كورنيش شط العرب في البصرة يشهد ازدهاراً ومَطالب بإعادة تأهيله

تحقيق: نهلة جابر

 

شبكة النبأ: تتوافد المئات من العوائل البصرية على ضفاف شط العرب لقضاء اوقات بعيدة عن التوتر والعمل والسياسة، متناغمين مع سحر الامواج التي تخلّفها "الأبلام العشّارية" محتفين بالصور التذكارية التي يلتقطونها مع تمثال "السياب" الذي آثر على نفسه الوقوف وحيداً ينظر بعينيه الحزينتين على بصرته الجميلة.

ويقول صاحب كازينو عروس البصرة "هشام يونس"، شهدت البصرة خلال هذه الفترة القصيرة تطورا كبيرا بحركة السياحة وخصوصا المكان الذي تفضل غالبية العوائل العراقية قضاء اوقات ممتعة فيه، وهو ضفاف شط العرب، بينما في السابق يعزف كثير من المواطنين عن الخروج من البيت لأسباب عديدة اهمها هاجس الامن، وقد دعتنا حركة الازدهار الحالية الى زيادة معدل العمل حتى ساعات متأخرة من الليل.

ويرى اهل البصرة ان شط العرب يتميز بجاذبية سياحية مميزة، وهذا من شأنه ان يساعد في انشاء مرافق جديدة للاستثمار، مثل اقامة منتجعات وقرى سياحية وبناء متننزهات ومراسِ  للزوارق أسوة بالمنتجعات المقامة في دول الخليج وغيرها..

واشار يونس الى ان الكازينو يستقبل يوميا اعدادا كبيرة من الزبائن، في حين كانت الأعداد سابقا بالكاد تصل الى 65 شخصاً، بالاضافة الى اقامة المناسبات الرسمية والاعراس والمؤتمرات كون الوضع الامني مستقرا بعد العمليات الامنية التي مرت بها المحافظة العام الماضي.

اما صاحب الزورق الذي ينادي على شباب تحب روح المغامرة بصوت عال فيقول لـ شبكة النبأ، "عملنا يتطلب مهارة ودراية بخطر حصول اي طارئ في النهر، مبينا" نقوم بسفرات نهرية للمواطنين من الكورنيش الى مناطق السايلو وجزيرة السندباد وفي مرات عديدة الى منطقة ابي الخصيب، وتتراوح أجرة السفرة الواحدة من 10 الى65 الف دينار. لافتاً الى ان السفرات القصيرة اسعارها اقل من السفرات البعيدة عن المركز.

واضاف "اسعد يوسف" والذي يمارس عمله منذ عشرات السنين في "الأبلام" وصيانة المراكب العشّارية قائلاً، "لايقتصر عملنا في النهر بنقل المواطنين بل نعمل بنقل البضائع بين ضفتي شط العرب بعد تعرض الجسور التي تربط العشار بالتنومة الى التخريب والانقطاع بسبب الحروب والقصف المدفعي.

ويضيف،" ان سبب تسمية الأبلام العشّارية بهذا الاسم يعود الى فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي "وهي تعتبر مراكب خاصة تنقل فيها البضائع والاشخاص حيث بقي منها القليل يستخدم في الصيد.

ويشار الى ان كورنيش شط العرب يمتد على مسافة 3 كم على ضفاف الشط المواجه لمركز مدينة البصرة، اذ يبدأ من جزيرة الداكير، وحتى مجمع القصور الرئاسية، وهو ناتج من التقاء نهري دجلة والفرات في مدينة القرنة شمال البصرة ويبلغ طوله 204 كم ويتراوح عرضه مابين 500 م - 2كم ، ويصب في الخليج العربي عند منطقة الفاو.

ويقول ابو هادي الرجل الستيني الذي جلبَ عائلته الى الكورنيش لقضاء اوقات لاتحسب من العمر على حد قوله،" كثير من العوائل البصرية لديها طقوس وتيمّن بمجاورة الماء لأنه يجلب السعادة والراحة النفسية للانسان منذ العصور القديمة، لهذا نجد ان الحضارات جميعها كانت بمحاذاة الانهر والينابيع.

مبينا لـ شبكة النبأ، بأن اغلب العوائل البصرية ترتاد الكورنيش في المناسبات والاعياد للترفيه والترويح، مضيفا "جئت برفقة عائلتي من اقصى العراق للتمتع بمنظر الشط الخلاب.

في حين شاطره الراي "علي يوسف" احد الرجال الذي كان يرافق خطيبته بجولة في احد الأبلام التي تتراقص على هدير امواج  النهر،" نعم الكورنيش المتنفس الوحيد لأهالي البصرة، لافتاً الى انه في السابق كانت تتواجد الكثير من الاماكن الترفيهية منها مدينة الالعاب التي تعرضت للنهب والسلب، وحدائق الخورة وجزيرة السندباد وحديقة الامة وغابات البرجسية، هذه الاماكن كلها دمرت تماما ولم تقم الدولة بإعادة بنائها او استحداث اماكن اخرى تستقطب المواطنين.

وتابع علي،" على الرغم من افتقار شط العرب الى الابنية الحديثة والكازينوهات الجديدة إلا انه يعتبر من اجمل الاماكن التي يرتادها الزائرين، حيث كان هناك العديد من المقاهي البسيطة واماكن اقامة حفلات الاعراس والتي شيدت على الجانب الاخر من الشط وتقام فيها العديد من الامسيات الترفيهية والترويحية.

ويقول احد الأدباء في صالة "كاليري" والتي تقام فيها معارض للرسم التشكيلي، "الحروب المتتالية على البصرة خلال السنوات الماضية ادت الى تدمير اغلب الاماكن الترفيهية والتثقيفية، وبعض عمليات الإعمار غيّرت من معالم شط العرب ايضاً.

ونوه لـ شبكة النبأ، الى وجود تمثال الشاعر البصري "السياب" والذي شيد عام 1972 حيث قام بنحته الفنان "نداء كاظم" الذي  ينتصب في بداية شارع الكورنيش ويشكل نقطة مهمة لمن يزور البصرة لالتقاط الصور التذكارية معه، وقراءة ابيات شعره الخالدة "الشمس في بلادي اجمل من سواها... حتى الظلام اجمل فهو يحتضن العراق".

ويقول المصور الفوتوغرافي زين العابدين الزبيدي،" هناك مايقارب العشرون مصوراً يرابطون قرب تمثال السياب الذي يعتبر من الاماكن المزدهرة للتصوير في الكورنيش حيث اغلب زوار محافظة البصرة لايفوتون التقاط صور مع هذا الشاعر الكبير.

مشيرا الى تراجع هذه المهنة بنسب بسيطة بسبب امتلاك الناس كاميرات خاصة بهم وهي تفي بالغرض.

وطالبَ العديد من العوائل التي ترتاد الكورنيش الحكومة المحلية في البصرة بتأهيل الكورنيش بما يتلائم ومتطلبات العصر، وأن تُستثمر هذه الاماكن الرائعة ببناء الفنادق والمطاعم والكازينوهات، وفتح شوارع تستوعب العجلات المارة على الكورنيش.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاربعاء 9/كانون الاول/2009 - 21/ذو الحجة/1430

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م