اللوبي اليهودي وترسيخ مفهوم الإرهاب العربي في المجتمعات الغربية

الدكتور فيليب سالم: الإنسان عندما لا يلتزم بالكلمة يخسر مصداقيته

 

شبكة النبأ: اساء الكثير من المثقفين العرب إلى الحضارة العربية والى صورة العرب في الغرب لأنهم لم يتقنوا بعد فن الحوار والتخاطب، كما أن إسرائيل كانت قد اغتصبت العقل الغربي قبل اغتصابها الأرض فاغتصاب العقل هو أهم معركة في هذه الحرب. فنحن العرب لم نتوجّه يوما إلى العقل، إن كان هذا العقل في الشرق أو في الغرب".

جاء ذلك في محاضرة للبروفسور فيليب سالم في العاصمة الأميركية واشنطن عن المثقفين العرب في الولايات المتحدة وتفعيل دورهم وبدعوة من مركز الحوار العربي.

في البداية تكلم الدكتور سالم عن حالة الإحباط التي أصيب بها العرب مثقفين وعامّة بعد حوادث 11 أيلول 2001. إذ أنّ العرب والمسلمين في الولايات المتحدة تحوّلوا بين ليلة وضحاها من شركاء في صنع هذه البلاد إلى متّهمين بالإرهاب.

وتكلم عن تجربته في معالجة الأمراض السرطانية وقال" إن الإحباط هو عقبة أساسية للشفاء من المرض، وكذلك هو عقبة للتقدم والنمو بشكل عام"، وقال "لقد تعلمت أيضا من تجربتي أن ليس هناك شيء مستحيل، ولذا فنحن كعرب أميركيين يمكننا بكل تأكيد أن نغيّر بشكل جذري الصورة التي رُسمت للعرب في الولايات المتحدة.

كما أنّه بمقدورنا إيجاد لوبي سياسي ضاغط لتغيير السياسة الأميركية في الشرق الأوسط". وتكلّم عن ظاهرة انتخاب الرئيس أوباما فقال "إذا كان من الممكن انتخاب رجل أسود من جذور إفريقية وإسلامية كرئيس للجمهورية فليس بالغرابة أن ياتي يوم يصل فيه الى البيت الأبيض رجل او امرأة من جذور عربية".

وتكلم بشكل مسهب عن ما قدمته الحضارة العربية للعالم. وقال "نحن لسنا هنا لنأخذ فقط بل جئنا أيضا لنعطي هذه البلاد ولنصنع مع غيرنا أميركا الجديدة ".

وتكلم عن الفرصة التي تقدّمها أميركا للعرب الأميركيين "إذ أنّهم قادرون على مزج ما هو أفضل في الحضارة العربية الى ما هو أفضل في الحضارة الغربية. هذا المزيج المشترك هو أرقى من الحضارتين".

وركَّز سالم في محاضرته على تفعيل دور المثقفين العرب بالمقترحات التالية:

نبذ الإرهاب...ذكّر سالم بأنه كان قد حذّر في مؤتمر مكافحة التمييز العنصري ((ADC))  سنة 1994 من أن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة يعمل جاهداً كي تصبح كلمة عربي مرادفة لكلمة الإرهاب، وقد نجح هذا اللوبي الى حدٍّ بعيد في هذا الشأن.

من هنا علينا كمثقفين عرب أن ننبذ الإرهاب بشدّة وأن نغيّر هذه الصورة غير الحقيقية. فقال "إنّ الصمت ليس خيارا جيداً". وتكلّم بإسهاب عن الإرهاب، فقال "إنّ الارهاب ليس عدو الولايات الاميركية والغرب فقط، بل هو عدو الإنسان في كلّ مكان. ويجب علينا أن ننبذ الإرهاب من أي جهة جاء". وقال "إنّ المتطرّفين المسلمين ليسوا خطراً على الغرب المسيحي بقدر ما هم يشكلون خطراً على الإسلام". وقال "إن التحدّي الأكبر اليوم هو أن يثور الإسلام المعتدل على الإسلام المتطرف".

وحثَّ سالم المثقفين العرب على الانخراط في العمل السياسي الأميركي، والعمل الكبير لصنع أميركا.

وقال إنّ العرب في اميركا لا يزالون على أطراف وهامش الحياة الأميركية. أمّا اليهود فهم يعيشون في لبّ هذه الحياة. والمطلوب من العرب الأميركيين أن ينهوا حالة العداء مع أميركا وينخرطوا في العمل السياسي والحضاري لبناء هذه البلاد.

ثم تكلّم سالم عن أهمية الإعلام فقال: "بينما هناك عشرات من المحطات التلفزيونية والإعلامية للأميركيين المتحدّرين من أصل لاتيني Hispanics)) إلا أنّه ليس هناك محطة تلفزيونية إعلامية عربية واحدة تحاور العقل الغربي باللغة الإنكليزية.

وقال "إن الكثير من المثقفين العرب أساؤوا إلى الحضارة العربية والى صورة العرب لأنهم لم يتقنوا بعد فن الحوار والتخاطب". فعلى المثقفين العرب إتقان فن الحوار والإصغاء والهدوء والرصانة واحترام الرأي الآخر والرأي المختلف والقدرة عن الرجوع عن الخطأ والتواضع في المعرفة، وأهمية الموضوعية عندما يتخاطبون مع غيرهم في هذه البلاد.

نحن نعتقد أن إسرائيل اغتصبت الأرض في فلسطين "ولكن هناك شيء أهم من ذلك بكثير،  وهو أن إسرائيل كانت قد اغتصبت العقل الغربي قبل اغتصابها الأرض.

إنّ اغتصاب العقل هو أهم معركة في هذه الحرب. فنحن العرب لم نتوجّه يوما إلى العقل، إن كان هذا العقل في الشرق أو في الغرب".

وإذا كان هناك من شيء مهم الآن فهو تأسيس محطات إعلامية في الولايات المتحدة تتكلم باللغة الإنكليزية وتشرح الرؤية العربية لقضايانا. ولكنني أعود وأقول إن الحقيقة وحدها لا تكفي.

فإن نحن لم نتقن فن الحوار والتخاطب مع العقل الغربي سنفشل أيضاً حتى وإن كان لدينا أدوات إعلامية. ولربّما يكون أهم ما يمكننا أن نقوم به هو إتقان فن الحوار والتخاطب.

وتكلم سالم عن أهمية العمل مع المثقفين الآخرين في الولايات المتحدة الذين يدعمون قضايانا. هؤلاء المثقفون قد يكونون من هويّات مختلفة ومنها اليهودية. فنحن كعرب لا يمكننا أن نتمكّن من الوصول الى أهدافنا في هذه البلاد إن لم نعمل جنباً الى جنب مع الأميركيين الآخرين وخصوصاً مع الأميركيين الذين يشاركوننا في عدالة قضايانا.

وقال "يجب علينا نحن المثقفين العرب أن نرتقي من الفكر السياسي الى الفكر الحضاري . فنحن لن نتمكن من احترام العالم لنا إن لم نتكلم عن قضايا تخصّ الإنسان بشكل عام، ويجب أن نرتقي من الكلام عن الأمور السياسية فقط الى الأمور التي تهمّ الانسان بشكل عام. فالإنسان واحد والعالم يتكوّن يوماً بعد يوم ليصبح عالماً واحداً. فنحن يجب أن ندافع عن قضية العدالة أينما كانت، وعن حقوق الإنسان أي إنسان كان. ويجب أن نتكلم عن قضايا العلم والمعرفة والتكنولوجيا".

واقترح سالم إنشاء مؤسسة عربية أميركية للأبحاث. وتقوم هذه المؤسسة بإعداد أبحاث موضوعية تخص قضايا العرب في الولايات المتحدة وقضايا العرب في الشرق".

ثم قال "نحن بيننا وبين الموضوعية مسافة شاسعة فيجب أن نحترم الموضوعية، والطريق الوحيد الى الموضوعية هي القيام بأبحاث ودراسات جدية. يحترمنا الغرب فقط عندما نتكلم بموضوعية ونحترم الآخرين".

ثم تكلم سالم عن دور المثقفين العرب في الولايات المتحدة الأميركية بالنسبة إلى العالم العربي ككل فقال "إن دورنا ليس محصورا على عملنا في الولايات المتحدة، فنحن يجب أن نتطرّق الى قضايا الحرية والتطرّف الديني والعنف وحقوق الإنسان في العالم العربي.

وتكلم بعمق عن قضية الديماغوجية في الشرق من خلال ثورات عربية وقال "إنّ هذه الثورات لم تأتِ لدعم الإنسان والحرية والديمقراطية بل كانت ثورات على الحرية والإنسان والديمقراطية. وقال إن السياسيين العرب أفرغوا الكلمة من محتواها".

وتكلم سالم عن قضية جوهرية بالنسبة للمثقف العربي وقال" ليس هناك التزام عند كثير من المثقفين بين ما يقولون وما يعملون.

فهناك مسافة شاسعة بين ما يقوله العربي وما يعمله. وقال إنّ هناك ضرورة على أن يفهم المثقفون العرب أنّ قضية الالتزام هي قضية جوهرية، وأنّ الانسان عندما لا يلتزم بالكلمة يخسر مصداقيته.

وخلص سالم الى القول بأن المثقفين العرب في الولايات المتحدة يجب أن لا يخجلوا من التراث الذي أتوا به كما هو الحال اليوم، وعليهم أن يفتخروا بهذا التراث العظيم الذي جاؤوا به من الشرق.

إن الغرب قد يكون متقدماً بالنسبة للعلم والتكنولوجيا إلا أنه يحتاج الى الكثير من تراثنا ومن عظمة الشرق.

وختم سالم قائلاً: علينا أن نتخطى الإحباط الى العمل بقوة ولإعطاء الصورة الحقيقية لحضارتنا.

وتكلم عن ما قدّمه عظماء من بلادنا مثل جبران خليل جبران ومايكل دبغي الى حضارة الغرب.

نبذة شخصية:

الدكتور سالم من مواليد الكورة، شمال لبنان.

انتُخب الدكتور سالم سنة 1972 رئيساً للجمعية اللبنانية لمكافحة السرطان وبقي رئيسا لهذه الجمعية حتى سنة 1987 عندما غادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

بين سنة 1971 و 1987، أثناء  وجوده في بيروت كان الدكتور سالم عضواً في ندوة الدراسات الإنمائية وفي أنديةٍ فكريةٍ وثقافيةٍ عديدة. 

كتب أثناء هذه المدة مقالاتٍ عديدة عن قضايا تتعلق بالقضية اللبنانية وبقضايا الفكر والثقافة والبحث العلمي في لبنان والعالم العربي.

سنة 1991 اصبح الدكتور سالم رئيساً لبرنامج الأبحاث السرطانية في مستشفى سانت لوقا Saint Luke’s  في هيوستن/تكساس.

أجرى الدكتور سالم أبحاثاً عديدة في المسائل التي تتعلق بسرطان الأنسجة الليمفاوية في الشرق الأوسط وكان أول من أجرى دراسات في المرض السرطاني الذي يصيب الأمعاء الصغير والذي يسمى ليمفوما البحر الأبيض المتوسط.               

أنشأ  الدكتور سالم أول برنامجٍ لمعالجة ولأبحاث الأمراض السرطانية في الجامعة الأمريكية ببيروت سنة 1971، وبقي رائدا لهذا الموضوع في الشرق الأوسط، حتى هجرته إلى الولايات المتحدة سنة 1987. 

أشرف الدكتور سالم على أكثر من200 مؤتمر واجتماع للأمراض السرطانية في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، واعترف الاتحاد العالمي ضد السرطان بفضله على التعليم في هذه الأمراض وطلب منه أن يرأس اللجنة التي تشرف على إعداد المؤتمرات العلمية لهذه المؤسسة.

من سنة 1989 إلى 1992،  عمل كعضوٍ في لجنةٍ استشاريةٍ في البيت الأبيض للرئيس جورج بوش ، ومن بعدها للرئيس كلينتون. مهمة هذه اللجنة تتعلق بالقضايا الصحية والسياسة الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية.

في أيار سنة 1994، منحه الكونغرس الأمريكي ميدالية الحرية، وهي أعلى وسام يمنحه الكونغرس.

في 31 تموز سنة 1994، كرَمه الرئيس الياس الهراوي، رئيس الجمهورية اللبنانية في حفلة خاصة في القصر الجمهوري في بيروت.

في 9 أيار سنة 1998، منح ميدالية الشرف لجزيرة أليس أيلند (Ellis Island).  تمنح هذه الجائزة للأمريكيين الكبار الذين قدَموا إلى الحضارة الأمريكية خدمةً عظيمة.

في حزيران سنة 1998 منحه رئيس جمهورية إيطاليا أعلى وسام إيطالي من رتبة Commandatore.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 10/كانون الاول/2009 - 22/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م