ميديا الشرق الأوسط  وأزمة الرأي الآخر

علي آل طالب

مقدمة

لا غرو من اعتبار "حرية الرأي والتعبير" هي القيمة الحقيقية للإنسان في ظل تعاطيه مع الواقع بكل مكوناته، بل هي الهوية التي يتعارف بها ومن خلالها مع الآخر، تماهيًا مع ما ورد في الأثر "تَكَلَّمُوا تُعْرَفُوا فَإِنَّ الْمَرْءَ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ". وحرية الرأي والتعبير لم تكن مكفولة إنسانيًّا فحسب، بل ضمنتها كافة الشرائع السماوية والنظم الدينية. إلا أن الواقع الراهن بات مختلفا في العالم برمته، والعالم العربي على وجه الخصوص، فالقوالب السياسية الجاهزة، وطوباوية الأدلجة الدينية ساهمتا بشكل كبير في لعبة "كي الوعي" المجتمعي؛ وإعادة ارتسام الصورة المنمطة أمام ضعف تصوير الصورة الواقعية!؛ ليصبح الإعلام مفرغًا من مضمونه المهني باعتباره مجموعة من القيم الأخلاقية، ليتحول شيئا فشيئا إلى أداة للاستمراء والاستعداء والانقسام وإذكاء الاصطفاف!.

ليس ثمة أدنى من شك -ومن خلال اللحظة الراهنة- بأن الدعاية السياسية (=البروباغاندا) هي العنوان الأبرز والذي يحكي واقع الحال بالنسبة للمشهد الإعلامي العربي على وجه الخصوص؛ يحدث هذا في الوقت الذي ينكمش فيه دور "الصحافة الحرة" كنتيجة حتمية مرهون تحقيقها بتحقيق الحد المتوسط من التنميّة السياسية والفعل الديمقراطي الحر. هذا هو الرهان الطبيعي للوصول إلى الحقائق بكل حيدة وموضوعية، وهو ما بالإمكان التأسيس عليه في بناء المواقف المفصلية، لأنه ونتيجة لما يتأتى له من بيئة سليمة يكون قد بلغ طاقته المؤثرة المبنية على إبراز أولويات القضايا والتي تعتبر محل اهتمام الجماهير برمتها.

غير أن الذي يتضح ومن خلال المشهد العربي على العكس من ذلك، والحقائق والأرقام تكشف حجم ارتهان الميديا كمنظومة لأصحاب النفوذ؛ الرأسمالي أو الأيدلوجي أو السياسي. لتصبح الوسائل والوسائط الإعلامية إرثًا يتقاسمه المتاجرون بالكلمة والمواقف!.

والدعاية السياسية باعتبارها قيمة وممارسة في الوقت نفسه تختلف في جوهرها من بيئة إلى أخرى، فالنظام الديمقراطي يستثمرها فيما يعود بالأثر الإيجابي على المجتمع بموجب الحرص على بث أجواء التفكير الحر والخلاق وانطلاقة تعدد الآراء وتنوعها. على العكس تماما ما يقوم به النظام الدكتاتوري باعتباره مختزلا لكل الحقيقة ومحتكرا لها، الأمر الذي يستلزم منه صناعة مغايرة للدعاية؛ تتماهى بما يفكر فيه النظام نفسه، بالتالي يصبح الإعلام مختطفًا بعد أن يتم تشكيل قوى إعلامية تسهم في تمثل الدور الدعائي المضلل للحقائق؛ بدعم قانوني لا يشكل لهذه القوى الغطاء الشرعي فحسب، بل يجعلهم في خط المواجهة مع ذوي الرأي الآخر المعارض، بالتالي و بمجرد إبداء الرأي والتعبير المختلف يصبح جريمة يعاقب عليها القانون حسب بعض الأنظمة العربية!. ليصبح المستميتون دفاعًا عن الحريات في خط التماس والمواجهة، وقد يدفع البعض حياته ثمنًا لذلك والشواهد جمة!.

مشهد الأزمة .. أرقام وحقائق

يأتي هذا في الوقت الذي طالعتنا "منظمة مراسلون بلا حدود" بالتقرير السنوي لعام 2009م بعنوان (حرية الصحافة)، ونتيجة إلى معايير محددة وشفافة أخضع التقرير كافة الدول الشرق أوسطية تصنيف؛ يلتزم بالنسق العمودي ويأخذ طابعًا تراتبيًّا، فإسرائيل – مثلا – تبوأت موقعًا متراجعًا عمّا كانت عليه في السابق، حيث ولأول مرة لم تحتل موقعية الصدارة من حيث التصنيف لحرية الصحافة على مستوى الشرق الأوسط. فقد تراجعت 47 درجة دفعة واحدة لتحتل المرتبة (93)؛ لتتبوأ الكويت المرتبة (60) وتكون في صدارة بلدان المنطقة العربية والشرق الأوسط، يليها في الترتيب؛ لبنان، أي المرتبة (61)، متقدمًا خمس درجات عن لائحة العام الماضي. والتقرير نفسه صنَّف الإمارات العربية المتحدة في المرتبة (86)، وقطر في المرتبة (94)، وعُمان في المرتبة (106)، تتبعها الأردن في المرتبة (111)، هذا وجاءت البحرين في المرتبة (119)، والمغرب (127)، والجزائر (141)، ومصر (143)، والعراق (145)، والسودان (148)، وتونس (154)، وليبيا (156). أما مناطق السلطة الفلسطينية فجاءت في المرتبة (161)، متبوعة بالسعودية (163)، وسورية (165)، واليمن (167). واللافت في الأمر بأن إيران قد قبعت في ذيل اللائحة تقريبا في المرتبة (172) متقدمة على تركمانستان وكوريا الشمالية وأرتيريا فقط.

وكما يبدو بأن مؤشر حرية الرأي والتعبير في المنطقة العربية بالذات وبالرغم ما يشهده الإعلام في هذه المنطقة من تطور ملموس على صعيد التقنيات الاتصالية الحديثة فضلا عن البرامج الحوارية المتعددة وورش العمل المتنوعة، على اعتبار كل ذلك اعتبر بمثابة الرافعة للفعل الإعلامي العام، وبدورنا أن نُفاخر بالبلدان العربية التي تبوأت مكانة متقدمة في مضمار حرية الصحافة حسب التقرير المذكور، راجين أن تحذوا باقي الدول العربية الأخرى حذوها. فالجدير بالالتفات بأن بلدين كالكويت أو كلبنان وتدافعهما باتجاه الحريات المدنية، وحرية الصحافة على وجه التحديد، ما كان إلا انعكاس ناجز لما ينعمان به من نظام ديمقراطي متطور، بمعنى أكثر دقة؛ إن الأثر الإعلامي الملموس ما هو إلا نتيجة للمضمون الديمقراطي المتجدد. والعكس صحيح أيضا.

فالمتابع العادي يستطيع أن يتلمس حالة التراجع الخطيرة التي يشهدها إعلام المناطق العربية –تحديدا- إزاء حرية الرأي والتعبير، والذي ما كان ليطفو على السطح لولا حجم التدخل – السياسي والمالي والأيدلوجي- السافر في حق المؤسسات الإعلامية وسائر الملاحق الثقافية والفكرية والأدبية المتعددة، فضلا عمّا يصدر في حق الإعلاميين أنفسهم. وقد تتفاوت وتختلف طبيعة العقوبة وما يصدر من أحكام من بلد إلى آخر، لا لإيمان مثل هذه الدول بطبيعة السلوك المؤسسي الديمقراطي، بل ربما يعود للاختلاف النفسي وطبيعته من حكومة إلى أخرى، فحكومات ترفع مستوى العقوبات إلى أقصاها، وأخرى تكتفي بالمنع كعقوبة طبيعية تكفلها قوانينها، وبين هذه وتلك حيث لا فرق في جوهر التقييد والإقصاء للرأي الآخر، هذا إن لم يكُ سعي حثيث ومكثف في استخدام الدعايات المدفوعة الأجر لا لشيء سوى الانتصار للرأي المتناغم من آراء ومنطلقات المصالح الخاصة، بغض النظر عن ماهية هذه المصلحة، سواء كانت دينية أو سياسية أو ربحية أو غير ذلك. بكلام آخر: الإعلام يفقد قيمته ويقلص دوره عندما يختزل في أنظمة وقوانين تحمل في جوهرها الدلالات المركزية والتي بدورها لا تقيم وزنًا موضوعيًّا لكافة الأطراف وعلى قدر من المساواة.

فها هي محكمة الصحافة في اليمن أصدرت مؤخرًا حكمًا قاسيًا في حق صحيفة "المصدر" الأهلية وإيقافها عن الإصدار، فضلا عن الأحكام التي طالت بعض الصحفيين في الصحيفة نفسها، بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ من مزاولة المهنة لمدى الحياة!. كذلك الحال في المغرب لا يختلف عمّا هو عليه في اليمن، ومؤخرًا أصدرت محكمة الدار البيضاء حكمًا قضائيًا على صحفيين اثنين بالسجن لمدة عام مع الغرامة. والحال كذلك في السعودية وإلى عهد قريب جدا، ومن دون أن تتطرق إلى الأسباب؛ ألغت وزارة الثقافة والإعلام أمسية ثقافية كان من المزمع إقامتها في النادي الأدبي السعودي ولم يكن الضيوف إلا من الجنسية السعودية، يأتي هذا ضمن سياق سلسلة قرارات المنع التي طالت جهود ومنجزات لشخصيات فكرية وثقافية وأدبية لها حضورها المتميز ليس على الصعيد المحلي السعودي فحسب، بل أيضا على الصعيد الإقليمي والعالمي، فما تزال بعض الكتب والروايات لا تجد نصيبها الطبيعي في النشر والتوزيع، ولم تشفع لكتابها الجنسية في ذلك، يحدث هذا والإعلام السعودي يشهد موجة من التطورات الإيجابية إزاء مبادئ حرية الرأي والتعبير.

أما عن إيران فالإعلام ما يزال مرتهنًا بمستوى التجاذب ما بين الإصلاحيين والمحافظين؛ سواء كان ذلك ما قبل الانتخابات الأخيرة أو ما بعدها، فموجة المنع أو التعطيل للمطبوعات القديمة منها والجديدة بات السمة الطاغية في المشهد الإعلامي مؤخرًا، فضلا عن بلاغات الاستدعاء أو الاعتقالات المتكررة التي طالت العديد من الصحفيين الإيرانيين، والمسؤولين عن المدونات الإلكترونية على وجه الخصوص. حيث أشار التقرير إلى أن الأزمة التي نشأت بسبب الخلاف على نتائج انتخابات 13حزيران/يونيو قد زادت من "ارتياب النظام وتخوفه تجاه الصحفيين وكتاب المدونات الإلكترونية". مما يفرض حالة رقابية مسبقة. فعندما ينخفض منسوب الحرية بالضرورة أن نشهد انخفاض مؤشر حرية الرأي والتعبير نظرا لتلازمهما الوظيفي والأدبي، وعليه ليس بمستغرب تباين الصور التطبيقية لحرية التعبير من بلد إلى آخر، وذلك خاضع للمستوى الذي توفره مرهون بمستوى ما توفره هذه الدول من منسوب الحرية والعمل بالديمقراطيّة، ولا خلاف إن جاء الاعتقاد بأن الشرق الأوسط وحسب أشكال النظم السياسية فيه؛ ما يزال الواقع فيه مأزومًا تجاه حرية الرأي والتعبير، بمختلف أشكال التعبير المتعددة، الشفوي والتحريري وغير ذلك، يحدث هذا وقد مر على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان زهاء الستين عامًا وأكثر، إلا أنه وبالرغم من تطور الميديا وتنوعها بوصفها عابرة للقارات، يظل النهج الكلاسيكي هو العنوان السائد والمتبع من قبل بعض الأنظمة السياسية في هذا العالم، وكأنما العالم العربي ما يبرح خارج الزمن!.

أزمة سياسية أم أزمة إعلام

 وبكلام آخر؛ وعلى الرغم من أن البشرية برمتها قد دخلت منظومة الاتصالات والوسائل الحديثة منذ فترة طويلة من الزمن إلا أن مثل هذه الأدوات الاتصالية؛ وأن أحسنت بعض الأنظمة العربية استثمارها من المنظور الشكلي، إلا أنها من حيث المضمون -فحدث ولا حرج- فالإحصاءات ما تزال تترى مقدرة حجم الاختراقات لشرف المهنة المشترط للحيادية والموضوعية والاستقلالية، مع الاعتبار بأن المنطقة العربية لها خصائصها إزاء المنظومة الإعلامية، خاصة إذا ما تعلق الأمر بحياديتها وموضوعيتها، فثمة ضغوط سياسية ومالية وأيدلوجية وحزبية متعددة، وأحيانا مجهولة المصدر، تضع "الإعلامي/ الصحافي" في الموقف المحرج أمام أخلاقيات المهنة، بالتالي يكون أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما أن يتدثر برداء القوانين، أو أن يتموضع خارج الإطار، فهو في كلتا الحالتين لا يكون بمقدوره إنتاج الموقف المناسب والمتطلب منه.

فما ينفك الإعلام العربي يؤكد تصنيفه للنظرية المختلطة "الليبرالية والشمولية" –وفق التصنيف العالمي لعلماء الإعلام ومؤرخي الصحافة– بكلام آخر أن الإعلام العربي وعبر تمظهرات الميديا المعاصرة والمتنافسة؛ يظل يبحث عن وجوده المكافئ؛ إما بالاحتكام للقوة الليبرالية العالمية –في ظل انحسار النظرية الشمولية-  أو البحث عن نظرية جديدة تجعله منافسًا حقيقيًّا لسوق العمل الإعلامي الدولي!.

وما يؤكد صحة ارتهان الإعلام العربي للهوى السياسي الحكومي هو تفنن بعض الحكومات في أساليبها الكابحة للرأي الآخر، ويكون من الطبيعي شرعنة ذلك عبر سن القوانين الرادعة، فإن كان أسلوب الإقصاء للرأي هو الأسلوب السائد والذي تلجأ إليه معظم الدوائر السياسية في الشرق الأوسط، وهذا ما بالإمكان تلمسه بكل سهولة من خلال المشهد العربي العام، غير أن المثير للجدل هو دخول المنظومة الإعلامية برمتها في دوائر التوظيف السياسي الديني والمالي، ليصبح أسلوب الإقصاء ضربًا تقليديًا أمام الطرق والأساليب المفبركة؛ والتي إن لم يحالفها الحظ في تشويه الرأي الآخر، فإنها وعلى الأقل تسهم في نكوصه وتحجيمه، ولو تطلب الأمر تسميم الأجواء ثقافيا وفكريا واجتماعيا. الأمر الذي يستدعي خلق رقابة وهمية – ذاتية أو اجتماعية – بامتياز سياسي، وهنا مكمن الخطورة!.

والمشهد العربي اليومي الراهن يكشف عن حقيقة هذا الأمر بصورة شفافة، خاصة إذا ما تعلق الأمر ببعض الأقلام المتلونة حسب الهوى السياسي العام، ولا وجه للمبالغة إذا ما تولت مثل هذه الشريحة إدارة اللعبة بشكل مباشر وبغطاء ممارسة حرية الرأي والتعبير، فلا مندوحة إذا ما انسلخ الرجل الإعلامي أو الكاتب من مواثيق الشرف الخاصة بمهنة الإعلام؛ ليتحول إلى بوق كبير، لا يعكس ما يتهامس به السياسيون في الغرف المظلمة فحسب، بل ويكون في خط المواجهة مع الرأي الآخر، فيصغر في عين الصغير العظائم، ويعظم في عين العظيم الصغائر!.

بهذا يصبح إعلامي السلطة رجلا يجيد الرقص على الجراح دون طبل!. فيمتهن بانوراما صناعة الوهم، وقلب الحقائق، لصبح المبتدأ خبرا، والخبر مبتدأً، عندها يكون صاحب الرأي المختلف في دائرة الاستهداف، ليس من من قبل الساسة وحدهم، بل ومحل استعداء اجتماعي ولو بصورة غير مباشرة، فإذا ما فكر أن يمارس دوره في الفعل الاجتماعي ليعبر عن رأيه؛ يكون قد مر بمستويات متعددة من الفلترة القهرية، مما يؤدي إلى تسطيح الفعل الإعلامي وتحجيمه باعتباره فاقدًا لأدنى حد من المصداقية. بالتالي يكون الخطاب الإعلامي العام غارقًا في المناكفات الإنشائية، وتضخم الأنا، واستهجان الآخر، وأعتقد بأن –بعض– البرامج المصنوعة اليوم والتي وإن ساهمت في الإثراء المعرفي من جهة؛ إلا أنها في الوقت نفسه ساهمت في إذكاء حالة الانقسامات على المستويين الأفقي والعمودي في المجتمعات العربية، وأحدثت شروخًا على مختلف الصعد؛ الدينية، والمذهبية والطائفية، والقبلية، ناهيك عن الهوة الآخذة في الاتساع ما بين الحاكم والمحكوم، حيت يتم إعادة إنتاج فكرة العبد والسيد بصور متكررة!.

خلاصة القول

 بأن واقع الحال بالنسبة للإعلام العربي الراهن، لا يعكس بأي حال من الأحوال الاستحقاقات الديمقراطية بمضامينها المتعددة الجوانب، وكل ما من شأنه أن يمت بصلة بأخلاقيات المهنة الإعلامية، وفق مبدأ حرية الرأي والتعبير. يحدث مثل هذا التراجع في الوقت الذي ومعظم الدول العربية قد صادقت على مواثيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة ]الحادية عشرة[ باعتبارها الخاص والتي تدعو إلى "أن حرية التعبير عن الأفكار والآراء هي من الحريات الأساسية للإنسان، وان لكل مواطن الحق في التعبير والكتابة والنشر بكل حرية إلا في حالات الإسراف في هذه الحرية وفقا لما يحدده القانون" وهذا بحد ذاته إلزام قانوني وأخلاقي لمعظم هذه الدول، لكن الواقع يظل مرآة للتزييف فإذا ما عبّر أي شخص عن رأيه المختلف مع السياسات لهذه الدول فهو بذلك قد دخل في دوائر المجهول والتغييب والاضطهاد!.

وختامًا تجدر الإشارة إلى أن إبداء الرأي لا يعني بالضرورة تماهى أو تبرير ممارسة التجريح أو الانتقاص من الآخرين، بقدر ما يكون هذا الرأي مقيدًا بالضوابط الأدبية؛ بوصفها مساهمة في تبيان الحد الفاصل ما بين النقد الذاتوي والموضوعي، وبالطبع يكون التدافع من أجل إبداء الرأي بصورة معقلنة؛ إلى الحد الذي لا تحرمه هذا الحق، ولا تصل به إلا حد الإسفاف. ومن جهة أخرى لا نستطيع الجزم بأن العالم العربي هو الوحيد الذي يفتقر للحريات بملامحها – وحرية الرأي بالذات–  خاصة ومعظم بقاع العالم بأسره يعاني من أزمة حقوقية واضحة وهذا ما يؤكده تقرير "مراسلون بلا حدود" المتعلق بحرية الصحافة، غير أن العالم العربي ما برح مُفتقرًا لأبسط الحقوق الطبيعية للإنسان، فضلا عن أي مبادرة تصب في مصلحة معالجة الحريات المتعددة، تُعدُّ ضربًا من الإسفاف!. إذ الرهان يبقى معقودًا بالديمقراطية وعناوين التنمية السياسية الحرة، فلا غرو إن صارت العربة أمام الحصان، ويصبح حق "حرية الرأي والتعبير" رئة اصطناعية تستخدمها بعض الحكومات لتكفل بقاءها في السلطة لأطول أمد ممكن!.

* السعودية-عضو مركز آفاق للدراسات والبحوث

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/كانون الاول/2009 - 24/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م