوص تراثية وأنه كان "كمن يتجول بسروال الجينز في سوق الوراقين ويلقي التحية بتبجيل خاص الى الجاحظ وأبي حيان التوحيدي وابن خلدون وآخرين."

وحكى صويلح كيف كان لقاؤه الاول بأعمال محفوظ حين عثر في سن مبكرة عن طريق المصادفة على نسخة من رواية (عبث الاقدار) لمؤلف مجهول له انذاك لانها كانت بدون غلاف مرجحا أن محفوظ "هو من قادني الى التهلكة. لعل جائزة نجيب محفوظ للرواية ستضعني مجددا أمام مرمى مكشوف أنا الحارس الاعزل بكامل رعبه."

السينوجرافيا في المسرح العربي

من جتنب آخر تطور فن السينوجرافيا المسرحي مع ادراك الثورة التكنولوجية للمسرح في مطلع القرن العشرين.

لكن السينوجرافيا في المسرح العربي لا تزال مفهوما مستحدثا وغامضا في جانبه التطبيقي رغم وضوحه نظريا لدى بعض المسرحيين.

وأظهرت الدورة الرابعة عشرة لايام قرطاج المسرحية في تونس الشهر الماضي تباينا في الاراء بين المسرحيين بخصوص جدوى توظيف عناصر السينوجرافيا في المسرح العربي وأسباب غموض هدا المصطلح لدى المسرحيين العرب.

وعلى خلاف المسرح العربي الكلاسيكي اعتمدت المخرجة السورية رغدة الشعراني على توظيف مدروس للمؤثرات السمعية البصرية في مسرحيتها (تيامو) التي شاركت بها في أيام قرطاج المسرحية علاوة على استخدام الاضاءة والديكور والازياء.

وأوضح عماد الشيخ منفذ الاضاءة والصوت في مسرحية (تيامو) أن الاضاءة تحديدا لعبت دورا مهما في اجتذاب الجمهور للعمل المسرحي. بحسب رويترز.

وقال الشيخ "في هدا العرض الاضاءة أخذت الجزء الاكبر. هناك لعب مع الاضاءة على خشبة المسرح. هناك عمل استعراضي بالاساس."

كما أكدت المخرجة رغدة الشعراني أن حسن توظيف عناصر السينوغرافبا من اضاءة وديكور وأزياء عامل أساسي لنجاح المسرحية.

وقالت المخرجة السورية "الى حد الان أنا لا أفرق بين المخرج ومختص السينوجرافيا في المسرح. أكيد هناك مختصون في السينوجرافيا. ولكن في هدا العرض مثلا الفكرة كانت فكرتي وكل تفاصيلها في راسي. أعرف بالتحديد مادا أريد من اضاءة وديكور للعرض واللون الذي أريد ولست بحاجة الى مختص في السينوجرافيا الذي قد لا يفهم مادا أريد."

وكانت المسرحية السورية التي عرضت في مهرجان قرطاج للمسرح بتونس من الاعمال العربية القليلة التي استخدمت السينوجرافيا. ولم تسع الاعمال التونسية التي زاد عددها على 20 عرضا في المهرجان الى توظيف هذا الفن بالطريقة الصحيحة رغم قدم تجربة استخدام السينوجرافيا في المسرح التونسي.

وأكدت التونسية وحيدة الدريدي مخرجة مسرحية (الفداوي موال الاجيال) أن المسرح التونسي ما زال يعتمد على العمل الجماعي لا سيما في فن السينوجرافيا الذي يعتبر اختصاصا مستحدثا على حد تعبيرها.

وقالت وحيدة الدريدي "العمل المتكامل الدي يكتب باسم عمل جماعي يضيع الاختصاص. المسرحيين التونسيين يعملون على هدا المنوال مند سنوات. وهناك بعض من العناصر يريد نفسه المسرحي الموسوعة حيث يقوم بالسينوجرافيا ويعد الملابس ويقوم بالتأليف والاخراج وكل شيء في المسرحية. هؤلاء العناصر اضاعوا معاني الاختصاص بالنسبة الى المصممين في اختصاصاتهم."

أما المخرج المسرحي الجزائري عياد الشريف صاحب مسرحية (النجمة والشهاب) التي عرضت أيضا في مهرجان قرطاج فيرى أن جمهور المسرح العربي جمهور كلاسيكي يفضل المسرحية التي تعتمد على قوة النص وبراعة الممثل في اداء الدور أكثر من اعتمادها على عناصر السينوجرافيا.

وقال عياد الشريف "بالنسبة لي كمخرج لا استعمل سينوجرافيا تقريبا. تقريبا في كل أعمالي أعمل على خشبة فقط وبعض الاكسيسوار دون ديكور."

واتفق الفنان مصطفى الصبلي خبير السينوجرافيا الجزائري مع عياد الشريف في الرأي قائلا ان "اشكالية السينوجرافيا في المسرح العربي أنها تكون دائما ثقيلة فوق الخشبة لانها تعتمد الكثير من الديكور. الكثير من الديكور الذي ليس له قيمة فوق الخشبة ولا يؤدي دورا حقيقيا في المسرحية."

وبدأ استخدام السينوجرافيا في المسرح التونسي في سبعينيات القرن العشرين مع المسرحي الحبيب شبيل لكنها لم تتطور كتخصص مسرحي مستقل.

ويرجع البعض غياب المختصين في السينوجرافيا في المسرح العربي الى تأخر تدريس هذا النوع من الفنون في الجامعات العربية وقلة الدراسات والبحوث العلمية العربية عنه.

كتاب مجهول لجرجي زيدان

الى ذلك وضمن غواية التنقيب في الذاكرة الثقافية العربية يقدم الكاتب المصري حلمي النمنم دراسات تحت عنوان (الصهيونية.. تاريخها وأعمالها) كتبها جرجي زيدان بعد زيارته لفلسطين ولم تنشر من قبل في كتاب.

ومن خلال مشاهداته رصد زيدان (1861-1914) في الكتاب الذي يقع في 192 صفحة صغيرة القطع كيف يتم تهويد المدن ومنها يافا التي رأها "أكثر مدائن فلسطين صبغة يهودية" في الاسواق والفنادق والمتاجر.

وحذر أيضا أن تصير فلسطين التي كان يطلق عليها "بلادنا" باعتبارها جزءا من بلاد الشام "كلها لليهود" في ظل اهمال الحكومة العثمانية للفلسطينيين وتركهم بلا رعاية ولا تعليم ولا حماية.

وشدد على أن روح الصهيوينة تتمكن من اليهود فيزدادون " تمسكا بالعنصرية... فكثرت الجمعيات التي تألفت لهذه الغاية" في الاراضي الفلسطينية وتأسست الجمعية الاولى عام 1879. بحسب رويترز.

وزيدان مؤرخ مسيحي ولد في بيروت وهاجر الى مصر وأصدر القاهرة في سبتمبر أيلول 1892 مجلة (الهلال) التي تعد الان أقدم مجلة عربية وله كتب كثيرة.

وفي مقدمة الكتاب الذي صدر بالقاهرة في سلسلة (كتاب الهلال) يقول النمنم وهو نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب ان كتابا عربا كانوا يحذرون منذ القرن التاسع "ويصرخون بأن ما يجري في فلسطين ليس هجرات عادية بل تهويدا كاملا لا يهدف الى اقامة دولة على أرضها لليهود فقط بل يسعى الى طرد العرب الفلسطينيين منها... كانت الاحداث تتحرك في فلسطين بصورة تنذر بكارثة" موضحا أن المهاجرين اليهود منذ عام 1882 لم يكونوا هاربين من اضطهاد وانما كانوا يعتنقون الايديولوجية الصهيونية.

ويسجل أن محمد رشيد رضا (1865-1935) قال "اما أن نوقف الهجرات اليهودية الى فلسطين نهائيا أو نتفاهم مع اليهود" أما زيدان فنشر في مجلة الهلال عام 1913 مشاهداته عن رحلته الى فلسطين وهي رحلة "لم يشر اليها أحد من الدارسين والمؤرخين لجرجي زيدان.. ونسيها الجميع" ولم تصدر في كتاب مثل رحلاته الاوروبية.

ففي أكتوبر تشرين الاول 1913 نشر زيدان في مجلة (الهلال) دراسة عنوانها (الصهيونية.. تاريخها وأعمالها) وظل يواصل النشر حتى توفي يوم 23 يونيو حزيران 1914 قبل أشهر من اندلاع الحرب العالمية الاولى التي شهدت نهايتها صدور وعد بلفور في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني 1917 وتعهدت فيه بريطانيا لليهود بانشاء وطن قومي لهم في فلسطين.

ويقول النمنم ان الولايات المتحدة "اعترفت بذلك الوعد فور صدوره" مضيفا أن زيدان كان يفرق بين اليهود واليهودية وبين الصهيونية وأحدا لا يعرف هل كتب زيدان كل ما لديه عن فلسطين أم كانت لديه أفكار أخرى.

ورصد زيدان كيف "بلغت الجمعيات الصهيوينة الان ألوفا عديدة... والغرض تنشيط الاستعمار الاسرائيلي في فلسطين وسوريا..." وما ارتبط بذلك من اصدار صحف والسعي لانشاء جامعة لتعليم العلوم "باللغة العبرانية" اضافة الى انشاء مدارس ومصارف ومعامل طبية وانشاء "مستعمرات يهودية في أطيب أرضها (فلسطين)."

اسرائيل لا تزال عدوا

من جانب آخر وصف جابر عصفور مدير المركز القومي للترجمة بمصر اسرائيل بأنها "لا تزال عدوا" لكنه حث على ضرورة ترجمة الادب العبري والكتب الاسرائيلية الى العربية بهدف معرفة كيف يفكرون.

وقال بالمجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة في الجلسة الاولى لندوة (الترجمة وتحديات العصر) ان المركز القومي للترجمة التابع لوزارة الثقافة سيواصل نشر الكتب الاسرائيلية من باب "اعرف عدوك... اسرائيل لا تزال عدوا."

وسبق أن أعلن عصفور في يونيو حزيران الماضي أن المركز "لم ولن يتعامل مع أية جهة نشر اسرائيلية" فيما يصدر من كتب لكنه "سوف يواصل سياسته في نشر ترجمات لروائع الفكر والادب في العالم بما في ذلك النصوص العبرية ولكن عن طريق لغات أجنبية وسيطة احتراما لحق القارىء العربي في المعرفة ومن خلال التفاوض مع ناشرين من أوروبا وأمريكا."

وأصدر المشروع القومي للترجمة قبل تأسيس المركز المركز القومي للترجمة عام 2006 خمسة كتب عن اللغة العبرية هي (العلاقات بين المتدينين والعلمانيين في اسرائيل) و(تاريخ يهود مصر في الفترة العثمانية) و(تاريخ نقد العهد القديم من أقدم العصور حتى العصر الحديث) و(شخصية العربي في المسرح الاسرائيلي) و(العربي في الادب الاسرائيلي) كما نشر كتاب (قصص اليهود) مترجما عن اللغة الانجليزية.

وقال عصفور في الندوة انه ليس مستعدا "لدفع أموال الشعب المصري الى ناشر اسرائيلي" لكن الترجمة ستتواصل عبر وسطاء.

والندوة التي ينظمها المركز القومي للترجمة بمصر ومؤسسة سلطان العويس الثقافية بدولة الامارات تستمر يومين وتبحث قضايا منها (الترجمة والتفاعل الثقافي) و(الترجمة وتدفق المعلومات وتنوع المعارف) و(الترجمة والتبعية) و(ما بعد الترجمة) اضافة الى مائدة مستديرة يستعرض فيها مترجمون تجاربهم في هذا المجال.

ويشارك في الندوة مترجمون عرب منهم السوري بدر الدين عرودكي والعراقيان عبد الواحد لؤلؤة وعبد الاله عبد القادر والاماراتي شهاب غانم والاردني محمد شاهين اضافة الى عدد كبير من المصريين.

اعمال محمود درويش

كما اعلن جابر عصفور خلال افتتاح ندوة "الترجمة وتحديات العصر" ان المركز سوف يصدر ترجمة انكليزية لقصائد الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.

وقال عصفور ان "الترجمة تمت وقد انجزها الناقد الاردني محمد شاهين الذي كان وثيق الصلة بالشاعر الراحل وذلك ضمن خطة جديدة للمركز تشمل العمل على ترجمة اعمال فكرية وابداعية عن العربية الى لغات اجنبية بالتنسيق مع دور نشر عالمية".

واضاف "جاء قرار ترجمة اعمال درويش الى الانكليزية على ضوء ما تم انجازه من عمل وعلى ضوء قرارنا انه ان الاوان لنلعب دورا في تعريف العالم بمنجزات الثقافة العربية وتنوعها الخلاق".

واشار الى ان "المركز سيتعاون مع اتحاد الكتاب في مصر لاختيار روايات عربية رفيعة المستوى للتعبير عن الثقافة العربية من دون ان نخضع لابتزاز من اية جهة لان الاعتبار سيكون للقيمة الابداعية وحدها".

واوضح ان المركز سيستعين ب"محررين متخصصين يعملون مع دور نشر عالمية".

وتحدث عصفور في الندوة التي تستغرق يومين وينظمها المركز القومي للترجمة ومؤسسة سلطان العويس من الامارات العربية المتحدة، عن انجازات المركز، كاشفا خطة تشمل التعاون مع وزارة الاستثمار في مصر لاصدار كتب متخصصة للتعريف بتجارب في النهضة الاقتصادية انجزتها دول اسيوية.

واعلن "نية المركز البدء بتنظيم وورش عمل لتخريج مترجمين شبان وسيجري التنسيق مع المجلس الاعلى للجامعات في مصر لاعتماد دبلومات الترجمة التخصصية التي سيمنحها المركز للمتقدمين".

وقال ايضا ان المركز "ينوي في الاشهر المقبلة عقد لقاء تنسيقي مع هيئات ومؤسسات الترجمة في مختلف بلدان العالم العربي لتنسيق الجهد (...) بدلا من التضارب والمنافسة التي تشتت جهود العاملين في المجال".

ادونيس لا يزال غاضبا

الى ذلك ابدي الشاعر ادونيس في مقابلة في بروكسل على هامش قراءات شعرية، استياءه الشديد للمعاملة التي لقيها من قبل منظمي معرض الكتاب الفرنكوفوني في بيروت الشهر الفائت، مشيرا في المقابل الى الاهتمام المفاجئ له في الصين حيث نال جائزة زونغ كون الدولية للشعر قبل ايام.

وجدول عمل الشاعر ادونيس مثقل بلقاءات في اماكن متباعدة جغرافيا. فهو يتسلم جائزة دولية للشعر في الصين لينتقل الى افتتاح معرض لرسوماته في ابو ظبي وغيرها من اللقاءات، ما يؤدي احيانا الى تأجيل بعض مواعيده كي لا تتضارب، كما حدث في لقائه الشعري مع جمهور بروكسل.

في العاصمة البلجيكية قرأ ادونيس بعض قصائده في قصر الفنون الجميلة وكذلك قدمت قراءات لقصائد له مترجمة الى الفرنسية والهولندية في امسية تخللتها فقرات موسيقية.

واستكملت الامسية بحوار جمع ادونيس والشاعر البلجيكي غيرت فان استندال، ادارها الشاعر المغربي طه عدنان، لتكون المناسبة الختامية لمهرجان "موسم" الذي احتفى بالثقافة العربية في عدة مدن بلجيكية.

وكان معرض الكتاب الفرنكفوني نظم لقاء شعريا لادونيس، الا ان الشاعر غادر الصالة غاضبا بعد خمس دقائق، واعلن مقاطعته للمعرض لان "سوء التنظيم والاهمال كانا في مستوى لم يخطر لي ولا اتصوره"، على ما يقول.

ويعتبر الشاعر السوري، الذي اقام في بيروت لسنوات، وغادرها ليستقر في باريس منذ بداية الثمانينات، ان ما حصل في معرض الكتاب كان "نوعا من الغش والدناءة والسخافة الذي يغضبني كثيرا"، معتبرا ان "الغش هنا عندما ادعوك في اطار شيء ثم اعاملك على مستوى اخر". بحسب فرانس برس.

وما يزيد استياء ادونيس من الحادثة ان المنظمين لم يحاولوا الاعتذار منه بعدها، ويعلق بالقول ان الامور (ما حصل في بيروت) تصبح كأنها شخصية ولم افسرها الا سياسيا، وكأنهم يقاصصون سوريا من خلالي".

ويشدد على انه كان "مقصرا" في تعبيره عن غضبه وقتها، قائلا وهو يضحك "احسست اني لم افعل ما كان يجب فعله. كان يجب ان اضرب الطاولة او اكسرها او افعل شيئا اخر".

من جهة اخرى اعرب ادونيس عن دهشته بالاهتمام الذي يلقاه في الصين.

ففي شهر نيسان/ابريل الماضي وقع المختارات الشعرية التي صدرت مترجمة له هناك، وخلال اشهر نفدت طبعة المختارات. ويقول انه نال استنادا على هذا النجاح جائزة "زونغ كون" الدولية للشعر، مكافأة "لمكانته الشعرية العالمية ولتأثيره في الشعر الصيني المعاصر" كما ورد في بيان الجائزة.

ويقول ادونيس "اعتقد ان الصينيين على المستوى العام اكثر فهما لشعري من الوسط الثقافي العربي"، مستندا في استنتاجه الاخير الى الى النقاشات التي جمعته بمثقفين صينيين وبالجمهور الصيني في عدة لقاءات نظمت له معهم، وايضا الى حجم مبيعات طبعة مختاراته الشعرية، التي يعاد طبعها الان "وهو امر لا يحدث الا نادرا" كما يؤكد نقلا عن مثقفين صينيين.

وجائزة زونغ كون هي من اعرق الجوائز الادبية في الصين، وتقدمها للسنة الثانية مؤسسة ثقافية "مستقلة"، كما يقول ادونيس موضحا انه لو كانت الجائزة صادرة عن مؤسسة تابعة للدولة لكان موقفه مختلفا "لاني ولا مرة في حياتي اخذت جائزة دولة".

وردا على سؤال ان كان مستعدا لقبول جائزة دولة من بلده سوريا، اجاب ادونيس "انا اعتبر نفسي اكبر شخصية سورية على الاطلاق، واذا قبلت جائزة (سورية) يجب ان تكون اكبر جائزة تقدم لاي شخصية"، واضاف "لا اقبل اطلاقا اي جائزة عادية، سواء من سوريا او من اي بلد عربي اخر".

ويعتبر ادونيس ان الجوائز اجمالا لا تعنيه لانها "قائمة على اعتبارات معينة وفي معظم الاحيان من يستحقون الجوائز لا يأخذونها"، لكنه يشير الى ان القيمة المادية للجائزة "تتيح للكاتب ان ينصرف الى عمله، وينقطع عن اعمال اخرى يقوم بها لدفع فواتيره".

ويبدو ان ادونيس اهتدى اخيرا الى ما يمكنه من دفع فواتيره التي "كنت اموت من الشغل في ترجمات واشياء سخيفة" لتأمينها، على حد تعبيره.

فهو يعد رسومات كولاج مؤكدا انه لا يحترف الرسم ولا يمتهنه، بل يبقى عنده هواية. الان ان معارض تقام لرسوماته هذه كان اخرها في 24 تشرين الثاني/نوفمبر في ابو ظبي.

ويشرح ادونيس ان الضجر هو ما قاده لتنفيذ اول رسومات الكولاج والصدفة هي التي ذهبت بها الى المعارض بعدما اعجب بها احد اصدقائه.

ويوضح ان انخراطه في هذا العمل جاء بعدما رأى "العبث الهائل في المجتمع الذي نعيشه"، مضيفا "تشتغل على ديوان شعر سنة، واحيانا ثلاث سنوات، وتطبعه، وتشتغل على كولاج ساعة ونصف فيكون مردوده عشرات اضعاف مردود ديوان الشعر".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/كانون الاول/2009 - 2/محرم/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م